المعارك .. هي سلسلة من القتالات المستميتة , الهدف منها دائما يكون
السطلة , الحكم , المال , تحقيق هدف , او تحرير وطن
هذه المعركة القادمة ليست بمختلفة , فالهدف منها القضاء على التهديد الوحيد المتبقي
عدا ان معركة كهذا يستحسن ان يطلق عليها بالمعركة النهائية , فالخسارة هذه المرة ليست مقبولة !!
فلو خسر الامراء ضد ماركيز هذه المرة , فهذا يعني النهاية الحتمية لاي امل متبقي لديهم
الامل بعودة الحكم في ايد احد الاميرين , ليو او رولاند !!
وهذا ما سوف تحدده .. المواجهة القادمة .. فهذه هي المعركة الاخيرة
ها هو الشتاء قد لفض انفاسه الاخيرة ليسمح لرياح الربيع بان تحل محله
عطر زهور انتشر في جو انكلترا وقد كان محملا بحبوب لقاح متطايرة
وعلى عرش السماء قد تربعت تلك العروس , الشمس المشرقة باشعتها الدافئة
بدات اشعة الشمس باذابة اخر روح للشتاء وهي تلك الثلوج البيضاء المتراكمة هنا وهناك
اضافة لبعض الثلوج في اعالي الجبال والتي ما ان ذابت وتحولت الى ماء عذب
حتى اخذت تجري بانسيابية متناسقة نحو سفح الجبل لكي تنظم الى النهر قصير الطول والذي ليس بعيد جدا عن سفح الجبل
اختفت البرودة التي في الجو ليحل محلها دفئ الربيع الجميل
برك صغيرة المساحة قد بدات تتشكل في الغابة بفعل ذوبان الثلوج
صوت خطوات عالي وقوي اخذ يرتطم بهذه البرك مخلفا تطاير قطرات مياهها
لم يكن صوت خطوات شخص واحد بل كان صوت العديد من البشر وهم يمشون
اضافة الى بعض الاحصنة , رجال مدرعون ومدججون بالاسلحة يمشون في صفوف عديدة
كانوا يشكلون جيش هائل وكثير العدد , في البداية تجد المشاة , يتبعهم الخيالة وهم على احصنتهم القوية المروضة ولكن قبل هؤلاء كلهم تجد شخص راكب على حصانه
كان ذلك الشخص هو قائدهم , ماركيز .
وجهتهم كانت معروفة , نحو مقر ليو و ما تبقى من جيشه !!
في اعماق الغابة , وفي ذلك الكوخ المتواضع البناء , قد وقف بعض الاشخاص وهم يحقدون باندهاش , نحو ليو الذي عانق مايا بحنان بعد ان همس لها اخيرا بمشاعر قلبه
وقعت لورا على ركبتيها وهي تراقب , بينما ادار رولاند وجهه بعد برهة وقد شعر بقليل من الاحراج وهو ينظر نحو لورا الجالسة
ابتسم جاك وقد نسي تماما السبب الذي دفعه لدخول هذا الكوخ , بعد بضع ثوان ابعد ليو مايا عن صدره واخذ يتلمس وجهها بحنان , ابتسم بهدوء بينما اخذ يراقب تعابير وجهها بحذر
:- مايا !!! ..
حرك بهدوء اصبعه الابهام لكي يمسح به شفة مايا السفلية فتزداد ابتسامته اتساع
:- انتِ فعلا .. شيء لا يمكن مقاومته !!
اشتعل احمرار الخجل في وجه مايا فابعدت بصرها عنه بالنظر الى الارض ثم اخذت تبتعد عنه ببطئ شديد فهي لم تكن تقوى على الحركة .
نظر ليو بعد هنيهة نحو جاك وقال وقد تغيرت تعابير وجهه بسرعة الى الجدية
:- جاك !! ما الذي اتى بكَ ؟؟؟
احس جاك على نفسه اخيرا وتذكر ما اتى من اجله
:- اه !!؟؟ سيدي ان ماركيز قد هيئ جيشه باكمله لمواجهتنا .. نتوقع هجومه في وقت قريب
امتلئت وجوههم بعلامات الخوف , نهض ليو من على الارض ومد يده نحو مايا , تلقتها بترحاب ونهضت هي الاخرى , لكنها حالما فعلت حتى احست بثقل في صدرها , رددت بصعوبة بعد لحظات الم
:- كلا انهم يقتربون .. انا احس بهم عدد كبير من الجنود قادمون من تلك الجهة ...
رفعت يدها لتشير نحو جهة معينة , اغتاظ جاك وركض خارجا وهو يقول
:- سوف اجمع ما استطيع من الجنود !!
ضغط ليو بقوة على يد مايا بعد مغادرة جاك وقال بهدوء
:- اميرتي !! ان معركتي قد حانت وعلي تركك هنا
نظرت له مايا بجدية :- انا لدي معركتي الخاصة هنا !! .. يجب ان اقتل جزء ماركيز في داخلي !!
لمس وجهها بقلق :- وهل ستكونين بخير ؟؟
اقتربت لورا منهما بعد ان نهضت وامسكت بكتفي مايا وقالت
:- لا تقلق يا اخي سوف اهتم بها انا !!
تحولت انظار الثلاثة نحو رولاند الواقف بعيدا عنهم وهو ينظر نحو الارض
اقترب ليو منه بضع خطوات ثم قال
:- وانت يا رولاند ماذا ستفعل ؟؟
نظر رولاند نحو ليو :- لو كان ممكناً فأود القتال معك !!
ابتسم ليو :- بالتاكيد يمكنك !! فقط لا تحصل على كل المرح !!
بادله رولاند الابتسامة :- هذا ما يجب ان اقوله انا !!
توجه الاثنان نحو الباب ورمقا الفتاتين بنظرات اخيرة قبل ان يخرجا من الغرفة
امسكت مايا بيد لورا وقالت بصوت هادئ
:- سوف ابدأ معركتي الان
اجابتها لورا بهز راسها بموافقة فجلست مايا على الكرسي ثم اغمضت عينيها لتدخل اعماق عقلها
وفي خارج تلك الحجرة الصغيرة , امتطا ليو رولاند حصانيهما وتوجها نحو مكان تجمع الجنود , وحين وصلا نظر ليو الى جنده , اغلبهم مصابون اصابات خطرة ومع ذلك فقد كانوا يحاولون التغلب على المهم والنهوض لتحيته حالما لمحوه قادم نحوهم , اثر هذا المشهد في نفسه , احس انه خيب املهم لعدم قدرته على قتل ماركيز انذاك .
لكنه سرعان ما هدأ لعلمه ان فرصته للانتقام سوف تاتي قريبا جدا , اقترب من الجنود اكثر ونظر نحوهم بهدوء وقد وقف اغلبهم لتحيته ثم قال
:- لقد وصلتنا معلومات جديدة !! ... ان ماركيز . قادم الينا بجيشه اجمعه !!
ظهرت علامات التعجب على وجوههم واخذوا يتهامسون في ما بينهم , تقدم احدهم بهدوء نحو ليو وقال
:- سيدي نحن مستعدون للقتال معك .. وسنموت معك
ابتسم ليو :- ربما لن يكون هناك داعٍ لهذا !!
تفاجئ الجندي :- اذن سيدي !! هل لديك خطة ؟!
ازدادت ابتسامة ليو عمقا وهو ينظر الى جنده وقد التهبت عيناه بالعزيمة !!.
لا يزال ماركيز يتابع قيادة جنوده نحو اعماق الغابة في رحلة بحث عن مكان اختباء ليو وجيشه , المعلومات التي حصل عليها اشارت الى انهم في مكان تدريب الجنود السابق , غير انه لم يذهب هناك سابقا , واغلب جنده قد رفضوا ان يقودوه لذلك المكان
فجاءة اثناء سيره سمع صوت حصان ياتي من الاتجاه المعاكس لسيرهم , اي بالتحديد يمشي باتجاههم , بحركة بسيطة من يده امر الجميع بالتوقف وانتظر مترقبا القادم
وما هي الا بضع ثوان حتى ظهر ليو بملابس حربية وهو يمتطي حصانه الاسود , استغرب ماركيز من ان ليو قد قدم وحده , لكن بعد ثوان تبين له ان رولاند وجاك كانا يسيران خلفه وقد ظهرا له من بين الاشجار , ابتسم بخبث وهو يحدق فيهم ثم قال
:- هل هؤلاء كل ما بقي من جيشك يا ليو ؟؟؟ .. امير خائن ووزير عجوز خرف !!
