06-04-2015, 10:55 PM
|
|
#هكذا #تكلم #خالد #بن #طوبال
_____________________________ أتذكرين؟
في ذلك الزمن البعيد، في ذلك الزمن الأوّل، يوم كنتِ تحبّينني وتبحثين فيّ عن نسخة أخرى لأبيك.
قلتِ مرّة:
– انتظرتكَ طويلًا.. انتظرتك كثيرًا، كما ننتظر الأولياء الصالحين.. كما ننتظر الأنبياء. لا تكن نبيًّا مزيَّفًا يا خالد.. أنا في حاجةٍ إليك!
لاحظت وقتها أنَّكِ لم تقولي أنا أحبّك. قلتِ فقط «أنا في حاجة إليك»..
نحن لا نحبّ بالضرورة الأنبياء. نحن في حاجة إليهم فقط.. في كلّ الأزمنة.
أجبتكِ:
– أنا لم أختَر أن أكون نبيًّا..
قلتِ مازحة:
– الأنبياء لا يختارون رسالتهم، إنَّهم يؤدّونها فقط!
أجبتكِ:
– ولا يختارون رعيّتهم أيضًا. ولذا لو حدث واكتشفتِ أنَّني نبيّ مزيّف.. قد يكون ذلك لأنَّني بُعِثتُ لرعيّة تحترف الردّة!
ضحكتِ.. وبعناد أنثى يغريها التحدِّي قلتِ:
– هات وصاياك العشر وأنا أطبّقها.
نظرتُ إليكِ طويلًا يومها. كنت أجمل من أن تطبّقي وصايا نبيّ، أضعف من أن تحملي ثقل التعاليم السماويّة. ولكن كان فيك نورٌ داخليّ لم أشهده في امرأة قبلك.. بذرة نقاء لم أكن أريد أن أتجاهلها..
أليس دور الأنبياء البحث عن بذور الخير فينا؟
قلتُ:
– دعي الوصايا العشر جانبًا واسمعيني.. لقد جئتك بالوصيّة الحادية عشرة فقط..
ضحكتِ وقلت بشيء من الصدق:
– هات ما عندك أيَّها النبيّ المفلس.. أقسم إنّني سأتبعك!
لحظتها شعرت برغبة في أن أستغلّ قسَمك. رحت أبحث عن شيء يمكن أن يقوله نبيّ يباشر وظيفته لأوّل مرّة.. قلتُ:
– احملي هذا الاسم بكبرياء أكبر.. ليس بالضرورة بغرور، ولكن بوعي عميق أنَّك أكثر من امرأة. أنت وطن بأكمله.. هل تعين هذا؟ ليس من حقِّ الرموز أن تتهشّم.. هذا زمن حقير، إذا لم ننحَز فيه إلى القيم فسنجد أنفسنا في خانة القاذورات والمزابل. لا تنحازي لشيء سوى المبادئ.. لا تجاملي أحدًا سوى ضميرك.. لأنَّك في النهاية لا تعيشين مع سواه!
قلتِ:
– أهذه وصيّتك لي.. فقط؟!
قلتُ:
– لا تستهيني بها.. إنَّ تطبيقها ليس سهلًا كما تتوهّمين. ستكتشفين ذلك بنفسك ذات يوم...
" ذاكرة الجسد " |