اليابان , طوكيو . الساعة السادسة صباحا .
كان صباحا مثلجا على تلك المدينة و رغم البرد و الثلج المتساقط لكن الأطفال كانوا يمشون نحو مدارسهم , منهم من يمشي نشيطا و سعيدا و آخرون يمشون بكسل و يتثائبون بسبب سهرهم الليلة الماضية في مشاهدة الأفلام أو لعب ألعاب الفيديو , ومنهم من كان ساهرا يحل واجباته و يذاكر دروسه , أصناف كثيرة من الناس شخصيات متفرقة لكنهم كانوا يتجهون لنفس المكان .
بتلك القمصان البيضاء و البنطلونات السوداء للفتيان و التنانير القصيرة السوداء المخططة بالأبيض للفتيات , ذلك الزي المميز لأكاديمية [لويس] , كل من رآهم يعرف أنهم ينتمون لتلك الأكاديمية المرموقة .
لكن أحد من ينتمون لتلك الأكاديمية كان لا يزال نائما في فراشه ملتفا بذلك الغطاء الدافئ يأبى النهوض حتى مع ندائات امه المستمرة له , أجبرها عناد ابنها على الدخول لغرفته عنوة فقد كان يغلقها بالمفتاح .
الأم : إلى متى ستبقى مستلقيا ؟ ستتأخر عن المدرسة يا آتيم .
همس بصوت ناعس : أمي , خمس دقائق أخرى أرجوك .
الأم : هيا انهض , تبدو كالقطة و أنت ملتف بالغطاء هكذا .
آتيم : الجو بارد سأمرض , هل تقبلين لابنك الوحيد أن يمرض ؟
الأم : كف عن سخافاتك , انظر من النافذة الجميع يذهبون للمدرسة حتى في هذا الجو , كيف يحتملونه و أنت لا ؟
آتيم : ولما لا تسألينهم ؟
تنهدت الأم بتعب قائلة : هيا انهض ستتأخر .
آتيم بدلال : أمي , لا أريد الذهاب اليوم , أرجوك .
الأم : لست مريضا هيا انهض .
آتيم : بل مريض , اشعر أن حرارتي مرتفعة و معدتي تؤلمني قليلا .
الأم : هذا لأنك بقيت مستلقيا عليها طول الليل , سأذهب الأن للعمل لا أريد من معلمتك أن تتصل بي و تسألني عن سبب غيابك مجددا , هل فهمت ؟
آتيم بعد أن علم أن لا مفر من ذهابه للمدرسة : حاضر حاضر , سأذهب .
الأم : جيد , أراك لاحقا اذا .
ما إن سمع صوت اغلاق باب الشقة حتى رفع الغطاء عن رأسه فظهر ذلك الشعر الشائك الغريب ذو الثلاثة ألوان , من الخلف كان شعره باللون الأسود كظلمة الليل و أطرافه باللون الأحمر المائل للبنفسجي أما خصلات شعره الأمامية كان باللون الأشقر الذهبي الذي أضفى لمسة جميلة على بشرته السمراء و عينيه اللتان تبدوان كأحجار الياقوت القرمزية .
نهض من الفراش وهو يفتح أزرار قميصه الأسود ليبدل ثيابه و يذهب لمدرسته , ارتدى قميصا أبيض اللون مع بنطال أزرق قاتم اللون قليلا و مع معطف بنفس اللون لكن ذلك لم يمنع البرد من الوصول لعظامه فارتدى معطفا أخر بني اللون و وشاحا أسود و قبعة سوداء لتخفي شعره الملون , حمل حقيبته و خرج من المنزل ركضا حتى يصل في الوقت المناسب .
وصل في آخر لحظة قبل رن الجرس بلحظات فدخل الصف من فوره و جلس في مكانه بالخلف بجانب النافذة , لم يتحدث أحد معه أو يلقي التحية عليه , وهو بالمقابل لم يتحدث مع أحد , ما السبب ؟ , أنتم لا تعرفون حتى الآن لكنكم ستعرفون قريبا .
مرت الثلاث الحصص الأولى بدون أن يفتح آتيم فمه و يتحدث مع أحد و جميع من في صفه كان يتجاهله تماما عدا المدرسين , مع أن آتيم يعتبر من أوسم الفتيان في الأكاديمية إلا أن أحدا لا يتحدث معه .
حان وقت الاستراحة فاستدعت المعلمة المسؤولة عن صف آتيم إلى مكتبها .
المعلمة : آتيم , اجلس قليلا .
جلس آتيم و قال : هل هناك ما تريدين محادثتي به ؟
المعلمة : أجل , أرى أنك منعزل عن زملائك في الصف , لا تتحدث مع أحد ولا أحد يتحدث معك .
آتيم : ليس لدي يد في ذلك , من يريدني فليتحدث معي أنا لن أقتلهم .
المعلمة : أعرف ذلك , و لهذا السبب يجب أن تدخل في بعض النشاطات اللاصفية , سنقوم برحلة تخييم بعد شهر ما رأيك أن تذهب معنا ؟ ستكون فرصة للحديث معهم .
آتيم : لا أحب الرحلات هذه , ثم أليس من الأفضل أن ندرس بالصف بدلا من تضييع الوقت في اللهو و اللعب ؟
المعلمة : علاقاتكم الاجتماعية تهمنا أيضا , كمعلمة لك يتوجب علي أن أقوم بذلك .
