الفصل السادس:
الحكم بغير ما أنزل الله
من مقتضى الإيمان بالله تعالى وعبادته:
الخضوع لحكمه والرضا بشرعه،
والرجوع إلى كتابه وسنة رسوله
عند الاختلاف في الأقوال،
وفي العقائد وفي الخصومات،
وفي الدماء والأموال،
وسائر الحقوق،
فإنَّ الله هو الحكَمُ
وإليه الحُكمُ،
فيجبُ على الحكام أن يحكموا بما أنزل الله،
ويجب على الرَّعيَّة أن يتحاكموا
إلى ما أنزل الله في كتابه،
وسنة رسوله،
قال تعالى في حق الولاة:
{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا
وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ
أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ }
[النساء/58].
وقال في حق الرعية:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ
فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }
[النساء/59].
ثم بيّن أنه لا يجتمع الإيمان
مع التحاكم إلى غير ما أنزل الله،
فقال تعالى:
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ
أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ
وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ
يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ
وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ
وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ
أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلًا بَعِيدًا }
[النساء/60]،
إلى قوله تعالى:
{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ
حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ
حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا }
[النساء/65].
فنفى سُبحانه
- نفيًا مؤكَّدًا بالقسم -
الإيمانَ
عمن لم يتحاكم
إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
ويرضى بحكمه ويسلم له،
كما أنه حكم بكُفر الولاة
الذين لا يحكمون بما أنزل الله،
وبظلمهم وفسقهم،
قال تعالى:
{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ
فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }
[المائدة/44]،
{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ
فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
[المائدة/45]،
{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ
فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
[المائدة/47].