[align=center][tabletext="width:100%;background-color:silver;border:4px double gray;"][cell="filter:;"][align=center]
{الفصل الثامِن : مُفتَرَق طُرُق !}
أيام قليلة ويَصِلان للرجُل العجوز ، سيرين لا تستطيع النوم! أو التفكير ، أصبَحَت كثيرِة الفزَع ، لا تَتَذَكر الكوابيس التي تراها في نومَها ، كُل شيء يبدأ وينتهي بِجُملَة واحِدَة !
"أحان وقت الوداع أم ليسَ بعد" ؟!
عَقلها قد يقوم فجأة بعمل مُقارَنَة لا إرادياََ بَين رين ولاندرين! ، قد يكون الشَكل واحِد لكن الرَوح مُختَلِفة! ، رين لا يبدو إلا باهِتاََ بجوار لاندرين ، وكأنكَ تَضَع هِدوء اللَيل في مُقارَنَة مع دِفء الشَمس! ، لا مَجال للنقاش أصلاََ!
هيّ تعرِف لاندرين! لكن الأمر ليس كذلك مع رين!
لا شيء مُزعِج أكثَر مِن سِر لم يُقال أبداََ! فَعَلَقَ بالحَلقِ كَغَصِة البُكاء ،لا تستطيع إبتلاعُه وإعادَتُه لجوفَك للأبد ولا تستطيع تقيؤه فترتاح! ، لكن ماذا تقول؟!
"لاندرين أُحِبَك لكنك من زمن أخَر" ! ؟
لا أحَد يعتَرِف بالحُب في لَحظِة الوداع! ، تلك أشياءٌ فقط لا تحدُث!
لاندرين يحتاج التوقُف عن التفكير! ويحتاج التوقُف عن النَوم!
هُما مُختَلِفان جِداََ في مُعالَجَتهما للوضع بإختلاف وضعيهِما ، هيّ المُغادِرَة وهوَ الذي لا يستطيع إبقائِها! ، لاندرين لا يستطيع إجبارَها علي البقاء!
مُستقبَلها ، أهلَها ، أصدِقائَها ، فقط كُل شيء في كَفة! ولاندرين وحدُه بالأُخري! ماذا عليها أن تختار؟! هيّ تعلَم أنّ الأختيار ليس لأحدٍ سواها!
قَد تتمسَك بيدُه لفترة أكثَر مِن اللازِم حين يُساعِدها فالنهوض! ، لا يستطيع أخبارَها ألا تَفعَل!
لاندرين يستطيع الشعور بإفتقادِها للأمان! ، في الطريقة التي تستيقظ بِها فَزِعة وكإن الساعَة الداخلية لديها تعلم شيئاََ لا يعلمُه كِلاهُما! ، لا يستَطيع إعادِة ذلك الأمان لها!
يعلَم بإنُه سَبب ما تشعُر بِهِ الآن بطريقَة غير مُباشِرَة! ويؤذيه ذلك!
كِلاهُما يُحِب الأخَر ، كِلاهُما يعلَم أنّ الأخَر يُحِبُه ، لكن لا سَبيل! وكِلاهُما لم يَعُد يتحَدَث!
تحدَث في هدوء يكاد يبدو معهُ صامِتاً وهوَ يَهبِط عن شامايل : لقد وصلنا للقرية المُرادَة!
هبَطَت عن ماتشي بِعُنف لا يتناسَب مع خِفة وَزنَها وكأنها ترغَب في تَحطيم الأرض مِن أسفَلَها : أنا لا أُريد هذا!
تسارَع نبضُه : ماذا تُريدين؟!
تردَدَت ، ماذا تُريد؟! تُريد البقاء معُه لكنها تُريد العودَة لِأهلِها! لِماذا لا يأتِ هوَ معها؟! ماذا عن الأخويَة؟!
أجابَت بِصَوتٍ خفيض : أُريد النَوم ، لم أنَم مُنذُ أيام!
كانَت هذِه طريقَتها في قَول "أُريد أن أشعُر بالأمان"
جلَسَت أسفَل شجرَة وكأن الكَون لا يعنيها : أنا سأنام!
ألتَمَعَت عيناه ، أهيّ الشَفَقَة أم شيء أخَر؟! كُل ما يعرِفه أنّ سيرين تنهار تحت الضغط ! ، كُل حركاتَها مقروءَة مِن قِبَلُه بطريقة مُرعِبَة وكأن الطاقَة توصِلهُما بطريقَةٍ ما! ، لم تَرَ إلتماع عينيه المُخبَئَتان تحت القلنسوة ، أقترَب ليجلِس بِجوارَها ، أراحَ رأسَها بَين كَتِفُه ونِهاية صَدرُه بينما أبقي ذِراعُه مُحيطاً بِها : نامِ
كانَت هذه طريقتُه في قَول "آسِف" !
___
خطوَة ، خطوَتان
هاهوَ الباب أمامَها ، هاهوَ ظَهر لاندرين يَبتَعِد!
صَرَخَت بسُرعَة : توَقَف!
إلتَفَ بِتَعجُب ، لم يَجِد الوَقت ليَنطِق بشيء كان عليهِ إلتِقاطَها بِسُرعة!
لم تكُن قَدميها علي الأرضِ حينَ ضَمها ، أنزَلها بعد ثوانٍ لِينظُر لها في تَرقُب مُتَلَعثِمة : أنا..
هيا سيرين! تستطيعين قَولَها! ، لا! لا تقوليها الآن ستؤذينُه!
عَلِم لاندرين إنّ هذا كان الحُضن الأوَل والأخير حين بقي فَمها مفتوحاً دون أن تَنطِق لفترة طويلة نسبياً!
أمسَك يدَها بِداخل يدُه : فقَط تَعالِ!
دَقَة ، دَقَتان
الباب يَنفَتِح لِشِبران
عينان سَوداوان مِنهُ تُطِلان
___
بعد خَمسَة عَشر دَقيقة مِن "أُقسِم" ، "حَدَث هذا" ، "المستقبل يبدو كَـ" قالت سيرين بتعجُب : ماذا تَعني بـ"لا يُمكِن السَفر عبر الزَمن" إلا نَظرياً؟!
