عرض مشاركة واحدة
  #68  
قديم 03-03-2008, 09:43 AM
 
رد: منة الرحمن في نصيحة الإخوان

يكاد يتفق كل من تكلم في هذه المسألة من المنتسبين إلى السنة على أن في المسألة تفصيلاً، فثمة حالات يكون فيها أكبر وحالات يكون فيها أصغر، ولكن ما الضابط بين الحالتين؟
من المعلوم أن الكفر الأكبر في هذا الباب وفى غيره هو الأقوال والأفعال التي تدل على انخرام الباطن لقوله -تعالى-: (وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا) (النحل: 106) ، وهذه قد يعبر عنها بالاستحلال، ولكن متى ذكرنا الاستحلال بهذا المعنى فهو يشمل كل صور انخرام الباطن سواء بالتكذيب أو الإعراض أو الاستحلال، وأما من قصد الاستحلال على تسمية الحرام حلالاً فيوجد أنواع من الكفر الأكبر لا ينطبق عليها وصف الاستحلال، كما في كفر إبليس الذي اعترض على الله -عز وجل- ورد حكمه، وإن لم يكذب ربه -عز وجل-، ولم يسم فعله حلالاً، ولكنه رأى أن حكمه هو أحسن من حكم الله.

فهذا مما لا بد من التأكيد عليه في معنى الاستحلال.
وثمة مسألة أخرى، وهي هل تبديل الشريعة وتشريع القوانين الوضعية تشريعاً عاماً بدلاً منها يعد استحلالاً ويعد كفراً أكبر؟
لا شك أن تبديل الشريعة لا يكون إلا استحلالاً بالمعنى الذي بيناه لكلمة الاستحلال، فإن المبدل للشرع كتشريع عام للناس لا يتصور أن يفعل ذلك إلا إذا كان يجحد أن لله حكماً في هذه المسألة التي يشرع فيها، أو يقر بوجود حكم في دين الله، ولكن يرى أن هذا الحكم الوضعي أحسن منه أو مساو أو على الأقل يرى أنه لا يلزمه أن يحكم بشرع الله، وكل هذا ينطبق عليه وصف الاستحلال.
وأما إذا ضم إلى ذلك إلزام الغير به، فهذا تجاوز مرحلة استحلال الحكم بغير ما أنزل الله إلى تحريم الحكم بما أنزل الله.
وهذه هي الأنواع الخمسة التي ذكرها الشيخ محمد بن إبراهيم في فتواه المشهورة في ذلك "تحكيم القوانين" وضم إليها عادات البدو حتى لا يتوهم متوهم أن من شرط القانون الذي يحكم عليه بأن تشريعه كفر أكبر أن يكون مكتوباً بل من الممكن أن يكون متعارفاً عليه.
وهذا الذي ذكره الشيخ محمد بن إبراهيم تابع فيه أهل العلم قبله، بل تابع فيه إجماع أهل العلم قبله، ووافقه عليه طائفة كبيرة من أهل العلم بعده.
فممن ذكر أن التبديل استحلال وأنه كفر شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية، حيث يقول: "ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر، فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر، فإنه ما من أمة إلا وهى تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرها، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله -سبحانه وتعالى- كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر. فكثير من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك، بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار وإلا كانوا جهالاً" ا.ه.
وهذا النقل عن شيخ الإسلام يوضح بجلاء أن كل من جعل شرعاً عاماً متبعاً فإنه لم يجعله كذلك إلا لأنه يراه هو العدل ولذلك يسمى مستحلاً
أما ما ذكرت عن الشيخ العثيمين رحمه اله فليس فيه نسخ لكلامه السابق ولا يقرر فيه أن التبديل للشرع ليس كفرا - حتى مع ذكر التاريخ -
لأن الشيخ هنا يتكلم عن الأعيان ونحن إنما نتكلم عن الأنواع فينبغي أن نقرر أن تبديل الشرع وإلزام الناس بدستور خلاف الشرع كفر هذا من حيث النوع أي حكم المسألة أما من حيث الأعيان فليس كل من فعل ذلك يكون كافرا لأن التكفير لابد فيه من استيفاء شروطه (كالعلم ,القصد,الاختيار,البلوغ والعقل وغيرها) وكذلك لابد من انتفاء موانعه (كالجهل ,الإكراه,الخطأ,النسيان,الصغر والجنون ونحو ذلك )
والذي يستوفي هذه الشروط وتلك الموانع إنما هم أهل العلم والقضاة الشرعيين هم الذين يحكمون على الشخص المعين بالكفر أو عدمه وليس طلبة العلم بله آحاد الناس من العوام
قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله - مفتي الديار السعودية السابق وشيخ العلامة ابن باز رحمه الله في رسالته تحكيم القوانين :النوع الخامس - من الكفر الأكبر -:
وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه ومشاقة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم مضاهاة القوانين الوضعية بالحكم الشرعي فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات من الكتاب والسنة فلهذه المحاكم الوضعية مراجع هي القانون الملفق من شرائع شتى كالفرنسي والأمريكي وغير ذلك )
وقال رحمه الله أيضا ( إن من الكفر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب رسوله ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين في الحكم به بين العالمينوالرد إليه عند تنازع المتنازعين )(تحكيم القوانين ص:5 )
قال ابن كثير -رحمه الله - عن أناس أسلموا من التتار لكنهم كانوا يحكمون ويتحاكمون إلى الياسق وهو دستور وضعه لهم جنكيز خان فقال في تفسير قوله تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون )
ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر , وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والإصطلاحات التي وضعها الرجال بآرائهم بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق وهو كتاب مجموع من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والشريعةالإسلامية وكثير من الأحكام أخذها بمجرد هواه فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بالكتاب والسنة
فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير )
وقال رحمه الله في البداية والنهاية بعد أن ذكر شيئا من هذا الياسق وبعضا من أحكامه :فمن ترك الشرع المحكم المنزل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمه عليه من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ) ا.ه (13\128)
فكيف بالياسق العصري الحديث؟؟
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله ( إن الذين يتبعون القوانين التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله على ألسنة رسله أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم ) (أضواء البيان :4\83)
ومن أعجب ما رأيت تعليقك على كلام شيخ الإسلام
وقال شيخ الإسلام ( 35/388) (( الحاكم إذا كان دينا لكنه حكم بغير علم كان من أهل النار وإن كان عالما لكنه حكم بخلاف الحق الذى يعلمه كان من أهل النار وإذا حكم بلا عدل ولا علم كان أولى أن يكون من أهل النار وهذا إذا حكم فى قضية معينة لشخص وأما إذا حكم حكما عاما فى دين المسلمين فجعل الحق باطلا والباطل حقا والسنة بدعة والبدعة سنة والمعروف منكرا والمنكر معروفا ونهى عما أمر الله به ورسوله وأمر بما نهى الله عنه ورسوله فهذا لون آخر يحكم فيه رب العالمين ))
فانظر كيف توقف في المشرع العام ولم يجزم بكفره ولو كان كافراً بإجماع لما تردد في الحكم عليه

؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!
أفيحكم شيخ الإسلام على الإصناف السابقة السابقة- وهم أقل شرا من هذا النوع - بالنار ثم تقول إنه توقف في هذا النوع مع ما عدد من مصائبة وكفره ؟؟؟!!!
سبحان ربي العظيم
أظن أي قاريء سيفهم من سياق كلام شيخ الإسلام أن هذا النوع أشد وعقوبته أعظم وأغلظ
والله المستعان
وانا لا أود أن نشوش أذهان الناس بالنقاشات والسجالات فإني ما وضعت الموضوع لذلك وإنما وضعت نصيحة مختصرة لنفسي ولإخواني لبيان العقيدة ويمكنك طرح ماتحب من موضوعات ومسائل في مواضيع مستقلة في غير هذا الموضوع وجزاكم الله خيرا
__________________
كل خير في اتباع من سلف
وكل شر في ابتداع من خلف
رد مع اقتباس