لم يستطع ليو اخفاء الانزعاج الذي كسا وجهه , لكنه سرعان ما استبدله بابتسامة هادئة تبعها بصوت حاد موجها خطابه الى جنود ماركيز
:- لا اظن جندك الحمقى يعرفون من اكون !! .. بل ربما لا يعرفون من يكون رولاند
عندها ظهرت معالم الخوف على وجه ماركيز لانه علم ما سوف يقوم به ليو , وبنداء عال قال ليو
:- ايها الجنود الخونة ... يا من بعتم بلدكم من اجل النقود !! احب ان اعرفكم بنفسي فلم تواتني الفرصة سابقا لفعلها ... انا ابن الامير الثاني للملك باندرايس .. انا الامير ليوناردو بريليام الثالث .. ومن يقف بجانبي هو ابن الامير الثالث رولاند بريليام الثاني ..
ابتسم ليو وهو يراقب تعابير الغضب على وجه ماركيز وتعابير الخوف والتفاجئ على وجوه الجنود الذين خلفه , اتبعه بعد ذلك كلام رولاند قائلا
:- ان كنتم على استعداد لقتال اثنين من امراء بلادكم بقيادة شخص غريب فتقدموا وواجهوا غضب الشعب بعد ذلك .. وامتعاض عوائلكم منكم وسخط الفقراء الذين سوف يعانون الامرين تحت حكم هذا الشخص الظالم !!
بدأ التردد يبرز شيئا فشيئا على وجوههم , ابتسم رولاند بسرور وردد داخل عقله
:- لقد بدؤا يترددون فعلا !! .. ليو لديك عقل ماكر فعلا !! .. والان لنرَ ان كان ماركيز سيقوم بما توقعته !!
عض ماركيز على ابهامه بغضب وضرب صهوة حصانه امراً اياه بالتقدم الى الامام حتى اصبح على بعد مسافة قصيرة من ليو وقال
:- انا ادعوا الامير ليوناردو بريليام الى مبارزة مصيرية !!
ظهرت علامات التعجب على وجه رولاند وقال في نفسه :- ليو انت فعلا شخصا اخر !! .. كيف توقعت ان يقول هذا ؟!!
تابع ماركيز كلامه :- لو هزمت الامير سوف اصبح الملك الشرعي !!
ابتسم ليو بغرور وقال :- واذا خسرت !!
نظر ماركيز بتحدٍ :- سوف استغني عن سلطتي الحالية !!
:- حسنا اذن ..
ظلام عقلها الباطن , ها هي تعود اليه من جديد , لكنها هذه المرة لم تجد تلك الطفلة ولا ماركيز بل وجدت امامها باب خشبي غير مرتبط بحائط او شيء اخر , استغربت الامر ولكنها قررت التوجه نحوه , حالما وصلت له فتحته , لمع ضوء غريب براق في داخله وما ان تمكنت من النظر اخيرا حتى تلبست علامات الصدمة وجهها
تصادم سيفيهما في معركة حامية , اعينهما تشع بشرارة الغضب وهما يحدقان ببعضهما , ابتعدا بعد فترة فابتسم ليو وقال في محاولة لاستفزاز ماركيز
:- هل هذا كل ما لديك ؟؟!! ... اظنك لا تزال ضعيف حتى مع قوة الملك داخلك
صَرَ ماركيز اسنانه بعنف وهجم على ليو بكل قوته وهو يقول
:- لا تستهن بي ايها الاحمق !!
اخذ سيفيهما بالتضارب مجددا ومجددا واستمرا على هذا لفترة طويلة جعلت الكل في حالة دهشة من قدرتهما على متابعة هذا النزال بكل هذه القوة ؛ فها قد مرت قرابة الساعة ولا يزال ليس هناك منتصر حتى الان , مع انه قد بدى التعب على وجه ماركيز بينما لم يبدو على ليو ادنى اهتمام وكانه لم يبذل اي طاقة !! , بعد قرابة العشر دقائق انهك ماركيز تماما واخذ يلهث وهو ينظر الى ليو المبتسم , مشى ليو مقتربا منه بكل هدوء , ورفع سيفه ليضرب ماركيز المنهك لكنه وبما تبقى له من طاقة تصدى لسيف ليو ؛ فحاول ليو مجددا ولكن ماركيز صده بقوة اضعف هذه المرة , وفي المرة الثالثة انزلق السيف من ماركيز وطار بعيدا , عندها رفع ليو سيفه حتى لمس طرفه رقبة ماركيز وقال
:- يبدو انني انتصرت
ابتسم ماركيز بخبث :- لا اعتقد هذا !!
فجاءة اخرج ماركيز قلادته المشؤومة تلك و وجهها نحو ليو !! .
نظرت الى ما وراء ذلك الباب لتبرز علامات الاندهاش على وجهها , ما وقعت عينيها عليه هي حجرة بيضاء اللون سقفها يشبه لوحة تعرض صور تبدو كانها ذكريات شخص ما , في نهاية الحجرة كان هناك سرير ابيض اللون تنام عليه فتاة تشبه ملامح مايا كثيرا ولكن شعرها كان ابيض اللون وعينيها كانتا مغمضتين , امام السرير قد وقفت تلك الطفلة الصغيرة , خطت مايا اول خطوة داخل الغرفة , انتبهت الطفلة عليها فاستدارت , مشت مايا قليلا حتى وصلت منتصف الحجرة , انغلق الباب بصورة مفاجئة مسببة شعورها بالخوف والنظر نحوه لكنها لم تجد الباب , لقد اختفى تماما .
اقتربت من الفتاة اكثر ثم نظرت نحو الفتاة النائمة , قالت الطفلة لمايا
:- هذه فيروس .. او بالاحرى وعي فيروس !!
:- اذن ماذا تمثلين انتي ؟؟
ردت مع ابتسامة :- انا !!؟؟ ... حسنا يمكنك القول اني اشبه بذكرياتها
جثت مايا على ركبتيها قرب السرير وهي تراقب فيروس النائمة , ملامح فيروس تشبه ملامحها تماما فالاختلاف الوحيد كان لون شعرهما , ابتسمت بهدوء وهي تتذكر كلام ليوسفر عن كونها تشبه زهرته الى حد كبير نظرت بعد هنيهة الى الطفلة وقالت بهدوء
:- الا يمكنك جعلها تستيقظ ؟؟!!
:- بلى يمكنني لكنها حالما تستيقظ ساندمج معها مسببة عودة ذكرياتها المؤلمة !!
نهضت مايا من على الارض ونظرت بغضب الى الطفلة
:- فيروس هي من كانت غير مسؤولة في البداية .. لو انها حاربت ماركيز من البداية لما استمرت هذه المآسي بالحدوث على مر السنين
اردفت بعد ان امتلئت عينيها بالدموع :- ولما كان ليو ليواجه مصيره بالموت في هذه اللحظة
ابتسمت الطفلة وقد بدى عليها انها موافقة على ايقاظ فيروس , قالت الطفلة
:- حسنا سافعل .. لكن عليكِ مقاتلة ماركيز .. فهو سيفعل اي شيء لمنعها من العودة
:- لا تستهيني بي فانا اميرة انكلترا !!