آتيم : عذرا يا استاذة لكني لا أرى سببا من الاستمتاع مع اشخاص لا يطيقون رؤيتي , من الأفضل لي أن أبقى أذاكر في غرفتي على تلك الرحلة , آسف لكني لن أذهب .
المعلمة : آتيـ..
قاطعها قائلا : آسف لكن الاستراحة على وشك أن تنتهي , عن اذنك .
خرج آتيم فتنهدت المعلمة قائلة : لما يفعل هذا بي ؟ ما الذي فعلته له ؟
خرج آتيم من غرفة المعلمة و ذهب ليجلس على أحد المقاعد بالساحة يشرب الشوكولا الساخنة ليدفئ نفسه بهذا الجو ممسكا في يده كتابا يقرأه و قد بدا مندمجا مع الكتاب بيده لدرجة أنه لم يلحظ قدوم ذلك الفتى ناحيته , لكنه انتبه حالما غطى ظل الفتى الكتاب فالتفت أتيم ليرى طالبا في السنة الثالثة و قد عرف ذلك من الدبوس الذهبي على قميصه الذي يرتديه طلاب السنة الثالثة , طلاب السنة الثانية يرتدون دبوسا فضيا و السنة الأولى يرتدون دبوسا برونزيا .
كان لذلك الفتى شعر أبيض ثلجي و عينان رماديتان حادتان , ذو بشرة بيضاء و يرتدي نظارة ذات حواف فضية .
بجانبه يقف طالب في السنة الثالثة أيضا , له بشرة بيضاء شاحبة قليلا و شعر بنفسجي طويل يغطي ظهره كاملا و له عينان بنفسجيتان هادئتان تبعثان الطمأنينة في النفس .
تحدث الفتى ذو الشعر الأبيض و قال : هل لي بلحظة معك ؟
وقف آتيم و قال : بالتأكيد .
الفتى : انا ادعى ايزومي سوو , رئيس مجلس الطلبة لأكاديمية لويس , أنت آتيم أكنم صحيح ؟
آتيم : أجل أنا هو , هل هناك مشكلة ما ؟
ايزومي : على ما أتذكر فأنت ابن عمة لوتس لورانس التي تدرس بالصف الثاني شعبة " ب" .
آتيم : أجل أنا هو ابن عمتها , لما تسأل؟
ايزومي : لوتس لم تحضر أي من حصصها الدراسية لهذا الاسبوع , لذا أرجو منك أن تبلغها أنها إن لم تأتي فستفصل .
تحدث الفتى ذو الشعر البنفسجي و قال : ايزومي توقف عن التعامل و كأنك مدير الأكاديمية .
ايزومي : كايتو أرجوك اصمت .
كايتو ابتسم و من ثم تحدث مخاطبا آتيم : آسفون لمقاطعة فترة استراحتك لكننا فقط كنا قلقين على قريبتك لوتس , هل تعلم لما تتغيب عن المدرسة كثيرا هكذا ؟
آتيم : في الواقع لا اعلم , لكن السنة الماضية توفيت والدتها من المفترض أنها قد تخطت الأمر الآن .
كايتو بلطف : اذا لو سمحت فلتقم بزيارة لها و تطمئن عليها و من ثم أخبرنا , اتفقنا ؟
هز آتيم رأسه بالموافقة فقال كايتو : شكرا لك آتيم , عن اذنك الآن سنذهب .
آتيم : إلى اللقاء .
ذهب كل من كايتو و ايزومي فبقى آتيم وحده , تنهد و قال : تلك الحمقاء , لما تتغيب اسبوعا كاملا ؟ سأضطر للذهاب لمنزلها الآن .
بعد أن انتهى اليوم الدراسي خرج آتيم من المدرسة متجها لمنزل لوتس ليخبرها بما قاله له رئيس مجلس الطلبة بعد أن اتصل على والدته و أخبرها أنه لن يعود مبكرا بسبب زيارته للوتس .
في طريقه توقف عند أحد محلات الكتب و دخلها , انتبه له الرجل الذي يعمل هناك فقال : آه أهلا آتيم , كيف حالك ؟
آتيم : مرحبا يا عم , أنا بخير كيف حالك أنت ؟
الرجل : بأحسن حال .
بدا آتيم يبحث عن شيء ما فقال الرجل : هل تبحث عن الجزء القادم لرواية " القمر المكتمل " ؟
آتيم : أجل , سمعت بأن جزئها القادم سينشر اليوم .
ابتسم الرجل و قال : هذا صحيح , لكنها ستصل في المساء .
آتيم باستياء : آه يال الحظ , لن أستطيع شرائها , يا عم هل يمكنك أن تحجز لي نسخة واحدة ؟
الرجل : بالتأكيد يا صغيري سأفعل .
آتيم بفرحة غمرته : حقا ؟ شكرا لك .
وصله اتصال ما فأجاب على الهاتف بعد أن نظر لاسم المتصل قائلا بملل : أه أهلا لوتس , مالأمر لما تتصلين في مثل هذه الساعة ؟
لم يسمع ردا منها بل سمع صوت صراخها و من بعده صوت قوي لتحطم زجاج , خرج من المحل راكضا نحو منزل ابنة خاله لوتس , وصل إلى المنزل الذي كان أشبه بالقصور لكنه لم يهتم لشكله فباله كان مشغولا على لوتس .
