عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 09-27-2015, 11:44 PM
 
-


خاتمة
قال السيد توماس ليغ مساعد المفوَّض في شرطة سكوتلانديار بانزعاج:
ولكن القصة كلها غير معقولة!
فقال المفتش مين باحترام: أعرف ذلك يا سيدي.
واصل مساعد المفوَّض: عشرة أشخاص موتى على جزيرة ليس
عليها أحد حي؟ إنه أمر غير معقول!
قال المفتش مين ببلاهة: ومع ذلك فهذا ما حدث يا سيدي.
قال السيد توماس ليغ: سحقاً لهذا كله يا مين ! لا بدّ أن أحد قتلهم.
- هذه هي المشكلة يا سيدي.
- ألم تفهم شيئاً من تقرير الطبيب؟
- لا يا سيدي. وارغريف ولومبارد قُتلا بالرصاص، الأول في رأسه والثاني في قلبه
، والآنسة برنت ومارستون
ماتا مسموميَن بالسيانيد، والسيدة روجرز ماتت بجرعة زائدة من الكلورال،
والسيد روجرز ضُرب رأسه ببلطة،
وبلور تحطّم رأسه، وآرمسترونغ مات غرقاً ، وماك آرثر مات بسبب كسر في جمجمته نتيجة ضربة على
الرأس، وفيرا كلايثورن ماتت شنقاً.
طرَفت عينا مساعد المفوَّض وقال: حكاية تثير الغثيان!
وفكّر لدقيقة او دقيقتين ثم قال بانزعاج: هل تريد أن تقول إنك لم تستطع
استخلاص أي شيء مفيد من سكان
ستيكلهيفن؟ هذا شيء مخجل! لابدّ أنهم يعرفون شيئاً.
هزّ المفتش مين كتفيه وقال: إنهم مواطنون عاديّون يعملون في البحر، قيل لهم
إن الجزيرة قد تمّ شراؤها بواسطة
شخص يُدعى أوين، وهذا كل ما يعرفونه.
- من الذي جهّز الجزيرة وأعدّ الترتيبات الضرورية؟
- رجل يُدعى موريس ، إيزاك موريس.
- وماذا يقول عن الموضوع برمّته ؟
- لا يستطيع أن يقول شيئاً؛ لقد مات.
تجهّم وجه مساعد المفتّش وقال: هل تعرف أيّ شيء عن موريس هذا؟
- نعم يا سيدي، نعرف أنه لم يكُن رجلاً محبوباً، وقد كان متورطاً في
الاحتيال في قضية أسهُم بينيتو قبل ثلاث
سنوات. نحن متأكدون من ذلك رغم أننا لا نستطيع الإثبات؛ لقد كان السيد موريس هذا حذراً للغاية.
- وهل كان هو وراء قضية الجزيرة هذه؟
- نعم يا سيدي؛ هو الذي نفّذ عملية البيع، رغم أنه أوضع بجلاء أنه سيشتري
الجزيرة لطرف ثالث لم يذكر اسمه.
- لا بدّ أنه بالإمكان معرفة شيء من الزاوية المالية المتعلقة بالموضوع.
فابتسم المفتش مين وقال: ليس إذا كنت تعرف موريس؛ فبوسعه التلاعب
بالأرقام بحيث يجعل أفضل محاسب
معتمَد في البلد لا يعرف رأسه من رجليه. لقد عرفنا ذلك من قضية بينيتو؛ فقد
غطّى آثار مستخدمه بصورة متقّنة.
تنهد الرجل الآخر في حين تابع المفتش مين: كان موريس هو الذي أعدّ كافة
الترتيبات في ستيكلهيفن. قدّم نفسه
باعتباره ممثّلاً للسيد أوين، وكان هو الذي شرح للناس هناك عن تجربة حول رهان
للعيش في جزيرة خالية لمدة
أسبوع، وأنه يجب عدم الانتباه لأي استغاثة تصدر عنهم هناك.