بعد ان غمرت مايا تلك الطفلة بابتسامة واثقة مليئة بالتحدي احست الطفلة بامان مفاجئ لهذا السبب اقتربت من فيروس النائمة واخذت تلمس راسها وهي تقول بعض الكلمات بلغة غير مفهومة , فجاءة اخذت اصوات حطام تملئ المكان وكان هذه الحجرة اخذت بالتداعي , السقف المكون من لوحة الذكريات قد انكمش وتحول لما يشبه الشريط الطويل الذي اخذ يدخل جسد الطفلة اثناء لمسها لراس فيروس , اخذت اصوات عالية تملئ الجو , كانت اصوات كلام الناس في ذكريات فيروس والصوت الذي كان يملئ اغلب ذكرياتها هو صوت ليوسفر , فجاءة ظهر باب الغرفة مجددا جاعلا كلا من الطفلة ومايا ينظران له , فتح الباب ليدخل منه ماركيز مع نظرة غاضبة على وجهه تفاجئت مايا لكنها تقدمت لكي تواجهه , اقترب هو ايضا منها مع نظرته الغاضبة ليقول بصوت اجش غاضب وهو يصر اسنانه
:- حتى ذكرياتها مملؤة بصوت ذلك الاحمق ليوسفر !! .. ما الذي يجعله مميز هكذا !!؟؟
ابتسمت مايا بهدوء :- لانه شخص احبها بصدق وليس شخص حاول امتلاكها لمصالحه الشخصية !!
ابتسم ماركيز باستهزاء :- ليوسفر مجرد شخص حصل على قوته صدفة وتجرأ على السيطرة على كل شيء حوله !! .. لو سلبت منه قوته فسوف امتلك كل شيء يملكه !!
اخذ يدور حول الغرفة وهو يشرح لها بقية كلامه :- ثم انني كنت سبب معاناة اغلب الاشخاص في عائلتكم على مدار تلك السنين وفعلت ذلك بدون قواه الغالية !!
تراجعت مايا خطوتين للوراء وقد استنفرت من كلامه هذا ثم قالت
:- ماذا تقصد بانك السبب ؟؟!!
ابتسم بخبث وهو يحدق في وجهها المرعوب :- اقصد انني على سبيل المثال كنت السبب في موت والدتك !!
لم تستطع مايا السيطرة على التعابير المتفاجئة على وجهها :- كـ ... كيف !!؟؟
اطلق ماركيز ضحكة شريرة عالية وهو يستمتع بما يفعل
:- لقد كنت انا من حرض عمك ماريوس على قتل والدتك .. وقد نتج عن ما فعلته كل المصائب التي تمرون بها حاليا !!
:- مـ.... مااذا ؟؟
:- اجل !! ولولا ان ذلك الاحمق رولاند لم يقع في حب لورا لكانت الخطة كلها قد سارت بشكل مثالي ... مع انني لا زلت مسيطرا على الامور !!
مشى نحو مايا بخطوات واثقة :- لكن مع ذلك لا تزالون تقاومون قدركم وتحاولون القضاء علي !!؟؟
ابتسمت مايا بهدوء وهي تحاول اخفاء رغبتها في قتله :- لاننا موقنون بانتصارنا عليك !!
رفعت مايا يدها اليمنى في الهواء وضمت قبضتها وكانا تمسك بيدها شيئا ما
بعد لوحيظات بسيطة نطقت قائلة
:- ولا تنسى انك الان في داخل عقلي اي انني المتحكم الرئيسي في هذا المكان
عندها ظهر سيف حديدي كبير الحجم ومطرز برموز ذهبية في راحة يدها وهي ترفع ذراعها ابتسمت بثقة وهي تمسك السيف بطريقة تعلن بها عن رغبتها في النزال
:- ما لا تعلمه انني قد تدربت على السيافة مذ كنت طفلة !!
وقبل ان يتمكن ماركيز من الرد عليها هجمت عليه وجرحت ذراعه اليسرى بسيفها
:- ما انت الا خيال ستختفي بمجرد ان اقضي عليك
امسك ماركيز بذراعه متالما , لم يتوقع هكذا هجمة سريعة من اميرة لطالما كان يقول عنها مدللة او ضعيفة , استدارت مايا لتنظر له وقد ظهرت ابتسامة هادئة على وجهها , استذكرت عندها الايام التي كانت فيها تتدرب على المبارزة وعلى الرغم من اعتراض والدها على الامر الا انها علمت انها سوف تحتاج ان تكون قوية يوما ما ؛ وهذا اليوم قد اتى اخيرا , لا تريد ان تجعل ليو يتحمل عبء حمايتها الى الابد فهي قد كبرت الان .
ايقظت افكارها ضحكة من ورلاند تحمل معها الجنون
:- هذا مذهل لا اصدق ان لديك هكذا قوة مذهلة يا فيروس
امتعضت مايا من سماعه يناديها باسم فيروس
:- انا اسمي مايا .. انا ابنة الملك بيلي .. لا تجرؤ لا مناداتي باسم اخر
لم يؤثر كلامها به اطلاقا بل زاد من ضحكته المجنونة تلك وقد سببت بعض الخوف داخل نفس مايا , بعد وهلة ظهر في يده سيف اسود اللون , اتسعت عيناه بصورة مخيفة وقرنيته قد تقلص حجمها كثيرة واخذت نظرات جنونه تزداد اخافة واخذ يردد بجنون
:- فيروس فيروس فيروس فيروس فيروس ... انتِ ملكي
ارتعش قلب مايا خوفا , وما هي الا ثواني حتى هجم ماركيز عليها بكل قوته .
في مكان اخر حيث ركع ليو على ركبتيه بعد ان اخذت تلك القلادة اللعينة – كما سماها – تسحب قواه وتسلب منه السيطرة على جسده , حاول رولاند التقدم لمساعدة ليو حين بدا يسمع صراخ ليو المتالم لكن جاك رفع ذراعه امام رولاند مانعا اياه ليقول
:- فقط فالنفعل كما امرنا ليو .. هل نسيت ؟؟
رد عليه بعد ان عض على شفته السفلية باستنكار :- لكن ليو يتالم !!
اجاب جاك بهدوء غريب :- لننتظر قليلا فقط
حينها انتبه رولاند ان يد جاك كانت تضغط على رسن الحصان بقوة كبيرة دلالة على انه يشتعل غضبا , ولكنه لا يستطيع معارضة اوامر اميره ليو !!
اعاد الاثنين بصرهما نحو القتال الحامي الذي لم ينتهي بين ليو وماركيز
بدات ضحكات ماركيز تعلو وابتسامته الشريرة لا تفارق محياه ابدا
:- اذن ما رايك الان ؟؟؟ هل لا زلت لا استحق كوني ملك ؟؟ هل لازلت ضعيف في نظرك ؟؟؟
وضع ليو يده على الارض الطينية وبكل اهتزاز وارتجاف رفع نفسه كي يقف على قديمه ولكن بصعوبة بالغة , شعره الاشقر كان يغطي عينيه ولكن ابتسامة مغرورة قد ظهرت على شفتيه , رفع بصره كي ينظر الى ماركيز
تعابير الصدمة والذهول التي سيطرت على وجه ماركيز لا يمكن ان توصف
كيف لا وقد راى تلك النظرة , النظرة الملكية التي لا يمكن ان تقاوم
من بين ثنايا خصل شعره الاشقر قد برزت عيناه الزرقاوتين , في تلك العيون كان هناك وحش كاسر , كان هنالك اسد ينوي ان يهجم على فريسته , مع ابتسامة على وجهه
ارتعشت اوصال الجنود حين رؤوا تلك النظرة , فمنهم من تراجع خطوة للوارء ومنهم من احس بثقل سلاحه عليه , ولم يكن قائدهم بافضل حالا منهم فقد بدات ساقيه بالارتجاف وقد اخذ يردد في عقله
مستحيل !! كيف امكنه بث الرعب داخل صدري بنظرة واحد فقط ؟؟ كيف ؟؟ فقط كيف ؟؟ لا يمكنني ان اشعر بالخوف من شيء بسيط كهذا !! اذا استمر الامر هكذا فسوف افقد سيطرتي على القلادة !!
قوة القلادة اخذت تضعف , مما جعل ليو يقف بثبات اكثر , لا تزال تعابيره كما هي
:- اجل .. انت لا زلت ضعيف !!
جملة بسيطة قد خرجت من لسان ليو , جعلت الغضب يظهر على وجه ماركيز
تابع ليو كلامه :- لو كنت قويا فعلا لكنت هزمتني بقوتك الخاصة لا باستعمال الحيل !
