البيت العتيد والقصر المشيد البيت العتيد والقصر المشيد
بقلمي / عبدالله خضر ليست السعادة في بيت شامخ .. وسقف سامق باذخ .. ليست الفرحة في الجدران الذهبية .. التي يحتضنها منزل بهيئاتها البهية .. هنالك سجن ما في هذا البيت الكبير .. شعور ما بالحبس يقفل بابه مفتاح صغير .. ساحته الواسعة الهادئة تذكرني بالمقبرة ! .. دفتي بابه الكبير كأنه فم معدني يستقبلني ثم ينغلق في جلال ليبتلع حريتي في داخله المصطنع ! .. كلا .. لا أريد هذا البيت !! .. ولن يعجبني حتى !! سيعجب غيري .. ولن أنظر إليه واقفاً مبهوتاً كالأبله !! .. كلا لن أنبهر !! .. لن يغمى علي من فرط الذهول !! سيسلبني حريتي !! .. سيربي جسدي على الكسل !! .. سيعود لساني على التباهي !! .. سيجعلني أمام غيري مليونيراً مزيفاً ينظر إلى الناس بفخر وتعالي !! .. حريتي تأبى إلا الطبيعة .. إلا البساطة .. إلا القناعة !! .. طبيعتي تبحث عن الكنز الذي لايفنى ... والفرحة التي لاتشقى ! لن ألتهم المساحات الشاسعة من الأرض وأقف عليها كمحتل نازي !! .. بل سأزرعها وأطعم بها أفواهاً جائعة .. سأعمرها واُسكِن فيها عوائل محتاجة عارية .. سأبني فيها صدقات جارية تنقذني في برزخي وأخراي .. أريد بيتي في الدنيا كحجمي .. مثلما قبري الأخروي في حجمي .. أريد حياتي وسطاً .. فلا فقرٌ يذلُّ صاحبه للحضيض ويشنقه حتى النهاية ليقتل إنسانيته ويحوله لحيوان مذعور ! ولا غنىً فاحشاً يميت كل رحمة وشفقة في قلب صاحبه ويحوله لحيوان آخر متوحش متسلط ! لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء !! ياليت شِعري .. الدنيا كلها سجن كبير .. بيت هائل .. تذكرني بمصير هذا البيت المزخرف الجميل الذي أراه أمامي .. الذي لابد له من يوم ما يصير أنقاضاً وأطلالاً !! .. لأنه سيختفي كما اختفى أصحابه يوماً وتركوه طوعاً أو كرهاً .. |
|