قام بِعَدل نظارَتُه بتوتُر : إنهُ مُمكِن بالحِسابات لكن مُستحيل عملياً! ، ستذوبين!
صاحَت : لكن أولَستُ أمامَك؟! ألستَ ترانِ؟! ألا تُصَدِقنِ؟!
أجاب بِقلِة حيلة : قد يكون الأمر مُمكِناً بشكل عملي لكن ليس بِعِلمِنا هذا! ،لا عِلم زَمني ولا عِلم زَمَنِك مُجتَمِعان يُمكِنهُما أن يَجعلا هذا مُمكِناً!
تردَدَت : لكن ، قد حدَث!
أردَف : بالعاصِفَة الكونية! ، الطريقة الوحيدَة لإعادَتِك لِزَمَنِك من جديد هيّ بِصُنع عاصِفة كونية أُخري! لَكِن! سنحتاج قبلها أن نُسقِط الطاقة الكونية ذاتها علي شخص مِن زَمَنِك لِنُحَوِلُه لِـ"مِرساة" !
قاطَعَت : لاندرين المِرساة!
عَدَل وَضع نظارتُه مرة أُخري : بالضبط! ليسَ من المُمكِن أن يوجَد مِرساتان! وإلا ستَتَمزقين لهذا سيكون علينا قتل لاندرين! لنتخلَص من أحد المِرساتان!
صَمَت لثانية : لَسنا حتي مُتأكِدين أنّ الطاقَة ستزول عنهُ إن لم يعُد حياً!
سَخَرَت : هه ليس وكأنَ هُناكَ مِرساةً أُخري بالفِعل! لا نستطيع فقط إسقاط الطاقة الكونية علي أياً كان! هذا شيء لا يُمكِن التحكُم بِهِ !
صَمَتَت لثوانٍ مُنتَظِرَة أن يقولَ شيئاً ، حلولاً أُخري رُبما؟! لكنهُ لم ينطِق لِتَضحَك ضِحكَة مُختَلَة عقلياً بصوتٍ عالٍ : لا يُمكِنُني العودَة! لَقَد عَلِقت!
حاوَلَ تَهدِئَتِها : شيء كهذا لا يُمكِن أن يَحدُث صُدفَةً! النباتات لا تنمو بالصُدفَة! الكون لا ينشأ فجأة! ، هذا.. ما حَدَثَ لكِ! ، إنهُ قَدَرٌ!
صاحَت وهيّ تَضرِب إناء ماء ليسقُط أرضاً ويتَحَطَم : ماالذي تَتَحدَث عنهُ أنت!! هل هوَ قَدَري أن أخسَر كُل مَن أعرِفهُم وأنا نائِمَة؟! وأستيقِظ لِأجدني في مَكانٍ غَريب؟!
تَحدَثَ بِبُطء : مازال لَديكِ لاندرين!
كادَت تصيح مرة أُخري لكن ما كان ليُفهَم مِنها شيئاً تلكَ المرة فقد كانَت سَتُطلِق صَرخَة لا معني لها! لكنها كتَمَتها ونَظَرَت للاندرين الصامِت بِحُنق وكإنهُ سبب كُل ما يجري لِتَفتَح الباب وتخرُج!
هَمَ باللَحاقِ بِها لَكِن العجوز أمسَكَ كَتِفُه : أعطِها بعض الوَقت!
___
كانَ الوقتُ ليلاً والناسُ نيامٌ في بيوتِهم ، سارَت بِلا هَدَف لا تري الطريق أمامَها بِسبب الدموع التي ملأت عينيها ورفَضَت النزول! ، من يهتم أين تكون؟!
الأمر أشبه وكإنها سَقطَت في رواية قديمة وتم إعطاؤها دَور البِطولَة! لكنها ليسَت بَطِلة رواية! ليسَت كساندريلا مثلاً التي أحبَت زوجة أبيها بِرغم الأعاجيب التي فَعَلتها بِها! ، سيرين تشعُر وتتأثَر! ليسَت فتاة مِثاليَة دائِمة الإبتسام! ، دائِمة المُزاح؟ رُبما! لكن المُزاح لا يعني دَوماً أننا سُعداء! أحياناً نسخَر مِن مشاكِلنا لِنَجعلها تبدو أصغَر!
جلَسَت أمام بُحيرَة سوداء بِفِعل اللَيل ، فقط تَبكي وتَشهق ، أرأيتَ طِفلاً ضائِعاً من أبويه قبلاً؟! هكذا بَدَت!
لا أبويها بعد الآن! ، لا أخوَتها ! ، لا لورا! ، لا بِعثَة! ولا رين!
ضَحِكَت وَسَط بُكاءَها بِسُخرية ، من يُريد رين أصلاً ولديه لاندرين؟!
سَحَبَت نَفَساً من الهواء البارِد ومَسَحَت عينيها مُحاوِلَة التوقُف عن البُكاء ، لمحَت شيئاً بِجوارِها لِتَلتَفِت بِسُرعة : مُنذُ متي وأنتَ هُنا؟!
أجابَ بِبُطء : بَعض الوَقت!
لاندرين لم يستَطِع البقاء كثيراً في بيت العجوز تارِكاً إياها وحدها بِزَمَن ليسَ لها أحد فيه سِواه!
بينما هيّ قد أعتادَت وجودُه الشَبَحي دَوماً حولَها! ذلك السواد الذي يَتَشِح بِه! تلك الأنفاس الصامِتَة! ، فلم تلحَظ قدومَه! ، الطبيعي لها لم يكُن إلا تواجُدُه دوماً أصلاً!
متي أرتَمَت في حُضنُه؟! هيّ لا تتذكر هذا! ، كُل ما تَعرِفهُ أنها الآن قد عادَت للبُكاء بعدما رأت عيناه! : لن أري أُمي مُجدَداً! لاندرين أرجوك! خُذنِ إلي أُمي!! أعِدنِ إليها !!
لم يمتَلِك شيئاً ليفعَلُه سِوي أن يَضُمَها ، رُبما كانَت ضَمَة قوية أو أنّ كَلِماتُه كانَت القوية؟ رُبما الأمر لم يكُن شيئاً سِوي صِدقُه! حينَ همَس : أُقسِم لو كانَ بإستطاعَتي فِعلُ هذا لَكُنتُ تحامَلت علي نَفسي! أي شيء ! كي أُعيدِك!
الطَريقَة التي تَدَلَت بِها ذَقنُه علي كَتِفِها بِثُقل وكأنَ لا حياة فيه أو.. وكأنهُ يُحاوِل ألا يُحَطِم أضراسُه من الجز عليها! فأستَسلَم!، الطَريقَة التي يَمسَح بِها علي رأسَها والأهم.. يداه.. تَرتَعِشان ! هوَ لا يشعُر بالبرد! ، إذن هل هوَ خائِف؟! بالطَبع لا! ، غاضِب؟! لاندرين يَرتَعِد من الغَضَب؟! لِماذا هوَ غاضِب؟!
العَجز!
أتعلَم ما هوَ شِعور العَجز؟! وكأنهُ يُحاوِل ألا يُخرِج القوَة التي تسبب غضبُه فيها عَليها ! ، حالَة مِن الكَتم! ، لا يُريد أن يَضُمَها بِقوَة أكبَر من اللازِم فيؤذيها!
فقط ماالذي يجب عليهِ فِعلُه كي تتوقَف عن البُكاء؟! لا شيء بيدُه!
أفكارُها ، أتَخَذَت مجري أخَر تماماً! ماذا بِهِ لاندرين؟!
"تَمزَحين صَحيح؟! تَعلَمينَ تماماً ما بِهِ!"
أصوات الضمائِر مرة أُخري؟! ماالذي يعنيه ضَميرَها؟! لاندرين.. غاضِب! مِن أجلَها! لَكِن لماذا؟!
هيّ لم تَطلُب مِنهُ هَذا! "لإنهُ يَشعُر بِشيءٍ ما لكِ!"
صَمَتَت مُنتَظِرَة مِن ضَميرها المُتابَعَة! فهيّ ليسَت بِكامِل قواها الآن! إن أراد ضَميرَها التفكير فليُفَكِر وَحدُه!
"أنتِ تَستَغلين مشاعِرُه لِتَحصُلين علي المواساة!"
هل تَفعَل؟! ، خَرَجَت مِن حُضنُه ودَفَعَتهُ بِقوَة : أبتَعِد عَني! أنا لا أعرِفَك حتي!
هل هيّ.. مجنونَة؟! مُنذُ ثانيَة كانَت تَنتَحِب علي صَدرُه وفجأة أصبَحَ غريباً عَنها؟!
نهضَت بِخفَة وبدأت بالسَير مُبتَعِدَة! تحت نظرات لاندرين المذهولَة! ، أنتَ لا تَتبَع شَخصٌ أندَفَع للتو هارِباً من بَين ذِراعَيك! تلك أشياء لا نَفعَلها!
ليسَ الأمر وكأنها تستطيع الهِروب مِنهُ! لاندرين لم يعُد حتي يحتاج إعمال قوِة عيناه كي يَجِدها! ، فَقَط وكإنها بقيتُه في مكانٍ ما!
هيّ لم تَسرِق قَلبُه لِتَترُكهُ بِدونِ قَلبٍ وتَمضي أو سَحَبَت مِنهُ شيءٌ مِن رَوحُه ليدور حَولَها في مَدارَها!
فَقَط وكإنها جُزءٌ مِنهُ ، مُنفَصِلٌ عَنهُ ، حيٌ في مكانٍ أخَر! مُكَمِلَة؟ رُبما! مُنقِصَة سارِقة؟ قَطعاً.. لا!
الشيء الوَحيد الذي مَنعُه مِن اللَحاق بِها كان .. الأدَب!
إن أرادَت الإبتعاد لِبَعض الوَقت فلا يستطيع إجبارَها علي البَقاء لكنهُ أيضاً لن يُجبِر نَفسُه علي تَجاهُل وجودَها في هذا الكَون! ذلك الوجود الواضِح!
زَفَر بِبُطء وكأنهُ للتو يستوعِب معني "ما جَمَع الرَب لا يُمكِن لِبَشَرٍ فَصلُه!" وإلي أي مدي هيّ جُملَة صَحيحَة!
أعتَدَل في جَلسَتُه ليُصبِح مُتَرَبِعاً ، أنزَل قلنسوتُه علي وجهُه قليلاً كعادَة! لم تُضيء بعدَها عيناه! هوَ لا يحتاج لِهذا! ، يُمكِنُه رؤيَتها في أي وَقتٍ شاء! ، أمتَزَجَت الطاقَة بِكُل ذَرة فيهُما لِتُعلِنَهُما "جُزءان مِن كُل" لا يَتناسَبان مع أي أشخاص أخَرين وكأنَهُما "حَل لُغز" !
___
سارَت كثيراً! ، لم تَعُد في تلك المَنطِقة الهادِئة بل أصبَحَت تسير في وَسَط مَهرَجان!
لا فكرة لديها بِمَ يحتَفِل هؤلاء وليسَت مُهتَمَة!
ما أدركَتهُ بعد قَليلٍ من السَير إنها أصبَحَت مُحاطَة بِمجموعَة من المُراهقين ، ضايَقوها أمام الجَميع لَكنَ أحداً لم يتَحرَك وكأن هذا الطبيعي في مُناسَبات كهذِه!
هل يعتَقِدون إنها ستَخافُهُم؟! كَم هُم مُخطِئون! لا أحَد يَعلَم ماالذي يدور في خُلدِها! هيّ مُجرَد فتاة صَغيرِة الحَجم بالنِسبَة لهُم! الضحية المِثالية!
___
كانَ لاندرين يري المَوقِف كُلُه مِن فَوق أحَد المباني التي زَيَنَ رأسَها دوارِة رياح تلك التي تُحَدِد إتجاهَها ، لم يَخشي عليها مِنهُم لسببٍ ما فقد كانوا أمام عينيه ماالذي يستطيعون فِعلُه ؟
خَشي عليها مِن نَفسَها! ذلك الشعور الذي ينمو بِداخِلها! هوَ ليسَ جيداً! إنهُ مُظلِم! غَضَب رَهيب! ، سُخط علي كُل شيء!
هذا.. سيُدَمِر سيرين! صَدرَها سَينفَجِر وستَتَناثَر أضلُعها في كُل مكان!
عليه أن يتَدَخَل الآن! ، قَفَز ليُصعَق كُل من فالمكان من ذلك الشاب الذي سَقَط فجأة من السَماء ليَهبِط أمامَها وهوَ أيضاً يبدو كراهِب! ، مُحبي الخُرافات سيُصبِح لديهُم شيءٌ يتحدَثون عنهُ الآن! ، لكنهُ ليسَ خُرافَة وليسَ ملاكاً!
شِجارٌ علي وَشكِ أن يَنشُب ، سيرين لا تَهتَم لِكُل هذا! كُل تَركيزَها مُنصَبٌ علي الهدوء الذي لَفَها بِظهور لاندرين ، رُبما هيّ ليسَت مِثلُه! لم تَتَعامَل مع تلك الطاقَة لعامَين قَبل أن تَلقاه ولم تَتَمَرَس الأمر لكنها تَعلَم يقيناً أنّ شيئاً ما يحدُث!
إستِقرارٌ ما رُبما نَوعٌ من التوازُن حَطَ في قَلبِها مع حِطوطُه علي الأرض!
ماالذي يحدُث؟! لِماذا تُصِر الطاقَة علي السيطَرَة عليها؟! لِمَ تُريد تجريد حُبها مِن مِصداقيَتُه؟! هل هوَ صادِق فِعلاً من الأساس؟! هل كانَت لِتُحِبُه لو لم تَتَدَخَل الطاقة؟! لو لم يكُن يُشبِه رين؟!
هَرَبَت مرة أُخري! بِلا أدني إحساس بالأماكِن حَولَها! حتي لاندرين نفسُه بدأ يبدو "غَير حقيقياً" ! لها ، وكأن العالَم كُلُه مُتآمِر علي جَعلَها تشعُر بالعَجز! هل الكَون يُعاديها؟! لا! هيّ ليسَت مُضطَرَة لِفِعل أي شيء مِما هوَ مُتوَقَع مِنها فِعلُه! ماذا الآن؟! هل يُفتَرَض أن تتزَوج لاندرين وتبقي في ذلك الزَمَن؟! لحظة ! ، إنهُما بالفِعل زَوجان!
لم يَحتَج لاندرين لفِعل شيء مُعيَن كي يُفَرِق مَجموعِة المُراهقين مِن حولُه ويَلحَق بِها فَقَط نَظرَة واحِدَة مِنهُ لهُم كانَت كافية لإرسالِهم في طُرُق مُختَلِفة!
أصبَحا في زُقاقٍ ، إنهُ مُغلَق! الكون مازالَ مُتآمِراً عَليها! تُعطيه ظَهرها موَضِحة عدم رَغبَتها فالمواجَهة! أو إنها مازالَت تنظُر للحائِط الطوبي بِصَدمَة!
صاحَ مع الرَعد الذي سُبِقَ بِضوءِ بَرقٍ قوي وقد بدأ المَطَر فالهطول والناس في رَكضٍ إلي منازِلهم ، نعم! أنتهي المهرجان يا سادَة! : فقَط لِماذا كُل هذا الهُراء؟!
ألتَفَتَت لتتحرك نهايات خُصَلَها التي لم تَعلَق كبقية شَعرها بِفعل الماء علي وجهها لتقول بآلم : أنتَ لا تَفهَمُ شيئاً! هذا حُلمٌ! يجب أن أستيقِظ!
أقترَبَ ليُصدِر حِذاءُه مع الماء علي الأرضِ صَوتاً غَريباً يُضاهيها آلماً لكن من نَوعٍ أخَر فآلمها عَجزٌ عن التحكُم بِحياتِها وآلمُه عجزٌ عن تَبديد آلَم من يُحِب! : بلي أفهَمِك!
تابَع بعد صَمت : هل أنا.. حُلمٌ سيء لتلك الدَرجَة؟! لِتَهرُبي مني بِهذا الشَكل!
أستَشعَرَت كمية الوَجَع في صَوتُه! فأرادَت ضَمُه بِسُرعَة والتوَسُل من أجل السَماح! لكنها لا تستطيع فِعل هذا! ، أقتَرَبَت لِتَضَع كَفيها علي وجنتاه : لاندرين ، أنا كُنت سأعود لِزَمَني لو كانَ باليَدِ حيلة ! لم أكُن لِأختارَك!
أغمَضَت عيناها بِقوَة : أبداً!
تابَعَت : وَكُل ما نشعُر بِهِ هوَ علي الأرجَح بِسَبب الطاقَة! تلك.. هيّ الحقيقة! إنّ الكَون يَخدَعنا! ليسلُب إرادَتنا ويَجعَلنا نُنَفِذ ما يُريد!
أنزَل كَفيها عن وَجهُه بِغَضَب ليُمسِك كَتِفاها : هل أطَعتِ هواكِ يَوماً في أمرٍ مصيري؟!
تابَع : بالطَبع لا! لهذا! مُجرَد أن تماشي هواكِ الذي لا تَنفَكينَ تَعصينُه مع القَدَر لا يعني أنَكِ لم تشعُرينَ بِشيء!
أصبَحَ صوتُه حانياً فجأة : ألا يُمكِنِك أن تكونِ فقط سَعيدَة أنهُ تماشَي أخيراً مع القَدَر!!
ترَدَدَت : لكن ، كيف أعلَم أنهُ حقيقياً؟! إنني بالفعل أشعُر بِهذا وأن هذا ليسَ القَدَر يتآمَر ضِدي؟!
حَدَقَ بِعَينَيها لثوانٍ دونَ أن يَنطِق وكأنهُ يُحاوِل سَكب القَليل مِن رَوحُه فيها من خلال بوابَتي عينيها ليُسكِن الفوضي التي تحدُث بِداخلها ويُخرِس صَفِارات الطوارئ! : سيرين ، كِلانا كادَ يموتُ مَرَاتاً من أجل حماية الأخَر!
حلَقَ شَبَح إبتسامَة علي شَفَتيه : لقد مُتِ بالفِعل! وعُدتِ مرة أُخري من أجلي!
وكأن بِهذِه الجُملة أصبَحَت الأدِلة الموَجَهة ضِدَها أكثَر من الأدِلة الموَجَهة ضِدُه!
شَكَكَت مرة أُخري : لكن الحقيقة!
قاطَعها بِحَزم أخيراً : لا تَستَخدِمين كَلِماتي ضِدي وَتَنسين أني قائِلُها!! ، أنا أعلَم الحقيقة!
سيرين فتاة حُرة ، لكنها لم تَستَطِع سِوي أن تَثبُت كالتِمثال وتَكتِم أنفاسُها أمامُه!
"هذا الرَجُل يبدو وكأنهُ يَعلَم عَمَ يتَحدَث!"
صاحَت في صَوتَها الداخلي "أصمُتِ! المَوقِف لا يَحتَمِلِك !"
أقترَبَ فجأة ليُمسِك خُصلَة مِن شَعرَها فأرتَجَت : ألسنا نتَسَرَع؟!
ترَكَ تلك الخُصلة لِتَستَرخي فيُمسِك رأسَها كُلُه فجأة! بينَ كفيه بِقوة : فقَط توقفِ عن التَفكير!! لا لَسنا نتسَرَع يَكفِيكِ التَفكير الذي فَكرتيه لأعوام قادِمَة!
ترَكَ رأسها : لِمَ لا أقول "أُحِبِك" ! وتُكَرِرينَها خَلفي ويَنتهي عند ذلك الأمر؟
وكأن هذه كانت كلِمة السِر في ذلك الحوار الطويل الذي لا طائِل مِنهُ "قد قالَها! إن قُلتِها الآن لن تؤذينُه!"
تابَع لاندرين وكإن الأمر تَحوَل إلي نِقاش جاد : فقط كَرِريها "أُحِبَك" ! وسيُصبِح كُل شيء...
قاطَعتهُ بِضَمَة ، لِماذا تَقفِز دَوماً ؟! ليسَ وكأنه يَعتَرِض!
هَمَسَت بإبتِسامَة : أُحِبَك!
بقيا لثوانٍ في مكانَيهِما ، هيّ تسترخي أكثَر بين يَديه وهوَ يَتَمَسَك بِها أكثَر حتي : لاندرين؟
-ماذا؟
-كُنتَ تقول أنّ كُل شيء سيُصبِح بخير إن قُلتُ "أُحِبَك" ؟
غَمغَم باللا شيء وكإنهُ قد نام! : مم؟
-أتستَطيع أن تَعِد علي هذا؟
هُنا أستفاق وفتَح عيناه : بالطَبع لا! لا شيء مَضمون!
أبتَعَدَت قليلاً لِتُسقِط قلنسوتُه التي كانَت تحميه من المطَر ليتَبَلَل رأسُه مِثلَها ، مازالَت مُرتَكِزَة عليهِ فالهَواء ويُمسِكها مِن خِصرِها ، أقترَبَت مرة أُخري لِتَرطِم جَبهَتها بِجَبهتُه وأنفُها بإنفُه ، في ظَرف أخر لم تكُن لِتَتَمكن من هذا بِسبب فَرق الطول ، قالَت بإبتسامَة : لاندرين بوغاريوس؟!
لم يَفهم شيئاً مِما تُحاوِل فِعلُه لكنها تَبتَسِم الآن أجمل أبتسامَة رأها! فلم يَهتَم ! : ماذا؟
-أنتَ كَنزٌ!
إتَسَعَت إبتسامَتُه : حقاً؟ لِماذا؟!
-لأنكَ رَجُلٌ لا يَعِد!
-سيرين ؟
-ماذا؟
-أيُمكِنِك حِفظ الأسرار؟!
-لا! الأسرار تُثقِل صَدري!
أبتَسَم : أنتِ أيضاً كَنزٌ!
ضَحِكَت وَقَد فَهِمَت للتو ما قَصَد : أبلَه!
تلك كانَت أوَل مرَة تَلغي فيها المسافات بينَهُما كُلياً! لِتَسُبُه مازِحة! ولِسَبَبٍ ما وَجَد الأمر في قَلبِهِ مكاناً كبيراً! بالنِسبة لشيء بِهذه البساطة والصِغَر!
دافَعَ باسِماً : ماذا! أي فتاة أُخري كانَ ليدفَعها الفضول لقول نَعم! كي تعلم السِر!
ضَحِكَت ، رُبما هوَ مُحِق! قد كانَت فضولية في صِغَرِها حتي تعلَمَت أن الأسرار ليسَت.. جميلة أو سَهلِة الحَمل! ومن يُحِبَك فِعلاً لن يُحَمِلَك واحِداً أصلاً أو.. يَعِد!
ماالذي لا تعلمهُ عنهُ من الأساس؟! تعلم إنهُ يمتلك قُدُرات عجيبة بسبب الطاقة! تعلم إنهُ عضو في أخوية سرية! هيّ تعلم حتي كيف يبدو شَكل كَتِفُه أو ظهرُه إن جُرح! ، هل هُناكَ شيئاً عنهُ لا تَعرِفُه؟!
أنزَلَها أرضاً إلي جِوارُه لافاً يَداً حولَ خِصرِها لِتفعَل معهُ المِثل! ويسيران أخيراً كأي حَبيبان طبيعيان ! ما وِجهتهُما الآن؟!
السَير يبدأ فالتو واللحظَة وليأتِ التفكير لاحِقاً!
نطق لاندرين بلا تركيز حقيقي : هل أصبحنا زوجان حقيقيان الآن؟!
رَدَت بِمُزاح : علي الأقل حقيقيان أكثر من أي شيء بِهذا الزَمَن!
___
لاندرين.. ليسَ لديهِ مَنزِل! كانَ دوماً مُقيماً في مقر الأخوية! ليس لديهِ مكانٌ أخَر! أين سَيَذهَب بِها بعد أن تزوج الآن؟!
هوَ سيعود إلي بلدُه بِلا شَك! هل سيترُك عملُه فالأخوية؟! لا! لماذا عليهِ أن يترُكُه؟!
لاندرين لم يخشي الموت يَوماً! الآن هوَ لا يَخشي إلا عَليها! ماذا إن عَلِم أحَدُهُم عَنها؟! قد يَتِم إستِهدافَها بِسَبَبُه!
عليهِ فقط أن يُخفي أمر زواجَهُما! ليس عن أخوَتُه بالتأكيد! لكن عن أشخاص كالملكة والأمراء! ليس لأنهُ لا يَثِق بِهم! بالطبع لا!
هوَ فقط لا يَثِق بِمن "يُحيطونَ بِهُم" ! ، سيعمَل كما أعتاد أن يَعمَل! فقط لن يَعود في نهاية اليوم للسِرداب سيعود .. إليها!
سَيُحارِب! ليَعود! ، لاندرين لم يُحاوِل بِشِدَة العَودَة لِشيء! لطالَما فَكَر "إن مِتُ الآن فأنا أعلَم أنّ الأمر يستَحِق ، قضايايّ حقيقة! وموتي سَيُحدِث فَرقاً!"
كيف يُمكِن للخَوف أن يُصبِح قوَة؟!
مُخطيءٌ إن ظَنَنتَ الشُجعانَ لا يَهابونَ شيئاً! هُم فقط أُناس يتَحدون الخَوف ! مُخاطِرون!
لأن.. هُناكَ شيءٌ يَعودونَ لَهُ! وَطَن! مَنزِل!
هل لَديكَ شيئاً تَعود مِن أجلُه؟! وكأنهُ لِلتو يُلاحِظ إنهُ قاتَل بِقوَة دون أن يَعلَم ما هيّ الشجاعَة الحقيقية!
رُبما لم يُصبِح شُجاعاً فِعلاً إلا عندما أحبَها !
فالشجاعَة لم تكُن يوماً اللا مُبالاة بِنَفسَك كُنتَ حَياً أم مع الأموات!
وقد عاشَ.. غَريباً! بِلا وَطَن! أو شيء يَعود مِن أجلُه!
لكن ليس بعد الآن! ، يَعلَم إنهُ لن يعود كالسابِق مرة أُخري أبداً!
فالبذور في يَد الفلاح تكون في حالَة! وحين تَنمو فالأرضِ مُكوِنَةً جِذوراً تُصبِح في حالة أُخري!
البِذور.. مَيتَة! ، الجِذور؟ إقتِلاعِها يَقتُلها!
كانا يَبيتان في قرية بِطريق عَودَتهما ، فُندُق بسيط لا سَريرَ حتي فيه!
سيرين نائِمَةً علي جانِبها بالأرض بِدون تَذَمُر ، ذِراعُها تَحت رأسُه!
بينَما أمسَكَت قَبضَتها الأُخري بِقِطعة من قميصُه كأسَدٍ غَرَس أظافِرُه بفريسَتُه! ، كانَ ينظُر لوجهها بِصَمت ، هادِئة جِداً وساكِنة في إستِغراقِها بالنَوم ، قد تَبدو مُتَمَسِكه بِهِ جِداً ! وكأنها لا تَعرِف أحداً فالدُنيا غيرُه! ورُبما هذا حَقيقي الآن!
لكن في تلك اللَحظَة.. عَلِم لاندرين أنّ [إنتزاعُه من بَين يَدَيها سيكون مَوتُهُ قَبل أن يكون مَوتُها!!]
من الغَريب ؟! هوَ ؟! أم هيّ ؟! أم كِلاهُما ؟!
___
مازال عَقل سيرين في حالَة من الصَدمة ، جَرِب إخبار فتاة جامعية إنها ولِدَت لِتَتَزوج راهِبٌ من العِصور الوسطي وإن هذا قَدَرها وأنظُر ما تَفعَل!!
فَقَط وكإن [كُل ما تعلمتهُ فيما سَبَق كانَ كَذِباً ، مُجرَد معلومات خاطِئة]
كُلما مروا بمدينة أو قرية تُحاوِل الإختلاط بالنِساء أكثَر ، معرِفة كيف يعيشون ، ما الأشياء التي يُفتَرَض أن تُجيدَها هُنا؟ وكإنها تُحاوِل التأقلُم لكن هل نسيان من تكون أمثَل طريقة لِفِعل هذا؟! وكإنها تُريد مسح دِماغَها لِتَحشُر فيه معلوماتٍ أُخري!
الكِبر خَطِيئَة والتغير جَيد ، مُفيد ، صِحي ، هدم الأفكار الخاطِئة وتَصحيحها مُهم! لكن .. هل تلك أفكار تحتاج التصحيح؟!
أصبَح لاندرين دوماً يُحَدِثها عن زمانِها! هوَ لا يُريدَها أن تنسي! يُريدَها أن تَبقي نَفسَها! لكنها لا تري فائِدةً من التذكُر! ، الأمر أصبَح كَجرحٍ لها فقط تحتاجُه أن يتوَقَف عن النَزف!
مع الوَقت وكَثرِة الحِل والتَرحال بدأت فالعودَة لطَبيعَتها مرة أُخري ، تَقَبَلَت الأمر كُلياً وتَخَطَت الإنكار ، الحالة العادية من السلام والرِضي بالإضافة إلي الإلمام ببعض أمور ذلك العَصر..
دارا مِن حَول المدينة الملعونة -سابِقاً- لإنها تُشَكِل للاندرين رُعباً حقيقياً كونُها المدينة التي ماتَت فيها زَوجَتُه مَرَة!
المدينة التي تزَوجا بِها أمرٌ مُختَلِف! بِغَض النظَر عن أمر تِجارِة العبيد هَذا وكونُه غير قانوني!
وقَفا مُتقابِلَين في كَنيسَة فارِغة ! ، لاندرين يَبتَسِم بِسَعادَة : هُنا تَزَوجنا!
رَدَت الإبتِسامة : أتعلَم ماذا؟! أنت لم تُقَبِلني ذلك اليوم!
أقتَرَب : يُمكِنُني أن أفعَل هذا الآن!
غَيَر نَبرِة صَوتُه : لاندرين بوغاريوس! يُمكِنُكَ تقبيل العَروس!
فجأة وضَعَت يَدَها علي فَمِها! ودَفَعتهُ لِتَركُض خارِج الكَنيسة!
وقَفَ مصدوماً لِثوانٍ ، تلفَت حولُه وكإنهُ يبحَث عن الشَبَح الذي لا يُريد مِنهُ تقبيلَها في ذلك المكان!
زَفَرَ ولَحِق بِها للخارِج ليَجِدَها مُنحَنيَة مُمسِكَةً بِبَطنِها وتتقيأ أمام شَجَرة!
لم يرَها يوماً بِهذا الشَكل! تَفَعَلَت قوِة عيناه بِسُرعة لا أرادياً بدافِع القلَق ! ، ما هذا؟ ذلك الشيء الذي بِبَطنِها؟! يا إلهي! أهيّ حامِل بِطِفل!؟
ذُعر مؤَقَت! ، تسارُع نَبض! ، سَعادَة!! قَلَق! طاقَة!!
لاندرين يُحِب الأطفال! هُما لم يَتَحدَثا أبداً عن الأطفال! هل تُريد سيرين القيام بتربية طِفل معُه؟! هل يُخبِرها؟! أم لا؟!
فقط إتَجَه إليها وقَد رَكَعَت علي الأرض ليَجلِس بِجوارِها ويَمسَح علي ظَهرِها مُحاوِلاً إرسال الدِفء من يَدُه!
مَسَحَت فَمَها لِتَرفَع عيونَها أخيراً لوجهُه : لا أعلَم ما الأمر! ، لا رُبما أعلَم! لستُ مُتأكِدَة!
إضطَرَب لكنهُ لم يُظهِر! هيّ .. كانت أيضاً مُضطَرِبَة! لكن أحداً منهُما لم يَلحَظ الأخَر في مُحاوَلتُه لإخفاء قَلقُه ، تركيز كُلٍ منهُما في تلك اللحظة علي نفسُه!
إخفاء الأشياء صَعب! خصوصاً إن لم تَعتَدهُ!
نَهضَت بِتاثَقُل لِيَسنِدها بِسُرعة : سأذهب لِتشارا ومالوري لأري ما لديهم من أعشاب!
أراد أن يَصيح "مهلاً! ماذا إن تَضَرَر الطِفل!" لكنهُ سيضطَر لِقول أنّ هُنالِكَ طِفل! آآآآه!!
أوصَلَها ليدخُل فالبَيت المُجاوِر! هُما ضَيفان لدي نفس البيتَين تماماً كالمرة السابِقة!
كانَ لاندرين شاحِباً ، نَظَرَ لهُ رفاييل بتعجُب : هيه ما بِك؟!
قالَ بِصَدمة : أظُنُ إنني سأُصبِحُ أباً!
قَفَزَ موريس مِن مكانُه : ياهووو! مُبارَكٌ لك!
لكن لاندرين أستمر في إرسال النظرات الضائِعة يُمني ويُسري!
نطَق رفاييل بِبُطء : أظُن إنهُ في حالة ذِهول ، لا يبدو بخير!
وكَزُه موريس : أنت! ما الخَطب؟!
زَفَر ليُغلِق كِلتا عيناه ويفتَحهُما مرة أُخري وقد أصبحتا أكثَر طبيعية : الأمر هو ...
___
كانَت مُستَلقية علي ظهرها بِسَرير في وَسَط الغُرفة وعلي يَمينَها تشارا تُناوِلها كوباً : إنهُ مشروب عادي من أجل التقيوء جميع النساء هُنا تشرَبنُه ، لا تقلقِ!
صاحَت مالوري بِحماس : إذن!؟ هل أذهب لأُخبِرُه؟!
أمسَكَت سيرين يَدَها بِسُرعة! : لا! أنا سأُخبِرُه عندما أكون مُستَعِدَة!
تحوَل حماس مالوري في ثانية لِهدوء وجلَسَت إلي جوارِها بِصَمت لا تدرِ ما تقول فقط لديها شعور أنّ شيئاً ما غريب ، هيّ صغيرَة عكس تشارا التي رَبَتَت علي كَتِف سيرين : عزيزَتي ما الأمر؟ الضيق ليسَ جيداً من أجلِك!
فَرَكَت سيرين جَبهتها : إن الأمر مسئولية كبيرة!
أمسَكَت تشارا يَدَها : كانَ كذلك لكُل من أنجبوا! لستُما أول من يَحظي بإطفال! هيّ مسئولية.. لكن معاً تستطيعان حَملَها!
ظَهَر القلَق جلياً علي وجه سيرين : ماذا إن لم يُعجِبهُ الأمر؟! إن طبيعة عملُه لا تَسمَح لهُ بالتقيُد بشيء!!
أرادَت مالوري قول "تزوجتيه وأنتِ تعلمين هذا جيداً! تَحمَلِ إذن!"
لكن هذه الإجابة لم تكُن لتكون جيدة فتركت التحدُث لِتشارا مرة أُخري والتي لم تسأل "ماذا يعمل؟"
بل نظَرَت لها بِثبات : هو ليس ذلك النوع من الرجال ، لقد رأيت الكثير! قد يبدو وكأنهُ لا يُمكِن الإمساك بِهِ لكنك تستطيعين الإعتماد عليه!
سيرين تعلم هذا! ، هدأت : سأُخبِرُه!
___
قالَ موريس بتردُد : إذن؟ هيّ لا تَعلَم؟!
أومأ لاندرين ، لم يسألُه أحد "وكيف عَلِمت أنت!" بل تدخل رفاييل : أنت لا تَخشي المسئولية؟
رَفَعَ لاندرين رأسُه عن الأرض : ماذا؟! لا! أخشي رَدِة فِعلَها!
أليس هذا ما تَخشاه هيّ أيضاً؟! كِلاهُما يُفَكِر بالأخر حتي إن كِلاهُما غَفَل عن الأخَر!!
من الجيد أن يكون لَديك أصدِقاء من أجل مواقِف كهذِه ، حين لا يَعمَل عقلَك بِكفائَتُه!
ضَربُه موريس فجأة علي كَتِفُه بِقوة : ستكون الأمور بخير! لا داعٍ للقلَق!
___
هُما مُغادِران لأخر مرة ، سيصِلان قريباً ، ثلاث أشهُر ذهاب وثلاث أشهُر آخرون أياب ، هُما معاً مُنذُ سِتِة أشهُر الآن!