كانت البوابة الخارجية مغلقة فتسلق السور و دخل إلى الحديقة , بقي يركض حتى وصل إلى باب المنزل الداخلي و لحسن حظه كان مفتوحا فدخل متلفتا حوله باحثا بنظره على تلك الفتاة الحمقاء كما يقول دائما .
لم يرى أحدا و المنزل كان مرتبا جدا فقال : لوتس أين أنتي ؟
لم يسمع ردا منها فقال : لوتس لو كان هذا مقلبا منك فلن أرحمك , أخرجي هيا .
مجددا سمع صوت الصراخ ولكن كان في الطابق العلوي فصعد إلى هناك بسرعة حينها رأى الزجاج المتناثر في كل مكان و تلك الفتاة ذات الشعر البني الحريري جالسة على الأرض بملابس ممزقة و ملطخة بالدماء .
قال باستغراب من حالها : لوتس !!
التفتت لوتس ناحية آتيم بعينيها الخضراوين العشبيتين الممتلئتين بالدموع , همست بشيء من الأمل : آتيم .
سمع كلاهما ذلك الصوت القائل : قلت لك ارحلي , أنت تقفين بيني و بين زوجي !
نهضت لوتس و ابتعدت من مكانها قبل أن تصطدم تلك المزهرية بها و تؤذيها , ركضت نحو آتيم و اختبئت خلفه قائلة : آتيم أرجوك احمني منها .
آتيم : من هي ؟
لوتس بخوف: زوجة أبي .
خرجت تلك المرأة من الغرفة تحمل في يدها عصاة كبيرة قائلة : من تكون أنت ؟
شعر آتيم بخوف لوتس فيداها الصغيرتان كانتا ترتجفان و هم ممسكتان بملابسه بشدة , أمسك بأحد يديها ليهدئها و قال : انا ابن عمتها , أنت من تكونين لتؤذيها هكذا ؟
المرأة : و ما دخلك أنت بهذا , الأمر لا يهمك .
آتيم : بل بالتأكيد يهمني , لو عرف والدها فسيقتلك على اذية ابنته الوحيدة .
المرأة بابتسامة خبيثة : لن يفعل , آه صحيح بما أنك ابن عمتها فما رأيك أن تأخذها لمنزلك ؟
آتيم : ماذا ؟ هذا منزل والدها هي من لديها الحق في طردك و ليس العكس .
المرأة : حتى يعود والدها من سفره أنا المتحكمة في هذا المنزل , ولن تبيت ليلة فيه .
آتيم : هل أنت مجنونة أم ماذا ؟
المرأة : لو بقيت فمن يعرف إن بقيت حية أم لا .
آتيم باشمئزاز : مجنونة , فعلا مجنونة
التفت نحو لوتس وقال : ستبقين في منزلي الليلة , هيا .
لم ينتظر ردها و أمسك بيدها ليخرجا من المنزل , و قفا في منتصف الحديقة و قال بغضب : لما لم تتحدثي منذ سفر والدك ؟ لو أخبرتي امي لكانت قد ساعدتك قليلا , انظري لنفسك الآن .
لوتس بصوت خافت: لم أرد أن أثقل عليكم .
آتيم بغضب أكثر صرخ عليها : هذا ليس عذرا , لو بقيتي معها دقائق اخرى لكانت قد قتلتك , ألا تهمك حياتك !!
هدأ قليلا حينما رآها تحاول مسح دموعها و كتمان شهقاتها فقال : آسف على صراخي هكذا .
لوتس من بين شهقاتها : لا بأس , أنا معتادة على ذلك .
شعر آتيم بالأسى لحالها و بتأنيب الضمير لأنه صرخ عليها وهي ليست المخطئة , اقترب منها و خلع معطفه البني و ألبسه إياها , استغربت لوتس حركته فرفعت رأسها و نظرت إليه , قال آتيم بشيء من الارتباك : لا أفعل ذلك لأجلك , رجولتي تحتم علي ذلك .
ارتدت لوتس المعطف في صمت و تبعت آتيم حتى خرجا من المنزل , كانت لوتس تمشي خلفه ببطء أما هو فمشيه كان بالنسبة لها سريعا , التفت خلفه فوجدها قد توقفت و انحنت للأسفل لتخرج قطع الزجاج من قدميها الحافيتين .
أغمض آتيم عينيه و همس : دائما تجعلني قلقا .
اقترب منها و خلع وشاحه الأسود ثم لفه حول عنقها و غطى به فمها و أنفها لأنها كانت تتجمد من البرد , جلس أمامها على ركبة واحدة و قال : اصعدي .
لوتس : يمكنني المشي بمفردي لا داعي لتحملـ...
قاطعها قائلا : أنت تمشين حافية بأقدام مصابة فوق الثلج , تريدين مني أن أسكت و أراقب ؟ اصعدي من دون كلام كثير .
ترددت لوتس بالبداية لكنها صعدت على ظهره فرفعها و كأنها ريشة بالنسبة له , قالت لوتس بإعجاب : أنت قوي .
