03-03-2008, 01:20 PM
|
|
كنت لك كأبي زرعٍ لأم زرع بقلم: سوسن مصاروة - مدرّسة في كلية الدعوة والعلوم الاسلامية - امالفحم طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل، لذلك كثرت احاديث النبي صلىالله عليه وسلم في التعامل برفق مع المرأة، ولا بأس ان نذكر بها في كل لقاء، حتىتبقى هذه الجواهر المحمدية ماثلة امام اعيننا لتبقى المحبة بين الأزواج، ويبقى بناءالأسرة متين الأساس، شامخا لا تهزه عاصفة هنا وزوبعة هناك. ومن هذه الجواهر قوله صلى الله عليه وسلم:" استوصوا بالنساء خيرافإنهن خلقن من ضلع، وان اعوج شيء في الضلع اعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وان تركتهلم يزل اعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا". وقوله كذلك:" رفقا بالقوارير" وقال في حجةالوداع:" واستوصوا في النساء خيرا فإنهن عندكم عوان، لا يملكن لأنفسهن شيئا"،فالضلع ان اردت اصلاحه كسرته والقارورة ان كسرت، هل تعود كما كانت من الصفاءوالنقاء والجمال؟! المرأة- ايها الزوج الكريم- جبلت على كثرة الكلام وحب التفاصيلفي كل امور حياتها، تجد في الكلام متنفسا لها لتفريغ كل الضغوطات التي تعيشها فيبيتها، ما بين عمل البيت وتربية الأولاد، ولربما عمل خارج المنزل، هي بحاجة لمنيسمعها دائما ويشاركها همومها- ولكن على ان لا يكون في الكلام غيبة وتجريح للأشخاص- فهل انت اخي الزوج ممن يحسن الاصغاء الى زوجته؟ هل تعطي اهلك سواء كانت الزوجة امالأولاد الوقت الكافي لسماع شكواهم وحتى احاديثهم ومحاورتهم وحل مشاكلهم؟ ام انكممن يقولون ليس لدي الوقت الكافي لاستمع لأحاديث النساء، هناك ما هو اهم، عليواجبات ملزم بإنهائها .... اذن فمتى تجلس مع عائلتك؟! انظر الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حبيبك وقدوتك في امورالدنيا والآخرة، رجل الدولة الاسلامية الأول، وصاحب المهمات العظام الجسام، كيف كانمع اهله يستمع اليهم ويؤانسهم. جلست اليه ام المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- ذات يوم وقالتتحدثه:" جلست احدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ان لا يكتمن من اخبار ازواجهنشيئا. قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث على رأس جبل، لا سهل فيرقى، ولاسمين فينتقل. قالت الثانية: زوجي لا ابث خبره، اني اخاف ان لا اذره، ان أذْكُرْهُاذكر عَجَرَه وبَجَرَه. قالت الثالثة: زوجي العشنَّق، ان أنطقْ أطلَّقْ، وان أسكتأُعلّقْ قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر ولا مخافة ولاسآمة. قالت الخامسة: زوجي ان دخل فهد، وان خرج اسد، ولا يسأل عما عهد. قالتالسادسة: زوجي ان اكل لف، وان شرب اشتف، وان اضطجع التف ولا يولج الكف ليعلمالبث. قالت السابعة: زوجي غياياؤ او عياياءُ، طباقاء، كل داء له دواء،شَجَّكِ او فَلّكِ او جمع كلا لكِ. قالت الثامنة: زوجي المسُّ مس ارنب والريح ريحزرنب، قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت منالناد.قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك. مالك خير من ذلك، له ابل كثيرات المبارك،قليلات المسارح، واذا سمعن صوت المزهر ايقنَّ انهن هوالك. قالت الحادية عشرة: زوجي ابو زرع فما ابو زرع! اناسَ من حلياذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت الي نفسي، وجدني في اهل غنيمة بشق، فجعلني فياهل صهيل واطيط، ودائس ومُنِقّ فعنده اقول فلا اقبح وارقد فاتصبح واشرب فاتفتح.