قلت للأمير: أنا ما امتحنت هؤلاء
لكن هم يزعمون أن لهم أحوالاً يدخلون بها النار
وأن أهل الشريعة لا يقدرون على ذلك،
ويقولون لنا هذه الأحوال التي يعجز عنها أهل الشرع
ليس لهم أن يعترضوا علينا بل يسلم إلينا ما نحن عليه
- سواء وافق الشرع أو خالفه -
وأنا قد استخرت الله سبحانه
أنهم إن دخلوا النار أدخل أنا وهم
ومن احترق منا ومنهم فعليه لعنة الله وكان مغلوبًا،
وذلك بعد أن نغسل جسومنا بالخل والماء الحار.
فقال الأمير ولمَ ذاك ؟
قلت:
لأنهم يطلون جسومهم بأدوية يصنعونها
من دهن الضفادع وباطن قشر النارنج وحجر الطلق
وغير ذلك من الحيل المعروفة لهم،
وأنا لا أطلي جلدي بشيء
فإذا اغتسلت أنا وهم بالخل والماء الحار بطلت الحيلة
وظهر الحق،
فاستعظم الأمير هجومي على النار وقال:
أتفعل ذلك ؟
فقلت له:
نعم قد استخرت الله في ذلك
وألقي في قلبي أن أفعله ونحن لا نرى هذا وأمثاله ابتداء؛
فإن خوارق العادات إنما تكون لأمة محمد صلى الله عليه وسلم
المتبعين له باطنًا وظاهرًا لحجة أو حاجة
فالحجة لإقامة دين الله
والحاجة لما لا بد منه من النصر والرزق الذي به يقوم دين الله،
وهؤلاء إذا أظهروا ما يسمونه إشاراتهم وبراهينهم
التي يزعمون أنها تبطل دين الله وشرعه
وجب علينا أن ننصر الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم
ونقوم في نصر دين الله وشريعته
بما نقدر عليه من أرواحنا وجسومنا وأموالنا
فلنا حينئذ أن نعارض ما يظهرونه من هذه المخاريق
بما يؤيدنا الله به من الآيات.
وليعلم أن هذا مثل معارضة موسى للسحرة
لما أظهروا سحرهم
أيد الله موسى بالعصا التي ابتلعت سحرهم.
فجعل الأمير يخاطب من حضره من الأمراء على السماط بذلك وفرح بذلك وكأنهم كانوا قد أوهموه أن هؤلاء لهم حال لا يقدر أحد على رده،
وسمعته يخاطب الأمير الكبير الذي قدم من مصر الحاج بهادر وأنا جالس بينهما على رأس السماط بالتركي ما فهمته منه إلا أنه قال
اليوم ترى حربا عظيما
ولعل ذاك كان جوابا لمن كان خاطبه فيهم على ما قيل.