ازدادت ابتسامة ليو غرورا :- فعلا الفوز او الخسارة ضد شخص مثلك لا يبعث الحماس اطلاقا !
اخذ ماركيز يضغط على قبضته بقوة كبيرة :- كيف تجرؤ على اهانتي هكذا !!؟؟
:- انت من اهنت نفسك !!
كلمات ليو تلك قد جعلت غضب ماركيز كالبركان المشتعل ولم يستغرق منه الامر لحظة واحد حتى حمل القلادة لمستوى راسه وبقوة كبيرة رمى بالقلادة على الارض قرب ساقيه فتكسرت الجوهرة التي كانت داخل العين مما سبب انطلاق ضوء قرمزي اللون جاعلا ماركيز يصرخ بقوة كبيرة
تقاطع سيفا مايا وماركيز وهما في قتالهما الذي استمر دقائق , بعد ضربات مستمرة ابتعد الاثنان عن بعضها واخذا يلهثان ولكن فجاءة بدا ماركيز بالاختفاء شيئا فشيئا حتى تدمر كليا
مما بعث الاستغراب على وجهها
:- ايه !! ماذا حدث ؟؟ اين اختفى ؟؟
اخذت تنظر حولها وهي تتوقع ان هذه خدعة اخرى منه وانه سوف يهاجمها في اي لحظة
من جهة اخرى كان الجنود وليو قد ابتعدوا عن ماركيز مسافة كبيرة وهم في انتظار ان تخفت هذه الاشعة القرميزية ولو قليلا حتى يتمكنوا من الرؤية , صوت صراخ ماركيز المتالم كان هو الشيء الوحيد المسموع وقتها .
مرت بضع ثوان وصرخات ماركيز بدات تتحول شيئا فشيئا الى ضحكات مجنونة !
بدا وكانه يمتص تلك الاشعة القرميزية المخيفة والتي اصبحت تدخل جسده من كل فتحة في جسده , انفه , فمه , اذناه , حتى المسامات التي بين بشرته .
وبعد ان امتص جسده الاشعة كلها وقع ماركيز جاثيا على ركبتيه وصوته لهثه المجنون يعلو اكثر فاكثر .
بدأ ليو يقترب منه بخطوات حذرة كانه يقترب من وحش على وشك الهيجان .
عندها رفع ماركيز راسه لتبرز تلك العيون المجنونة والتي تخللها اللون القرمزي وقد اشرقت بصورة مرعبة , انفاسه كانت تخترق صمت المكان , انذعر ليو واقشعر بدنه من هذا المنظر , انه لم يعد بشرا بعد الان ! .
نهض ماركيز بتثاقل وهو لايزال يحدق بليو
:- أرأيت انا لست عاجزا تماماً ؟!
همس ماركيز وهو يبتلع ريقه بصعوبة
لا تزال النظرة المشمئزة تعلو وجه ليو والتي جعلت ماركيز يستشيط غضبا فصرخ بجنون
:- كف عن النظر لي !!!!
:- مجنون !!
تلك الكلمة كانت الشيء الوحيد الذي تمكن ليو من اخراجه في تلك اللحظة , ولم يبد انها قد اثرت بماركيز بصورة سلبية بل على العكس فقد دفعته الى الضحك بجنون اكبر , حمل ماركيز سيفه وكانه قطع خشبية وقال
:- حان الوقت لتتعلم درسك .. سمو الامير
عاد صليل سيفيهما ولكنه هذه المرة كان اقوى فماركيز لم يعد ضعيفا , اصبحت قوتهما الان تقريبا متساوية , ويمكن ان ماركيز قد تفوق قليلا على ليو .
استدارت مايا بعد ان يأست من عودة ماركيز , خَطَرَ على بالها لوهلة ان ليو هو السبب , ابتسمت لمجرد انه مر على افكارها هكذا , اعماقها تهتز بسببه ولاتفه الاسباب .
نظرت بعمق الى المكان الاسود الذي هي فيه , لا يزال ليس هناك اثر لا للطفلة ولا لفيروس , اخذت مايا تمشي في المكان وهي تنظر حولها وتقول
:- فيروس !! ... اعلم انك هنا في مكان ما !! .. عليك الاصغاء لي .. ان ليو ..امم اقصد ليوسفر يقاتل ماركيز الان لا اعلم بالضبط ما يحدث بينهما لكني اعلم ان ليوسفر يحتاج اليكِ .. اعرف جيدا انك قد تعبتي من رؤيتهما يتقاتلان .. استطيع الاحساس بها .. مشـ ... مشاعرك انها فعلا قاتلة .. لكن عليك مساعدتي اذا لم نساعد ليوسفر .. اذا انا لم اساعد ليو باستخدام قوتك .. فربما ... ربما اخسره للابد !! .. ارجوك تشجعي وقاتلي معي !!
نظرت مايا حولها مرة اخرى , صوتها كان مرتجف حين قالت ذلك الكلام , فكرة خسارة ليو صعبة عليها جدا تصيبها بالاختناق , اعادت النظر مجددا على امل ان تحصل على رد من فيروس لكن لا فائدة , انزلت راسها بتعب وياس .
:- أواثقة انه يمكنني ايقافهما ؟!
الصوت كان قادم من خلفها , التفت بسرعة لتجد فيروس بشعرها الابيض البراق وعيونها الجميلة تقف امامها , الشبه بينهما لا يزال يحيرها احست كانها تنظر الى صورتها في المرآة , ابتسمت حين رات نظرة فيروس المليئة بالامل كانها طفلة ترغب بالحصول على شيء من والدتها بشدة .
:- واثقة تماما !!
ضربة قوية , تراطم سيوف اقوى , احداث المعركة بدات تزداد حدة وسخونة , انتهى صوت السيوف المحتكة بصوت قوي لتكسر سيف ليو .
ابتهج وجه ماركيز لنصره الذي اعتقد انه تحقق , لكن ليو تابع القتال بنصف السيف الاخر الذي معه , غضب ماركيز اكثر واشتعل في داخله الحقد .
:- لماذا ؟؟!! لماذا تصر على قتالي هكذا !!؟؟ هل هو من اجل مايا ام من اجل بلدك ؟
:- من اجل الاثنين معا .. لا يمكنني ترك شخص مثلك يفعل ما يشاء !!
:- وانا لا يمكنني تركك تسرق فيروس مني مجددا !!
استعادت مايا سيطرتها على جسدها فرات لورا جالسة بكل هدوء قربها نهضت بسرعة وقالت باستعجال
:- يجب ان نذهب حالا ..
فترد لورا بقلق :- الي اين !؟؟
:- الي حيث يوجد ليو !!
طار سيف ليو المكسور في الهواء , تباشير امل الانتصار التي كانت على وجهه قد اختفت , فالمسافة التي قد طار اليها سيفه بعيدة جدا ؛ احس بالهزيمة فعلا حين لامس طرف سيف ماركيز رقبته , برودة نصل السيف جلبت القشعريرة لجسده مما جعله يعتقد ان هذه هي النهاية .
ابتسم ابتسامة مبهمة المعنى , كأنه بابتسامته تلك كان يغيظ ماركيز
:- انت على وشك الموت ولا تزال تبتسم بهذه الطريقة المزعجة !!
اغمض ليو عينيه بهدوء :- كيف يمكنني ان لا ابتسم وانا احس باقتراب مايا !!
اندهش ماركيز :- هل فيروس قادمة ؟؟
:- لا يمكنك الشعور بها !! ... انت لم تحبها .. انت فقط اردت ان تسرق ما كان ليوسفر يحب .. مشاعرك كلها نابعة من غيرتك منه فقط !!
:- لا يهم !! فانا الان امتلكت قوة اكبر من قوة ليوسفر بكثير !!
ضحك ليو باستهزاء :- لكني حتى الان لم استعمل قوة ليوسفر .. من كان يقاتلك طوال هذا الوقت كان انا !! .... ليو !!
ابتعد ماركيز على اثر صدمة فهمه لكلام ليو وردد مرتعب :- مستحيل !! ... بعد امتلاكي كل هذه القوة لا ازال .. لا ازال لم اصل لقوة ليوسفر بعد !!