امابي زرع فما ام ابي زرع عكومها رداح، وبيتها فساح، ابن ابي زرع فما ابن ابي زرع،مضجعه كمسل شطبة ويشبعه ذراع الجفرة، بنت ابي زرع فما بنت ابي زرع، طوع ابيها، وطوعامها، وملء كسائها وغيظ جارتها، جارية ابي زرع فما جارية ابي زرع، لا تبث حديثناتبثيثا ولا تنقث ميرتنا تنقيثا ولا تملأ بيتنا تعشيشا. خرج ابو زرع والأوطاب تمخض،فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها،فنكحت بعده رجلا سريا، ركب شريا وأخذ خطيا وأراح علي نعما ثريا، وأعطاني من كلرائحة زوجا، وقال كلي ام زرع وميري اهلك. فلو جمعت كل ما اعطاني ما بلغ اصغر آنيةابي زرع. قال صلى الله عليه وسلم:" كنت لك كأبي زرع لأم زرع"( رواهالبخاري) هذه الرواية الطويلة لست ارويها الا من اجل الفائدة، وان نتعلممن كلام الحميراء الشيء الكثير. فحديث هؤلاء النسوة يبين عشرة الرجل لزوجه، فمنهمالمسيء ومنهم المحسن، منهم الفالح في معاملته، ومنهم الفاشل. تحدث العلماء عن هذا الحديث من جميع جوانبه واستنتجوا عشراتالفوائد في حسن العشرة، ومن ذلك ما قاله بعض المتأخرين:" يجب على الرجل ان يستجيبلطبيعة المرأة التي لا يمكن ان تتغير فيها، مثل طبيعة حب الحديث، لذا يحتم عليهسماع حديث زوجته وان يظهر تجاوبا واهتماما لذلك، وعلى الرجل ان يقدر ما تعانيهالمرأة طوال النهار من عنت في البيت ومع الأبناء، فإذا ادرك الزوج طبيعة المرأة علمان الكلام عندهن شهوة .." وهذا ما اوضحه امير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي اللهعنه- في لين معاملته لزوجته وصبره على كلامها. جاء رجل الى عمر يشكو سوء خلق زوجتهاليه فوقف على بابه ينتظر خروجه، فسمع امرأة عمر تخاصمه وتعاوده بلسانها وعمر ساكتلا يرد عليها. فانصرف الرجل راجعا، فناداه عمر، فقال الرجل: يا امير المؤمنين جئتاشكو اليك زوجتي فسمعت ما كان من زوجتك، فقال عمر :" يا اخي، اني احتملها لحقوق لهاعلي، انها طابخة طعامي وغاسلة ثيابي ومرضعة اولادي، وليس ذلك بواجب عليها فأنااحتملها لذلك". فإن كانت كذلك افلا تعطيها جزءا من الوقت لسماعها، وتصبر علىكلامها وتؤنسها بما تحب هي!! الا تكون كالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كانت توقفه بعض النساءتحادثه فلا يضجر ولا يتأفف، فكيف لو كانت هذه المرأة هي الزوجة الحبيبة مديرةالمنزل ومربية الأولاد؟! ولنعد الى ام زرع، كيف كانت معاملة زوجها لها؟ حتى ان النبي تشبهبه؟! باختصار،حلاّها بالذهب والفضة، لم يبخل عليها بطعام حتى سمنت،كان يداعبها من فرط حبه لها فتفرح بذلك، ويكرمها فتأنس بكلامه، يسمع كلامها ولايرده، لا تعبأ بعمل المنزل فهناك من يخدمها ... وشاءت الأقدار ان يتزوج غيرهافيطلقها ... ثم تزوجت ام زرع سيدا شريفا كريما احبها وأعطاها ما ارادت واشتهت،ولكنها لم تنس فضائل زوجها الأول " لو جمعت كل شيء اعطانيه ما بلغ اصغر آنية ابيزرع" . ايها الزوج المبارك، ليس ابا زرع كرسول الله صلى الله عليه وسلم،وهذا ما افصحت عنه عائشة لما قال لها ما قال، فقالت:» بل انت خير من ابي زرع" قال: " نعم فقد طلقها ... وانا لا اطلقك" فكن اخي الزوج كأبي زرع في معاملتك لزوجتك، وكن كنبي الهدىوالرحمة في حسن استماعه لزوجته وجميل اخلاقه مع اهل بيته |