عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 08-09-2015, 05:30 PM
 




لا أزال أتذكر تلك النجوم المتلألأة التي تغطي قرية [ سارنو ] دوماً !
الجبال الشاهقة و الهضاب العالية و الطبيعة الخلابة !
كل ذلك لا أزال أتذكره و كأنني لا أزال أعيش فيه !
حقاً قد يكون هذا حلم ، فإن كان كذلك فأنا لا أتمنى الاستيقاظ منه أبداً !




الفصل الثــالـث
[ إنها مجرد البداية فقط ! ]


[ سأساعدكِ على الانتقام ! ]

جملته تلك لا تزال تتردد بعقلي و كأنني للتو قد سمعتها !
كنت عاجزةً حقاً على الرد عليه في تلك اللحظة !
الحروف قد خانتني و ليسما أنها المرة الأولى التي يعرض أحدهم عليَّ المساعدة !!
حقاً أنا لست مهتمة بهذا الآن يكفيني أن قلادة أمي معي .
لكن ما يحيرني هي نظراته عندما نطق بتلك الكلمات .
لم يسبق لي و أن رأيت عيناه تتوهجان بتلك المشاعر البغيضة بالنسبة لإِيرَل مثله !
و الغريب أنه طلب من خدمه أن يعاملوني كإبنته حتى أنه أحضر لي أفخر و أجمل الثياب !
ما ظننته بالبداية هو أن يعاملني كخادمة بعد شفائي لكن ما حدث كان العكس .
أتساءل لِمَ يعاملني هكذا ؟ أم أن هذا تصرف الإِيرَل أياً كان الشخص الذي يتعاملون معه ؟!

-

بِمَا أنني أثق بــ[ آسامي ] فقد سألتها عن ماضي ذلك الــ[ ستيفان ] .
هي تصلبت في مكانها و لم تجبني و كأن إبرة وخزتها !
لذا فكرت بسؤال الطبيبة لكن للأسف يبدو أنها ليست طبيبة القصر لهذا هي ليست به .
تقدمت إلى النافورة التي توسطت القصر إنه حقاً يذكرني بقلعة [ أوساكا ] اليابانية !
جلست على حافة النافورة أراقب الأزهار و العشب بالحديقة .
تذكرت والديَّ فخانتني دموعي و انهمرت واحدةً تلو الأخرى لتروي قصة فراقٍ مؤلمة .
- لِمَ تبكين يا آنسة ؟
صوت طفولي سأل !
التفت اتجاه الصوت لأرى صاحبه ، طفل هو بالعشرة من عمره ربما .
ملامحه لا تختلف عن [ ستيفان ] أبداً ! لكن ما يفرقهما هو شعره الأسود الذي بدا كالفحم .
مسحت دموعي بسرعة ، أردفت و أنا أرحل مبتعدةً عنه :
- من قال بأنني أبكي ؟!
ركض نحوي ، هكذا عرفت من خطواته ، صرخ بصوت مرتفعٍ مزعج :
- يا آنسة سقط منكِ هذا !
استدرت إليه ، كان يمسك بيده قلادتي الثمينة .
شددتها منه بعنف ، صرخت بوجهه و الغضب يعتريني :
- كيف تجرأت و لمستها !!!!
أخفض رأسه ، أردف بصوت خشرجة :
- أنا آسف حقاً ، أنا فقط
قاطعته :
- اغرب عن وجهي فحسب !
أماء برأسه وركض مغادراً مبتعداً عني .
كم هو طفلٌ مزعج ! هذا ما كان ينقصني !؟
بصراحة اندهشت بعض الشيء ، هل يربي [ ستيفان ] أطفالاً هنا ؟ أم أنه وجده مثلي ؟!
ضربت جبهتي بخفة نافضةً تلك الأفكار من رأسي ، اتجهت لداخل القصر و أنا عازمةً حقًا على معرفة ماضي [ ستيفان ] .