صهيل حصان عالِ , كانت مايا قد وصلت الى مكان ليو , قد احست به , عرفت مكانه .
ابتسم ليو بسعادة واستدار لينظر الى ما خلف رولاند و جاك , خيال مايا اخذ يبرز من بين اشجار الغابة , قلبه كان على وشك الخروج من مكانه بسبب سرعة نبضه , خطى اول خطوة بالاقتراب من مكان قدومها حين احس بيد تلمس ظهره , يد باردة , عرف مباشرة انها يد ماركيز ادار وجهه لينظر له , حينها وقع على ركبتيه , الطاقة من جسده بدات بالاختفاء , لم يعد يشعر باطرافه , خارت قواه كليا .
لكنه على الرغم من هذا ابقى عينيه على مكان قدوم مايا , في اي لحظة الان سوف تاتي , الفتاة التي يعشقها ويتلهف لها قلبه .
لم يستطع سماع شي سوى صوت حوافر حصان مايا وهو يقترب .
فلم يكن يسمع لهثات ماركيز وكلامه عن كونه قد انتصر وانه سوف يسحب كل القوة منه .
ولا محاولة رولاند التدخل في ما يفعله ماركيز , فان جاك قد منعه في اخر لحظة .
لم يعد في جوه شيء عداها هي .
برزت من بين اشجار الغابة , بذلك الشعر الاشقر الطويل الذي يبهر كل من ينظر له , عينيها الزرقاوين قد ملئتا بالدموع وهي تراقب حالة ليو , منهك , مرهق , يتم سحب قواه من قبل ذلك الشرير .
حين حاولت الاقتراب لمنعه , رات ليو يقع ارضا بعد ان اخذت طاقته كلها , تعالت ضحكات ماركيز المجنونة , احست بحبها له حيث انها كانت تركض نحوه باقصى سرعتها , وضعت راسه في حجرها واخذت تنادي باسمه , لمست خده باطراف اصابعها وقد غسلت الدموع خديها .
:- ليو ... ليو .. لو انني وصلت ابكر من هذا .. لو انني فقط استطعت ان ..
منعتها دموعها المتساقطة من المتابعة , احتضنت ليو بقوة وهي تبكي بحرقة والم .
ماذا يمكنها ان تفعل ؟ ها قد فقدت ليو للمرة الثانية !! كيف يمكنها تحمل الامر اكثر ؟؟
فيروس التي داخل عقل مايا قد بدات بالصراخ , ذكريات خسارة ليوسفر قد عادت اليها .
الالم , الوحدة , الاختناق , هي المشاعر التي تسيطر عليك عندما تخسر شخص عزيز على قلبك , كيف يمكنها الابتسام الان ؟ , فالشخص الذي يريد رؤية ابتسامتها بكل جوارحه .. قد رحل !!
:- قوة ليوسفر اخيرا اصبحت ملكي !! ... لا اصدق هذا !!
وصل ماركيز الى اقصى حد جنون يمكن ان يصله , الجنود الذين كانوا مختبئين قد ظهروا واستلوا سيوفهم , عيونهم حمراء من كثرة الدموع التي حبست داخلها , لم يقدروا على معارضة اوامر ليو , فقد كان قد قرر الموت من البداية , اختار الموت من اجل ان يمنحهم ولو فرصة بسيطة في الفوز .
اخذوا يتذكرون كلامه " عندما يسحب ماركيز القوة مني ... هناك احتمال ان اموت .. اريدكم ان تتابعوا الخطة على الرغم من هذا "
تذكر كلماته تلك حفزتهم على القتال , هجموا كلهم على ماركيز مرة واحدة فاخذ يطرحهم ارضا واحد تلو الاخر وهو مستمر بالضحك ؛ من كان يقود الجنود المختبئين هما لانس ولورانس الذي هجما ايضا وتعرضا للضرب من قبل ماركيز ؛ تلاهما جاك , قاتل رولاند اخرهم وقد قاتل بكل بسالة وشدة , لكن ماركيز كان اقوى بكثير , تابع رولاند والبقية النهوض بعد كل ضربة يتعرضون لها من ماركيز , استمروا على هذه الحال حتى امتلئت اجسادهم بالكدمات والجروح .
لم تكن مايا قد عادت بعد من عالم الحزن الذي دخلت فيه , احست بان دموع عينيها قد انتهت فنزل الدم بدل الدموع .
عندها نزلت قطرة ماء على يدها تبعتها قطرة اخرى سقطت على خد ليو , نظرت مايا نحو السماء لتجدها ملبدة بالغيوم , لكن انها بداية الربيع , كيف يمكن هذا ؟ نزلت قطرة اخرى على مقربة من عين مايا ثم انسابت على خدها كانها دمعة , هل السماء تشارك مايا حزنها ؟؟
اعادت مايا النظر الى ليو , حين نظرت , تسارعت دقات قلبها بقوة كبيرة واحست ان قلبها قد قفز من مكانه , ليو كان يحدق بها .
لقد استيقظ ... لا اصدق هذا ... انه ... انه يحدق فيّ مباشرة ... انه على قيد الحياة!! .
لم تستطع فعل شي سوى البكاء , بكاء سعادة وارتياح , انها لم تخسره , لا تزال تستطيع الاحساس بوجوده , هو لن يتركها الان .
عندها احست باصابعه الناعمة تلمس خدها وتمسح دموعها , بسرعة فتحت عينيها بتفاجئ وحدقت به .
:- لـ.. لقـ..د تصــ.. ورت انــ...ك قد مـ... مـــ....
صوتها كان باكيا , متقطعا , مليئ بالدموع , لم تستطع ان تكمل ما ارادت قوله فمجرد التفكير بانه قد يموت يجعل قلبها غير مستقر اطلاقا .
رسمت شفتي ليو ابتسامة منهكة وجميلة في آن واحد , اراد بها ان يمطئن مايا .
:- لا .. تقلقي .. لن اموت بهذه السهولة !!
بالكاد خرجت تلك الكلمات من فمه , فقد كان قد اخذ نفس عميق قبل قولها , ليست لديه اي طاقة للنهوض كل ما يستطيع فعله هو الاستلاقاء هناك وراسه على حضنها وان يحدق بها فقط ! .
المعركة لا تزال مستمرة , وجنود ليو يخسرون , لقد قتل ماركيز حتى الان خمسة منهم , ولا يزال البقية مصممين على منعه وقتاله .
صرخ رولاند بشدة حين رماه ماركيز بيد واحدة ليصطدم باحدى الاشجار , مما جذب انتباه كلاٍ من ليو ومايا ! .
حاول ليو النهوض لكن مايا منعته , امسك بيدها مخاطبا اياها بعينيه وكانه يقول " دعيني " .
لم تقاوم نظرته تلك فساعدته على النهوض , ضحكة شريرة جعلتهما يحولان بصرهما نحوها .
:- فيروس .. فيروس .. فيروس .. لا زلتي تفضلين ذلك الفتى علي حتى بعد ان اصبح ضعيفا !! .. انه لا يملك القدرة على ايقافي !!
ابتسمت مايا نحو ليو وتركت يده لكي تخطو خطوتين مقتربة من ماركيز , عقدت حاجبيها بغضب ثم اغمضت عينيها , شعرها الاشقر تحول بالتدريج من فروة راسها والى اطراف الى اللون الابيض , فيروس قد استيقظت
:- انا لم افضله عليك بسبب قوته !!
بغضب مشتعل رد :- اذن ماذا ؟؟!!
:- انه الشخص الوحيد الذي تهمه سعادتي اكثر من حياته !!
:- هراء !! .. هل تصدقين فعلا ان هراء كهذا سيدخل عقلي !!؟؟
:- بالتاكيد لا !! ... فشخص مثلك لن يفهم ما اقوله !!
ابتسمت بهدوء على ذكرياتها مع ليوسفر :- ليوسفر هو الوحيد الذي يفهمني !!
:- اذن ما دمتما متفاهمين هكذا ... لماذا لا تنظمين له !!؟؟ ... في اعماق الجحيم !!
هجم ماركيز على فيروس بسرعة خارقة , في لحظة , لم تسمع عندها سوى صراخ ليو
:- مايااا ...
