الحلقة الثالثة عشرة
قالت سارة
:
عندما وصلت لباب بيت والدي أحسست أني أفقت من نوبة الجنون التي كانت تتملكني وكأن انسانة أخرى هي التي كانت تتحدث وتصرخ
أحسست أني هدأت وأفقت وترددت هل أضرب الجرس أم لا.. معقول.. طيب أرجع؟ وحيبقي شكلي ايه امام عمر ؟
طيب ازاي ح أحكي لماما وبابا وأخواتي والدنيا كلها مشاكلي مع عمر بهذه البساطة؟ بس هو باعني وغروره منعه انه حتى ينده عليّا
انهمرت دموعي ثانية عندما تذكرت هذا ورننت الجرس
صرخت أمي عندما رأتني في هذا الحال المرعب.. شاحبة منهكة عيناي مصبوغة بلون الدم ووجهي متورم من كثرة البكاء.. وقالت: ايه يا سارة يا حبيبتي مالك ؟ فيه حاجة حصلت للبيبي ؟
فقلت في سري هو كل الناس بتسأل على البيبي وانا اتحرق؟.. ولم أستطع الرد ودخلت البيت وارتميت على أقرب كرسي وجاء أبي واحتضنني وهو يقرأ على رأسي آيات من القرآن ويهدهدني كالطفلة الصغيرة
اه لو يعامل كل رجل زوجته كأنها ابنته لعاشت النساء في الجنة.. وكأنه علم ما بي بدون أن يسأل فأمر أمي أن تأخذني غرفتي القديمة لأستريح.. هكذا بدون أن يسألني سؤال واحد بعكس أمي التي انهالت عليّ بالأسئلة من ساعة ما دخلت الشقة
ودخلت غرفتي القديمة وأحسست بغربة أول ما دخلتها.. وللحظة شعرت ببرودة شملتني واشتقت لدفء شقتي
كيف أشعر هكذا وهذه هي غرفتي التي ضمتني لأكثر من عشرين عاما.. سبحان الله .. وأفقت على صراخ أمي لي: ياسارة وقّعتي قلبي قولي ايه اللي حصل؟ انتي اتخانقتي انتي وعمر ؟
قلت: ايوة يا ماما وسبت له البيت
فدقت على صدرها بجزع وقالت لي: ليه كده يا بنتي؟.. هو فيه واحدة عاقلة تعمل كده؟ طيب انا متجوزة أبوكي من 25 سنة عمرك شفتيني سبت له البيت ومشيت؟ هو ده اللي انا علّمتهولك ؟
فوجئت بموقف أمي المهاجم وكنت أتخيل أنها ستصب جام غضبها على عمر واضطررت أن أحكي لها كل شيء.. وانتظرت رد فعلها فسكتت طويلا وردت على بهدوء: عاوزة رأيي؟.. انتوا الاتنين غلطانين وانتي غلطانة اكتر
فرددت بغضب: ليه بقي؟.. يبقي انا عاملة حادثة وبأموت وييجي يزعق لي ويهددني كمان
قالت ماما: اهدي يا سارة يا حبيبتي؟؟ انا ح أقول لك انتي غلطانة ليه.. اولا علشان سيبتي بيتك.. وثانيا لأنك من أول الحمل وانتي عصبية جدا ومش بتطيقي كلمة واحدة فكبرتي الموضوع بدون داعي.. انا عارفة ان ده غصب عنك بس لازم تهدي شوية.. وكمان انك كل شوية تقوليله باساعدك باساعدك ودي حاجة تجرح كرامة أي راجل فعاند معاكي هو كمان
قلت أنا: ياسلام.. يعني طلعت انا اللي غلطانة وعمر باشا هو الغلبان المظلوم
قالت ماما: لا يا ستي.. هو كمان غلطان انه عاند معاكي وانه سابك تنزلي وانتي زعلانة كده.. بس انا مش عاوزة أتدخل علشان ما أكبرش الموضوع.. اقعدي ارتاحي شوية وبعدين ارجعي بيتك علشان الموضوع ما يكبرش
