~part 3~ ~part 3~ في منتصف الليل ، في مكان يغطيه الظلام ، كان الهاتف يصدر رنينًا متلاحق ، أحيانًا يهدأ وأحيانًا يرن بقوة ، فأيقظ هذا تلك النائمة الحالمة من نومها العميق..
"من معي.؟"
أتاها ردٌ مباشر بدون أدنى مقدمات من الطرف الآخر
"كارن ، عليك الانتباه جيدًا لما سأقوله"
كان الصوت غير واضحٍ تقريبًا ، فاحتدت عينا كارن وهي تنهض وتفتح الضوء الذي بجانبها ، وتحاول فهم ما يقال واستعيابه
"غدًا إياكِ والذهاب للمدرسة ، ولا تخرجي من المنزل ، فهناك أشخاص يودون أذيتك ، يريدون أزالتك من على كوكب الأرض ، يريدون قتلك..!"
ارتجف قلب كارن بقوة ، فهمت القليل ، ولكن ملامح وجهها اضطربت ، هناكَ من يريد قتلها..! من؟ وأين؟ وكيف؟ ولماذا..؟
"ماذا تقصدين ، عمتي إليزابيث؟"
كانت تلك عمتها الغريبة ، التي بلغ الخرف مبتغاه عندها ، هل ما تقوله خزعبلات أم ماذا ، ماذا فعلت لتقتل ؟؟ ماذا حصل بحق الإله
"افعلي ما قلته وحسب ، إن كنتِ لا تريدين مفارقة الحياة في هذه السن المبكرة ، إن فعلت عكس ما أمرتك به ، فهيهات لك العيش إذًا.."
وأغلقت الخط تاركةً كارن ترتجف وحدها من الخوف ، والتساؤلات تملأ رأسها ، ماذا حدث ، ما الأمر ، ماذا فعلت هي لتقتل..!
انتابها مغص فظيع ، أرادت التقيؤ بقوة ، فذهبت لحمام غرفتها الصغير وأخرجت ما في معدتها ، وقد دمعت عيناها من غرابة ما يحدث .. من يريد قتلها؟؟
تذكرت بيوتي .. ربما تكون هي ، فلقد قالت أنها عالة في المدرسة ، وربما تظن أنها عالة في هذا الكوكب الأحمق ،أيضًا ..
ضربت جبينها بخفة وهي تبعد تلك الفكرة عنها ، لتعود للنوم ، وهي تشعر بعدم الراحة ، مطلقًا..!
~ في صباح اليوم التالي ~
استيقظت كارن التي لم تنم من الأصل ، خوفها يكاد يقطع قلبها ، من البائس الذي يريد أذيتها ؟؟
نهضت لدورة المياه ورشت المياه على وجهها تحاول الانتعاش ونسيان الأمر برمته ، ولكن كيف ؟؟ كيف تنسى ذلك ؟
.
.
.
.
.
"بيوتي ، إياكِ وتنفيذ تلك الفكرة الحمقاء ، إنها بسيطة ، هذا كل مافي الأمر..!"
كانت هذه رايتشل تعنف أختها بيوتي لتتوقف عن تلك المهزلة التي تفعلها ، ولتتوقف عن تهديداتها المستمرة بينها وبين نفسها ، تهديداتها الموجهة لكارن ، الفتاة المظلومة برأي رايتشل..
اسندت بيوتي رأسها على الأريكة المريحة التي خلفها وهي تتطلع لوجه أختها الكبيرة .
