عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-23-2015, 02:05 AM
 
Question الكون حولنا - حزام بين الكواكب



الكون حولنا - حزام بين الكواكب




- سلسلة : الكون حولنا - - ألفها وكتبها / عبدالله خضر عبدالله



قد يصادف وأنت في مشيك أو جلوسك أنك وجهت بصرك إلى صفحة السماء ليلاً ، ووقتها قد يصادف أيضاً أنك ترى وميضاً قوياً كالخط الضوئي يمر في السماء هنا أو هناك ثم يختفي بسرعة كما ظهر بسرعة ! ، أكيد ستسأل نفسك : ما هذا الشيء ؟ ...


إنه أحد حُرَّاس السماء ! ، الشهب التي أخبرنا القرآن عنها وعن وظيفتها التي ترصد الشياطين مسترقي السمع من الملأ الأعلى وتهلكهم حرقاً ! ...

1 - ((وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ* إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ )) 16-18 الحِجر .

2 - (( إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ* إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ * لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ )) 4-10 الصافات .

ويخبرنا القرآن على لسان الجن المؤمنين :
3 - (( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً )) 8-9 الجن .

وبعد هذا النص القرآني والخبر الرباني فإن علماء فضاء زماننا الحاضر أخبرونا بدورهم عن ماهيتها الطبيعية ووضعها الفيزيائي فقط ! ، طبعاً لايقارن العلم الغيبي العام الإلهي مع العلم والإجتهاد البشري الجزئي ، بسبب ذلك لن يعرف علماء الكونيات كل أسرار وألغاز الكون وملكوت السماوات وأجرامها إلا بعضها (( ... وسع كرسييه السماوات والأرض ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء )) ، أما نحن كمؤمنين بقدرة الخالق فإننا نسلم تماماً بذلك ونصدق إخبار الوحي الإلهي ؛ ولايمنعنا ذلك ( بسبب طبيعة حب المعرفة البشرية ) من إضافة معرفة بشرية بسيطة عن هذه الأجرام الغريبة الآتية إلينا من غياهب الفضاء ! .

البداية :

كما يعرفه المهتم بعالم الفضاء والفلك أن هنالك مجموعة شمسية مركزها الشمس ، تتبعها هذه الكواكب بالترتيب : عطارد ، الزهرة ، الأرض ، المريخ ، المشتري ، زحل ، أورانوس ، نبتون ، ثم الكوكب القزم الذي أثِيرَ الجدل مؤخراً عن حقيقة هويته إن كان كوكباً أم لا ( بلوتو ) ! ، ومابعده من أجرام أخرى .

لاحظ معي هذا الترتيب ! ، فقد صُنفت كواكب على أنها صخرية التكوين وفي نفس الوقت قيل عنها أنها الكواكب الداخلية : عطارد ، الزهرة ، الأرض ، المريخ .

وصُنقت الأخرى الباقية على أساس كونها غازية التكوين وفي نفس الوقت ذكِرَ عنها أنها الكواكب الخارجية : المشتري ، زحل ، أورانوس ، نبتون . ونقف هنا ! .

السبب في ذكر التصنيف السابق ( كواكب داخلية ، كواكب خارجية ) هــــو وجود ( حزام الكويكبات ) بينهما في منتصفها في الوسط ! ، كأنه يفصلهما ، وكأنه يؤكد هذين التصنيفين كفريقين :
أربعة هنا متتالية داخلية صخرية وصغيرة ، وأربعة هناك متتالية خارجية غازية وعملاقة !! ، وهذا أحد أسرار التوازنات الغامضة في مجموعتنا الشمسية ! ... فتأمل ! .



ماهيتها ومادتها :

( الكويكبات Asteroids ) تصغير لفظ ( كوكب ) ، وهي مجموعة كبيرة من ملايين الصخور المتنوعة الأشكال والأحجام ، تنتشر دائرياً على شكل حزام – ليس حزاماً ناسفاً طبعاً !! :1: – تسبح وتدور هي أيضاً حول الشمس في مدار بين كوكبي المريخ والمشتري ، وهي مصدر الشهب التي نراها تخرق سماء الأرض ليلاً بوميضها الساطع القوي اللمعان ! .

