عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-15-2015, 01:53 PM
 
مريمُ الصدِّيقة !! عليها السَّلام متجدد 7

وفيهِ وجهِ ثالثٍ : يُحكى : عنْ عكرمة ، وهو أنَّ جبريلَ عليهِ السَّلام : ناداها ، مِنْ تحتِ النخلةِ ، ثُمَّ على التقديراتِ الثلاثةِ : يُحتمل : أنْ تكونَ مريم ، قدْ رأتهُ ، وأنَّها ما رأتهُ ، وليسَ في اللفظِ ما يدلُ على شيءٍ مِنْ ذلكَ .

المسألة الثانية : اتفقَ المُفسرونَ : { إلا الحسن و عبد الرحمن بن زيد } : أنَّ السَّريَ ــــ هو النهر والجدول ، سُمِّيَ بذلكَ : لأنَّ الماءَ ، يسري فيهِ .
وأمَّا الحسنُ و ابنُ زيدٍ ــــ فجعلا السَّري : عيسى ، والسَّري :هو النبيل الجليل : يُقالُ فلانٌ مِنْ سرواتِ قومهِ : أي مِنْ أشرافِهم .
ورويَ : أنَّ الحسنَ : رجعَ عنهُ.
ورويَ : عنْ قتادةٍ و غيرهِ : أنَّ الحسنَ ــــــ تلا هذهِ الآيةِ ، وبجنبهِ : حميد بن عبد الرحمن الحميري : { ... قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } فقالَ : إنْ كانَ لسَّرياً ، وإنْ كانَ لكريِماً ، فقالَ لهُ حميدٌ : يا أبا سعيد : إنَّما هو الجدول !!!!، فقالَ لهُ الحسنُ : مَنْ ثمَّ تعجبنا مجالستكَ .
واحتجَّ مَنْ حملهُ على النهرِ بوجهينِ :
أحدهما : أنَّهُ سُألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : عنْ السَّري ؟؟؟؟ فقالَ : هو الجدول .
والثاني : أنَّ قولَهُ : { فَكُلِي وَاشْرَبِي } يدلُ على : أنَّهُ نهرٌ ، حتى ينضاف الماء إلى الرَّطبِ ، فتأكلَ وتشربَ ، واحتجَّ مَنْ حملَهُ ( على ) عيسى بوجهينِ :
الأول : أنَّ النهرَ لا يكونَ تحتها : بل إلى جانبِها ، ولا يجوز : أنْ يُجاب عنهُ ، بأنَّ المرادَ منهُ : أنَّهُ جعلُ النهرِ تحتَ أمرِها : يجري بأمرِها ويقف بأمرِها ، كما في قولهِ : { ... وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ... } ( الزخرف : 51 ) لأنَّ هذا حملٌ للفظِ ، على مجازهِ ، ولو حملناهُ على عيسى عليهِ السَّلام : لم يحتج إلى هذا المجازِ .
الثاني : أنَّهُ موافقٌ لقولهِ تعالى : { وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } ( المؤمنون : 50 ) والجوابُ عنهُ ما تقدَّمَ : أنَّ المكانَ المستوي ، إذا كانَ فيهِ : مبدأ معين ، فكلّ مِنْ كانَ أقربُ منهُ ، كانَ فوقٌ ، وكلّ مَنْ كانَ أبعدُ منهُ ، كانَ مِنْ تحتٍ ، فرعانِ : الأول : إنْ حملنا السَّري ، على النهرِ ففيهِ وجهانِ :
أحدهما : أنَّ جبريلَ عليهِ السَّلام ــــ ضربَ برجلهِ فظهرَ ماءٌ عذبٌ .
والثاني : أنَّهُ كانَ هناكَ ماءٌ جارٍ .
والأول : أقرب ــــــ لأنَّ قولَهُ : { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } مُشعرٌ بالحدوثِ في ذلكَ الوقتِ ، ولأنَّ اللهَ تعالى ذكرهُ : تعظيماً لشأنِها ، وذلكَ لا يثبت إلا على الوجهِ الذي قلناهٌ .