نِصف عام!
كانَت سيرين تسير بِجوار ماتشي ، تخشي رِكوبُه فهيّ لا تدري إن كانَ في هذا خَطر علي الطِفل أم لا! ولاندرين لم يُعَلِق علي الأمر لكنهُ كانَ ينوي التوقُف للإستراحة من أجلها حتي وإن لم يَتعَب الحِصانان !
نطَقَت بطبيعية : لاندرين ، أنا حامِل!
تَجَمَد لثانية ، بدَت عادية إذن هيّ لا تُمانِع صحيح؟
أبتَسَم وقد تذكر إنهُ يجب أن يُظهِر رَدِة فِعل من نَوعٍ ما : جَيد !
كان هذا كُل شيء فأردَفَت بإندِهاش : كُنتَ تَعلَم!
لا فائِدَة من الكَذِب! هيّ ستقرأُه علي أي حال! ، أومأ بخَجَل! لِتَسأل بتعجُب : لِماذا لم تُخبرنِ؟!
زَفَر وكأنهُ يُخرِج الكلام من صَدرُه لا فَمُه : أظُنُني خِفت رَدِة فِعلك!
صَمَتَت لثوانٍ : أظُنُني أعلَم كيف تَشعُر!
سادَ الصمت فَترة حتي كَسرُه : تَعلَمين إننا مهما حَدَث سَيَنتهي الأمر بِنا الأمر مَعاً صَحيح؟!
لِسَبَبٍ ما لم تبدو لها هذه مُجرَد جُملَة عابِرَة لكنها لم تُصَرِح بِهذا الخوف الهارِب فقد إنمحي قبل أن يَنمو لِتَهُز رأسها بـ ”نعم” لهُ!
___
حِدود بَلِدة لاندرين ، نُقطِة البداية وهاقد عادا للبداية!
أعطي لاندرين لحارِس البوابَة كِتابُه الذي عليه علامِة صليب! ، نظَرَ فيه ثُم ترَكَهُما يَمُران!
لم تَتَساءَل سيرين فالمرة السابِقة عن ما يختبيء وراء هذا لكنها فعلت تلك المرة حين سَحَبَت من لاندرين الكِتاب وفتحتهُ لِتَنظُر بِهِ! ، توَقَعَت أن تري كَلِمات الكِتاب المُقَدَس العادية لكنها وجَدتهُ فارِغاً!
فرَفعَت بَصَرَها للاندرين بِتَعجُب ليَشرَح : إنها إحدي طُرُق الحُراس العاديون في مَعرِفَتِنا!
بعد القليل من السَير قابَلهُما أوشين ولم يَكونا قد تَعمَقا فالبَلدَة بَعد ، كان علي وجهُه كُل علامات الذُعر! حتي إن سيرين فَضَلَت رؤيتُه بعيون السَمكَة الميتة!
أمسَك بِكَتِفي لاندرين : أخيراً! جيد إنَكَ عُدت! كُنت سأذهَب للبَحث عنك!
صاح لاندرين بِسُرعة : ما الأمر؟! ماالذي حَدَث!
-كارِثَة! ، لقد أكتَشَف الفَسَدَة إننا أعداؤهم الحقيقيون! يُريدون إزاحَتنا مِن جوار المَلِكة! ، إنهم يَمكُرونَ لنا لدي العائلة المالِكَة بأكمَلها! ليس هذا فقط! لا أدري كيف حدَث هذا حتي!! لكن جميع السارِقون بالعالم أتحدوا ضِدَنا!! ، إن سَقَطنا نحنُ ، حُراس هذه المدينة! فَسَيسقُط الحُراس بالعالَم!
كيف يُسقِطون حُراس المَلِكة سينامون؟! بإسقاط قائِدهُم! الذي هوَ لاندرين!
وَقَفَ مصدوماً وقد تَحوَل فجأة إلي أهم رَجُل علي الكوكَب في هَذِه الحُقبَة!
أردَف أوشين بِلا أهتِمام مُحَدِثاً سيرين : وأنتِ! أهرُبِ! الآن!
رَدَ لاندرين لا إرادياً وكإن ما يقول أحد الأمور المُسَلَم بِها : إنها زَوجَتي !
شَهِق أوشين ليَضَع يَدُه علي فَهم لاندرين بِسُرعة : لا تُكَرِر هذا!
دافَع لاندرين : إنها ليسَت ساحِرَة!
رَد أوشين بعصبية : من يَهتَم ماذا تكون؟! إن العالَم سَيجوع عما قريب! تَزَوَج مَن شِئت! ، لكن هذا فقط سيُثبِت التُهمَة عليها! وعليك!
تَشَوَش لاندرين : كيف؟!
-الساحِرَة سَحَرَتك! هذا ما سَيُقال!
أن يحدُث كُل هذا فجأة! أمر صَعب تَصديقُه! العالَم ينهار؟!
أستَنتَج لاندرين : لا بُدّ وإنّ لَدينا خائِناً! من الخائِن؟!
ظهرَت الحيرَة في عيون أوشين ليرُد : كُنت أبحَث فالأمر مُنذُ شِهور! مازِلت لم أصِل إليه! ليسَ واحِداً منا بالطَبع ! ، إستَبعدت بعض الفروع الأُخري في بَحثي! لكن لا حَظ في كَشفُه!
شَعَر لاندرين وكإن أوشين يُخفي شَيئاً ، ذلك التوتُر! : ماذا أيضاً حدَث وأنا غائِب؟!!
نَظَر أوشين للأرض : لقد تم تقديمَك للمُحاكَمَة بِتُهمِة الخيانَة! و... أنت الآن مطلوباً مِن قِبَل العدالَة فالعالم كُلُه!
ماذا؟!! العَدَالة تُطالِب بِرأسُه؟! لكنهُ قضي عُمرُه يَخدِم العدالَة!
تابَع أوشين : وهيّ تم الحُكم عليها غيابياً بالإعدام!
-أنتهي الفصل الثامِن.
[/align][/cell][/tabletext][/align]
التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 09-22-2015 الساعة 06:49 PM |