آتيم بغرور : هه , هذا لا يعتبر شيئا .
لوتس : آتيم , آسفة لو سببت لك المشاكل .
آتيم : سببت الكثير و عليك رد جميلي هذا يوما ما .
لوتس بشيء من الغضب : كف عن اذلالي هكذا , انا ابنة خالك بالنهاية يجب عليك مساعدتي .
آتيم : هل تقولين أن ما أفعله واجب علي ؟ و أنك لا تريدين رد أي جميل لي ؟
لوتس : لم أقل ذلك , اسلوبك كان مستفزا قليلا .
آتيم ابتسم لا شعوريا و قال : سآخذك للمستشفى أولا لتعالجي هذه الجروح , بالمناسبة , لست خفيفة كما تعتقدين .
نفخت لوتس وجنتيها بغضب و قالت و هي تحرك ساقيها لتنزل : أنزلني حالا , لا أحد طلب منك أن تحملني .
ضحك آتيم لأنه استطاع اغاظتها ثم قال : ما بك غضبت هكذا ؟ أنا أمزح فقط , توقفي عن الحركة ستقـ...
لم يكمل جملته حتى فقدت لوتس توازنها و كادت أن تسقط إلا أن آتيم في آخر لحظة انخفض للأسفل ليعيد توازنها و تتمسك بظهره من جديد .
همس بغيظ : حمقاء .
سكتت لوتس خصوصا أنه قد نظر لها بطرف عينه فشعرت بالخجل قليلا من تصرفها الطفولي , بقيت صامتة لم تنطق بكلمة حتى وصلا للمستشفى و دخلا غرفة الطوارئ , وضعها على السرير و قال : كم مقاس حذائك ؟
اجابته لوتس بصوت منخفض : سبعة و ثلاثون .
آتيم : حسنا , سأعود بعد قليل .
لوتس : مهلا , هل ستشتري لي حذائا ؟
آتيم : أجل , لا نية لي أن أعطيك حذائي لتلبسيه .
سكتت لوتس فقال آتيم : ماذا ؟ ألا تثقين بذوقي أم ماذا ؟
لوتس : ليس الأمر كذلك , أردت أن أخبرك فقط أني سأدفع ثمن كل شيء حينما يعود أبي .
آتيم : لا تأخذي الأمر بحساسية زائدة , يمكنك اعتباره كهدية لعيد ميلادك القادم .
لوتس : سأرد ديني لك عاجلا أو آجلا .
آتيم : على كل حال , سأعود لن أتأخر عنك .
خرج آتيم من المستشفى تاركا حقيبته و هاتفه عند لوتس , بعد خروجه بعدة دقائق رنّ هاتفه فنظرت لوتس للمتصل و وجدت مكتوبا " my cute yugi " .
لوتس باستغراب : من يكون هذا ؟ الرقم ليس من اليابان بل من الخارج .
انتبهت لنفسها فابتعدت عن الهاتف و قالت : ما دخلي أنا بخصوصياته .
جاءت الممرضة و عالجت جروح قدميها و مع انتهاءها كان آتيم قد عاد .
آتيم : مرحبا .
لوتس : أهلا بك .
أخرج آتيم علبة متوسطة الحجم من الكيس الذي كان معه و قال : افتحيه , ولنرى إن كان ذوقي سيئا فعلا .
أخذت لوتس العلبة و قالت : شكرا لك .
أخرج آتيم جواربا دافئا و نزل لقدمي لوتس و بدأ يلبسها , شعرت لوتس بالخجل فقالت : توقف أستطيع فعل ذلك و حدي .
آتيم : قفي ثابتة , أنا ألبسك إياه بحذر لكي لا يؤلمك , هل رأيتي الحذاء ؟
لوتس : ليس بعد .
أنتهى آتيم من الباسها الجوارب و قال : هاتي هذا .
أخذ العلبة من بين يديها و فتحها , لمعت عينا لوتس حينما رأت الحذاء و كأنها طفلة صغيرة حصلت على لعبتها المفضلة , كان الحذاء لطيفا جدا , لونه أسود و به فيونكة صغيرة ذهبية .
توردت وجنتا لوتس و هي ترى ذلك الحذاء اللطيف على قدميها , رفع آتيم نظره ليرى لوتس و هي بحالها تلك .
لوتس : آتيم شكرا لك .
آتيم لا يزال نظره متعلق بلوتس : العفو .
لم تنتبه لوتس لنظرات آتيم و تحديقه بها فقد كانت مشغولة بحذائها اللطيف الجديد و الذي ناسب مقاس قدمها تماما .
آتيم : تملكين قدمين صغيرتين جدا بالنسبة لفتاة بعمرك .
لوتس : هذا جيد , يمكنني ايجاد مقاساتي سريعا .
آتيم : على كل حال لنذهب , احتاج بعض النوم أشعر بالنعاس .
تعلقت لوتس بذراعه و قالت بابتسامة لطيفة : هيا بنا .
نظر لها آتيم بطرف عينه و قال : لا تتعلقي بي هكذا , سيخطئ الناس بنا و يظنوننا في ذلك النوع من العلاقات .