الثاني : اختلفوا ، في أنَّ السَّريَ : هو : النهرُ مُطلقاً ، وهو قول : أبي عبيدة و الفراء ، أو النهرُ الصغير ، على ما هو قول : الأخفش .
المسألة الثالثة : قالَ القفَّالُ : الجذعُ مِنْ النخلةِ : هو الأسفلُ وما دونَ الرأسِ الذي عليهِ الثمرة. وقالَ قطربٌ : كلُّ خشبةٍ في أصلِ شجرةٍ ـــــ فهي جذعٌ.
وأمَّا الباءُ ، في قولهِ : بجذعِ النخلةِ """ فزائدة """ ، والمعنى : وَهُزِّي إِلَيْكِ : أي حرِّكي جذع النخلةِ .
قالَ الفراءُ : العربُ تقولُ "" هِزَّهُ وهِزَّ بهِ : وخُذِ الخطامَ وخُذْ بالخطامِ : وزوجتكَ فلانةٌ وبِفُلانةٍ "". وقالَ الأخفشُ : يجوز : أنْ يكونَ على معنى : هزي إليكِ رطباً بجذعِ النخلةِ : أي على جذعِها ، إذا عرفتَ هذا فنقولُ : قدْ تقدَّمَ : أنَّ الوقتَ كانَ شتاءٌ ، وأنَّ النخلةَ كانتْ يابسةً ، واختلفوا في أنَّهُ : هلْ أثمرَ الرّطب ، وهو على حالهِ أو تغيرَ ، وهلْ أثمرَ مع الرّطبِ غيره ؟ والظاهرُ : يقتضي أنَّهُ : صارَ نخلةٌ ــــــ لقولهِ بجذعِ النخلةِ وأنَّهُ ما أثمرَ إلا الرّطب .
المسألة الرابعة : قالَ صاحبُ «الكشاف» : [{( تُسَاقِطْ)}]: فيهِ تسع قراءاتٍ :
1ـــ ( تُسَاقِطْ ) : بإدغام التاء.
2ـــ ( تتسَاقط ) : بإظهارِ التاءينِ.
3ـــ ( تساقط ) : بطرح الثانية.
4ـــ ( يُساقط ) : بالياء وإدغام التاء .
5ـــ ( تساقط ).
6ـــ ( تسقط ).
7ـــ ( يسقط ).
8ـــ ( تسقط ) التاء للنخلة.
9ـــ (يسقط ) والياء للجذع .
المسألة الخامسة : رُطباً : تمييزٌ أو مفعولٌ ، على حسبِ القراءةِ : الجني : المأخوذ طرياً .
وعنْ : طلحة بن سليمان : ( جِنياً ) بكسرِ الجيمِ للأتباعِ ، والمعنى : جمعنا لكِ ، في السَّري والرّطبِ ، فائدتينِ :
إحداهما : الأكل والشُّرب .
والثانية : سلوةُ الصدرِ بكونِهما مُعجزتينِ ، فإنْ قالَ قائلٌ : فتلكَ الأفعال الخارقة للعاداتِ لِمَنْ؟؟ قلنا : قالتْ المُعتزلةُ : إنِّها كانتْ معجزةٌ لزكريا و غيرهِ مِنْ الأنبياءِ ، وهذا باطلٌ ــــ لأنَّ زكرياءَ عليهِ السَّلام ، ما كانَ لهُ علمٌ بحالِها ومكانِها !!! فكيفَ بتلكَ المُعجزاتِ ؟؟؟ .
بلْ الحقّ : أنَّها كانتْ كراماتٌ لمريم أو إرهاصاً : لعيسى عليهِ السَّلام .
