بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ لله ربّ العالمين .
اللهمَّ صلِّ على سيدِّنا مُحَمَّدٍ وعلى آلهِ وأزواجهِ وذريِّتهِ وأصحابهِ
وإخوانهِ مِنْ الأنبياءِ والمرسلينَ والصِّدِّيقينَ
والشُّهداءِ والصَّالحينَ وعلى أهلِّ الجنّةِ وعلى الملائكةِ
وباركْ عليهِ وعليهم وسلَّم َ ، كما تُحبهُ وترضاهُ : يا الله آمين.
مريمُ الصدِّيقة !! عليها السَّلام
إخواني / أخواتي : حفظكم اللهُ تعالى ، مِنْ كلِّ سوءٍ ورزقكم ، سعادة الدُّنيا والآخرة آمين.
تعالوا نُمتعُ أرواحنا ، مع نفحاتٍ ، مِنْ سيرةِ هذهِ المرأةِ ، التي جملَّها اللهُ تعالى ، بمزايا ، قلَّما تجدها في غيرِها ، ما خلا : السيدة فاطمةعليها السَّلام ، فقدْ جمَّلَ اللهُ تعالى السَّيدة مريم عليها السَّلام ، بمزايا عظيمةٍ نذكرُ منها :
1-لم يَمَسها الشيطانُ عندَ ولادتِها !! : لدِعاءِ والدِتها : قالَ سبُحانهُ وتعالى : { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }( آل عمران 36 ).
2-إنَّها نذرُ أُمّها للهِ تعالى , وقدْ قُبلَ منها نَذْرها أحسن قَبول 1*.
3-هي التي : تولَّى اللهُ تعالى رعايتها ، فأنبتها نباتًا حسنًا 2 *.
4-هي التي : يسَّرَ اللهُ لها : نبيهُ زكريا عليهِ السَّلام كافلاً ، فأسكنها في مكانِ عبادتهِ 3*.
5-إنَّها صاحبةُ الكراماتِ ، منْ اللهِ تعالى ، كلَّما دخلَ عليها زكريا عليهِ السَّلام ، مِحرابها ، وجدَ عندها رزقًا هنيئًا مُعدّاً 4*.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1* ، 2* ، 3* ، 4* [ التفسير المُيسر : بتصرفٍ ].
قالَ تعالى : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }( آل عمران 37 ).
6-إنَّها أمُّ : المسيح عيسى عليهما السَّلام.
7-إنَّها الصدِّيقةُ : قالَ تعالى : { مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }( المائدة 75 ).
8-إنَّها الطاهرةُ المُطهَّرة ، عنْ عملِ الفواحشِ ، قال سُبحانهُ وتعالى : { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ } ( آل عمران 42 ).
9-إنَّها وحيدةُ نساء الدُّنيا ، التي نالتْ أعظم شهادةٍ ، في طهارِتها وإحصانِ فرجِها ، مِنْ اللهِ العظيمِ !! ، ودُونتْ هذه الشَّهادةِ ، في كتابٍ عظيمٍ ، قالَ جلَّ جلالهُ : { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ...} ( الأنبياء 91 ).
10-إنَّها التي حَبُلتْ مِنْ غيرِ زوجٍ.
11-إنَّها ثانيَ مخلوقٍ ، قدْ نفخَ اللهُ تعالى فيهِ ، مِنْ روحهِ ، بعدَ آدم عليهما السَّلام.
12-إنَّها آيةٌ ـ مِنْ آياتِ اللهِ تعالى : قالَ سُبحانهُ وتعالى : { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }( الأنبياء 91 ).
13-إنَّها مثلٌ ضربهُ اللهُ تعالى للمؤمنينَ ، مع السَّيدةِ : آسية بنت مزاحم عليهما السَّلام.
قالَ تعالى : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) } ( سورة التحريم ).
14-إنَّها مِنْ الذينَ اصطفاهم اللهُ تعالى ، مِنْ خلقهِ ، قالَ تعالى : { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ }( آل عمران 42 ).
