عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-18-2008, 05:07 PM
 
Post قصة حقيقية من العراق

لا يمكن أن أنسى الاحتلال البغيض وتأتي معه كل مصائب الدنيا وترى فيه أشياء لم تكن حتى تسمع بها من قبل ، لعل من ابرز ما يخلفه تلك الحوادث والمآسي التي لايمكن ان ننساها ابداً ماحيينا ولما وقعت بعض تلكم الحوادث امام عيني فاني ابقى احمل تلك الصور المروعة والفضيعة امام ناظري ماحييت .. سأحكي لكم هنا هذه القصة الحقيقية التي حدثت امامي وتركت في نفسي ألماً لازالت تتقد جذوته كلما مر على بالي ذكراها .




القصة
في إحدى محطات تعبئة الوقود وقفت السيارات مشكلة طابوراً طويلاً زاد طوله عن 500 متر او يزيد ، لغرض حصول أصحابها على مادة البانزين (وقود تشغيل السيارات) والذي اصبح يشكل هماً اضافياً يضاف الى هموم ابناء العراقرغم ان العراق مصنف على اساس انه ثاني بلد في العالم يمتلك الاحتياطي النفطي العالمي – وفيما كان الناس منشغلين بالحصول على البانزين وتحت هذا الجو المشحون باللغط والصراخ الذي يصل الى حد الاشتباكات الكلامية واليدوية في اسوء الاحوال فبينما هم على هذا الحال واذا بقذيفتين صاروخيتين تسقطان في وسط المحطة لم تمنح هؤلاء الناس اية فرصة للهرب او حتى مجرد التفكير بالهرب فسقط كثير منهم صرعى واخرين جرحى مازال صراخهم يأن في اذني حتى الساعة .. أما نحن –الناجين- فقد هرعنا مهرولين لا نلوي على شيء ولانعرف اين نختبيء وكيف ، وهكذا اخذتنا الغريزة البشرية بالهرب في أماكن متفرقة ونحن في رعب شديد ..
بعد الانفجارين الهائلين حدث حريق هائل نتيجة احتراق مشتقات النفط الموجودة في أحواض المحطة ، وقد شوهدت السنت النار على مدى بعيد وشكلت غمامة سوداء داكنة أشبه بسواد الاحتلال الامريكي المهين .. المهم اننا رجعنا الى المحطة لنتفقد اصحابنا الذين كانوا في قلب الحدث لعلنا نعثر عن ناجين نستطيع انننقذهم ونعيدهم الى أهلهم الذين ينتظرونهم بالبيت بفارغ الصبر حيث ان مثل هذه الحوادث قد أصبحت عادية ويومية في بلدي الجريح ..
رجعنا اليهم ونحن بين باكي وبين مذهول وبين مرعوب ، وحضرت كالعادة سيارة الاطفاء التي لاتملك المدينة سواها رغم اهمية وجود اكثر من واحدة في مثل هذه الظروف العصيبة . قام على الفور رجال الاطفاء بتقديم المساعدة وبمساعدة منا حتى ان بعض اصحاب السيارات الحوضية قد سارع الى ملأ سيارته بالماء وجلبها الى منطقة الحادث لعله يساهم بانقاذ ارواح الناس ،المهم من هذا كله ان أحد رجال الاطفاء وهو رجل زاد عمره على الخمسين عاماً هرع الى احدى السيارات المحترقة وكان في داخلها شخصين قد احترقت جثتيهما وفارقا الحياة فاراد ان يطفيء النار في السيارة قبل ان يخرج الجثتين لعله يعيد جثتيهما الى ذويهما ليتمكنا من دفنهما وهو يحمل فكرة ان دفنهما بكامل اجسامهم خير من احتراقها بالكامل داخل السيارة ولعل العناية الربانية وحدها هي التي قادت هذا الرجل الى تلك السيارة المحترقة فما ان فتح بابها حتى سقط من احدى الجثتين محفظة جيب وفيها هويات تعريفيةبالشخص المحترق ، ولما وقعت عينا هذا الاطفائي على الهوية حتى سقط مغشياً عليه فلم يكن صاحب هذه السيارة ورفيقه سوى ابناء هذا الرجل المسكين ولكم ان تتخيلوا صعوبة المشهد وكآبة المنظر وحالة العذاب والتي مست كل من كان حاضراً ولم تترك أي منا الاّ وذرف الدموع مرغماً على ماجرى امام اعيننا .
هذا الرجل الذي ربى اولاده وكبرهم ليعينوه على مصائب الدنيا فاذا به يبتلى بمصيبة لم تكن لتأتي على باله يوماً وان اتت فانها لايمكن ان تكون بالقساوة التي حدثت فيها ماذا عساه بل ماذا عسانا ان نفعل حيال موقف كهذا الموقف ..
سارعنا الى المستشفى نحمل الجثث والجرحى والرجل الثكل بفقد ابنيه وهو فاقد الوعي نتيجة جلطة دماغية حصلت له .. وهناك جاء واجتمع ذوي المصابين والشهداء ومن الناس العاميين ، كلهم حضروا للمشاهدة والاطمئنان .
شهدنا هناك موقف آخر وهو موقف زوجة الرجل الاطفائي وام الشهيدين حيث وقفت في إحدى ممرات المستشفى وهي تولول وتقول (( أشكو بثي وحزني إلى الله )) فهي تروح وتجيء بين ثلاجة الموتى لترى ولديها المحترقين وبين الردهة التي ينام فيها زوجها وهو يصارع ألم الجلطة الدماغية وصرنا نجري معها علنا نستطيع من حمل بعض همومها عنها ولكن هيهات هيهات ..
هذا الموقف وتلك الحادثة لايمكن ان تمحى من ذاكرتي واجزم انها سوف لن تمحى من ذاكرة أي من الحاضرين لتلك الجريمة البشعة التي صنعها المحتلون وابتلى بها العراقيون ..
بسم الله الرحمن الرحيم
وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون *

صدق الله العظيم




هذا غيض من فيض الاحتلال والمصائب التي تحدث لابناءأعمامكم في العراق الجريح




اخوكم العراقي
منقول



التعديل الأخير تم بواسطة al.iraqe2008 ; 03-18-2008 الساعة 05:45 PM