ღღ بــرّ الوالـــدين ღღ كم هو مؤلم للقلب و مؤثر في النفس أن يجازى المحسن بالإساءة ... حينما أرى أما قد خارت قواها والتعب أنهكها و السّهر على ولدها أضناها... فتراها قد وضعت رأسها على حافة سرير ابنها لعلها تظفر بثوان تذوق فيها غفوة... فتتساءل مالذي حملها على ذلك؟؟؟ ومالذي جعلها تصبر على هذا الألم؟؟؟ إنها مشاعر لا تخطها أقلام ولا يصفها كلام...إنها مشاعر الوالدين ... فهل يا ترى يدرك هذا الصغير ذاك الشعور العظيم والقلب الكبير الذي تحمله الام له؟؟ أم أنه لا يدري ولا يبالي فتراه اذا كبر يحترم الناس ولا يحترم والديه و يرفع صوته عليهما ...فيأتيه القرآن مذكّرا ولمشاعره محرّكا { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .} فافتح قلبك و اسمع بفؤادك واستشعر كلام الله عز وجل ... فمهما تناسينا فالقرآن يذكرنا بتلك التضحيات التي مهما فعلنا فلن نوفيها لهما ... ولأجل هذا حمل رجل أمه لا على سيارة ولا على طائرة بل على ظهره ليحج بها ...جاء من مكان بعيد وفي ذلك الحر والزحام الشديد...ثم قال لابن عمر وهي على ظهره هل تراني وفيت حقها؟؟ فرد ابن عمر قائلا (ولا زفرة من زفراتها عند ولادتك) ...اعلم أن للوالدين من فضل واحسان ما ليس لغيرهما من القيام بالمؤنة والتربية والتعب الجسمي و الفكري من أجل راحتك... ان الوالدين يسهران لتنام ويتعبان لتستريح و يجوعان لتشبع... ولن يعرف قدر الوالدين الا من رزق بأولاد ... ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين مقدما على الجهاد في سبيل الله ففي الصحيحين : عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم أي العمل أحب الى الله قال الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ... ولقد قرن الله سبحانه و تعالى عبادته و عدم الشرك به بالإحسان للوالدين ... فقال تعالى:{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } هذا بيان منزلة البر و عظيم مرتبته... أما آثار البر فهي الثواب الجزيل في الآخرة والجزاء بمثله في الدنيا ... فإن من بر والديه بر به أولاده... ومن ثوابه في الدنيا تفريج الكربات والسعة في الرزق و طول العمر و حسن الخاتمة... وكما يكون بر الوالدين في الحياة يكون ايضا بعد الممات ... وعن أبي أسيد الساعدي - رضي الله عنه - قال : بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل من بني سلمة ، فقال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوي أبرهما به بعد موتهما ؟ قال : " نعم ، الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما " . رواه أبو داود ، وابن ماجه . ... |