09-05-2015, 11:58 PM
|
|
غيهب روح |هيوكا: الملجأ/3100| براءة ونقاء الملائكة جسدت تعابيرهم، بعيونهم الصغير البراقة حملقوا بلهفة إلى الشابة ذات الشعر الأشقر والعيون الحمراء. ابتسمت بملائكية وهي تراقب تحمس الأطفال الثلاثة لتجلس بعدها على كرسي على مقربة منهم ثم بدأت بسرد الأسطورة التي حفظتها عن ظهر قلب قبل ألاف القرون الغابرة حدثت أمور غيرت مجرى العالم، نقطة تحول في حياة البشرية ظهور أنواع جديدة ومتفردة، عودة الطبقية والتمييز. وبتناغم مع وساوس الشياطين أقدموا على المحرمات. انتهكت حرمات عديدة يعجز البشر عن احصائها، تغير الزمان وتغيرت الأفكار. اضمحلت كل القارات وانصهرت الأعراف والأنساب في سلالة واحدة. بدأ كل شيء في سنة 2030 في مركز البحوث في قارة كانت تدعى أمريكا. عجزت الكلمات عن وصف السرور الذي انتشر كالوباء في كل ذرة من كيانهم. كيف لا وها قد وصلوا إلى مبتغاهم، اختراعهم الأعظم، سيد كل الاختراعات شرائح النانو الأندر والأخطر. لكن سرعان ما اختفت سعادتهم تلك، فأصبح كل واحد من المخترعين الخمسة يحاول الطفر بالاختراع لنفسه الطمع، هو الأغنية الذي تجعلك ترتبط بالشيطان تنسيك نفسك، أهدافك وكل ما تعترف به. فجل ما تتماشى معه هو الرقصة المتناغمة مع شهوات الحياة المحرمة. من كان ضعيف الإيمان مات دليلا مهان. وهذا ما حدث فقد تغلبت الوساوس على إيمان المخترعين. وبعد صراعات كثيرة قرروا تقاسم الشرائح بالتساوي بينهم! كانت تلك هي نقطة التطور والتغيير، فقد قام كل مخترع ببيع الشرائح بمبالغ طائلة، وبعد خمس سنوات صارت كل الدول تطمح في الحصول على كل الشرائح دفعة واحدة، بالأخص الولايات المتحدة باعتبار أنّ الشرائح اخترعت في مختبراتها، لم يكن هناك خيار غير الحرب في نظرهم. حربا مدمرة كانت، اضمحل على إثرها معظم الكائنات الحية بشرا كانوا أو حيوانات أو حتى نباتات. استمرت الحرب عشر سنوات، إلى أن قرر المسؤولين في كل الدول الباقية الهدنة. ففي النهاية لم ينجوا إلا مليارين من البشر فقط في كل العالم. الأرض صارت تبكي وتطلق آهات متألمة، كيف لا وهي ترتوي بدماء أولادها. كوارث طبيعية حدثت، زلازل، فيضانات، براكين، كانت مجرد محاولات من الأرض لتهدئة الأوضاع. لكن ما الفائدة من شعب فسد ولم يبقى منه إلا الجسد، ففي النهاية لقد اعتروا بالمادة ونسوا الروح. في احدى الليالي الهادئة من سنة 2045، حدث أمر لم يتوقعه أحد، فقد أدى انفجار احدى الشرائح وانقسامها إلى انفجارات وانقسامات متتالية من الشرائح الأخرى في كل البلدان العشر المتبقية. امتلأ الجو بالرقاقات كذا الأطفال الذين ولدوا في وقت الحادث، مئتا شخص في العالم اندمجت الرقاقات معهم بالإضافة إلى الحيوانات أما النباتات فقد صارت نصف آلات وفقدت معظم الخصائص البيولوجية السابقة. استمرت الهدنة بين الشعوب قرابة العشرين سنة، حدث خلالها أغرب الأشياء للأطفال الذين ولدوا في دقائق الانقسام وكذا لباقي الأشخاص |في عام 2065/ المشفى: هاجيمي| من كان يتوقع هذا؟ أمور تفوق كل المعرفة، علوم جديدة، بيولوجيا حديثة متغيرة قد تبدو الأشياء أحيانا مريبة، غريبة ولا يمكن تصديقها لكن، ذلك لا ينفى وجودها خاصة وأن كل التجارب تشير بالإيجاب تنهد أحد الأطباء وعقله بالأفكار والفرضيات امتلأ، ربتت العالمة الواقفة إلى جواره على كته وهي للتخفيف عنه ناوية، استدار إليها بشبح ابتسامة لتقابله هي ببسمتها المشجعة قائلة: لا تقلق، لقد تغير العالم الآن ويجب عليها اكتشاف ما يجري، موافق؟ أومأ موافقا على كلامها ليعود إلى تجاربه وأبحاثه، وكل أفكاره بالخوف متسمة فماذا يخفي المستقبل للبشر يا ترى؟ فما تشير إليه التجارب أمر مثير للاهتمام، لكل ما يخشاه هو ما سيفعلونه بهم هل أدوات حرب يستحدثونهم؟ أو أن البشر سيتعلون أخيرا من أخطائهم. |هيوكا: الملجأ/3100| أكملت الشابة سردها للقصة بعد الحاحات الأطفال، تحدثت وهي سارحة بدهنها إلى زمن بعيد جدا: لقد تغير العالم جذريا، أولئك الأطفال لم يكبرون بطريقة عادية حين وصلوا لعمر العاشرة، فأطلق عليهم اسم "الطفرات" أما باقي الأشخاص فقد توقف نموهم لكن بطريقة أقل بطئا من السابقين. كما ظهرت أنواع جديدة من الحيوانات تدعى "أنوبوت" تملك قدرات نادرة وأشكال متفردة، في حين انقرضت معظم السابقة. أما النباتات فقد بقيت الأنواع الأولى وانشأت أنواع جديدة متفردة. مر أربعة قرون على هذه الحال والطفرات لم يبدوا عليهم التقدم في السن فقد توقفت أجسادهم عن النمو نهائيا في العقد الثالث، كما لم تمسسهم الأمراض كالربو والحصبة والبرد أبدا. على عكس البشر العاديين الذين عاشوا طويلا لكن أجسادهم نمت بشكل عادي، فمات العجائز منهم بسبب الأمراض وضعف مناعة أجسامهم. قرر بعض الطفرات الحفاظ على صنفهم باعتباره أكفئ وأفضل من صنف البشر، فتم انشاء جماعات على إثر قرارهم هذا. انقسمت إلى ثلاثة أصناف| الطفرات، البشر، المحايدين | كانت المجموعة الأخيرة هي الأحكم والأذكى، فهم الحرب ملوا وليس أمامهم إلا الاقناعات. وهكذا مضت ستة سنوات أخرى أنشأ فيها الطفرات مدينتهم الخاصة "تيارا" العاصمة المحظورة على البشر، أكثر المناطق تطورا ورقيا، أما البشر فقد استوطنوا المناطق المقفرة والمدمرة بسبب الحروب، استقروا في "هيوكا" أو ما يطلق عليه المنفى! تابع الطفرات تطورهم فبفضل شرائح النانو صار لهم ذكاء فاق ذكاء العباقرة. انشؤوا بعد "تيارا" ثلاث مدن مختلفة الميزات. وهكذا تغير العالم في قرن واحد ليصير كما هو الأن يا صغاري. فتحت عينيها الماسيتين لتلتقي نظراتها بابتساماتهم الكبيرة. سكيل، ديلر، باريس الأطفال الأحباء على قلبها والذين وجب عليهم العيش في هيوكا حيث الظلم والهوان ربتت على الشعر الفضي الخاص بحبيبتها باريس ثم قالت وهي تدفعهم ببطء: هيا إلى النوم يا صغاري المشاكسين ظهر الامتعاض على وجوههم لكنهم الصمت فضلوا، شارون لطيفة لكنها غريبة، لو اعترضوا على قرارها سوف يكونون في عداد الجرحى، وكأنهم من معركة طاحنة خرجوا. |
|