عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 03-30-2008, 09:13 PM
 
رد: يوميات ماما سارة وبابا عمر

الحلقة التاسعة



تحول كل بيتنا الى فوضى منذ أن أصبح يحيى يمشى ....أصبح لا يوجد مقعد فى مكانه ولا مفرش فوق ترابيزة لا سمح الله !! وطبعا أى ورود أو تحف صغيرة أصبح من المستحيل بقائها مكانها وأصبح مكانها الوحيد فوق الدولاب كى أنقذها من التحطيم المستمر!! .....لا أعرف لماذا يحب الاطفال استكشاف كل شىء حتى لو رأوه مائة مرة ؟أتعجب عندما أرى يحيى ماشيا فى أمان الله وفجأة يثبت نظره فى اتجاه شىء معين وهنا تصفر صفارات الانذار فى رأسى من أنى فى ثوانى سأسمع صوت تحطيم او دمار .....ثم أجده متجها بمشيته التى تشبه مشية البطة الى هدفه كالصاروخ ويكون غالبا كوب أو برواز صورة أو أى شىء .....وهنا أقفز مثل لاعبى السيرك لأنقذ الهدف المسكين من مصيره المحتوم وان نجحت تبدأ مرحلة من الصراخ من يحيى احتجاجا على هذا الظلم البائن !!كنت فى البداية أرق لبكائه وأتراجع عن موقفى كى يكف عن البكاء .......ولكنى وجدت انه فى غاية الخبث علم ان البكاء يخيفنى فاستخدمه كسلاح ....أى شىء يريده بفتح السارينة !! ولكنى انتبهت لهذا السلاح الجديد وأصبحت لا أهتم لصراخه ...حتى عرف بعد فترة انه لا جدوى معى من البكاء فأصبح ينصرف عنى وكأنه يتمتم (حسبى الله ونعم الوكيل !!).......أصبح يحيى هو صديقى الوحيد والوجة الوحيد الذى أراه يبتسم فى وجهى منذ أن زارنا الحزن وأقام لدينا منذ شهرين ........من يوم مات والد عمر ونحن نسكن مع الحزن فى كل لحظة .......أخاف على عمر من شدة حزنه على أبيه ......أراه شاردا حزينا ....أستيقظ فلا أجده بجوازى وأجده يصلى وحيدا وهو يبكى لله ويسأله الصبر على الفراق ............أحاول بكل طاقتى ان أخرجه مما هو فيه بلا جدوى ......يارب خفف عنه وعنا ...........(لا يعلم جنود ربك الا هو .....) الموت من جنود الله التى تدفعنا دفعا الى الخوف من الوقوف بين يدى الله .......لا أعرف كيف اختطف الموت أبى لأتحول فجأة من رجل الى طفل صغير فقد يد أبيه فى الزحام فوقف يبكى ولا يشعر بزحام الدنيا من حوله ......فقط ينتظر وجه أبيه ليعيد له الأمان ......رحمك الله ياابى كم أتعبتك فى طفولتى ....وكم عاندتك فى مراهقتى .......وكم جادلتك فى شبابى ........أندم على كل يوم لم أقبل به يديك ........وتبقى مشكلة أمى .....أنا ابنها الوحيد الرجل وأخواتى البنات متزوجات وفى بلاد بعيدة مع أزواجهن .......وأمى فى حال يرثى لها منذ وفاة أبى ....وأنا يوميا أزورها بعد عملى وهى تعيش فى أحزانها وتهمل حتى صحتها .......خوفى عليها يزداد ولكن ماذا أفعل ؟حياتنا انقلبت منذ وفاة والد عمر أصبحت لا أرى عمر الا نادرا ....أصبح يخرج من عمله يذهب الى حماتى ليقضى معها بقية الليل وأحيانا يبات هناك معها ......وأنا أزورها ثلاث أو أربع مرات فى الأسبوع .....أعد طعام الغداء وأصطحب يحيى وأذهب لها وننتظر عمر ليأتى ونقضى بقية اليوم معها ......أشفق عليها من أحزانها .......لا أعرف كيف تشعر المرأة لو فقدت شريك حياتها وحبيبها ورجلها الوحيد بعد عشرة أكثر من ثلاثين عاما ؟؟؟وقد تحول حزنها الى عصبية شديدة لو غاب عنها عمر يوما تظل تبكى وتتهمه بأنه لا يحبها ويفضل بيته وزوجته (اللى هى أنا !) عنها ......ولو لم أحضر لها يحيى لتراه انصبت فوق رأسى كل صراخ الدنيا .....ازدادت أعصابى توترا وأصبحت تقريبا لا أنام وبيتى فقد الاستقرار ولا أرى زوجى ......ولا أستطيع ان انطق بكلمة ....بل على طول الوقت أن احتمل أعصاب عمر المنهارة وغضب حماتى طوال الوقت ..........
-
-
-
-



زارتنى ماما ورأتنى وانا ذابلة مجهدة وقصصت عليها ما أنا فيه ....فردت على :

-معلش ياسارة استحملى ...جوزك معذور ده برضه والده
-انا عارفة ياماما والله ونفسى أخرجه من اللى هو فيه ......ومستحملة عصبيته واكتئابه ......بس حاسة انى عايشة فى دوامة يادوب اصحى الصبح علشان اشتغل وأجهز الأكل وأشيله وآخد يحيى وأروح لحماتى ونقضى بقية اليوم عندها وطول الوقت بأستحمل كلام فى منتهى الغلاسة وكأنها عاوزة تقول لى ( انا جوزى مات وانتى كمان واخدة ابنى ؟ ) بجد ياماما تعبت ومش عارفة اعمل ايه ؟-معلش اهم يومين ويعدوا ياسارة خليكى انتى بنت الاصول اللى تقف جنب جوزها وامه فى الظروف دى ......يعنى لو كنت انتى مكانه مش كان ح يعمل كده ؟-مش باين ياماما انهم يومين ......احنا بقالنا شهرين على الحال ده وعمر مش عاوز يسيبها لوحدها أبدا وبصراحة عنده حق بس انا تعبت أعمل ايه ؟- فسكتت ماما للحظات وكأنها تفكر فى أمر عميق وأجابتنى : بصى ياسارة خلينا واقعيين انا رأيى انك تقولى لعمر يجيب والدته تقعد معاكى هنا ..........- فانتفضت كالملسوعة : ايه تعيش معايا هنا ؟ انتى بتقولى ايه ياماما ؟ هو انتى مش عارفة طبعها وازاى بتعاملنى ؟ حرام عليكى !!- بصى ياسارة خليكى عاقلة .....مش معقول ح تفضلوا على الحال ده ومش ممكن ح تقولى له ارمى أمك .....علشان ربنا يبارك لك فى يحيى .....وبعدين خليها تيجى منك أحسن لأن ده ان آجلا أو عاجلا ح يحصل وهو اللى ح يطلب منك انها تعيش معاكم لأنه ابنها الوحيد الرجل ......يعنى هاتيها منك واعرضى عليه انتى واحتسبيها عند ربنا ........- فسالت دموعى وانا أرى أن كلام أمى منطقى جدا ولا مفر منه : بس ياماما كده ح نبقى طول اليوم فى حرب ......وأكيد ح تحصل مشاكل .......أعمل ايه ؟- والله اتكلى على الله ومادمتى بتعملى كده علشان ترضى ربنا وتريحى جوزك يبقى أكيد عمر ربنا ما ح يسيبك ابدا ان شاء الله -----صليت استخارة ودعوت الله وقلبى يمتلأ بالخوف من حياتى التى ستقلب رأسا على عقب .........وبكيت بين يدى الله وأنا أسأله العون .......واقتربت من عمر وهو جالس وحده فى الصالون شارد النظرات ......وهمست له .......- مش تروق كده يا حبيبى .....ده انت تعرف ربنا وربنا يرحمه ان شاء الله..........- ونعم بالله ياسارة وهو ح يفضل غالى على طول ............ بس كل ما افتكر والدتى انها لوحدها فى الشقة وانها ممكن يحصل لها حاجة من غير ما اكون معاها بأتجنن ....نفسى أكون معاها على طول علشان بالى يرتاح ........- فهمست فى سرى (والله عند حق ياماما خليها تيجى منى أحسن !!) ورددت عليه :ربنا يخليهالك يارب .......طيب أنا عندى اقتراح علشان تطمن عليها ايه رأيك تيجى تعيش معانا هنا وانا أحطها جوة عينى .........ايه رأيك ؟-فصرخ فرحا ورأيت ابتسامته التى لم أرها من شهور وهو غير مصدق وقال لى : ايه بتقولى ايه ؟ انتى بتتكلمى بجد ياسارة ؟ انا كان نفسى أعرض عليكى الموضوع ده بس كنت متردد ...........-فبلعت توترى وابتسمت له وقلت ليه بتقول كده يا عمر هو احنا يعنى ح نرمى أهالينا ؟ ربنا يخليهالك ويقدرنى على خدمتها .........-فاحتضننى فى قوة وهو يقول لى : بجد مش عارف أقول لك ايه ياسارة انتى فعلا بنت أصول .......انا عارف ان ماما متعبة شوية ....بس صدقينى انا شاء الله مش ح تضايقك خاااالص .............وتركنى وانطلق الى التليفون يزف البشرى لوالدته ....-وأنا أردد وانا أكاد أبكى : خالص خالص خاااااااااااااااااااااااااااااااااالص !!!!!!!!!!!!
__________________