المسألة السادسة : { فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا }قُرىءَ : بكسرِ القافِ ( قِـــرِّي ) لغة نجدٍ ، ونقولُ قدَّمَ الأكل على الشُّربِ : لأنَّ احتياجَ النفساءُ ، إلى أكلِ الرّطبِ أشدّ مِنْ احتياجِها إلى شربِ الماءِ ــــــ لكثرةِ ما سالَ منها مِنْ الدِّماءِ !!!! ، ثُمَّ قالَ : { وَقَرِّي عَيْنًا }، وههنا سؤالٌ ، وهوَ أنَّ مضرةَ الخوفِ : أشدّ مِنْ مضرةِ الجوعِ والعطشِ ؟؟؟؟ ، والدليل عليهِ أمرانِ :
أحدهما : أنَّ الخوفَ : ألمُ الروحِ ، والجوعَ : ألمُ البدنِ ، وألمُ الروحِ : أقوى مِنْ ألمِ البدنِ . والثاني : ما رويَ : أنَّهُ ـــــ أُجيعتْ شاةٌ ، ثُمَّ قُدِّمَ العلف إليها ، وربطَ عندها ذئبٌ ـــ فبقيتْ الشاة مدَّةُ مديدةٌ : لا تتناول العلف مع جوعِها الشديدِ ـــــ خوفاً ، مِنْ الذئبِ ، ثُمَّ كُسرتْ رجلُها وقُدِّمَ العلف إليها !!! فتناولتْ العلف معَ ألمِ البدنِ ، دلَّتْ هذهِ الحكايةِ ، على أنَّ ألمَ الخوفِ أشدّ مِنْ ألمِ البدنِ .
إذا ثبتَ هذا فنقولُ : فَلِمَ قدَّمَ اللهُ تعالى ، في الحكايةِ : دفع ضررِ الجوعِ والعطشِ ، على دفعِ ضررِ الخوفِ؟؟؟؟
والجوابُ : أنَّ هذا الخوفُ كانَ قليلاً ــــ لأنَّ بشارةَ جبريلُ عليهِ السَّلام ، كانتْ قدْ تقدَّمتْ ، فما كانتْ تحتاجُ إلى التذكيرِ مرَّة أُخرى .
المسألة السابعة : قالَ صاحبُ «الكشاف» قَرأَ : ( ترئن ) بالهمزةِ : ابنُ الروميِ : عن أبي عمرو ، وهذا مِنْ لغةِ ، مَنْ يقولُ : لبأتُ بالحجِّ و حلأتُ السويقِ ، وذلكَ لتآخٍ بينَ الهمزِ وحرفِ اللينِ في الإبدالِ { صَوْماً } صمتاً .
وفي مصحفِ : عبدِ اللهِ )صمتاً ) .
وعنْ أنسٍ بن مالكٍ : مثله ، وقيلَ ( صياماً ) إلا أنَّهم كانوا لا يتكلمونَ ، في صيامِهم ، فعلى هذا كانَ ذكرُ الصومِ دالاً ، على الصمتِ ، وهذا النوع منْ النذرِ : كانَ جائزاً في شرعِهم ، وهلْ يجوز مثل هذا النذر ، في شرعِنا ؟؟؟
قالَ القفَّالُ : لعلَّهُ يجوز : لأنَّ الاحترازَ عنْ كلامِ الآدميينَ ، وتجريدَ الفكرِ لذكرِ اللهِ تعالى قربةٌ ، ولعلَّهُ لا يجوز : لمَا فيهِ مِنْ التضييقِ وتعذيبِ النفسِ : كنذرِ القيامِ في الشمسِ .
ورويَ : أنَّهُ دخلَ أبو بكرٍ ، على امرأةٍ ، قدْ نذرتْ : أنَّها لا تتكلم ؟؟؟ فقالَ أبو بكرِ : إنَّ الإسلامَ هدمَ هذا ــــ فتكلمي ، واللهُ أعلم .
المسألة الثامنة : أمرها اللهُ تعالى ، بأنْ تنذرَ الصوم ــــ لئلا تشرع مع مَنْ اتهمها ، في الكلامِ ، لمعنيينِ :
أحدهما : أنَّ كلامَ عيسى عليهِ السَّلام أقوى ، في إزالةِ التُهمةِ ، مِنْ كلامِها ، وفيهِ دلالة على أنَّ تفويض الأمرِ إلى الأفضلِ أولى .
والثاني : كراهة مجادلة السُّفهاء ، وفيهِ أنَّ السكوتَ عنٍ السفيهِ واجبٌ ، ومنْ أذلّ الناسِ سفيهٌ لم يجدْ مُسافهاً .
رد مع اقتباس