تلاشت ابتسامة لوتس و ابتعدت عنه قائلة : من فرحتي بالحذاء الجديد فقط أردت اظهار امتناني , شكرا لك .
آتيم : البسي المعطف و الشال ولنذهب .
نفذت لوتس ما طلبه منها آتيم ثم خرجا من المستشفى عائدين للمنزل حيث كانت تنتظرهم والدة آتيم , في الطريق لاحظت لوتس أن آتيم يرتجف من البرد فقد كان يضع يديه في جيبه و شفتاه ترتجفان و أنفه بدأ بالاحمرار و البخار الأبيض يخرج من فمه .
لوتس : آتيم توقف لحظة .
التفت نحوها وقال : ماذا هناك ؟
فكت طرف الشال و ربطته حول عنقه و الطرف الآخر كان على عنقها هي فقال آتيم : لما هذا ؟
لوتس : أنا أيضا لدي ضمير , لا يمكنني أن أمشي و أنا متدفئة و أنت تكاد تتجمد .
أخرجت من جيب المعطف قفازان فقال آتيم : أول مرة ذاكرتي السيئة تفيدني , لقد نسيته هنا منذ اسبوع .
مدت له قفازا واحدا وقالت : خذ ارتدي .
ارتداه آتيم و قال : ماذا عن يدي الثانية ؟
رفعت لوتس يدها : امسك بيدي , ستدفئك .
آتيم : ما الذي تحاولين فعله ؟ هل تجذبينني نحوك لأقع بشباكك ؟
لوتس : لا أيها الأحمق , أنا فقط أجد حلا وسطا لما نحن فيه الآن , إلا إذا أردت أن تمشي بيد باردة .
أمسك آتيم بيدها في صمت و تابعا مشيهما , قطعت لوتس الصمت بقولها : آتيم , هل تعرف أشخاصا يعيشون في الخارج ؟
آتيم : لما هذا السؤال ؟
لوتس : حينما كنت في المستشفى رنّ هاتفك و حينما رأيت الرقم كان من خارج اليابان .
آتيم : حقا ؟؟
توقف و أخرج هاتفه من الحقيبة , فتحه ليرى المكالمات الفائتة و حينما رأى الاسم اتسعت ابتسامته و اتصل من فوره .
انتظر عدة ثواني قبل أن يرد الطرف الآخر قائلا : آتيم , اشتقت إليك يا رجل كيف حالك ؟
آتيم و قد بدت السعادة تغمره : أنا بخير يوغي , كيف حالك أنت ؟
يوغي : بأفضل حال , لما لم ترد علي بالاتصال السابق ؟
آتيم : لم يكن الهاتف قريبا مني , تركته في المستشفى مع لوتس ...
قاطعه يوغي : مستشفى ؟ ثم من تكون لوتس ؟
آتيم : انها قصة طويلة سأخبرك بها لاحقا , الأن اخبرني متى ستعود ؟
يوغي : بعد يومين و لدي مفاجأة لك أيضا .
آتيم : تمزح ! حقا ستعود ؟
يوغي : أجل ,
سمع آتيم صوت شخص ما ينادي يوغي فقال : لا بد أنك مشغول الآن .
يوغي : أجل قليلا فقط , سأتصل عليك حالما أنتهي , إلى اللقاء .
آتيم : حسنا , إلى اللقاء .
أغلق الخط فقالت لوتس : من يكون يوغي ؟ لم تحدثني عنه مطلقا .
آتيم : و من تكونين حتى أحدثك عنه ؟
لوتس : يالك من وقح , لقد سألت فقط .
آتيم : لا داعي لتتعرفي عليه .
لوتس : لما ؟
آتيم : لا دخل لك بأصدقائي .
لوتس : حسنا اذا , امشي تحت البرد من دون قفازات ولا شال .
فكت الشال عن عنقه و خلعت القفاز من يده و ارتدته لنفسها , مشت خطوتين ثم التفتت له و مدت لسانها لتغيظه .
همس آتيم : يمكنني المشي تحت البرد بدون شال و لا قفازات .
هبت رياح باردة فضم نفسه و قال : يجب أن أصل للمنزل سريعا .
وصلا للمنزل بعد عدة دقائق من المشي , دخل آتيم ومن بعده لوتس .
آتيم : أمي لقد عدت .
خرجت الأم من المطبخ و قالت : أهلا بكما .
اقتربت من لوتس و احتضنتها قائلة : اشتقت إليك يا صغيرتي , كيف حالك ؟
لوتس : بخير عمتي جين , كيف حالك أنت ؟
جين ( والدة آتيم ) : بأفضل حال , هيا تعالي لغرفتي ولترتاحي قليلا حتى احضر لكما شيئا لتأكلاه .
لوتس : حسنا .
اتجهت لوتس لغرفة والدة آتيم أما آتيم فقد اتجه لغرفته , بدل ثيابه ثم التف داخل غطائه كالقط مجددا , يبدو أن آتيم يكره البرد كثيرا .
سمع صوت لوتس و والدته يتحدثان فاقترب من الباب ليستمع لحديثهما .
جين : كان عليك اخباري يا لوتس , من يعرف ماذا كانت ستفعل بك .
لوتس : كنت أريد اخبارك لكنها صادرت هاتفي مني , أخذته اليوم فقط و كادت تقتلني بسببه .