"هل أنتِ خائفة على تلك البائسة الحمقاء ، إنها بدون فائدة "
فكرت قليلًا ثم أردفت بمكر
"لقد قلتِ أنكِ أصبحت صديقتها ، أهذا صحيح؟"
أومأت رايتشل برأسها وقد احتدت عيناها ، وكتفت يدها ، ومن ثم قالت
"لماذا تسألينَ ؟"
وضعت بيوتي اصبعها السبابة على شفتيها بتفكير ، ونظرت بعدها لرايتشل بمكر
"بإمكانك مساعدتي في تحطيمها "
استجمعت رايتشل طاقتها وصاحت بها وقد تجمعت الدماء في وجهها من الغضب ، ماذا ستستفيد بيوتي مما ستفعله
"ماذا بكِ بيوتي ، لماذا تفعلينَ ذلك ؟ إنها إنـــســــانـــةة أيضًا ، افهمي..!"
ارتجفت بيوتي من صراخ أختها ولكنها تظاهرت باللامبالاة ، انزلت اصبعها ووجهته لرايتشل بتهديد ونبرة مرعبة
"فتاةٌ مثلها ، لا تستحق العيش..إياكِ والتدخل فيما لا يعنيكِ"
*في داخل كل منا هدف يستحق العيش لأجله ، الجميع يستحق العيش ، الكل لهم الحق في العيش ، الكـــل..!*
.
.
.
.
"مالذي قلتهِ لها ، وماذا قالت؟"
رفعت سيدة تبلغ 50 من عمرها رأسها لتنظر لعجوز قلقة على حفيدتها ، التي لا تعلم عن أمرها شئ ، أغلقت عيناها وتكلمت بثقة مبالغة فيها، وهي تضع قدمًا فوق الأخرى
"لا تخافي أمي ، ستكونُ بخير "
فركت العجوز يدها بتوتر وهي خائفة على حفيدتها الصغيرة ، قلبها ينبض لأول حفيدة لها ، إنها خائفة .. خائفة..!
"ولكن إليزابيث ، إنها صغيرة .. وما قلتهِ سيرعبها بالتأكيد"
ردت العمة إليزابيث التي هي عمة كارن ، ومن الواضح أن تلك العجوز هي جدة كارن من جهة الأب ، أدارت رأسها ناحية التلفاز الذي قد أخفضت علو صوته سابقًا
"عليها أخذ الحذر دومًا في كل مكان تذهب إليه ، لا يجب عليها الثقة بأحد مطلقًا"
أتاهما صوت آخر رجولي ، تملأه الحدة والصرامة ، والحنية واللطف
"ولكنها هكذا لن تخرج للعالم مجددًا ، هناكَ من يريد قتلها ؟؟ هذا كل ما توصلتي له من أفكار ؟ أحقًا..!"
نظرا للرجل الكبير في السن ، الذي كان يجلس على أريكة بيضاء مزخرفة ومريحة ، وبيده كوبٌ من القهوة اللاذعة ، الذي لم يرش فيه ولو رشة من سكر ، ولكنه يعشقها بهذا الطعم .. وبجانبه صحيفة كانَ يقرأها ، ولكنه تركها بجانبه ليشاركهم هذا الحديث الغريب..
" هل لديك أفكار أخرى يا سميث؟ أتحفني بها إذًا"
رد السيد سميث على سخرية أخته بهدوء بعد أن ارتشف رشفة من قهوته السوداء
"أجل لديّ ، بإمكانك فقط أن تنبهيها ويكفي "
وأردف وهي يدور باصبعه السبابة حول سطح الكوب الزجاجي
"إنها كبيرة في 18 من عمرها ، هذا استخفاف بها لا أكثر ولا أقل .. إن علمت بذلك فستحزن وستحمل همًا فوق همها "
جلست الجدة على الكرسي الخشبي الذي بجانبها ، واتكأت برفقها على الطاولة وهمت بالكلام وقد امتلأت نبرتها بالأسى والحزن والقلق
"إنها تعيش لوحدها ، وتظن أنها مكروهة في العائلة ، وفوق هذا طبقتها متوسطة ، مختلفة تمامًا عنا..!"