تململ السيد توماس ليغ في جلسته وقال: أتريد أن تقول لي إن هؤلاء
الناس لم يشتبهوا في شيء؟ ولا حتى عندئذ؟
فهزّ مين كتفيه وقال: هل نسيتّ – يا سيدي – أن هذه الجزيرة
كانت مملوكة سابقاً للمليونير الأمريكي إلمر
روبسون؟ لقد كان يقيم أكثر الحفلات إثارة هناك. ليس لديّ شك
في أن السكان المحليين ذهلوا لما كان يجري،
ولكنهم أصبحوا معتادين على ذلك وأخذوا يشعرون بأن أيّ شيء له علاقة
بجزيرة الجنود سيكون بالضرورة غير
معقول. هذا شيء طبيعي إذا أمعنتَ النظر إليه يا سيدي.
واعترف مساعد المفتش بهذا الاحتمال متجهماً في حين قال مين :
فريد ناراكوت، وهو الرجل الذي أخذ المجموعة
بقاربه إلى هناك، قال شيئاً له دلالة. قال إنه كان دَهِشاً لرؤية نوعية أولئك الناس؛
فلم يكونوا كضيوف حفلات السيد
روبسون. أعتقد أن هذا بسبب حقيقة أنهم جميعاً عاديون وبسطاء،
ولهذا فقد خالف أوامر موريس وأخذ قارباً إلى
الجزيرة بعد أن سمع عن إشارة الاستغاثة .
- متى ذهب هو والرجال الآخرون؟
- الإشارات شوهدت من قِبَل مجموعة من شباب الكشّافة صباح الحادي
عشر من الشهر، ولم يكُن ممكناً الذهاب
ذلك اليوم. وصل الرجال هناك بعد ظهر اليوم الثاني عشر في أول فرصة
سنحت لقارب للرسوّ على شاطئ
الجزيرة هناك، وهم متأكدون تماماً من أن أحداً لم يكُن بإمكانه مغادرة الجزيرة
قبل وصولهم؛ لقد كان البحر
مضطرباً بعد العاصفة.
- أما كان بوسع أحد السباحة إلى الشاطئ؟
- المسافة من الجزيرة إلى الشاطئ تزيد عن الميل، وقد كان البحر هائجاً والأمواج
مرتفعة تضرب الشاطئ، وكان
هناك الكثير من الناس، كشّافة وآخرون على صخور الشاطئ يراقبون الجزيرة.
تنهّد مساعد المفوَّض وقال: ماذا عن مكبّر الصوت والأسطوانة اللذين
وجدتموهما في البيت؟ ألم يكُن بإمكانكم
العثور على شيء فيهما قد يساعد في هذه الناحية؟
فقال المفتش مين: لقد حقّقتُ في هذه المسألة الأسطوانة أعدّت بواسطة
مؤسسة تُنتج الكثير من المواد المسرحية
والمؤثّرات السينمائية، وقد أُرسلَت إلى السيد أوين بواسطة إيزاك موريس
وكان المعتقَد أنها طُلبت لفرقة هواة
سيقومون بأداء مسرحية جديدة لم تُعرَض بعد. وقد أعيد النص المكتوب مع الأسطوانة.
قال ليغ: وماذا عن المادة المسجَّلة؟
فقال المفتش مين بهدوء: سآتي إلى ذلك يا سيدي.
ثم تنحنح وتابع: لقد حققت في هذه الاتهامات تحقيقاً وافياً بقدر ما أستطيع،
مبتدئاً بالسيد والسيدة روجرز اللذين كانا
أوّل من وصل إلى الجزيرة، كانا يعملان في خدمة عجوز عانس تُدعى الآنسة
برادي ماتت فجأة، ولم أستطع أن
أحصل على شيء محدَّد من الطبيب الذي أشرف عليها، وقد أكّد أنها لم تمُت
بسبب سُم دسّاه لها أو أيّ شيء من
هذا القبيل، إلاّ أنه شخصياً يعتقد أنه كان في الأمر مسلك غريب وأنها ماتت نتيجة
إهمالها، وهذه حالة من النوع
المستحيل إثباته تماماً في رأيه.