جين : هل والدك يعرف أنها تسيءمعاملتك ؟
لوتس : أخبره دائما لكنه لا يصدقني , و هي دائما ما تتصرف كالملاك أمامه .
جين : آسفة لأنك جئت في عائلة كهذه يا عزيزتي .
لوتس : ليس خطئك يا عمتي , ومع كل هذه المشاكل أنا لا أريد عائلة أخرى غير عائلتي , حتى لو تخلى عني الجميع فأنت و آتيم ستبقون بجانبي .
تفاجأت جين و قالت : آتيم !! منذ متى كان آتيم لطيفا معك لتقولي هذا الكلام .
لوتس : هو لم يكن لطيفا كثيرا , لكنه سيكون بجانبي .
جين : هل قال لك شيئا سيئا ؟
لوتس : لم يقل لي شيئا , لكنه رفض أن يعرفني على صديقه المدعو يوغي .
جين : لا تكتئبي هكذا , آتيم لا يحب أن يتحدث مع أحد عن يوغي فهو يعتبره كدميته الصغيرة .
لوتس : دمية ! لما هذا التشبيه الغريب ؟
جين : يوغي وعائلته كانوا جيراننا في منزلنا القديم , و آتيم كان دائما ما يلعب مع يوغي و يكره إن لعب يوغي مع أحد آخر .
لوتس : ولما ؟
جين : يمكنك القول بأن آتيم كان يعتبر يوغي دمية صغيرة لا يلعب بها إلا هو وحده , لذا لا تستغربي إن قام بطردك خارج غرفته و يوغي معه .
لوتس : آتيم فعلا لديه أفكار غريبة .
سمعهما آتيم من خلف باب غرفته فهمس بانزعاج يحاكي لوتس : آتيم فعلا لديه أفكار غريبة , حمقاء , من يراك و أنت تطيرين من السعادة لحذاء تافه كهذا يعتبرك مجنونة .
عاد و استلقى على سريره لينام بدلا عن الاستماع لحديث النساء بالخارج , أما لوتس وجين فأكملتا حديثهما .
لوتس : هل حقا يتشابهان لهذه الدرجة ؟
جين : أكثر مما تتخيلين , تعالي سأريك صورا لهما .
نهضت لوتس و تبعت جين إلى حيث ألبوم الصور و جلستا على الأرض تقلبان الصور .
جين : هذه صورتهما حينما كان عمرهما سنة واحدة .
توردت وجنتا لوتس قائلة : ظريفان , كالتوأم تماما .
جين : وهذه صورة أخرى لهما التقطاها في آخر عطلة قضاها يوغي هنا .
لوتس : لا اصدق , الشبه كبير جدا أيعقل أنها مجرد صدفة ؟
جين : يخلق من الشبه أربعين , هناك حالات نادرة كهذه تحدث في بعض الأحيان .
لوتس : لكن لما يوغي يعيش في الخارج ؟
جين : هذه قصة مؤلمة , لقد توفي والدا يوغي وهو في الثالثة من عمره .
لوتس : يا للمسكين , كيف توفيا ؟
جين : كلاهما توفيا في حادث سيارة , لقد كانا شخصين لطيفين جدا .
لوتس : لا بد أن ذلك كان مؤلما جدا له .
جين : ليوغي شقيق أكبر منه بعشر سنوات , ذكي جدا و يعتبر نابغة , اسمه ريو , تولى عناية يوغي و أكمل دراسته الثانوية حتى أنهاها في عمر الخامسة عشر, ثم ذهب لأمريكا ليكمل دراسته الجامعية و أخذ يوغي معه , أصبح يوغي أيضا يدرس بالخارج و يأتي هو و شقيقه في الإجازات فقط .
لوتس : لابد أن شقيقه قد تحمل عبئا كبيرا .
جين : حاولت مساعدته بقدر ما استطيع و كما تعلمين فعملي كثير جدا لذا كان يوغي أغلب الوقت يجلس مع آتيم لهذا تطورت علاقتهما جدا .
لوتس: متشوقة لرؤيته و الحديث معه , يبدو لطيفا .
جين : إنه فعلا لطيف جدا كوالدته تماما .
تذكرت جين أمر الطعام فقالت : قد يكون الطعام جاهزا الآن , هيا نادي آتيم و تعاليا للمطبخ .
لوتس : حاضر .
نهضت لوتس و أخذت المعطف و القفازات مع الشال لتعطيهم لآتيم , طرقت باب غرفته فأتاها صوته قائلا : ادخل .
دخلت لوتس فرأت الغرفة في قمة الفوضى , أبراج الكتب مركونة في كل زاوية , اكياس الوجبات الخفيفة في كل مكان على الأرض .
آتيم كان ملتفا بالغطاء فوق سريره لم تر لوتس شيئا منه سوى يده التي خرجت من تحت الغطاء , أمسك آتيم بالغطاء و رفعه عنه ليجلس على السرير فظهر شعره الملون الغريب .
آتيم بانزعاج : هذه أنت ؟ ماذا تريدين ؟
لم ترد لوتس بل بقيت تحدق في شعره الذي رأته لأول مرة فهو دائما ما يرتدي قبعة أو يخفي شعره حتى بالصور التي رأتها مع عمتها جين لم ترى فيها شعر آتيم .
