عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-19-2008, 11:13 PM
 
مسائل مهمة ... في عقيدة أهل السنة

المسائل المتعلقة بالإيمان بالله
المبحث الأول: المسائل المتعلقة بتوحيد الألوهية:
المسألة الأولى: التبرك بالصالحين وآثارهم.
ذهب بعض العلماء إلى القول بجواز التبرك بذوات الصالحين أو بشيء من آثارهم، قياسًا على فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم. فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها، فربما جاءوه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها"[36].
وعنه – رضي الله عنه – قال: "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه. وأطاف به أصحابه. فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل"[37].
وفي حديث خروج النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية...، وفيه "وما تنخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده"[38].
وعن أبي موسى – رضي الله عنه – قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومجَّ فيه، ثم قال لهما: - يعني أبا موسى وبلال – "اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما"[39].
وعن أبي جحيفة قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأتي بوضوء فتوضأ فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه، فيمتسحون به..."[40].
وممن قال بجواز ذلك: ابن عبدالبر، والنووي، وابن حجر[41].
وذهب بعض العلماء إلى منع ذلك، وحملوا كل ما ورد في هذا على الخصوص فقالوا: هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا دليل على التعميم، فلم يتبرك الصحابة والأئمة من بعدهم بخيار هذه الأمة بعد نبيها كالخلفاء الأربعة ونحوهم.
قال الشاطبي – بعد أن ذكر تبرك الصحابة بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أورد استشكالاً حول التبرك بغيره من الصالحين قياسًا عليه –:
"الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه السلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه إذ لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – فهو كان خليفته ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر – رضي الله عنه – وهو كان أفضل الأمة بعده ثم كذلك عثمان، ثم علي، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركًا تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إذًا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء".
ثم ذكر وجه تركهم لذلك، وأنه يحتمل أحد وجهين لا ثالث لهما:
أحدهما: اعتقادهم أن هذا خاص بمقام النبوة لا يتعداه.
الثاني: أنهم تركوا ذلك من باب سدّ الذرائع
[42].
وقال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب بعد أن ذكر أن بعض المتأخرين استحب التبرك بآثار الصالحين. قال: "وقد أكثر من ذلك أبو زكريا النووي في "شرح المسلم" في الأحاديث التي فيها أن الصحابة فعلوا شيئًا من ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم، وظن أن بقية الصالحين في ذلك كالنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا خطأ صريح لوجوه: منها: عدم المقاربة فضلاً عن المساواة للنبي صلى الله عليه وسلم في الفضل والبركة. ومنها: عدم تحقق الصلاح، فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب، وهذا لا يمكن الاطلاع عليه إلا بنص.
ومنها: أنا لو ظننا صلاح شخص، فلا نأمن أن يختم له بخاتمة سوء، والأعمال بالخواتيم فلا يكون أهلاً للتبرك بآثاره.
ومنها: أن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك مع غيره لا في حياته، ولا بعد موته، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، فهلا فعلوه مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ونحوهم من الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة...، فدل أن ذلك مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أن فعل هذا مع غيره صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أن يفتنه، وتعجبه نفسه، فيورثه العجب والكبر والرياء..."
[43].
وبهذا يتضح ضعف القول الأول، وصحة القول الثاني – والله أعلم –.

المسألة الثانية: السؤال بجاه النبي صلى الله عليه وسلم والتوسّل بذلك:
ذهب بعض العلماء إلى القول بجواز السؤال بجاه النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل إلى الله بذلك وممن روي عنه ذلك: سهل بن حنيف، والإمام أحمد في رواية عنه، والعز بن عبدالسلام.
قال العز بن عبدالسلام: "أما مسألة الدعاء فقد جاء في بعض الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بعض الناس الدعاء، فقال في أقواله: "قل اللهم إني أقسم عليك بمحمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة" وهذا الحديث إن صح فينبغي أن يكون مقصورًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة، لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون هذا مما خص به تنبيهًا على درجته ومرتبته"
[44].
وذهب جمهور الصحابة والأئمة إلى منع ذلك.
وقد ذكر شيخ الإسلام أن هذا لم يكن منقولاً عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلاً صحيحًا ولا مشهورًا عن السلف؛ بل المنقول عن جمهور الأئمة كأبي حنيفة، والشافعي ومالك منع ذلك
[45].
وقال – رحمه الله –: "وإذا قدر أن بعض الصحابة – يشير بذلك إلى ما نقل عن سهل بن حنيف – أمر غيره أن يتوسل بذاته لا بشفاعته...، وكان ما فعله عمر بن الخطاب – يعني في قصة – استسقاء عمر بالعباس – هو الموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المخالف لعمر محجوجًا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم....
ثم ذكر أن السؤال بذات النبي صلى الله عليه وسلم لا يقدر أحد أن ينقل فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا ثابتًا لا في الإقسام أو السؤال به. ثم قال: وإن كان في العلماء من سوغه فقد ثبت عن غير واحد من العلماء أنه نهى عنه، فتكون مسألة نزاع...، فيرد ما تنازعوا فيه إلى الله رسوله... ثم ذكر أنه منع منه غير واحد من العلماء، وأن السنن الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين تدل على ذلك
[46].
وأجاب بجواب آخر فيما يروى عن سهل وعن الإمام أحمد في ذلك، حيث قال: "فيحمل قول القائل: أسألك بنبيك محمد. على أنه أراد: أني أسألك بإيماني به وبمحبته وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته، ونحو ذلك. وقد ذكرت أن هذا جائز بلا نزاع. قيل: من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف – كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن الإمام أحمد وغيره كان هذا حسنًا، وحينئذ فلا يكون في المسألة نزاع. ا ه"
[47].
وأيضًا فثبوت ذلك عن سهل فيه نظر، فإن الألباني بحث ذلك تفصيلاً وانتهى إلى أن هذا غير ثابت – والله أعلم –
[48].
وهناك جواب آخر فيما يروى عن الإمام أحمد، حيث خَرَّج هذه الرواية على جواز الإقسام به – وهذه المسألة سيأتي بحثها في المسألة التي تلي هذه –.
قال – رحمه الله –: "وقد نقل في منسك المروذي عن أحمد دعاء فيه سؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا قد يخرج على إحدى الروايتين عنه في جواز القسم به، وأكثر العلماء على النهي في الأمرين"
[49].
أما ما يروى عن العز بن عبدالسلام فإنه علق المسألة بصحة اللفظ الذي أورده ولم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ
[50]......
حمد بن عبدالمحسن التويجري
المصدر: جامعة الملك سعود، عمادة البحث العلمي، مركز بحوث كلية التربية، رقم (172)، 1422ه - 2001م
على الرابط التالي

__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس