تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
لقد أثار المبطلون حول تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الشبهات ففد تزوج عليه السلام بأكثر من عشر وجمع في وقت واحد بين تسع ولذا قال المستشرقون ومن تبعهم من ضعاف النفوس: أن محمداً رجل شهوة, غارق في الملذات بعيد عن عفاف القلوب.
وأن هذا الجو من الحريم في بيت النبي يثير في النفس ذكرى الملوك المترفين لا ذكرى الأنبياء الصالحين, والحقيقة أن هذا كله افتراء, ورجم بالباطل, فالواقع الذي لا مرية فيه يؤكد عكس ذلك.
المتصفح للتاريخ المطلع على أحوال من تزوجهن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد أن معظم زيجته صلوات الله عليه كانت الأهداف اجتماعيه و إنسانية وسياسية وتشريعية.
- فسودة بنت زمعة أول زوجة له بعد خديجة, كانت هي وزوجها السكران بن عمرو قد أسلما وهاجرا إلى الحبشة وهناك توفي زوجها فلما عادت أراد صلى الله عليه وسلم أن يكافئها بعد أن فقدت عائلها فخطبها صلى الله عليه وسلم وقد دهش أهل مكة لهذه الخطبة فليس في مثل سودة "المسنة الأرمل غير ذات الجمال " مأرب, ولذا قالت رضي الله عنها "والله ما بي على الأزواج من حرص ولكني أحب أن يبعثني الله يوم القيامة زوجاً لرسول و لكبر سنها تنازلت عن نوبتها لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
-عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها لم يكن زواجه صلى الله عليه وسلم بها إلا مكافأة لوالدها الصديق الذي هاجر مع الرسول صلى الله علية وسلم وأنفق ماله كله في سبيل الله.
-حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها مات عنها زوجها خنيس بن حذافة متأثراً من جراح أصابته يوم أحد فتألم عمر رضي الله عنه لابنته الشابة التي ترملت في الثامنة عشرة من عمرها فعرضها على أبي بكر فأبى و على عثمان فأبى فتزوجها صلوات الله ليطيب خاطرها ويعوضها عن فقد زوجها ويرضي والدها الذي أعز الله به الإسلام حتى سماه الرسول "الفاروق"
-رملة بنت أبي سفيان – أم حبيبة- رضي الله عنها عادت أباها وزوجته واتبعت الرسول صلى الله علية وسلم وهاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش ابن عمة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة وهناك تنصر زوجها وتركها رضي الله عنها وحيدة في غربتها فأصبحت بين نارين: زوج خذلها وتنصر وأب وزجه مازالا على الشرك والعداء لها وللرسول صلوات الله عليه فأرسل عليه السلام إلى النجاشي يطلبها منه ولم تكد تعلم بهذا من جارية النجاشي حتى خلعت عليها أساور و خاتماً مكافأة لها على هذا الخبر السعيد ووكلت عثمان بن عفان رضي الله عنه في عقدها وأمهرها النجاشي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 400 دينار
ولعل في زواجه عليه السلام منها ما يصل بين أبي سفيان وبين الرسول صلى الله عليه وسلم برباط النسب وفي ذلك ما يحمله على تخفيف حدة العداوة ويخرجه من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان.
-هند بنت أبي امية "أم سلمة " رضي الله عنها مات عنها زوجها عبدالله بن عبد الأسد المخزومي متأثراً بجراحه في أحد وقد خلف لزواجه عيالا ونظراً لظروف هذه السيدة و عيالها تقدم لخطبتها أبو بكر وعمر بن الخطاب فرفضت فلما خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم اعتذرت بأنها تخطت الشباب و أنها ذات عيال وأنها غيور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها " أنا أسن منك والعيال رزقنا و رزقهم على الله و أدعو الله أن يذهب عنك الغيرة" ولعل في زواجه صلوات الله عليه منها ما يطمئن المهاجرين والأنصار على أولادهم بعد استشهادهم.