مواد الكويكبات متعددة التراكيب ، فمنها ماتكون مادته من الصخور النارية المتحولة ، وآخر متكون من عنصر الحديد ، وثالث من الكربون ، ورابع من خليط مما ذكِر ، وهذا غير مالايعرفه الإنسان من موادها حتى الآن ، وربما ستـُعرف أكثر في المستقبل .




شكل النيازك على الطبيعة في الفضاء وفي الأرض


هذه الأجسام الصخرية الكوكبية السابحة في الفضاء تباين أحجامها إبتداءً من حجم جسم على شكل ذرة رمل ؛
ثم إلى كويكب ( جونو Juno ) وقطره 240 كيلومتر ،
ثم كويكب ( فيستا Vesta) وقطره 385 كيلومتر ،
ثم كويكب ( بالاس Pallas ) وقطره 450 كيلومتر ،
وصولاً حتى أكبر جرم فيها وهو الكويكب ( سيريس Ceres ) الذي يصل قطره إلى 945 كيلومتر تقريباً ...


هناك أكثر من 1,700,000 كويكب مكتشف حتى الآن قطرها بين 1 و 2 كيلومتر ! ، ويوجد أكثر من 200 كويكب كبير نوعاً يصل قطرها إلى أكثر من 100 كيلومتر ! .

قد يتصور البعض أن أجسام الكويكبات مجتمعة بكثافة تمنع مرور مركبة فضائية بينها ! ، ولكن الحقيقة هي أن أكثر من 85% من المسافات بين الكويكبات تسمح بتجاوز أكبر من مركبة فضائية بكثير جداً ، لذا تمر منها المركبات الفضائية دون عوائق ! ، لأنها كنسيج وقرص إسفنجي عملاق فيه فراغات كبيرة جداً إذا كنت قريباً منه ، أما إذا إبتعدت عنه مليارات الكيلومترات ستجد أن شكله كالحزام العريض الملتف ! ، ولن تتصور عبور شيء بداخله ! .

أصلها ونشأتها :

هنالك فرضيتين رئيسيتين مازال يتناقش حولها علماء الفضاء حتى وقت كتابة هذه السطور عن سبب نشأة وتكوّن حزام الكويكبات.

- الأولى تقول :
أنه أثناء تكون المجموعة الشمسية منذ الإنفجار الكوني الأول Big Bang ؛ قبل 4.5 مليار سنة وبعد تناثر الجسيمات والمكونات الكوكبية ؛ أخذت هذه القطع الصغيرة تتشكل من البقايا الكبيرة كالشظايا ، ولكنها لسبب غامض لم تلتحم لتشكل كوكباً ولم تستطع لذلك سبيلاً ، وللعجب أيضا لم تنتشر كذلك لتضيع هباءً منثوراً في الفضاء ! ، فصار حالها هكذا بين الإلتحام والتشتت في إطار محدد كالحزام ، لا إلى هذا ولا إلى ذاك ، واتخذت مساراً محدداً بين كوكبي المشتري الضخم وكوكب المريخ جار الأرض ، وأما الغرابة فإنها تكمن في أنه رغم جاذبية كوكب المشتري القوية فإنه لم يستطع إبتلاعها في كيانه الكبير ؛ فضلاً عن أن يحاول كوكب صغير مثل المريخ المقارب للأرض حجماً أن يبتلع هو الآخر شيئاً معتبراً منها ! ، ونجت بأعجوبة من كماشتين كوكبيتين يحيطان بها ، وهكذا هي لمليارات السنوات تسير وتدور ، مستقلة بتماسك كيانها العجيب الهش عن قوى الجذب الكوكبي المحيط بها من الجارين المشتري والمريخ .

- أما النظرية الثانية فتؤكد بإصرار :
أنه بعد الإنفجار الكوني الأم ، تشكلت الشمس ثم بقية الكواكب وأقمارها ، وكان هذا الحزام الكويكبي في الأصل كوكب مستقل بحد ذاته ، يقع بين جاريه المشتري والمريخ ، ولأن هذا الكوكب الناشئ كان تعيس الحظ فقد اصطدم به على حين غرة جرم فضائي كبير وفجره إلى أشلاء ! ، بمعنى أن جسيمات حزام الكويكبات هذه ماهي في الحقيقة إلا بقايا كوكب قديم فان ٍكان موجوداً بين الكوكبين المذكورين ؛ ولا نرى منه الآن إلا بقايا جثته !! .