لكنها لم تملك الوقت للهرب , يد ماركيز وهي تضغط بقوة على رقبتها , رجليها لم تعودا تلمسان الارض , لقد رفعها ماركيز بيد واحد خانقا اياها , اقترب ليو بياس ولكنه مع اول خطوتين وقع ارضا , فهو بالكاد كان واقفا , اخذت مايا تصرخ , البياض في شعرها بدا بالاختفاء والقوة داخلها تستمر بالتبخر .
بعد ثوانِ , رمى ماركيز مايا على الارض بقوة , وقد سلب كل قوتها .
:- لم يبقى الان سوى لورا !!
الم حاد في يده , نصل سكين قد اخترق كتفه من الجهة الخلفية , نظر خلفه واذا هو رولاند ووجهه مليء بالجراح وجسده بالكدمات ولكنه واقف على الرغم من هذا .
:- اياك ان تقترب من لورا !!
قالها رولاند بغضب وهو ينظر نحو ماركيز بنظرة حاقدة محذرة .
ابتسم ماركيز واستدار ثم اقترب ببطئ من رولاند
:- لكن اظن ان علي قتلكم جميعا اولا !!
عندها نظر رولاند نحو ليو بقلق , رد ليو على نظراته بنظرات حادة وهز راسه للاعلى والاسفل اشارة على الموافقة , ابتسم رولاند عندها ووقف باعتدال .
:- هل تتصور فعلا اننا سنخسر هكذا ؟؟!!
:- ماذا ؟؟ .. فقط انظر حولك .. انتم جميعا عاجزون على القتال !!
:- هل يمكنك ان تنظر انت حولك .. الم تلاحظ شي غريبا ؟؟!!
نظر ماركيز حوله باستهزاء ثم ادرك الموقف اخيرا , انه وحده , جنوده لم يعودوا موجودين .
فقط الى اين ذهبوا ؟؟
كان هذا السؤال الوحيد في عقله , لقد كان هناك مئات الجنود معه لكن لا يوجد هناك اي احد الان
لم يستطع رولاند سوى الابتسامة بسرور على تعبير ماركيز المتحطم المحبط وكانه تم صفعه على وجهه وبقوة , ولكي يزيد من تشتيته قال رولاند
:- بينما كنت مشغول بجنونك وبرغبتك في القضاء علينا .. شعر جنودك بالخوف منك وفروا بسرعة .. لكنك لم تنتبه لذهابهم حتى !!
:- هؤلاء الخونة !!
ردد ماركيز بامتعاض شديد واشرقت عينيه بلون قرميزي جميل لكن خطر .
:- سوف اقتلهم جميعا بعد ان انتهي منكم !!
:- ثم ماذا بعدها ؟؟!! هل ستقتل من في انكلترا جميعا لو عارضوك ؟؟
رد بصراخ :- اجل سوف اقتل الجميع ... من يعترضني لا يستحق العيش !!
في هذه الاثناء جلس ليو القرفصاء وهو يراقب ما يحدث بين رولاند وماركيز بحذر وبكل بطيء اخرج شيئا من جيبه , نظر الى قبضته ثم اغمض عينيه , ذكريات خطتهم قبل ساعات قد عادت اليه .
ابتسم ليو وهو ينظر الى جنوده بعد ان صرح لهم بخطته , بدات الحيرة واضحة على وجوههم فقال احدهم
:- لكن سيدي بعد ان يسرق ماركيز قوتك كيف سنقوم باخر جزء من خطتك !!
داخل عقل ليو كان يتحدث مع ليوسفر ويستشيره عند كل سؤال يساله الجنود فالخطة اصلا كانت خطة ليوسفر , اجاب ليوسفر بهدوء
:- مثلما تمكن ماركيز من وضع جزء منه في مايا .. انا ايضا قد اتمكن من وضع جزء مني داخل شيء .. ذلك الجزء سيكون .. الجزء القادر على استرجاع القوة الماخوذة !!
فتح ليو يده بعد ان فتح عينيه , في راحة يده , كانت هناك قلادة جميلة على شكل وردة , القلادة نفسها التي اهداها ليو لمايا في عيد ميلادها العاشر , احس ليو بالقليل من الحنين لتلك الايام وهو ينظر للقلادة , لكن كان لديه شيء اهم الان , امسك بالقلادة ووضعها قرب فمه وهمس بهدوء
:- ليوسفر .. اعلم انك تستطيع سماعي .. اريدك ان تقوم بما اتفقنا عليه الان !!
ضوء ابيض جميل قد تصاعد من تلك القلادة الجميلة على شكل خيط ابيض , لكن بدل التوجه لماركيز فان الضوء قد انطلق في الاتجاه المعاكس , نحو الغابة , نحو المعسكر , نحو لورا .
كانت لورا واقفة مع الفتيات الثلاث في انتظار عودة الجميع حين لمحت ذلك الضوء يقترب منها , اخترقها بهدوء و اخرج منها قوتها , اخرج الملكة منها , وحالما فعل حتى وقعت مغشيا عليها لتسرع الفتيات اليها ويمسكنها , وصلت قوة الملكة الى يد ليو بينما كان ماركيز مشغول مع رولاند , مشغول بغضبه وحنقه وكرهه , لحد انه لم يعرف باقتراب ليو منه !!
وضع ليو القلادة على ظهر ماركيز , دخلت تلك القوة الى داخل جسد ماركيز مما دفعه ذلك الى الصراخ بالم , استدار بعد برهة وهو يحيط جسده بذراعيه وعلامات الالم تفيض من وجهه
:- ما الذي فعلته لي ؟؟!!
ابتعد ليو خطوتين عنه وقال :- لا يمكن للقوى ان تجتمع في جسد واحد !!
رد ماركيز بالم واستغراب :- ماذا ؟؟!!
اجاب ليو مفسرا :- لا يمكن ان تجتمع قوة الشر والخير الخاص بكل من فيروس وليوسفر في جسد واحد .. اذا حدث هذا ... فسوف تدمر احداهما الاخرى !!
فتح ماركيز عينيه على وسعهما بتعجب :- لا !! لا !! لا يمكن هذا !! لا اصدق ما تقوله !!
اقترب رولاند :- سواء صدقت او لا !!؟؟ .. ان امرك قد انتهى !!
الالم داخل جسد ماركيز قد ازداد اكثر مما دفعه الى الصراخ بصوت اعلى , هناك ثلاث قوى تتصارع في جسده الان , فيروس , ليوسفر اضافة الى قوة قلادة كلاديس , تلك القوى كانت تحاول الخروج من جسد ماركيز باي ثمن , حتى وان كان هذا يعني تدمير جسده وروحه .
:- لا تنسى .. جشعك هو ما قتلك !!
قالها ليو وهو ينظر الى ماركيز باشمئزاز ثم تابع :- اتمنى ان تتعفن في الجحيم
انفجار القوى , ذرات من الدماء قد بدات تنزل عليهم كانها مطر , لقد فجر جسد ماركيز تماما .
نظر ليو نحو السماء الملبدة بالغيوم بعيون منهكة وقال
:- هل انتهى الامر الان ؟؟
اعاد النظر امامه , اتسعت عيناه حال رؤيته .. ليوسفر .. لكن كيف ؟؟!! , كان شكل ليوسفر ضبابي تماما وكان يطفو في الهواء وكانه شبح تماما , اقترب ليو منه بهدوء ثم رفع يده اليمنى حتى كادت تلمس ليوسفر , لكن ليوسفر ابتعد , استغرب ليو وقال
:- ليوسفر الن تعود لي ؟؟!!
ابتسم ذلك الشبح ثم هز راسه يمين ويسار كعلامة على الرفض , لم يستطع ليو سوى ان يظهر ابتسامة حزن على فراق شخص كان معه طوال تلك المدة , صحيح انه كان يحتل جسده , الا ان ليو لطالما اعتبره .. صديقه !!