آتيم : لما تحدقين بي هكذا ؟
انتبهت لوتس لنفسها و قالت و هي تمد المعطف و الشال و القفازات : تفضل , شكرا لك لأنك أعرتني إياها , سأرد لك هذا الجميل يوما ما .
آتيم : لا بأس ارميهم في أي مكان , هل تريدين شيئا آخر ؟
لوتس : أجل .
آتيم : ماذا ؟
ترددت لوتس ثم قالت : فقط عمتي قالت أن الطعام جاهز لذا أتيت لأناديك .
آتيم : حسنا , أنا قادم .
نهض من على السرير و الغطاء لا يزال يلف جسده , علقت لوتس على شكله : هل تتمشى هكذا بالمنزل دائما ؟
آتيم : هل لديك مشكلة مع هذا ؟
لوتس كتمت ضحكتها : أبدا , افعل ما يحلو لك .
ذهبا نحو المطبخ و آتيم لا يزال ملتحفا بغطاء سريره , رأته والدته فقالت : آتيم ما هذا الذي تفعله ؟
آتيم : أشعر بالبرد يا أمي ثم إني عائد لفراشي بعد أن آكل .
جين : على الأقل احترم لوتس .
آتيم : لا بأس فهي لا تمانع رؤيتي بهذا الشكل .
جلس على كرسيه و بدأ بالأكل فقالت لوتس : بالمناسبة يا عمتي , يبدو أن يوغي قادم قريبا .
جين : حقا ؟ آتيم لما لم تخبرني ؟
آتيم : مهلا لحظة , أمي هل أخبرتها بشأن يوغي ؟
جين : ستعرف عاجلا أم آجلا , لذلك أخبرتها بكل القصة .
آتيم : لماذا ؟ لن تتركه الآن .
جين : ماذا تقصد ؟
آتيم : تعرفينها , مهوسة بالأشياء اللطيفة و الظريفة لذا لن تترك يوغي في حاله .
لوتس : و ما دخلك أنت , إن كان يوغي لا يمانع فلا حق لك أن تتدخل .
سكت آتيم و أنهى طبقه سريعا ثم عاد لغرفته , لم تستغرب لوتس ولا جين من تصرفه فلقد اعتادتا عليه .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
في مكان آخر بعيدا عن الحي الذي يسكن فيه آتيم , في شقة كبيرة لا يسكنها سوى شخصين فقط , الأول شاب في العشرينيات من عمره له شعر أشقر مائل للأبيض و عينان مختلفتي الألوان , عينه اليمنى كانت خضراء أما اليسرى فكانت ذهبية , له ملامح جذابة لكن حدة عينيه تجعله مخيفا أحيانا , يرتدي بذلة رسمية .
أما الآخر فهو شبيه لآتيم , له الشعر ذاته و تقاسيم الوجه نفسها و كأنه نسخة منه , لكن بشرته كانت بيضاء شاحبة و عيناه بلون الدم الأحمر , كان هذا الفتى جالسا عل حاسوبه منهمكا في كتابة شيء ما .
دخل عليه الشاب ذو الشعر الأشقر و قال : سيد يامي, هذا يكفي أنت مستيقظ ليومين متواصلين.
يامي : كم مرة قلت لك لا تقاطعني و أنا أكتب ؟
الشاب : أعرف ذلك لكنك ستدخل المستشفى من جديد لو بقيت على هذا الحال .
يامي : لم أنهي الجزء الذي سينشر اليوم مساءا , يجب أن أنهيه .
الشاب : يمكننا تأخير مواعيد النشر , صحتك أهم .
تنهد يامي : على كل حال لم يبقى لي الكثير , اذهب واشتري لي من المطعم .
الشاب : يمكنني أن أطهو لك هنا , أكل المطاعم ليس ...
قاطعه يامي بحزم : يوزان ,أريد أن آكل من المطعم اليوم , نفذ لي ما أريد حتى استمع لكلامك.
يوزان : حسنا , نم قليلا حتى أعود .
يامي : حسنا .
خرج يوزان من المنزل فعاد يامي لغرفته ليكمل الكتابة قبل انتهاء الوقت المحدد للنشر متناسيا تحذيرات يوزان له .
,,,,,,,,,,,,
ننتقل لأمريكا و بالتحديد في نيويورك , في تلك الشقة الصغيرة كان شبيه آتيم الآخر المدعو يوغي يوضب أغراضه استعدادا لسفره , دخل عليه شاب له شعر فضي و عينان خضراوان .
انتبه عليه يوغي و قال : ريو , ما الأمر هل تحتاج شيئا ؟
ريو : أبدا , جئت فقط لأتأكد من أنك قد حزمت جميع أغراضك و لم تنسى شيئا .
يوغي : أجل لقد حزمت كل شيء .
انتبه ريو لصناديق كثيرة كان مركونة في الزاوية فقال : ما هذا ؟
يوغي : إنها رسوماتي القديمة , أريد أخذها معي لم استطع رميها .
ريو : لا بأس , بالمناسبة لقد قدمت رحلتنا سنسافر اليوم مساءا .
يوغي : لماذا ؟
ريو : ليس لأمر محدد , لكني فقط سئمت من البقاء هنا و أريد العودة سريعا .