وصمت لحظة ثم أكمل: نأتي إلى القاضي وارغريف: وأمر واضح؛
فقد كان هو الذي أصدر الحكم على سيتون.
بالمناسبة سيتون هذا وُجد مذنباً دون شك. لقد ظهر دليل بعد شنقه يثبت ذلك دون
أدنى شك، ولكن التعليقات كانت
كثيرة في أثناء المحاكمة وتسعة أشخاص من عشرة كانوا يرون أن
سيتون بريء وأن الكلمة الإجمالية للقاضي
صيغت بدوافع انتقامية.
- وماذا عن الآنسة كلايثورن؟
- الآنسة كلايثورن تبيّن لي أنها كانت مربيّة لدى عائلة وقع فيها حادث وفاة
بسبب الغرق، ولكن لا يبدو أنه كانت
لها أي علاقة بهذا الحادث، بل إنها تصرفت تصرفاً سليماً بأن سبحت بعيداً في
محاولة للإنقاذ، وهي – في
الواقع – قد عرضَت نفسها إلى الخطر وأُنقذّت في اللحظة المناسبة.
قال مساعد المفوَّض وهو يتنهد : ثمّ ماذا؟ أكمل.
أخذ مين نفساً عميقاً وتابع: الدكتور آرمسترونغ رجل معروف جداً، له عيادة
استشارية في شارع هارلي، وهو
مستقيم تماماً وعلى مستوى متميز في مهنته، لم أستطع العثور على أيّ تاريخ له حول
عمليات غير مشروعة أو أيّ
شيء من هذا القبيل. صحيح أنه كان قد أجرى عملية جراحية لامرأة اسمها كليز
سنة 1925 في ليتمور عندما كان
ملحَقاً بالمستشفى هناك ، كانت عملية في البطن وماتت المريضة على طاولة العمليات،
ولكن نقص البراعة – في
نهاية المطاف – ليس عملاً إجرامياً ، كما لم يكُن لذلك دافع.
- والآنسة برنت ؟
- كانت لديها خادمة تُدعى بباتريس، وقد حملت سفاحاً فطردتها الآنسة برنت، فذهبت
وأغرقت نفسها. ليست قصة
لطيفة ولكنها – أيضاً – ليست عملاً إجرامياً.
قال مساعد المفوَّض : يبدو أن هذه هي النقطة؛ السيد أوين تعامل مع قضايا
لا تستطيع المحاكم النظر فيها.
تابع مين سرد قائمته فقال: مارستون الشابّ كان يقود سيارته بطيش وتهوّر،
وسبق أن وُجّه له إنذاران بسحب
رخصته، وفي رأيي أنه كان يجب منعه من القيادة، هذا كل ما يتعلق به،
أما جون ولوسي كومبس فكانا طفلَين
دعسهما وماتا قرب كامبردج. بعض أصدقاءه بشهادات لصالحه فأطُلق
سراحه بعد دفع غرامة.
- وماذا عن الجنرال آرثر؟
- لم أجد شيئاً محدَّداً بخصوصه. سجله طيّب، وقد خدم في أثناء الحرب، إلى
آخر هذه الأمور. كان يخدم تحت
إمرته في فرنسا شخص اسمه آرثر ريتشموند قُتل في الجبهة. لم يكُن بينه وبين
الجنرال أيّ احتكاك من أيّ نوع
، بل الواقع أنهما كانا صديقين حميمّين . حصلَت بعض الأخطاء في ذلك
الوقت كان يقوم قائد ما بالتضحية
برجالة دون ضرورة، ولعلّ خطأ من هذا النوع قد حدث.
قال مساعد المفوَّض: أجل، لعل هذا ما حدث. وماذا عن فيليب لومبارد؟
- فيليب لومبارد تورّط في بعض القضايا المثيرة للفضول في الخارج ،
وارتكب مخالفات قانونية مرة أو مرتين
وعُرفت عنه جرأته وأنه ليس فوق مستوى الشبهات، رجل من النوع الذي قد يرتكب
بضعة جرائم في أماكن لا
تخطر على البال.