فنظرت لها بذهول وقلت: إيه؟ أرجع بيتي كمان؟.. انتي اللي بتقولي كده ياماما ؟!! يعني عاوزاني أرجعله وكرامتي تتبهدل أكتر من كده؟ طيب أروح فين يا ربي انتو كمان مش عاوزني في بيت أبويا؟
فنظرت اليّ أمي باشفاق وكأنها تنظر الى مجنونة وقالت لي بحنان: طيب يا حببيتي ارتاحي شوية وربنا يحلها من عنده ان شاء الله
وارتميت في حضنها وبكيت مرة أخرى
*********
قال عمر
:
البيت وحش أوي من غير سارة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ليه كل ده ؟ طيب أتصل بيها ؟
لا.. مش ممكن.. دي جرحتني وباعتني في لحظة.. وكل شوية تمنّ عليّا انها بتساعدني.. أنا مش عارف ايه اللي جرى بس
طيب أروح لها بيت والدها؟ لا ده كده تبقى هي اللي غلطت فيّا وأهانتني وكمان أروح أصالحها؟ ده أنا ماأقدرش أبص في عينيها تاني
خلاص هي اللي سابت البيت يبقى هي اللي ترجعله لوحدها
*********
قالت سارة
:
استيقظت من نومي المتقطع لأشعر أني لم أنم.. وانما كنت أحارب من أحلامي المزعجة التي رأيتها.. وأول ما استيقظت نظرت على الموبيل لأري هل عمر اتصل بي أم لا؟ وحزنت عندما لم يحاول الاتصال ولا أرسل حتى رسالة اعتذار
ما أصعب أن يجرح الرجل كرامة حبيبته والاصعب انتظارها حتى يرد لها كرامتها
ماذا أفعل الآن ؟ ماذا لو لم يأتي عمر لصلحي؟ هل سأعود وحدي ؟ لا يمكن
أخيرا عرفت ماما ليه ماكانتش بتسيب البيت مهما زعلت مع والدي كي لا تضع نفسها في موقفي المحرج
وخرجت الى الصالة لأجد جميع أفراد أسرتي ينظرون اليّ باشفاق وخجلت من موقفي وحاول أبي التسرية عني ومداعبتي ولكني سمعت صوت أمي عاليا تتحدث تلفونيا في الصالون فدخلت عليها كالسهم وظننتها تتشاجر مع عمر.. وياليتها فعلت فقد وجدتها تتحدث مع حماتي
ياللكارثة.. انقلب الموضوع لحرائق بالطبع.. واضح ان حماتي تسدد كلمات نارية لأمي وانها كالمعتاد تلقي اللوم عليّا
كده يا عمر لحقت قلت لها ؟!! طيب ما انا كمان قلت لماما اشمعنى هو يعني اللي حيطلع عاقل؟
وأخيرا ألقت أمي السماعة بعنف وهي تغلي من الغضب وتقول: انا غلطانة اللي كلمتها علشان تهدي الموضوع دي عاوزة تخرب البيت وخلاص.. قال وبتقول عليكي انك متدلعة ومش مهتمة ببيتك ولا جوزك قال وانا اللي كنت بأقولك اخزي الشيطان وارجعي بيتك.. طيب لو البيه ابنها ماجاش يصالحك ويبوس على راسك كمان عمره ما حيشوفك تاني وحيشوف شغله معايا انا
سألتها: هوّ عمر اللي اشتكي لها مني ولا انتي اللي قلتيلها ياماما ؟
ردت: لا يا ستي انا اللي قلتلها.. هو ما قالش حاجة
فرددت بندم وانا اغالب البكاء: ربنا يخليكي ياماما
*********
قال عمر
:
سألت أمي وأنا أكلمها في التلفون: ليه يا ماما بس تقولي لأم سارة الكلام ده كله ؟ هو أنا عمري اشتكيتلك منها ؟
ردت وقالت: هو انت من ساعة ما اتجوزت وانت بتحكيلي على حاجة خالص؟ بقى مراتك تغضب وتسييب البيت وأنا ماأعرفش؟ وكمان زعلان اني رديت عليهم؟