ولكل فريق من هؤلاء العلماء دلائله وحججه ، ويبقى عقلك أنت أيها القارئ موزعاً بين النظريتين !

...... ذكِرَ فيما سبق أن ( حزام الكويكبات ) هو مصدر الشهب والنيازك التي تزور الأرض ونراها في السماء ليلاً ، حسناً ، يجب هنا أن نعرف ماذا يحدث أثناء دخول النيازك والشهب في الغلاف الجوي الأرضي .

حرب الإحتكاك الحراري :

في أثناء دخول الشهاب أو النيزك مجال الأرض الجوي يدخل بالتدريج في طبقات جو الأرض المتعددة من الطبقة الأعلى إلى الأسفل منها حتى يصل – إذا حالفه الحظ – سطح الأرض ، هكذا :

1 – طبقة الأكزوسفير Exosphere :

وهي الطبقة الأخيرة من طبقات الغلاف جوي الأرضي ، تمتد من إرتفاع 690 كلم حتى 800 كلم أو أكثر ، هذه الطبقة لاتستطيع مقاومة الشهب والنيازك بأي حال من الأحوال لإفتقارها إلى ذارت الهواء اللازمة للدفاع عن الأرض ، لذا تخترقها الشهب بكل سهولة وتتجاوزها ! ؛ لتدخل الطبقة الأسفل منها .

2 – طبقة الثيرموسفير Thermosphere :

وهي الطبقة ماقبل الأخيرة للغلاف الجوي ، وتسمى أيضاً ( المتكوّر الحراري ) ، تمتد من إرتفاع 80 كلم حتى 690 كلم ، وتحتوي على ( طبقة الأيونوسفير– المتكور المتأين Ionosphere ) الحيوية ، وفي أسفلها تحصل ظاهرة ( الشفق القطبي – الأورورا Aurora ) ، ولكن رغم كل التفاعلات والإتساع في هذه الطبقة النشطة إلا أن ذرات هوائها قليلة ومتباعدة ( ليست كثيفة ذرات الهواء ) ! ، وبسبب ذلك تخترقها الشهب هي الأخرى وتتجاوزها لتدخل الطبقة الأسفل منها .

3 – طبقة الميزوسفير Mesosphere :

وهي الطبقة الثالثة إبتداءً من جهة الفضاء الخارجي وصولاً إلى الغلاف الجوي الأرضي ، وتسمى أيضــاً ( المتكور الأوسط ) ، تمتد من إرتفاع 50 كلم حتى 80 كلم ، والقسم السفلي لهذه الطبقة درجة حرارة هوائه مرتفعة ، وهذه الطبقة العجيبة هي الحارس الأرضي الجوي الأول ( وهي بيت القصيد ) ، فإنها تحتوي على الخلطة السحرية الغازية التي تسبب الحماية من إرتطام أكثر النيازك على ظهر الأرض ، فأثناء مرور نيزك في هذه الطبقة يحتك بطبقة هوائها الحار إحتكاكاً رهيباً لتزيد درجة حرارته وتحترق مكوناته الصخرية والمعدنية أو تنفجر لتذوب سريعاً في درجة حرارة تقدر بـ 3000 درجة مئوية أو أكثر ( يعني نصف درجة حرارة سطح الشمس التي تبلغ 6000 درجة مئوية ) !! .



وقوة سطوع الشهاب ووميضه إذن صادر عن إحتراق عنيف في كيانه الصخري أو المعدني .


لمعلوماتك : تقدر السرعة الأقل لدخول الشهاب في الغلاف الجوي بالأرض حوالي 36,000 كلم/ساعة ( قريبة من سرعة الصاروخ لدى إفلاته من الجاذبية الأرضية 40,000 كلم/ساعة )، أما سرعته القصوى فتصل إلى 288,000 كلم/ساعة ! ( أي أسرع من الصاروخ المذكور بسبعة أضعاف ) !! .

