الفصل الثالث: تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارات والقبور وتعظيمها لقد سدَّ النبي صلى الله عليه وسلم كل الطرق المفضية إلى الشرك، وحذّر منها غاية التحذير، ومن ذلك : مسألة القبور، قد وضع الضوابط الواقية من عبادتها، والغلو في أصحابها، ومن ذلك : 1ـ أنه قد حذَّر صلى الله عليه وسلم من الغلو في الأولياء والصالحين؛ لأن ذلك يؤدِّي إلى عبادتهم، فقال: ( إياكم والغُلُوَّ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغُلُوُّ ) [رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه]، وقال: ( لا تُطروني كما أطرتِ النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا: عبدُ الله ورسولُه ) [رواه البخاري]. 2ـ وحذَّر صلى الله عليه وسلم من البناء على القبور، كما روى أبو الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سوَّيته ) [رواه مسلم]. 3ـ ونهى عن تجصيصها والبناء عليها، عن جابر رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبر، وأن يُقعد عليه، وأن يُبنى عليه بناء ) [رواه مسلم]. 4ـ وحذَّر صلى الله عليه وسلم من الصلاة عند القبور، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( لما نُزِلَ برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: ( لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يُحذِّرُ ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يُتَّخذَ مسجدًا ) [متفق عليه]. وقال صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإنَّ من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك ) [رواه مسلم في صحيحه]. واتخاذُها مساجد معناهُ: الصلاة عندها وإن لم يبن مسجد عليها؛ فكلُّ موضع قصد للصلاة فيه فقد اتُّخذَ مسجدًا، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا ) [رواه البخاري] فإذا بُني عليها مسجد فالأمر أشد. وقد خالف أكثر الناس هذه النواهي، وارتكبوا ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، فوقعوا بسبب ذلك في الشرك الأكبر؛ فبنوا على القبور مساجد وأضرحة ومقامات، وجعلوها مزارات تمارس عندها كل أنواع الشرك الأكبر، من الذبح لها، ودعاء أصحابها، والاستغاثة بهم، وصرف النذور لهم، وغير ذلك.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |