العبادات والزمن
د. ليلى قطب
توضح الدكتورة ليلى قطب، رئيس قسم العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، المغزى من الإشارات القرآنية للزمن والوقت فتقول: "أعطى القرآن الكريم أهمية بالغة للزمن، فقد ارتبطت معظم العبادات في التشريع الإسلامي بمواعيد زمنية محددة وثابتة كالصلاة والصيام والحج؛ بحيث إن أداءها لا يتحقق إلاّ عن طريق الالتزام بأوقاتها حسب اليوم والشهر والسنة.
ولقد وردت في القرآن الكريم عدة آيات يقسم فيها الله تعالى بالزمن ومكوناته؛ الأمر الذي يشير إلى الأهمية الكبيرة التي أولاها الله سبحانه وتعالى للزمن، وأنه من القضايا المقدسة في الحياة، والتي يجب النظر إليها نظرة واعية متفهمة؛ باعتبار أن الله تعالى اتخذها عنواناً يقسم به على أهمية الحقائق التي يريدها. فقال تعالى في سورة العصر: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، وفي سورة الضحى: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إذا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}، وفي سورة الليل: {وَاللَّيْلِ إذا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إذا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}، وفي سورة الشمس: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إذا تَلَاهَا* وَالنَّهَارِ إذا جَلَّاهَا* وَاللَّيْلِ إذا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}".
وتستنكر د. ليلى تَعَوُّدَ عدد غير قليل من المسلمين على إهدار الوقت في التسلية، ويعللون ذلك بقتل وقت الفراغ لديهم، فتقول: "ألا يعلم هؤلاء أن الوقت هو الذي يقتلهم، فاللحظة التي تنقضي تذهب بلا رجعه، والصحة لن تظل أبد الدهر، والعاقل هو الذي يغتنم كل لحظة من عمره في طاعة الله والتقرب له.
وإذا نظم المسلم وقته استطاع أن يحقق أهدافه، ويصل لغايته دون إجحاف بحق من الحقوق الواجبة عليه. وكثير من الصحابة والمسلمين الأوائل الذين سجلوا نجاحات باهرة في ميادين الحياة المختلفة؛ استطاعوا أن ينظموا أوقاتهم".