الخالق تعالى جعل في طبقة الميزوسفير خصائص تحمي كوكب البشر ومافيه من مخلوقات من هجوم الشهب المدمر ، هل تصدق أن كوكبنا يسحب بجاذبيته كل يوم حوالي 8 مليار شهاب إلى غلافه الجوي ؟! ، ما متوسط كتلته يصل من 20 إلى 90 طن تقريباً من هذه الجزيئات ! ، ولكن فالكثرة الساحقة منها صغيرة جداً ولاترى بالعين المجردة ، وتتفتت أصغر فأصغر لتقضي عليها في النهاية هذه الطبقة الحارسة !! .

وهنا يمكننا القول الفرق في المسمى بين ( الشهاب ) و ( النيزك ) :
- فأي شهاب هو ما يُرى محترقاً ، ويتشتت ويفنى ، ولا يصل إلى الأرض .

- أما إذا كان كبيراً بما يكفي ، ولم يحترق كلية ، وارتطم بالأرض ، فيسمى حينئذ بـ ( النيزك ) .

إلى هنا ونغلق ملف ( الشهاب ) الفاني المنتهي ، ولكن ماذا عن ( النيزك ) ؟؟ .

سطوة النيازك :

ليس كوكبنا الأرضي هو فقط مايعرف بأس وخطورة هذه الأجرام المخيفة ! ، بل كل كوكب وقمر في مجموعتنا الشمسية لابد أن سقط عليه القليل أو الكثير منها ، أنظر إلى القمر الأرضي ! ؛ ستجده معلماً بفجوات كثيرة من فعل إرتطام النيازك عليه ! ، وفي الحقيقة فقمرنا الأرضي هو الآخر أحد حراس كوكبه الأم الأرض ، فبسبب سرعة دورانه حول الأرض إضافة إلى جاذبيته التي تبلغ رُبع قوة جاذبية الأرض يستقبل مجموعة لابأس بها من النيازك التي كانت في طريقها إلى الأرض ليضحي بنفسه فتقع عليه !! .

وإذا رجعنا إلى الوراء في خط سير التاريخ ، بالتحديد قبل 65 مليون سنة ، هجم وقتها على الأرض نيزك عملاق قطره 11 كيلو متر تقريباً ، وكانت سرعته خرافية أثناء دخوله جو الأرض كانت تبلغ حوالي 320,000 كلم/ساعة !! ، إرتطم في مياه ضحلة قرب شبه جزيرة يوكاتان من المكسيك في أمريكا الوسطى ، وقوة الإرتطام الساحقة هذه تسببت في حدوث موجات تسونامي بحرية هائلة في المحيط الأطلسي الشمالي والجنوبي ؛ على جانبيه شرقاً الإفريقي والأوروبي ؛ وغرباً الأمريكي ؛ لتكتسح أمواجها العملاقة كل حي يعيش بقرب هذه السواحل ! ، ولكن هذا لم يكن إلا فاتحة الكوارث المتتالية التي أتت بعد ذلك ! .

إرتطام هذا النيزك خلـّف حرارة عالية جداً من أجزائه المتفتتة النارية ، التي بدورها سقطت منتشرة في محيط 400 كلم من مركز الكارثة في قلب الغابات الكثيفة والإستوائية بجواره ، وهي بدورها إحترقت عن بكرة أبيها لتهلك الحرث والنسل ! ، وفي آخر فصل من هذا الحدث الكوني الدرامي إرتفعت أعمدة دخان الحرائق الكثيفة لكيلو مترات فوق الآرض ؛ لتحجب أشعة الشمس لسنوات ليتأثر الكوكب بأسره بموجات صقيع لم يحدث مثلها قط !! ، وليختنق كل من لم تتكيف رئتاه من دخان الحرائق !! .

هذه الكارثة هي التي محت جميع الديناصورات الضخمة والكثير من أنواع الحيوانات والحشرات والأسماك وحتى النباتات من وجه الأرض نهائياً ، وكل هذا بسبب نيزك فضائي قطره 11 كلم !! ، وبعد هذه العينة المخيفة من بأس النيازك لك أيها القارئ أن تعطي العذر لعلماء الفضاء والجيولوجيا من إرتجافهم خوفاً من أي جسم فضائي يقترب – ولو بحسن نية – من كوكب الأرض !! .


.... ذكِرَ فيما سبق المغامرة التي يخوضها الشهاب لغزو الطبقات الجوية الأرضية ، وتصدي طبقة ( الميزوسفير ) له ؛ وحرب الأحتكاك الناري الجنوني بينهما ، ثم تسلط بعض النيازك على الأرض وأثرها التدميري الهائل مع مثال على ذلك ، والآن مازلنا على هذا الخط ! .


لابد من ان نخاف من هذه المخلوقات الصخرية السابحة في مجموعتنا الشمسية ، هذه النيازك جعلت علماء الفضاء في الدول المتقدمة يضعوا سيناريوهات محتملة في حال سقوط نيزك متمرد ضخم على الكرة الأرضية ! ، لقد حصروا مصدر الخطر في حوالي 10 آلاف كويكب شارد ، أقطارها لاتتعدى الكيلومتر الواحد ، وهي التي تشكل الخطر الحقيقي لو إرتطمت – لاقدر الله – بأي سطح من أنحاء الكرة الأرضية ! .


وخطورة هذه النيازك الـ 10 آلاف كامنة في صغر حجمها ، وتذبذب وعشوائية مدارات سيرها ، وتأثيرات جاذبيات الكواكب القريبة حولها ! ، فلو كانت كبيرة الحجم فإن مناظير الأرض ستكتشفها سريعاً ومن ثم تحدد مواقعها ؛ ليمكن ضربها وتدميرها بالصواريخ النووية هناك في الفضاء الخارجي قبل أن تقترب أكثر من الغلاف الجوي الأرضي ؛ وذلك ماسيحمي الكوكب الأزرق من فناء كلي أو جزئي يتسبب منها ! .

أما في حال صغرها النسبي فإن رؤيتها بالمناظير سيكون صعباً جداً في ظلمة الكون في الفضاء الخارجي ، ولن ننتبه لها إلا إذا دخلت على حين غفلة جو الأرض بالفعل من إرتفاع 50 كلم تقريباً في طبقة الميزوسفير ، ومع سرعته الهائلة تلك يكون من العبث ( لضيق الوقت ) إستهدافه من قبل الصواريخ النووية الدفاعية – هذه إذا كانت موجودة ومستعدة أصلاً – ولايمكن تدمير النيزك في هذا الإرتفاع بسبب تبعات الإنفجار النووي والإشعاع الذري الذي سينتشر في داخل الغلاف الجوي ! ؛ وذلك في الحقيقة لايقل خطراً من النيزك ( أمران أحلاهما مر ) !! .


ترى في السيناريو المشؤوم المذكور أنه لاحلّ لنا إلا أن نقف مكتوفي الأيدي في إنتظار الكارثة لتعيث في الأرض خراباً ، لأنه دائماً يخلف سقوط نيزك كبير على الأرض غباراً نارياً واسعاً ناشئ من قوة الإرتطام ، وهذا الغبار يحجب أشعة الشمس وقتاً طويلاً ، وبسبب ذلك تنخفض درجة حرارة العالم بشكل حاد متطرف ، وشدة البرودة هذه ستسبب هي الأخرى موت النباتات ، ثم تموت الحيوانات التي تعتمد على النبات ، ثم يموت الإنسان الذي هو الآخر يعتمد على النبات والحيوان في غذائه !! ، إذاً هذا هو أكبر إنذار وتحذير وكابوس لكوكب الأرض ومن يعيش عليه !! . ( اللهم إكفنا شر خلقك آمين ) .


وهنا سيجول فكرك وتسأل نفسك كالعادة : هذه الأرض عمرها ملايين السنين هل فعلاً سيحصل هذا ؟؟


الجواب : هو أنه نعم حصل ذلك منذ 65 مليون سنة ، وإكتشف العلماء الحفرة التي خلفها ذلك الإرتطام النيزكي ، وما حصل بعد ذلك تسبب بإنقراض الديناصورات وغيرها ، ونخشى حدوث مثل ذلك أو أقل أو أكثر ، ولكن ....


