عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 08-30-2015, 01:02 AM
 
418 نعشاً - من كتاب : الشيطان يحكم

سآخذكم معي في جولة رائعة مع أستاذي يرحمه الله ( د. مصطفى محمود )
لهذا الرجل مكانة خاصة جداً في قلبي ، وكلماته دائماً ترن في صدى عقلي ، إليكم بعض روائعة الأدبية والعلمية الخالدة :




418 نعشاً - من كتاب : الشيطان يحكم

في إحدى المدن الأمريكية تحرك موكب من 418 نعشاً ..
المرافقون للجنازة كانوا يلبسون الكمامات . وعلى طول الطريق أُعلِنَت حالة الطواريء في المستشفيات ووُزِعَت الأقنعة والعقاقير المضادة .
ومرت هذه الجنازة الغريبة في طريقها لتلقي بحمولتها من النعوش في مقبرتها في قاع المحيط على عمق ألف وخمسمائة قدم .

وكان المشيعون يرتجفون رعباً لا حزناً .. فقد كانت تلك النعوش الرهيبة هي صناديق من الصلب تحتوي أطناناً من غاز الموت .. كل نعش به ثلاثون صاروخاً معبأة بغاز الإعصاب القاتل .. أي أكثر من 15 الف صاروخ في مجموعها .. إذا تسرب من إحدها الغاز فإنه يقتل من يشمه في دقائق .

وقد قررت أمريكا التخلص من هذه الغازات ليس حباً في السلام ولا زهداً في القتل .. ولكن لأنها اخترعت وسائل ميكروبية وكيميائية أشد فتكاً من هذا الغاز الروبابيكيا ... واستحدثت موضات أسرع في الإجهاز على ضحاياها من هذا الغاز الموضة القديمة .

لقد بلغت سرعة تطور العلم والأسلحة الفتّاكة لدرجة أصبحت المشكلة .. هي كيف السبيل إلى التخلص من الأسلحة القديمة ومن وسائل الموت المتخلفة .

إن اختراع البندقية الرشاش كان ايذاناً بنهاية عصر بندقية الخفراء .. وقنبلة الهاون طردت قنبلة مولوتوف من السوق .. والقنبلة الذرية جعلت الحرب التقليدية مثل حرب الهرّاوات .
وغاز الأعصاب جعل غاز الخردل موضة قديمة .
واليوم غاز الأعصاب أصبح روبابيكيا .

وظهرت موضة حرب " الطولاريميا " وهو توكسين ميكروبي يوضع في الأنهار فتموت مدن على بكرة أبيها .
وقنبلة هيدروجينية مدارية توضع في قمر صناعي يدور في فلك حول الأرض ثم توجه للسقوط بأزرار من قواعد إلكترونية على الارض فيقع الموت على قارات فيغرقها .
وفي الطريق قنبلة الكوبالت ..
وقنبلة النيوترون ..

وقنبلة النيوترون هذه يمكنها أن تشق الأرض نصفين مثل البرتقالة أو تنثرها أجزاء .. فتتحول الأرض إلى سحابة من الحصى تسبح في الفضاء .
والدول الكبرى تتسابق الآن في التخلص من ترساناتها من الأسلحة القديمة بإلقائها في حروب فيتنام وكوريا ونيجيريا وبيعها للدول المتخلفة .. وآخر خبر أن تشيعها في جنازة رسمية وتلقي بها في البحر ..

فليس من حسن السمعة أن تحتفظ الدولة الكبرى في ترساناتها بسلاح ضعيف .. وأمثال تلك الاسلحة الرحيمة التي لا تقتل إلّا ألوفاً يجب أن تُدفَن في مقبرة تليق بها .
هي إذن جنازة لتشييع الرحمه والرفق والرقة لتدفن وتغيب عن سمع العصر الجديد وبصره .. عصر الموت الشامل والقتل الصاعق بضغطة على زر بدون حاجة إلى مواجهة أو شجاعة .. فالشجاعة والفروسية هي إيضا موضة قديمة يجب ان تُدفَن .. ونحن اليوم في عصر القتل بنذالة .. وترك المواجهة ليتولّاها ميكروب في الظلام أو سم قاتل يتسلل في خفاء إلى العروق أو غاز بلا رائحة يتلصص إلى الصدور بينما أصحاب هذه الصدور يتنفسون غافلين في أمان .

إنها حرب الست ثواني .

وقتال المكيدة .. والطعن في الظهر .. والشراك الإلكتروني الغادر . لن يستطيع الجندي الغالب في حرب المستقبل أن يقول .. أنا بطل .. ولا الجندي المغلوب أن يقول .. أنا شهيد .. لأن البطولة سوف تتوارى ليحل محلها المكر واللؤم ..

سوف تنتصر الميكروبات وتكسب لنا الحروب .

سوف تكون ماريشالات المستقبل .

يا له من تقدم ؟!!

أخيراً .. عرف الإنسان مكانه .. خلف الميكروب .. ووراء الفيروس .. وتحت قيادة الجراثيم .

--------------

رحمك الله أستاذي العزيز ،
تلميذك المخلص : عبدالله خضر عبدالله

رد مع اقتباس