قلت: ياماما حضرتك كده كبرتي الموضوع وانتي عارفة سارة قد ايه محترمة وبنت ناس.. بس هي الحمل اللي تاعب أعصابها شوية
ردت بغضب بالغ من دفاعي عن سارة: أنا اللي كبرت الموضوع ؟! والمحترمة بنت الناس اللي سابت بيتها وراحت اشتكتك للناس ما كبرتش الموضوع؟
لم أستطع الرد عليها وقلت في سري: كده يا سارة تصغريني قدام الكل ؟
ورديت على ماما وقلت: ياماما حقك على بس حضرتك كده خلتينا احنا كمان غلطانين.. وانا دلوقتي مش عارف أعمل ايه ؟
قالت بعنف: روح صالح ست الحسن والجمال بتاعتك
وأغلقت السماعة في وجهي
لا اله الا الله.. أعمل ايه أنا دلوقتي في المصيبة دي؟.. العيلتين وقعوا في بعض كل ده من دلعك يا ست سارة
بس ماما خلتني لازم أعتذر لها عن كلامها اللي قالته.. كمان لازم ماأوطيش لها علشان تعرف انها هي اللي غلطانة واحاسبها انها طلّعت أسرارنا للناس
طيب أروح ولاّ ما أروحش ؟
أنا لم أنم لحظة من ساعة ما سابت البيت امبارح.. وكأنها أخذت الحياة معها وتركت البيت قبرا.. خلاص أنا أعمل كلام ماما ده حجة اني أصالحها.. رب ضارة نافعة.. بس برضه حاعرّفها أنا مين
*********
قالت سارة
:
كده يا عمر أهون عليك؟ تسيبني يوم وليلة كاملين من غير ما تسأل عليّا ولو بالتليفون؟.. وكلام حماتي اللي يحرق الدم
بس بجد أنا اللي غلطانة أهو دلوقتي حماتي مش طايقاني وماما مش طايقة عمر
انا فعلا اللي غلطانة جدا اني سبت بيتي
ياما مرت علينا أنا وعمر خناقات أصعب من دي وكنت بأخاصمه شوية وكان دايما هو اللي بيصالحني حتى لو انا اللي غلطانة.. كويس كده الرمية اللي انا مرمياها دي؟
طيب لو ركبه العند زيادة حاعمل ايه ؟
أنا عرفت ليه دلوقتي ليه طاعة الزوج ربنا وصي عليها لدرجة الا تسجد المرأة لمخلوق بعد الله الا لزوجها
سبحان الله.. ربنا عمل كده علشان يصون كرامة المرأة وليس الرجل وحده.. بأن يجعلها مصانة في بيتها ولا تكون ضيفة ثقيلة على الناس وتنشر أسرارها للجميع
والله أشعر اني عرّيت نفسي أمام الكل.. وزوجي هو الوحيد ستري وعزي وكرامتي
حتى الأهل حبهم من النوع المدمر الذي يبحث عن كرامة البنت وليس عن بقاء بيتها.. وأنا كان ممكن أُشعر عمر انه غلطان بألف وسيلة وأنا في بيتي بدون الجنان اللي عملته ده.. هوّ يعني البنت قبل الجواز بتسيب بيت والدها لما تزعل؟
يارب سامحني لن أفعلها أبدا مهما حدث
واخذت أستغفر الله كثيرا وأدعوه أن يحل هذا الوضع المعقد.. حتى جاءت اجابة دعائي أسرع مما توقعت
جاءني نداء أختي الصغيرة اليّ مثل نشرة الاخبار: أبيه عمر جه يا أبلة سارة وحاطط برفان كتير أوي
فقفزت من السرير وأنا أشعر أن كل جزء في جسدي يرتعش ويرقص.. يا حبيبي يا عمر ماقدرش على بعدي.. أحمدك يارب
غيّرت ملابسي بسرعة وغسلت وجهي الذابل من كثرة الدموع وخرجت بسرعة قبل أن تتشاجر معه أمي