يوغي : لا بأس إذا .
ريو : حقا ليس لديك مشكلة مع هذا ؟
يوغي : لا ابدا , أنا جاهز تماما .
ريو : جيد , سأتصل بسيارة الأجرة لتقلنا للمطار أنزل حقائبك للأسفل .
قالها وهو يخرج من الغرفة فقال يوغي : سأفعل .
أخرج هاتفه و اتصل على أحدهم , فرد الطرف الآخر قائلا : أهلا يوغي .
يوغي : مرحبا آنزو , كيف حالك ؟
آنزو : بخير , كيف حالك أنت ؟
يوغي : جيد , بالمناسبة هل يمكنني مقابلتك الليلة , الأمر ضروري .
آنزو : أنا قريبة من منزلك , بجانب محل الحلويات .
يوغي : ممتاز ابقى مكانك أنا قادم حالا .
خرج من غرفته راكضا فقال ريو : يوغي إلى أين أنت ذاهب ؟
يوغي : أنزل حقائبي معك من فضلك , لدي موعد مهم .
ريو : حسنا لا بأ...
لم يكمل كلامه لأن يوغي كان قد خرج بالفعل , ركض يوغي في الدرج و نزل بسرعة حتى أنه كاد أن يسقط , نزل للأسفل و اتجه لمحل الحلويات الذي عنده آنزو .
توقف حينما رأى تلك الفتاة ذات الشعر البني القصير و عيني الزمرد الزرقاء , مرتدية بنطلون جينز و بلوزة بيضاء واسعة قليلا بأكمام طويلة و قبعة بيضاء لطيفة و حذاء ( أكرمكم الله ) لونه أبيض .
ابتسم يوغي واقترب منها لأنها كانت تقف وحدها , ابتسم قائلا : مرحبا آنزو .
آنزو : أهلا يوغي , صوتك كان غريبا في الهاتف ما الأمر الذي تريدني فيه .
يوغي : أردت اخبارك بأني سأسافر الليلة .
آنزو : أعرف ذلك , ستقضي اجازتك باليابان كما تفعل دائما وستعود .
يوغي : صحيح , لكني لن أعود بل سأستقر هناك مع شقيقي لذا قد تكون هذه آخرمرة أراك فيها .
ارتسمت ملامح الحزن على وجه الفتاة و قالت : آه حقا ؟ , لقد فاجأتني بهذا .
يوغي : أنا فعلا آسف , كان علي إخبارك في وقت أبكر قليلا .
تجمعت الدموع في عينيها لكنها حاولت مقاومتها و قالت : لا لاعليك , كل ما في الأمر أني متفاجأة قليلا .
يوغي : آسف لذلك , سأحاول المجيء هنا لرؤيتك .
آنزو : يمكنني محادثتك بالفيديو , ولن أنقطع عنك أبدا بإرسال الرسائل و أنت أيضا لا تنقطع عني .
يوغي : سأزعجك بالكثير من الرسائل يوميا .
آنزو : اذا , لأنك ستذهب , هل تمانع أن ...
فتحت ذراعيها له و كأنها تطلب حضنا منه فابتسم و فتح ذراعيه هو الآخر فاحتضنته آنزو بقوة و شدت على ملابسه .
مسح يوغي على رأسها و قال : ودعي البقية نيابة عني , اتفقنا ؟
هزت آنزو رأسها بالموافقة فقال يوغي : لا أريد أن أرى دموعك لذا لا تبكي .
آنزو : سأفتقدك حقا .
يوغي : وأنا أكثر .
ابتعدت عنه فقال : سأذهب الآن .
آنزو وهي تمسح دموعها : انتبه على نفسك جيدا .
يوغي بابتسامة دافئة : سأفعل .
ابتعد عنها عائدا للمنزل و لم يرد أن يلتفت للخلف لأنه لو رآها فلن يصمد و سيبقى أكثر , أما هي فبقيت تراقبه حتى اختفى عن ناظريها .
وصل للمنزل فرأى شقيقه بجانب سيارة الأجرة ينتظره , ما إن رآه حتى اقترب منه قائلا : أين كنت ؟ نزلت مسرعا و لم تخبرني إلى أين أنت ذاهب .
يوغي : كان هناك شيء علي أن أفعله قبل أن أسافر .
أدخل ريو يديه في شعر شقيقه الملون وبدأن بترتيبه قائلا : و هل فعلته بالشكل الصحيح ؟
يوغي : أردت أن أفعله بشكل أفضل , لكني بذلت جهدي .
ريو : مستعد للذهاب ؟ يمكنني تأجيل الرحلة .
يوغي يبتسم لأجل أن لا يقلق شقيقه : لا تفعل , أنا حقا مشتاق لآتيم و خالتي جين , أريد الذهاب حالا .
ابتسم ريو هو الآخر و قال : حسنا اذا , هيا بنا .
ركبا سيارة الأجرة متجهين للمطار عائدين لليابان , وفي قلب الصغير يوغي حزن لتركه المكان الذي عاش فيه ذكريات كثيرة و جميلة .
انتهى البارت
ما رأيكم به كأول بارت ؟
أرجو أنه قد أعجبكم .
البارت الثاني سيكون في الغد بإذن الله .