هل هنالك عوامل تمنع أو تقلل أخطار إرتطام النيازك ؟؟ ، الجواب : نعم ! ، أذكر بعضها وليس جميعها :


عوامل الدفاع الكونية التي تمنع أو تعوّق ، منها :


1 التصادمات الحادثة للنيازك فيما بينها في عقر دارها هناك بعيداً في حزام الكويكبات ، فهذه تنطح هذه ، وهذه تنطح تلك ، لذلك تتغير الوجهة الفعلية للنيزك من موقعه إلى إتجاه آخر غير الأرض ! .


2 الصراع الناري الجحيمي الحاصل له في الغلاف الجوي الأرضي الذي ينهيه أو يضعفه على أقل تقدير ( كما ذكر سابقاً ) .


3 طبيعة التضاريس الجغرافية للكرة الأرضية ، وذلك أن سطح الكرة الأرضية متنوع بخصوص موقع سقوط النيزك ، فيمكن أن :


* يسقط في اليابسة ( %30 من مساحة سطح الكرة لأرضية ) .


* أو يسقط في البحر ( %70 من مساحة سطح الكرة الأرضية ) .


ففي حالة سقوطه في ( البر ) فهنالك عدة إحتمالات :


أ‌ - أن يسقط في منطقة عمرانية حضرية ( مدن ، قرى ) أو قريب كفاية منها ، وهو لحسن الحظ أندر الإحتمالات ، وإن حصل صارت المنطقة العمرانية المنكوبة هذه (وما يحيط بها لأميال) في خبر كان !! .


ب‌ - أن يسقط في منطقة صحراوية ، وهو أيضاً لحسن الحظ أكثر الإحتمالات في الجزء البري ، وأهون الشرين ورحمة الله للعباد ! .


ت‌ - أن يسقط في منطقة جبلية ، وهو إحتمال مخيف نوعا ما بسبب تكون بعض الجبال من البراكين أساساً ، ووجود صهارة بركانية في أسفله أو باطنه ، وتزعزع بعض الجذور الصخرية للجبال يسبب الزلازل في المنطقة التي تحيط بالجبال كونها أوتاد الأرض لتثبيتها ، وهو الإحتمال الثاني الوارد بعد إحتمال السقوط في المنطقة الصحراوية .


ث‌ - أن يسقط في منطقة غابات كثيفة أو قريب كفاية منها ، وهو لسوء الحظ الكارثة العظمى والشر المستطير الذي يهدد الحياة على سطح الكوكب الأرضي ( بسبب عامل الإحتراق والدخان والبرد القارس كما ذكر سابقاً وكما حصل في كارثة فناء الديناصورات ) ، وهو الإحتمال الموازي لإحتمال السقوط في منطقة جبلية ؛ ( بسبب وجود توازن في القشرة الأرضية بين مساحات الجبال ومساحات الغابات ) .


ج‌ - أن يسقط في منطقة جليدية ( كالقارة القطبية الجنوبية – أنتركتيكا ) ، وهو مشابه للسقوط في المنطقة الصحراوية ؛ بإستثناء ذوبان كتل عظيمة من الجليد من شدة حرارة تفتت النيزك تتسبب في المدى الطويل لغرق بعض المدن الساحلية نتيجة لإزدياد مستوى مياه البحار والمحيطات ! .


أما في حالة سقوط النيزك في ( البحر ) فهو الإحتمال الأكثر حدوثاً على الإطلاق ! ، والسبب بطبيعة الحال هو أن مايزيد عن %70 من مجمل مساحة سطح الأرض هي مسطحات مائية ( بحار ، محيطات ) ، والمحيطات والبحار هي الوحيدة التي تستطيع بمساحاتها الكبيرة إمتصاص هذا التصادم المروع في أعماقها ! ، ومع ذلك لن نأمن 100% موجات التسونامي البحرية ذات الأمواج العملاقة الغير مسبوقة التي ستغرق بعض المدن الساحلية والجزر الصغيرة والمتوسطة ، ومستوى الغرق طبعاً على حسب بُعد المدينة أو الجزيرة من مركز الإرتطام ومدى إرتفاعها عن سطح البحر ! .