-صفية بنت حيي بن أخطب –سيد بن النضير – كانت من سبايا خيبر وقد قال الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:صفية سيدة بني قريظة و النضير لا تصح إلا لك فأعتقها عليه السلام و تزوجها.
-جويرية بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها كانت من سبي بقالت:صطلق ولما قسم الرسول صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس فكاتبه عن نفسها ثم أتت الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت:يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي قال "فهل لك في خير من ذلك قالت وما هو يا رسول الله؟ قال "أقضي عنك كتابتك وأتزوجك " قالت نعم يا رسول الله " قالت: نعم يا رسول الله قال "قد فعلت "
وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله علية وسلم !! وأرسلوا ما بأيديهم. قالت عائشة رضي الله عنها: لقد أعتنق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.
-ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها لقد كانت أخر زوجاته عليه السلام تزوجها سنة سبع وهو في عمرة القضاء بمكة.
ولم يدخل عليه السلام بها بمكة حيث كان بسرف وإنما دخل بها بعد الخروج من مكة وكانت رضي الله عنها أختا لثلاث نسوة من السابقات إلى الإسلام هن لبابة الكبرى زوج العباس ولبابة الصغرى و أسماء زوج جعفر بن أبي طالب.
ولعل الهدف من هذا الزواج هو تكريم هذه المؤمنة وتوثيق وشائج القربى وصلة الرحم وتطيب خاطر العباس وزوجه وابنه وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم.
-زينب بنت جحش رضي الله عنها ولم يثر المستشرقون زمن تبعهم من ضعاف النفوس من الأباطيل و الأكاذيب كما أثاروا حول زواجه صلى الله علية وسلم من زينب بنت جحش حيث قالوا:أن زواج الرسول منها كان نتيجة حب وهيام وهذا الذي قالوه محض افتراء يكذبه الواقع وتأباه العادة و ينكره التاريخ.
فقد حدث أن زيد بن حارثة كان عبداً لخديجة رضي الله عنها واستوهبه منها الرسول فوهبته إياه وامن زيد برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أول من اسلم من الموالي وأحبه الرسول وأعتقه وتبناه على عادة العرب حتى صار يدعى زيد ابن محمد.
وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يزوج زيداً فوقع اختياره عليه السلام على زينب ابنة عمته لتكون زوجاً لزيد ورفضت زينب ورفض أخوها بحجة أنها الحسيبة النسيبة القرشية كيف تتزوج من كان عبداً ولكن إرادة الرسول عليه السلام خير محض فهو يقصد بهذا الزواج أن يبطل عادة العرب في التفاخر بالأنساب ولذلك نزلت الآية الكريمة
"وما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبيناً" فما كان من عبدالله بن جحش وأخته زينب إلا أن يذعنا لأمر الله وتزوجت زينب زيداً ودفع الرسول عن زيد صداقها.
وبعد ذلك جاء أمر الله صريحاً بإلغاء التبني ونظراً لذلك أراد الله سبحانه أن يكون رسوله الكريم هو أول من يهدم هذه العادة. فقد دب الخلاف بين زينب وزيد متبنى الرسول وأخبر الله رسوله بأن زيداً سيطلق زينب وستتزوجها لإبطال عادة التبني, فلما جاء زيد يشكو من سوء معاملة زينب قال له الرسول مع سبق علمه: أمسك عليك زوجك, وخشي عليه السلام ملامة الناس, كيف يتزوج محمد حليلة متبناه ؟ فأخبره الله ألا يخشى ملامة الناس إنما عليه أن يخشى الله فقط" وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه"ولقد صرح الله عز وجل في كتابه الحكيم أنه هو الذي زوج الرسول صلى الله عليه وسلم من زينب وأوضح الحكمة من هذا الزواج بما لا يدع مجالاً لمتقول حيث يقول سبحانه " فلما قضى زيد منها و طراً زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً"
المرجع كتاب دراسات في الثقافة الإسلامية
أرجو أن يكون الله قد وفقني في هذا الموضوع والذي يبين سبب تعدد زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد حاولت تلخيص هذا الموضوع قدر الأمكان.
منقول