وجموعهم بالميدان بأصواتهم وحركاتهم الشيطانية يظهرون أحوالهم،
قلت له:
أهذا موافق للكتاب والسنة ؟
فقال:
هذا من الله حال يرد عليهم.
فقلت:
هذا من الشيطان الرجيم لم يأمر الله به
ولا رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم،
ولا أحبه الله ولا رسوله.
فقال:
ما في السموات والأرض حركة ولا كذا ولا كذا إلا بمشيئته وإرادته.
فقلت له:
هذا من باب القضاء والقدر،
وهكذا كل ما في العالم من كفر وفسوق وعصيان هو بمشيئته وإرادته،
وليس ذلك بحجة لأحد في فعله،
بل ذلك مما زينه الشيطان وسخطه الرحمن.
فقال:
فبأي شيء تبطل هذه الأحوال،
فقلت:
بهذه السياط الشرعية.
فأعجب الأمير وضحك،
وقال:
أي والله بالسياط الشرعية تبطل هذه الأحوال الشيطانية
كما قد جرى مثل ذلك لغير واحد،
ومن لم يجب إلى الدين بالسياط الشرعية فبالسيوف المحمدية.
وأمسكت سيف الأمير،
وقلت:
هذا نائب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلامه
وهذا السيف سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم
فمن خرج عن كتاب الله وسنة رسوله ضربناه بسيف الله
وأعاد الأمير هذا الكلام
وأخذ بعضهم يقول:
فاليهود والنصارى يقرون ولا نقر نحن ؟
فقلت:
اليهود والنصارى يقرون بالجزية على دينهم المكتوم في دورهم
والمبتدع لا يقر على بدعته،
فأفحموا لذلك.
و«حقيقة الأمر»
أن من أظهر منكرًا في دار الإسلام لم يقر على ذلك
فمن دعا إلى بدعة وأظهرها لم يقر ولا يقر من أظهر الفجور،
وكذلك أهل الذمة لا يقرون على إظهار منكرات دينهم
ومن سواهم فإن كان مسلمًا أخذ بواجبات الإسلام وترك محرماته،
وإن لم يكن مسلمًا ولا ذميًّا
فهو إما مرتد وإما مشرك وإما زنديق ظاهر الزندقة.
وذكرت ذم «المبتدعة»
فقلت روى مسلم في صحيحه عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه أبي جعفر الباقر عن جابر بن عبد الله
«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته:
إن أصدق الكلام كلام الله،
وخير الهدي هدي محمد،
وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة»([1]) .
وفي السنن عن العرباض بن سارية قال:
«خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
خطبة ذرفت منها العيون،ووجلت منها القلوب،
فقال قائل:
يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع،
فماذا تعهد إلينا ؟
فقال:
أوصيكم بالسمع والطاعة
فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرًا،
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي،
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ،
وإياكم ومحدثات الأمور،
فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» ([2])
وفي رواية «وكل ضلالة في النار».
===================
([1]) أخرجه مسلم برقم (867)، كتاب الجمعة.
([2]) رواه أبو داود برقم (4607)، والترمذي برقم (2678)،
وأحمد في المسند (4/126).