الكون حولنا - كواكب بين شمسين
الكون حولنا - كواكب بين شمسين
- سلسلة : الكون حولنا - - ألفها وكتبها / عبدالله خضر عبدالله إعتادت معارف البشر وجود الشمس الواحدة المتمركزة ذات الكواكب القليلة أو الكثيرة التي تدور حولها بنظام وتناغم ! ، ولكن بين حين وآخر يخبؤ لنا الكون مفاجاءآت غريبة لانتوقع وجود مثلها إلا في عالم الخيال العلمي ، وجدير بنا أن نتحير إذا دخلت في أفهامنا قوانين جديدة علمية فلكية تؤكد وجود أنواع أخرى للأنظمة الشمسية غير ما إعتدناه ! .
الأمر مغرٍ كثيراً حقيقة لمعرفة الكيفية العجيبة لوضع كوكب يستمد الضوء من شمسين وليست واحدة ! ، كوكب في مجال شمسين ! ، معرفة ذلك بلا شك سيفتح مجالاً واسعاً من الآراء والنظريات والإفتراضات والإستنتاجات ! ، وما ذاك إلا من دلالات قوة الإتزان الكوني في أجرامه المبعثرة والمنسقة في آن واحد ! .
ففي نهاية العقد الأول للقرن الواحد والعشرين (عام 2009 شهر 3 مارس ) أطلقت ( ناسا ) تلسكوباًَ عملاقاً فضائياً هو ( كيبلر Kebler ) يحمل بين أجهزته المعقدة أقوى كاميرا صممها الإنسان لتصوير الأجرام الكونية ، وكانوا في الأصل صمموا هذا التلسكوب الخارق لأجل معرفة إمكانية وجود كواكب تشبه الأرض ، وبعد عمل وظائفه وسبره للمجالات الكونية القريبة منا ( مجازاً ) ؛ وجهوا هذا التليسكوب صوب ( كوكبة الدجاجة Cygnus ) التي يقدر بعدها عنا بحوالي 200 سنة ضوئية ، ثم رأوا عجباً ! .
رأوا وسط حشود أجرام هذه الكوكبة كوكب في حجم كوكب زحل يدور حول شمس كبيرة – ولكن أصغر من حجم شمسنا – وشمس أخرى صغيرة تدور هي أيضاً حول الشمس الكبرى المركزية ! ، يعني تخيل معي :
" شمس كبيرة ، تدور حولها شمس أصغر ، مع كوكب كبير يدور حول الكبرى " هذه هي كل الصورة ! الكوكب سموه العلماء بـ كوكب كيبلر 16 بي / Kebler 16-B ، هذا الوضع الغريب والمعقد للكوكب يضعنا أمام صورة كوكب يرى في شروقة شمسين ، ويرى كذلك في غروبه شمسين ! ، وكم نتعجب نحن المؤمنون من إعجاز قوله تعالى (( رب المشرقين ورب المغربين )) ، طبعاً للآية تأويلات متعددة ، ولكننا كمؤمنين بإعجاز كلام الخالق وقدرته في خلق مايشاء يمكن أن نفهم من هذه الآية القرآنية وجود إشارة إعجازية علمية كونية ذكرت قبل 14 قرناً !! . وسؤال هنا يتبادر سريعاً إلى الذهن هو :
لماذا أو كيف تدور شمس حول شمس أخرى ؟؟ ( تعودنا وجود كواكب فقط تدور حول شمس واحدة ) الجواب هو :
أن السر يكمن في تلك القاعدة الكونية الفيزيائية التي تقول دائماً أن الجسم الأكبر هو أكبر جاذبية من الجسم الأصغر منه ، ما فيه المعنى أن الأصغر دائما يدور حول الأكبر بسبب قوة جاذبية الأخير ، أمر عجيب هذه الجاذبية الفيزيائية !! .
وهذه يعني كما ذكر أنه يمكن أن تدور شمس أو شموس صغرى – مع كواكب أخرى أيضا – حول شمس كبرى تتوسطها وتتزعمها !! ، وهي أحد اللوحات الكونية العجيبة التي قد لاتخطر على بال !! .
وبسبب بعد هذا النظام ( الشمسي – الشمسي – الكوكبي ) عن الأرض بحوالي 200 سنة ضوئية ؛ فيجب أن نعلم أن الصورة التي إلتقطها هذا التليسكوب الفضائي في عام 2009 كان وقت حدوثها الحقيقي هو قبل قرنين من الزمن الأرضي ! ، أي حصلت منذ عام 2009 - 200 = 1809 م ، وأيضاً فالصورة التي تحصل عام 2015 م في النظام الشمسي المذكور لن نراها حقيقة إلا في عام 2215 م !! ، هذا القانون الفلكي الفيزيائي أحد قوانين سرعة الضوء التي أصبحت من مسلمات المسافات الفلكية ، فلا تتعجب !! .
ولو كنت على سطح هذه الكوكب الفريد فسترى إختلاط عجيب من الأضواء الصادرة من الشمسين هاتين في وقت الشروق والزوال ! ، وسترى وجود ظلين إثنين لك ( وليس ظلاً واحداً ) ، أما في وقت الغروب فحدث ولاحرج ، لأنه إذا غربت الشمس الكبرى أولاً لن يدخل وقت الليل كما تعودت ولن ترى الظلام حولك ! ، يجب أن تنتظر لوقت آخر لتغرب الشمس الصغرى ثم ترى الليل أخيراً ! .
وأيضاً لك أن تتصور وأنت ضيف في هذا الكوكب أنك ترى شمساً تعامد رأسك وقت الزوال ؛ والأخرى هنالك في الأفق بدأت الشروق الثاني أو تكون في طريقها للغروب الأول بعد أن سبقت الأولى ! ، ترى أي نوع من النهار يكون ذاك ؟ ، وأية كمية من الأشعة الضوئية تغمر هذا الكوكب من كل أو أكثر جهاته ؟؟ .
إننا نرى في صفحات الكون شموساً (نجوماً) كثيرة جداً في سمائه في أماكن وإتجاهات متباعدة أو متقاربة نوعاً ، ولكن ماذا إذا كنا في أحد هذه الكواكب نرى فوقنا أو في الأفق جواهر شمسية ساطعة متنوعة الأضواء كما تتنوع أوضاعها ؟! ، لوحة كونية باهرة عجيبة كالخيال ولكنها حقيقة ! . إن الإعجاز الخلقي الرباني بصمة واضحة في أعاجيب الكون التي لاتنتهي إلا بنهاية الكون نفسه ! . |
|