4 وجود أجرام كوكبية تستقبل حصة الأسد منها ، فمثلاً كوكب المشتري العملاق تلقى ضربة قوية غير مسبوقة في تسعينيات القرن الماضي في نصفه الجنوبي من نيزك عملاق يسمى ( شوميكر- ليفي ) ولم يكتف النيزك بذلك بل عادت شظايا إنفجاره لتسقط مرة أخرى عليه ! ، ولولا ضخامة هذا الكوكب وكثافة غازاته ورياحه الدوّامية العاتية في غلافه الجوي لتزحزح من فلكه وتغير سيره إلى الأبد ! .





وايضاً القمر الأرضي يتلقى ومازال يتلقى حفنة معتبرة من وابل النيازك التي تنطبع على صفحات سطحه ، وكذلك كوكب المريخ ، ولكن أحياناً يكون المريخ كمرآة إرتداد لبعض النيازك التي تسقط عليه ؛ فتقفز منه مرتدة بسبب ضعف جاذبيته نوعا ما نحو الفضاء الخارجي المحيط به ؛ لتبحث عن كوكب أقوى جاذبية منه !! ، وكوكبنا طبعاً هو جار المريخ ! .


5 وجود أجرام كوكبية تغير وتحور مسارات النيازك ، وهي الثلاث المذكورة : المشتري ، المريخ ، القمر الأرضي .


هذه الأجرام الثلاث لها جاذبية تجذب بعض النيازك وقد لاتسقط عليها ولكن بسبب الناتج الجذبي ينسحب مسارها في إتجاه آخر ، ولاننسى فالكواكب والأقمار في حركة دائمة مدارية حول الشمس ، ومدى سنواتها مختلف ؛ لذا تقترب من بعضها أحياناً مدارياً وتبتعد عن بعضها أحياناً أخرى ، وهذه العوامل الحركية والجذبية المختلطة للكواكب والأقمار تؤثر جذرياً في تغيير مسارات نيازك كثيرة تريد السقوط مباشرة علينا !! ، فتصرفها العناية الإلهية بسبب ذلك إلى حيث شاءت حتى أجل مسمى ! .


الحديث عن الشهب والنيازك يطول ويطول ، ولكن قبل الختام أود الإشارة إلى شيء عجيب مرة أخرى ، ربما لايستسيغه البعض ، ففي الحقيقة يرى أكثر علماء الفضاء والجيولوجيا كذلك أن الأجسام التي سقطت علينا من السماء قبل ملايين السنين كان لها دور أساسي في تكوين القشرة الأرضية وتربتها تدريجياً ، حتى أنها حملت إلينا بعض بذور الحياة في مركباتها الكربونية والعضوية ذات الأحماض الأمينية والتي هي أحد بصمات الكائنات الحية ! .


وآخر المطاف يجب أن نعلم أن الإنسان إكتشف وجود عنصر ( الحديد ) في تركيب أكثر النيازك التي إرتطمت سابقاً على ظهر الأرض ؛ وقال جل وعلا :


(( وأنزلنا الحديد في بأس شديد ومنافع للناس ))


فهذه النيازك والشهب والكويكبات من عناصرها معدن الحديد ( بأي شكل خام كان ) كماعُرف الآن في عصرنا الحديث ، وهي ( ساقطة ) على سطح الأرض أي ( نازلة ) من السماء ، مافيه الدلالة على أن هذا المعدن الحيوي أصله سمائي ، أي أتى إلى الأرض بالتحديد في إبتداء خلقها وتكونها من مليارات الإرتطامات من النيازك ، وهو لم يكن فيها أصلاً .

كل ماذكر هو من عجائب قدرة الخالق في خلق ماشاء بماشاء كيفما وأينما شاء ؛ وإن كنا لانحيط بذلك علماً عندما نرى سبب الهلاك يكون في طياته سبب للحياة بصورة أو بأخرى ، وهذا مايجعنا أن نعود مرة أخرى إلى كمال صنع الله تعالى في واسع كونه ،،،



رد مع اقتباس