لم يعلم لماذا لكن ليو فجاءة استدار خلفه , الى حيث كانت تستلقي مايا بعد ان رماها ماركيز , تعجب حين راها , جالسة على ركبيتها وشبح فيروس يكاد يمسك وجهها ومقترب منها لكن ما زاد تعجبه هو دموع مايا , دموع كثيرة لم تستطع ان توقفها , قطع كلام مايا قلبه
:- فيروس .. ارجوك لا تذهبي .. ليس قبل .. !!
ابتسمت فيروس بسعادة :- مايا صغيرتي !!
ما خرج من فمها كان صوت والدة مايا .. كاثرين , ازداد بكاء مايا اكثر .
تابعت فيروس بصوت كاثرين :- اسفة يا صغيرتي .. اسفة على تركك وحيدة .. لقد احببتك بشدة .. اتمنى ان تعيشي بسعادة لما تبقى من حياتك !!
اقترب شبح ليوسفر من فيروس ووضع يده على كتفها وقال
:- علينا ان نذهب الان !!
نظرت فيروس الى مايا وقالت :- تلك الكلمات .. هي ما كانت والدتك تريد ان تقوله لك في اخر لحظاتها
بدا الاثنان بالتحول على ذرات غبار مشعة وبيضاء جميلة , في جهة اخرى كان الملك ريكس ورولاند يودعان بعضهما ايضا
:- اسف على المتاعب التي سببتها لك
قال الملك لرولاند الذي جلس على الارض بتعب , قال رولاند
:- لا عليك فقط لا تعد لتسيطر على جسدي ابدا مجددا !
:- لا اعدك بهذا
رد رولاند باحباط في صوته :- هاااااااه ؟؟!!
ضحك الملك بهدوء ثم مد قبضته نحو رولاند , رفع رولاند قبضته بامتعاض لتقابل قبضة الملك بدون ان تلمسها , ابتسم الاثنان بسعادة بينما تحول الملك الى ذرات غبار ايضا .
لم يختلف الامر كثير بالنسبة الى لورا فقد فتحت عينيها لتجد الملكة روجينا امامها
:- سوف نذهب الان .. اعتقد انه على الاعتذار !!
ابتسمت لورا بهدوء لها وقالت :- على ماذا ؟؟!!
ردت روجينا :- على افقادك لذاكرتك .. فعلت ذلك لكي احميك فقط !!
:- شكرا لك روجينا !!
تبعتهم الملكة بالاختفاء والتبخر , لقد رحلوا الان فعلا , تلك الذرات الجميلة من الغبار والتي كانت تشع بضوء جميل قد انتشرت في الهواء , في الغابة وفي جميع انحاء انكلترا .
اقترب رولاند من ليو ومايا التي كانت تمسح دموعها وقال
:- اذن ... من سوف يحكم المملكة الان ؟؟
نظر كلا من ليو ومايا اليه وبصورة مفاجئة تعالت ضحكتهما الغبية المسرورة على سؤال رولاند ذاك مما جعله يضحك معهما ايضا .
في ذلك الحقل الواسع الكبير المليء بزهور عباد الشمس المشرقة , جرت تلك الطفلة الجميلة ذات الشعر الاشقر وهي تصرخ بسرور على الرجل الذي يمشي خلفها
:- ابي هيا بنا علينا ان نصل الى القلعة بسرعة
ضحك والدها وهو يمشي بتثاقل وقال بتعب :- كاترينا ما بك مستعجلة هكذا !!
اجابت الطفلة مع ابتسامة عريضة وجميلة على وجهها :- انا فقط متشوقة لرؤية ويل !!
ابتسم والدها :- لكن والدتك مرهقة .. لا تنسي انها حامل يا حلوتي
كانت الام تمشي خلفهم بتعب وهي مبتسمة , توقفت الفتاة ونظرات الذنب على وجهها حين لمحت العرق على جبين والدتها , اقتربت ببطيء منهم وقالت
:- اسفة ساكون حذرة .. ولن ابتعد كثيرا !!
امسك الاب بيدها وحين اقتربت الام منهم امسكت بيدها الاخرى , وسار الثلاثة نحو تلك القلعة وهم يراقبون زهور عباد الشمس وهي تتطاير مع الريح .
في القلعة وامام باب احدى الغرف كان هناك رجل يمشي بتوتر في دوائر مما سبب الانزعاج للاشخاص الذي كانوا واقفين يراقبونه
:- جلالتك ليو تمالك اعصابك !!
ناداه احد الواقفين وعلامات الانزعاج واضحة على وجهه , رد ليو بخوف
:- لا يمكنني .. لانس انا فعلا لا استطيع !!
اقترب فتى صغير منه وقد كان تقريبا بعمر التسع سنوات وقال
:- ابي لا تخف ستكون امي بخير فهي قوية !!
حينها سمع الكل صوت رجولي مستهزء يقول
:- استمع لولدك يا ليو انه يبدو اكثر نضجا منك !!
نظر الجميع الى مصدر الصوت واذا به ذلك الرجل الذي كان مع طفلته وزوجته وهم متوجهون للقلعة , ابتسم الطفل حين لمح كاترينا كما ابتسمت هي , اقترب الاثنان نحو بعضهما وبدآ يضحكان , بينما اقترب ليو من الرجل وقال
:- رولاند الا يمكنك ان ترى كم انا قلق !!؟؟
ضحكت لورا الواقفة قرب رولاند ورددت :- تتحدث وكانك لم تمر بهذا من قبل !!
صوت بكاء لطفل , اوقف الجميع عن الكلام وجعلهم كلهم ينظرون نحو الباب , اقتربوا كلهم من الباب , سكت صوت الطفل بعد لحظات وبعد ثوان اخرى فتح الباب وخرجت سوزي من الباب
:- يمكنكم الدخول الان !!
حالما دخلوا حتى رؤوا مايا جالسة على سرير ابيض في غرفة بيضاء تماما واشعة الشمس تشرق عليها من النافذة وهي تحمل بيدها ذلك الطفل حديث الولادة الملفوف بقطعة قماش بيضاء اللون , ابتسمت لهم بكل سعادة وقالت للطفل بين ذراعيها
:- حسنا يا حبيبي .. اريدك ان تقابل اباك ليوناردو .. واخوك الاكبر ويليام .. اضافة الى عمتك لورا .. وزوج عمتك رولاند .. وابنتهما كاترينا .. وصديق والدك لانس وزوجته سوزي ....... يا الهي هناك الكثير من الاشخاص لكي تتعرف عليهم !!
ضحك الجميع بسعادة ما عدا ليو الذي كان لا يزال مبهور بتلك الابتسامة , اقترب من السرير ببطيء ثم جلس على حافته , وضع شفتيه على جبين مايا ثم منحها قبلة رقيقة وردد بسعادة
:- شكرا لك .... يا ملكتي !!
السعادة ليست شيئا يمكن الحصول عليه بسهولة ,
فلكي تحصل عليها يجب عليك ان تعمل من اجلها ,
كلما احببت ما تقوم به كلما شعرت بالسعادة ,
وكلما شعرت بالسعادة فسوف تبتسم ,
ابتسامتك تلك سوف تجلب الفرح للجميع ,
لهذا السبب , ابتسم , مثل الاطفال ,
لكل الاسباب ولاتفه الاسباب ,
فليس هناك تعاسة في هذا العالم الا اذا كانت ملحقة بسعادة
لهذا السبب ..... ارني ابتسامتك !!
النهاية
شكرا لكل من دعمني وساندني وانتقدني عشان اتطور
اودع هذه الرواية مع دموع في عيني
لقد كتبتها خلال 3 سنين
انا فعلا لا اعرف ما اقوله
لهذا السبب دعوني الخص بكواليس الرواية لتوضيح معناتي في كتابة النهاية
الكواليس
في غرفة مظلمة مبعثرة الاغراض ولا يمكن رؤية شيء فيها سوى من خلال ضوء ضعيف لشاشة الحاسوب التي كانت تنير جزء بسيط , جلس امام الحاسوب خيال مخيف واضح عليه انه لفتاة , كانت الفتاة تأن بصوت مرعب وهي تحاول بصعوبة ان تضع يدها على لوحة المفاتيح لكي تكتب تلك الرواية , الرواية التي استمرت في كتابتها على مدار الثلاث سنين الماضية , لقد تابعت لعن خيالها الذي ياتي لها بالمزيد والمزيد من الروايات حتى وصلت الى عدد لا يحصى منها وشعرت بالاحباط من انهاء اي واحد منها , ولكن الان وبعد ثلاث سنين قد شارفت على انهاء واحدة اخرى , لمعت فكرة اخرى للنهاية في راسها , لكن الفكرة سرعان ما تلاشت بسرعة , شعرت بالاحباط والقت بنفسها على الفراش خلفها
انغمست في ظلمة انها لن تنهي الرواية ابدا ولكن صوت لبطل الرواية اوقف انغماسها في الظلمة
:- الى متى سوف تبقين كسولة هكذا ؟؟!!
