بقلمي / عبدالله
للمتابع لما يقال وينشر في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة ؛ وكذلك لما يقال هنا وهناك من أقاويل صحيحة وغير صحيحة تخرج من أفواه الناس إن كانوا متعلمين أو جهلة أو أشباه متعلمين ؛ يرى بفهمه السوي أن كل ذلك يصب في حوضين :
حوض التفاؤل ، وحوض التشاؤم ! .
التفاؤل والتشاؤم شيئين أحدهما نقيض الآخر .
فيستطيع التفاؤل أن يذهب بك الى جنة معيشية تصورية تنسيك كل متاعب الدنيا ! .
وبالنقيض يستطيع التشاؤم أن يلقي بك في جبّ جحيمي تصوري ينسيك معنى الهناء المعيشي ! .
والمتابع هذا أو المستمع يجد نفسه في عمود ترمومتري زئبقي عريض يتأرجح جيئةً وذهاباً بين حدين :
سالب ( تشاؤم ) ، وموجب ( تفاؤل ) ؛
حيث تزيد السلبية فيه حيناً ، وتزيد فيه الإيجابية حيناً أخرى ، وأحيانا تكون السلبية والإيجابية فيه في خط التساوي والإتزان ؛ حيث يصعب الحكم أيهما أقوى من الآخر ! .
هل الإنسان هو الذي يصنع بفكره وتصوره نعيم حياته وجحيمها ؟! ، أم أن هنالك عوامل أخرى في فكره ونفسيته وحياته الاجتماعية تحدد له معنى النعيم والجحيم في الحياة الدنيوية ؟! ، وما علاقة ذلك بحقيقة مايواجهه في الحياة ؟ .
في الحياة حِكم ، وقدر ، وأسرار ، وألغاز ، ونصيب ، وأقوال ، وأفعال ، وأحوال بشرية ، وخصوصيات ربانية عليا تتحكم بالحياة هي نفسها ومن يعيش فيها ! .
وقد يكون التفاؤل أو التشاؤم المنبعث من نفس الشخص عفوياًَ ، أو متعمداً لقصد ما ، أو إضطرارياً فرضته ظروف هي أقوى من تحمل الشخص ! .
ومن له نفس قوية لاتؤثر عليه سوداوية التشاؤم ، ويرى الغد بصورة مضيئة أو مشرقة ! ، ومن له نفس فزعة لايؤثر عليه إشراق التفاؤل – إلا إذا رأى أنه سئم وقارب الهلاك في حفر التشاؤم – ويرى الغد بصورة قاتمة أو مسودّة ! .
إذن مشاعر البشر ليست واحدة ، فهذا مظلم سوداوي ، والآخر مشرق نوراني ، وآخر خلط من هذا وذاك ، وهذا مظلم حيناً ومشرق حيناً أخرى كدورة الأرض حول نفسها !! .
ومن وجهة النظر النفسية فإن المزاج الشخصي للإنسان تتحكم فيه عوامل كثيرة ، بعضها معلوم ، والآخر منها مجهول ، ولاننسى العوامل :
- البيئة الاجتماعية المحيطة .
- الوضع المادي المعيشي .
- الوضع التعليمي .
- الذكريات والتجارب الشخصية .
- الحالة العاطفية .
- طريقة الفهم للأمور .
- وأخيراً عامل التشجيع والتثبيط من الغير ! .
وكل ذلك يؤثر بشكل أو بآخر بالإحساس الشعوري الإنساني بما يجري حوله .
والأمل في حياة الانسان شيء ضروري وإيجابي ، وبدونه لامعنى للحياة !! ، والإغراق في التشاؤم شيء يخنق الشعور بالسعادة في الحياة .
وفي الناس مرضىً نفسيين في صورة بشر طبيعيين ، إستحوذ عليهم التشاؤم وصاغ حياتهم لدرجة أنهم لايرون الحياة إلا من منظار مظلم كئيب ! ، ويصعب عليك أن تشعر بطعم السعادة وأنت بجوارهم بسبب سوداويتهم الكئيبة التي لاتعترف بمعنى التفاؤل ! ، والله تعالى أمرنا في كتابه الكريم أن لانقنط من رحمته ولانيأس من روحه ! .
ليس جـِرماً على الإنسان أن يشعر بمعنى السعادة في نفسه في أوقاتٍ من حياته ، إذ هي دافع له نحو البناء والعمل لأمور حياته ، وكذلك ليس معنى السعادة أن يكون عربيداً لامسؤولاً ! .
ومع تفاؤل المتفائلين ، أو تشاؤم المتشائمين ، فإن الحياة البشرية ماضية تسير الى ماقـُدّر لها ؛ إن كانت كما يتصورها الإنسان أو غير مايتصور !! .