15-إنَّها التي ردَّ اللهُ تعالى ، عنْ عِرضِها ، وجعلَ الذينَ خاضوا في عرضِها ، مِنْ الملعونينَ!
قالَ عزَّ وجلَّ : { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً }( النساء 156 ).
جاء في التفسير الميسر :
(( وكذلكَ لعنَّاهم {} أي : أليهود {} : بسببِ كُفرهم وافترائهم على مريمَ ، بما نسبوهُ إليها ـ مِنْ الزِّنى , وهي بريئة منهُ )).
16-إنَّها التي : ذُكرتْ ، في كتابِ اللهِ العظيمِ : بإسمها : مريم :{31 مرَّة } .
17-إنَّها التي : نسبَ اللهُ تعالى ، إبنها أليها ، تأكيداً منهُ تعالى ، على عفتِها وطهارتِها ، وعدمِ مسهِا ، مِنْ قبلِ الرِّجالِ ، قالَ تعالى : { ... الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ....}(آل عمران 45 ).
18-جعلَ اللهُ تعالى أبنها : عيسى عليهِ السَّلام ، النَّبيّ الرَّسول ، هوَ أحدُ أسباب دخولِ الجنَّةِ ، وهي داخلةٌ : ضمنَ هذا التفضيلِ وألإمتيازِ : ففي حديثِ عُبادَةَ رضيَ اللهُ عنهُ : عَنِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، قَالَ : { مَنْ شَهِدَ : أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ ، وَرُوحٌ مِنْهُ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ ، عَلى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَل }( متفقٌ عليهِ ).
19-إنَّها مِنْ خيارِ النساءِ : ما خلا :
() السَّيدة فاطمة عليها السَّلام ، كونها سيدة نساء الدُنيا والآخرةِ ()
فقدْ ثبتَ عنهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، أنَّهُ : قَالَ :{ يَا فَاطِمَةُ : أَلاَ تَرْضَيْنَ ، أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِهِ الأُمَّةِ }( متفقٌ عليهِ ) ، وهي سيدة نساء أهلّ الجنةِ : ففي صحيحِ الجامعِ الصغيرِ : للشيخِ ألألباني رحمهُ اللهُ تعالى : [ ( صحيح ) (حم ت ن حب) عنْ حذيفة رضيَ اللهُ عنهُ : ( أمَّا رأيتَ العارضَ ، الذي عُرضَ لي قُبيل ؟ هو ملكٌ مِنْ الملائكةِ ، لم يهبطْ إلى الأرضِ قطٌ ، قبلَ هذهِ الليلةِ : استأذنَ ربّهُ عزَّ و جلَّ : أنْ يُسلِّمَ عليَّ و يُبشرُني : أنَّ الحسنَ و الحسين : سيدا شباب أهلّ الجنةِ ، و أنَّ فاطمةَ :سيدة نساءِ أهلّ الجنةِ ) ] .
وفي حديثِعَائِشَةَ - رضيَ اللهُ عنها - قَالَتْ : { أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِى ، كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِىِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - : مَرْحَبًا بِابْنَتِى !! ، ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا ـ فَبَكَتْ !! فَقُلْتُ لَهَا : لِمَ تَبْكِينَ ؟؟؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا ـ فَضَحِكَتْ !!! فَقُلْتُ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا ، أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ ؟؟؟ } ( صحيح البخاري ).
{ فَقَالَتْ : مَا كُنْتُ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ !!! - حَتَّى قُبِضَ ، النَّبِىُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - فَسَأَلْتُهَا ؟؟؟ فَقَالَتْ : أَسَرَّ إِلَىَّ : إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِى الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِى الْعَامَ مَرَّتَيْنِ ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِى !!!، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِى لَحَاقًا بِى !!! ، فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ : أَمَا تَرْضَيْنَ : أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ - أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ؟؟؟ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ !!! }( صحيح البخاري ).