نظرت الفتاة الى ذلك البطل وقالت :- ليو عليك مسامحتي لا يمكنني فعل هذا !!
:- ماذا تقصدين ؟؟!!
ظهرت علامات الجنون على الكاتبة وبدات بالبكاء بدموع شلالية وهي تقبض علي يديها بقوة
:- لقد فتحت الرواية للمرة الثالثة اليوم ولكنني لا استطيع المتابعة ليست لدي اي فكرة عن ما سوف اكتبه انا فقط فقط لا اعرف ... هل علي ان اقتلك في النهاية .. او اجعلك تعيش .. ماذا سيحدث
تابعت بكائها وشكواها وهي تحاول تجنب النظر الى ليو الذي بدا يشعر بالاحباط بسببها اقترب منها ليو وامسكها من كتفيها واخذ يهزها وهو يصرخ فيها موبخا
:- تماسكي يا فتاة !! .. اعني ... لقد كنتي تكتبين الرواية من ثلاث سنين ما الصعب الان في نهاية سخيفة ؟؟؟
بادلته الكاتبة بنفس الصراخ :- اذا كان من السهل عليك هذا اذن هيا تفضل واكتب النهاية بدل عني
ثم اشارت بغضب نحو جهاز الحاسوب المحمول الموضوع على طاولة صغيرة
شعر ليو بالاحباط واقترب من جهاز الحاسوب وهو لا يعرف كيف يستخدم هذا الشيء حتى
:- ما هذا الشيء ؟؟
نهض بشجاعة وبدات يصرخ مجددا في الكاتبة
:- ولماذا تريديني انا ان اكتبها اعني انتي الكاتبة لست انا .. انا مجرد شخصية من عقلك الباطن .. انت من كنت كسولة للغاية للكتابة ( بدات كلماته تنزل كالسهام عليها ) .. انت كسول .. ومتكاسة .. ومزعجة ... وتحاولين ايجاد اي سبب يمنعك من الكتابة .. اقصد هل هناك كاتب في هذا العالم يستغرق هكذا وقت في كتابة رواية ... مجرد النظر لك يصيبني بالاحباط
جلست الكاتبة باحباط في احد جوانب الغرفة وقد تقلص حجمها واخذت تحفر الارض باصبعها وهي ترسم دوائر
:- لا اصدق ان احد شخصيات رواياتي قد وبخني !!
وبدات بقول كلام همهمة جعلت ليو منزعج كثيرا .. تنهد بتعب وقال
:- ما رايك ان تشاهدي احد الانميات ؟؟ .. ربما ياتيك الالهام بعدها كالعادة !!
ادارت وجهها نحوه ولمعت عينيها وبسرعة توجهت نحو الحاسوب
( بعد 5 ساعات من مشاهدة انمي الخادم الاسود )
انزلت الكاتبة سماعات الاذن وراسها يدور ولكن عينيها كانت مشرقتان بقلوب كبيرة
اقترب ليو منها بحذر
:- اذن ؟؟!!
نهضت الكاتبة وعينيها لا تزال على شكل قلوب ثم قالت
:- ااااه سيباستان .. انه فعلا شيء في منتهى الروعة وجمال ... يا له من ....
عندها لمعت فكرة داخل راسها .. اقتربت من ليو وقالت بصراخ مسرور
:- ليو ليو ... الالهام ... انه ياتيني بسرعة
:- اجل اجل بماذا فكرتي ؟؟
:- حسنا ما رايك ان اجعل سوزي مقاتلة من بعد اخر !!؟؟
مباشرة سكت ليو واظلم وجهه وهو يرى السعادة على وجهها ثم بسرعة عصر راسها داخل قبضتيه القوتين وهو يقول بغضب
:- ماذاااااااا ؟؟؟؟..... بعد خمس ساعات هذا هو الهامك ؟؟؟ هل تمزحين معي يا صغيرة !!
صرخت الكاتبة باعلى صوتها :- ااااااااه اتركني ليو ان راسي يؤلمني
:- سوف اكسر عظام جمجمتك لعل الافكار تخرج منها عندها
حين سمعت الكاتبة كلمة تكسير اتتها فكرة اخرى
:- تكسير !! ... اذن ماذا عن ... ان اكسر خلايا ماركيز !!
اعجبت هذه الفكرة ليو فقال :- وكيف ستفعلين هذا ؟؟!!
:- اممممممممم .... لا اعلم
اعاد ليو تكسير جمجمتها
:- يبدو ان هذا الطريقة نافعة ... هيا فالتاتي بفكرة يا كسولة !!
ابعدت الكاتبة يدي ليو بعد ان احست باحد عظام جمجمها قد كسرت , مشت في انحاء الغرفة ثم قالت ببطئ
:- لقد ....... اتتني ........ فكرة ... !!
جلست على حاسبها مجددا واخذت تكتب الاحداث وليو يشاهدها في شاشة عرض فوقه وهو يقول
:- لو كنت اعلم ان الالهام سياتيك هكذا لكنت كسرت جمجمتك في الثلاث سنين الماضية بدل من توبيخك !!
بعد 10 دقائق , كتبت كلمة النهاية اخيرا على الرواية واخذت تبكي بقوة وبدموع شلالية كثيفة وقد احست بتكسر اصابعها وبصوت ضعيف متعب قالت
:- اخيرا انهيتها
ظهرت علامات الرضى على وجه ليو فقال مع ابتسامة عريضة على وجهه
:- اخيرا فعلتها .... انا فخور بك
وفجاءة ومن اعماق اعماق عقل الكاتبة الباطن ظهر سيباستيان امامهم وقال وهو يضحك ضحكة شريرة متمثلة بصوت " مواهاهاهاهاها" ثم قال
:- بما ان ماركيز قد مات فسوف اكون انا الشرير التالي
ضرب ليو على جبينه بقوة كعلامة على الاحباط
تحولت عيون الكاتبة الى قلوب مجددا واقتربت من سيباستيان وهي سعيدة , وما هي الا لحظات حتى لبست زي الخدم مثله واخذت تردد عباراته الشهيرة معه وهما غير مهتمين بمن حولهما ومن العبارات التي رددوها
" لاني كبير خدم شيطان " .. , وايضا .. " كيف اكون كبير خدم اسرة فانتموهايف وانا لا استطيع فعلا هذا " واهم عبارة كانت " نعم يا لوردي "
كان ليو يحدق فيها وهو يشعر بالغباء وهالة مظلمة غاضبة حوله , حتى اتاه لانس من الخلف ووضع يده على راسه ثم اتكأ عليه وقال
:- استسلم يا صديقي ليس هناك شيء تستطيع فعله بشان هذا !!
تنهد ليو باحباط وحك راسه اخذ كلاهما يشعران بالغباوة التي اخذت تفيض بشكل مرعب من الكاتبة التي استدعت كل قدراتها التخيلية لكي تحول نفسها الى قطة حتى يعجب بها سيباستيان ثم تناديه بصوت قطة ظريفة " مياو " نظر ليو الى لانس وقال وهو يشير نحو الكاتبة
:- هيه ... هل تصدق ما تفعله هذه الغبية ؟؟؟
تنهد لانس بصعوبة بالغة وهز راسه كعلامة على التعب ثم رد
:- انا مثلك حائر في امري
لم يستطيعا فعل شي للكاتبة المجنونة فمشيا مبتعدين تاركين اياها غارقة في احلام يقظتها الخاصة
النهاية . |