ثم توقف هنيهة قبل أن يقول مكملا : نأتي الآن إلى بلور.
وتردّد مين لحظة ثم أضاف: كان واحداً منّا بالطبع. تململ مساعد المفوَّض
وقال بنبرة تنمّ عن قناعة: بلور كان
رجلاً سيئاً.
- هل تعتقد ذلك يا سيدي؟
- قال مساعد المفوَّض : لقد اعتقدت ذلك دائماً، ولكنه كان دائماً من
الذكاء بحيث يفلت من العقاب. أعتقد أنه
أرتكب جريمة الشهادة الزور في قضية لاندور. لم أكن مرتاحاً لتطورات
القضية حينها ولكن لم أستطع العثور
على شيء؛ فأوكلت مهمة التحقيق لهاريس، ولكنه لم يجد شيئاً كذلك. ما زلت أعتقد
بأنه كان من الممكن العثور
على شيء لإدانته لو أننا عرفنا كيف نبحث جيد اً. الرجل لم يكُن مستقيماً.
مرّت لحظة صمت ثم قال السيد توماس ليغ: قلتَ إن إيزاك موريس مات،
فمتى مات؟
- خطر لي أن تسألني عن ذلك يا سيدي. إيزاك موريس مات ليلة الثامن
من آب تناول جرعة زائدة من
مادة منوّمة من مشتقّات حامض البربتيوريك كما فهمت، ولم يظهر ما يدّل على
أن الأمر كان حادثاً أو انتحاراً .
قال ليغ ببطء: هل يهمّك معرفة ما أفكر فيه يا مين؟
- يمكنني التخمين يا سيدي.
فقال ليغ برصانة: لقد تمّ موت موريس بتوقيت محكّم.
أومأ المفتش مين برأسة موافقاً وقال: كنت أعلم أنك ستقول ذلك يا سيدي.
ضرب مساعد المفوَّض بقبضته الطاولة بقوة وصاح: هذه القضية مدهشة..
مستحيلة! عشرة أشخاص يُقتَلون على
جزيرة صخرية جرداء ولا نعرف من قام بذلك أو سبب القتل أو كيف تمّ !
سعل مين وقال: حسناً، الأمر ليس كذلك تماماً يا سيدي؛ نحن نعرف السبب إلى حدّ ما.
شخص متطرف مهووس
بتحقيق العدالة صمّم على أن يقتصّ من أشخاص لم تستطع يد العدالة الوصول إليهم،
فاختار عشرة أشخاص، ليس
مهما إن كانوا مذنبين أم لا.
تحرك مساعد المفوَّض في جلسته وقال بحدّة: أليس...؟ يبدو لي...
ثم توقف عن كلامه، وانتظر المفتش باحترام فتنهّد ليغ وهزّ رأسه قائلا : استمرّ :
خطر لي أنني قد وصلت إلى نقطة
ما أو أنني وقعت على دليل ما ، ولكن الفكرة زالت من رأسي الآن، واصل ما كنتَ بصدده.
فتابع مين : لنقل إن المطلوب كان قتل عشرة أشخاص، وقد تمّ قتلهم، أما السيد
أوين فقد أنجز مهمته ثم استطاع
الاختفاء من الجزيرة كالشبح بطريقة أو بأخرى.
قال مساعد المفوَّض : حيلة اختفاء بارعة من الدرجة الأولى، ولكن أتعرف
يا مين؟ لا بدّ من وجود تفسير.
فقال مين : ما تفكّر فيه – يا سيدي- هو أنه إذا لم يكُن الرجل في الجزيرة فليس
من الممكن له مغادرة الجزيرة،
وطبقاً لإفادة الأطراف المعنية فإنه لم يكُن في الجزيرة، إذن فالتفسير الوحيد
المحتمَل هو أنه كان في الواقع أحد
الأشخاص العشرة.
أومأ مساعد المفوَّض موافقاً في حين أكمل مين جادّاً: لقد فكّرنا بذلك وبحثناه بالتفصيل
يا سيدي. بداية نحن لا نجهل
تماماً ماذا حدث في " جزيرة الجنود " كانت فيرا كلايثورن تكتب مذكراتها،
وكذلك إميلي برنت، كما أن وارغريف
العجوز سجّل بعض الملحوظات بالأسلوب الجاف القانوني المليء بالألغاز،
ولكنها واضحة، وترك بلور بعض
الملحوظات أيض اً. كل الروايات تتطابق ، والوفيات حدثت بالتسلسل التالي:
ثم التقط أنفاسه وقال مكمّلا : مارستون، السيدة روجرز، ماك آرثر،
السيد روجرز، الآنسة برنت، وارغريف. وبعد
موت وارغريف تشير مذكرات فيرا كلايثورن إلى أنّ آرمسترونغ ترك البيت
ليلاً وأن بلور ولومبارد خرجا للبحث
عنه، وقد أضاف بلور كلمتين إلى ملحوظاته: آرمسترونغ اختفى.
عقد مساعد المفوَّض حاجبَيه مفكراً فيما يقوله مين الذي أكمل: والآن
يبدو لي يا سيدي، ومع أخذ كل شيء في
الحسبان، أننا نستطيع هنا أن نجد تفسيراً معقولاً تمام اً. آرمسترونغ غرق
كما تذكر، فإذا سلّمنا بأنه كان مجنوناً
فيمكن القول بأنه قد أقدم على الانتحار بإلقاء نفسه من فوق الصخرة في البحر
بعد أن قتل الآخرين جميعاً، أو أنه
غرق في أثناء محاولته السباحة إلى الشاطئ.
ثم رفع إصبعه وقال مستدرك اً: هذا حلّ معقول، ولكنه لا يصمد أمام التحليل
يا سيدي؛ فأولاً لدينا تقرير الطبيب
الشرعيّ الذي وصل إلى الجزيرة في وقت مبكّر صباح يوم الثالث عشر من آب
، وهو لم يذكر الكثير
ممّا قد يساعدنا ولكنه قال إن القتلى ماتوا قبل ست وثلاثين ساعة على الأقل،
وربما ماتوا قبل ذلك بكثير، ولكنه كان
دقيقاً بعض الشيء فيما يختصّ بآرمسترونغ، إذ قال إنه بقي في الماء
ما بين ثماني ساعات وعشر قبل أن يقذفه
الموج إلى الشاطئ. هذا يمكن تفسيره كما يلي: آرمسترونغ ذهب إلى البحر
– على الأرجح – ليلة العاشر أو
الحادي عشر من آب، والسبب أننا وجدنا على
شاطئ الجزيرة النقطة التي قذف البحر جثته إليها، وهي فجوة ضيقة
بين صخرتين، ووجدنا هناك بقايا ملابس وشعر... لا بدّ أن الجثة قُذفت إلى ذلك
المكان يوم الحادي عشر، لنقل في
نحو الساعة الحادية عشرة صباحاً عند أقصى حالة للمدّ، وبعد ذلك هدأت العاصفة
وأصبحت علامات أقصى مدّ بعد
ذلك أدنى بكثير.
ظهر الاهتمام على وجه مساعد المفوَّض في حين أكمل مين:
أفترضُ أنك قد تقول إن آرمسترونغ استطاع الإجهاز
على الثلاثة الباقين قبل أن يذهب إلى البحر تلك الليلة، ولكن لدينا نقطة أخرى
لا يمكنك تجاوزها، وهي أنه قد تمّ
سحب جثة آرمسترونغ فوق أقصى علامة مدّ قذفه البحر عندها.
لقد وجدنا جثته فوق أعلى نقطة لأيّ مدّ، وكانت
مسجّاة على الأرض بشكل منتظم وبعناية، وهذا يؤكّد نقطة لا شك فيها وهي أنه كان في
الجزيرة شخص ما بعد
وفاة آرمسترونغ. وتوقف قليلاً ثم تابع: إلى أي شيء يقودنا هذا بالضبط؟
إلى ذلك الموقف صباح يوم الحادي عشر،
وهو اختفاء آرمسترونغ. يبقى لدينا ثلاثة أشخاص: لومبارد وبلور وفيرا كلايثورن.
لومبارد قُتل بالرصاص
ووُجدَت جثته على شاطئ الجزيرة قرب جثة آرمسترونغ،
وفيرا كلايثورن وُجدت مشنوقة في غرفتها، وجثة بلور
كانت في الشرفة وقد تحطّم رأسه نتيجة لسقوط ساعة
رخامية ضخمة يبدو منطقيّاً أنها سقطت عليه من النافذة
العلوية.
سأل مساعد المفوَّض بحدّة: نافذة مَن كانت؟
- نافذة فيرا كلايثورن. والآن لنأخذ كل واحد من هذه الحالات على حدة يا سيدي.
أولاً فيليب لومبارد: لنُقل إنه دفع
تلك الكتلة الرخامية لتسقط فوق رأس بلور ثم خدّر فيرا كلايثورن وعلقها في المشنقة،
ثم نزل إلى شاطئ البحر
وأطلق النار على نفسه، ولكن لو كان الأمر كذلك فمّن أخذ المسدّس منه؟
لقد وُجد ذلك المسدّس في البيت بعد
باب الممرّ عند رأس الدرَج للطابق الثاني عند باب غرفة وارغريف مباشرة.
قال مساعد المفوَّض : بصمات مَن منهم عليه ؟
- بصمات فيرا كلايثورن يا سيدي.
- ولكن.... الرجل حي، ثم...
- أعرف ما تريد قوله يا سيدي. تريد أن تقول إنها فيرا كلايثورن،
أطلقت النار على لومبارد ثم عادت إلى البيت
ومعها المسدّس، فأسقطت كتلة الرخام على بلور ثم شنقّت نفسها، هذا كلام
معقول إلى حد ما. يوجد كرسي في
غرفتها وعلى مقعد الكرسي توجد آثار أعشاب بحرية ونفس، الشيء على حذائها.
يبدو كأنها وقفت على الكرسي
فعدّلَت وضع الحبل حول عنقها ثم ركلت الكرسي بعيداً، ولكن ذلك الكرسي
وُجد غير مركول بعيداً، بل كان في
مكانه قرب الحائط ضمن بقية المقاعد، وقد تمّ وضعه في هذا المكان بعد موت
فيرا كلايثورن بواسطة شخص
آخَر.
ثم صمت لحظة مرتّباً أفكاره وعاد يستطرد: هذا يترك لنا بلور، وإذا قلتَ لي
إنه بعد قتل لومبارد وحفز فيرا
كلايثورن على شنق نفسها ذهب وأسقط كتلة رخام على نفسه بواسطة ربطها بحبل
أو نحو ذلك، إذا قلت لي هذا
فإنني – ببساطة – لن أصدّق؛ فالرجال لا ينتحرون بهذه الطريقة، وأكثر من
ذلك فبلور لم يكُن من ذلك النوع من
الرجال. نحن نعرف بلور ونعرف أنه ليس من ذلك النوع من الرجال الذي قد تصفه
بالرغبة في العدالة المجرَّدة.
قال مساعد المفوَّض : أوافقك على ذلك.
قال المفتش مين: لهذا يا سيدي فلا بدّ أنه كان في الجزيرة شخص آخر، شخص أعاد
ترتيب الأمور عندما انتهى كل
شيء، ولكن أين كان طوال الوقت؟ وإلى أين ذهب؟ الناس في ستيكلهيفن
متأكدون تماماً من أنه ما كان بوسع أحد
مغادرة الجزيرة قبل وصول قارب الإنقاذ، ولكن في تلك الحالة..ِ.
وتوقف عن كلامه فقال مساعد المفوَّض: في تلك الحالة ماذا؟
تنهّد مين وهزّ رأسه وانحنى إلى الأمام قائلا :
في تلك الحالة مَن الذي قتلهم؟!

-