-

- هل يربي [ ستيفان ] أطفالاً هنا ؟ .
سألت [ آسامي ] التي أحضرت الطعام إلى غرفتي .
نظرت إليَّ باندهاش ، أردفت بتساؤل :
- لِمَ تسألين سؤالاً مثل هذا ؟!
- كل ما في الأمر أنني قابلت طفلاً مزعجاً منذ قليل !
- قابلتِ السيد الصغير ؟
- السيد الصغير ؟ لِمَ من يكون ؟ هل هو يتيم متشرد مثلي ؟!
ظللت صامتة لبرهة ثم أجابتني :
- السيد الصغير [ إيثان ] هو حفيد الإِيرَل [ ستيفان ] .
إذاً [ ستيفان ] لديه حفيد ! لكن أين أبويه ؟!
سألت بحيرة :
- و ماذا عن والديه ! أين هما ؟!
تحولت ملامحها للحزن ، ترقرقت الدموع في عينيها ، استطردت بحزن :
- والديه ماتا منذ عشر سنوات .
منذ عشر سنوات ! إذاً ماتا وهو بأشهره الأولى !
- و كيف ماتا ؟ . سألت !
- هل تذكرين اجتياح مقاطعة [ نابولي ] ضد قرية [ سارنو ] منذ عشر سنوات ؟
عادت بي الذكريات إلى ذلك اليوم حيث أتتنا خالتي بوجهٍ مكفهر و ملابس مشققة ، حينها أخبرتنا بأن زوجها توفيَّ غير أن ابنها قد أُسِر .
أمأت برأسي لتتابع حديثها :
- كان السيد [ ستيفان ] و عائلة السيد الصغير في زيارةٍ لقرية [ سارنو ] و حينها توفيا هناك ، غير ذلك
صمتت قليلاً ثم استرسلت بالكلام :
- قريب السيد [ ستيفان ] مات أيضاً في آخر اجتياح حصل !
هكذا إذن ، والدا ذلك الصغير ماتا في الاجتياح الذي صار منذ عشر سنوات .
لكن من تقصد بقريب [ ستيفان ] ؟ أساساً لِمَ قد يعيش أحد أقربائه في قرية مثل [ سارنو ] ؟!
- إذاً هل [ ستيفان ] يكره مقاطعة [ نابولي ] ؟
رمقتني بنظرةِ غريبة ، تنهدت بحرقة ، أردفت بغموض :
- نعم ، إنه يكرههم ، لهذا السبب هو يرغب بالانتقام و ليسما بعد موت قريبه مؤخراً .
بعثرة أفكار اعترتني ، استطردت بتساؤل :
- من يكون قريبه ؟
- أنا بصراحة لا أعلم ، كل ما أعرفه أن زوجته قد توفيت و أن لديه ابنة وحيدة .
جاءتني أسماء عدة لآباء من القرية قد توفت زوجاتهم و ليس لهم إلا ابنة واحدة .
ربما عددهم ستة ، و كلهم ماتوا حتى بناتهم ، أتساءل أيَّ واحد منهم هو قريب [ ستيفان ] ؟!
انحنت [ آسامي ] فعرفت أن [ ستيفان ] قادم !
في الواقع إنه موعد الغداء !
غرفة واسعة توسطتها طاولة طويلة شعرت بأن لا نهاية لها !
وُضِعَ على الطاولة طعامٌ شهيَّ يسيل اللُعاب .
[ ستيفان ] كان يجلس على المقعد المنفرد في أول الطاولة ، أما أنا فكنت أجلس على يمينه و الصغير المزعج أقصد [ إيثان ] جلس على يساره !
أعتقد أن [ إيثان ] لم يسمح لعينه أن تنظر إلى أحد غيري .
كنتُ أشعر بعيناهُ تراقبانني لدرجة جعلتني أشمئزُ من تناول الطعام !
انتهيت من تناول الغداء مبكراً فأنا لم آكل سوى القليل مُدَعِيةً أن معدتي ممتلئة لأنني فطرتُ متأخراً !
اتجهت لغرفتي بعد ذلك و طلبت من [ آسامي ] أن تحضر لي حماماً ساخناً !
آلاف الأشياء كنتُ أفكر بها ، ابتداءً من ذلك الصغير المزعج نهايةً إلى قريب [ ستيفان ] الذي مات في آخر اجتياح ,
أنا لا أعرف عن [ ستيفان ] أي شيء ، إنه غامض بالنسبة إليَّ ، أنا حقاً مُصِرة على معرفته أكثر !


ممنوع الرد






التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 08-11-2015 الساعة 02:25 AM