وضع السيد سميث كأسه بعد أن انتهت القهوة على طاولة مستديرة أمامه ، وشرع في قراءة الصحيفة بعد أن قال ببرود شديدٍ
"ستعلم الحقيقة آجلًا أم عاجلًا"
تنهدت العمة إليزابيث ومسحت وجهها بتعب وهمست بتفكير
"كل هذا لمصلحتها ، كي لا تقع في مثل ما وقع فيه والديها..!"
..
..
..
..
الفصل في حالة ضجة رهيبة ، الأوراق كأنها طيور تطير فوق الطلاب ، و النفايات أصحبت كبحر ملون تحت أرجلهم ، وثرثرتهم كانت غير محتملة على الإطلاق ..
"سحقًا لهم ، ماهذا الازعاج ؟؟"
تكلم جون بانزعاج وهو يضع كفيه على أذنيه ، علّ الصوت يهدأ ولو قليلًا ، ولكنه نظر لستيف الصامت الذي لم يحرك ناظريه منذ مجيئه عن ساعة الحائط السوداء ، التي تقع فوق السبورة ، وتحديدًا في الوسط..
ناداه جون فلم يرد عليه ، كرر الأمر ولكن بلا جدوى ، فكشف وجهه عن تكشيرة حمقاء وصرخ
"إلبــرت ستــيف ، رد عليّ حــالًا"
التفت له ستيف بملل ، وهو يتكئ بمرفقه على طاولته ، وعيناه لم تظهر سوى اللامبالاة والبرود
"أخفض صوتك أيها الأحمق ، ماذا تريد؟"
كتف جون ذراعيه ومط شفتيه بحزن متصنع وقال بطفولية مزعجة
"لقد ناديتك مرارًا ولم ترد علي.."
أغمض ستيف عيناه لوهله ، ومن ثم فتحها ببطء ، ونهض من على كرسيه وهو يضع يديه في جيبه
"آسف جون ، أنا لست بخيرٍ الآن ، سأحدثك لاحقًا ، إلى اللقاء"
وخرج من الفصل سريعًا دونَ أن يسمح لجون بالرد ، فمزاجه لا يستحمل هذه السخافات التي يحدثها جون..
مشى بخطوات واسعة نحو الفناء الخارجي للمدرسة ، وهو يتمتم بطلاسم غريبة ، وشعره الفحمي يتطاير من سرعته ، وربطة عنقه باتت تخنقه ، فأزاحها قليلًا ليأخذ نَفَسَهُ ، وعقله يكاد ينفجر من كثرة التساؤلات والأفكار التي بداخله...
جال بعينه في الفناء فوجده خاليًا من البشر ، فارتاح قليلًا وجلس تحت شجرة ضخمة ، كان معتادًا على الجلوس عليها منذ صغره ...
شعر بالهدوء ، ولكن الهدوء قد زال عندما سمح أحدهم يناديه
"ستيف .. مرحبًا"
التفت للشخص فوجدها {بيوتي}.. فظهر في ملامحه الضيق والانزعاج .. ماذا تريد المغفلة الآن؟؟
..
*نخفي داخلنا مشاعر تقتلنا ، تحدث ضجة في قلوبنا ، تريد الانفلات للعالم الخارجي ، تريد أن تصرخ وتتكلم ، تريد أن يشعر بها الجميع ، تريد أن تصبح أنانية..*
.
.
.
.
نظرت كارن لساعة يدها السوداء بملل ، لا تفعلُ شيئًا إطلاقًا ، أرادت الاتصال على خالتها ولكنها لم تجرؤ على ذلك ، تخاف أن تعنفها عمتها بأي شكلٍ من الأشكال ، لأنها لربما تزعجها..!
تنفست الصعداء والتفت تمسك بهاتفها ، وقد قررت الاتصال بعمها سميث ، لعله يهديها القليل من نصائحه ، ويطمئنها ولو قليلًا ضغطت زر الاتصال ووضعت الهاتف على أذنها وهي تنتظر أن تهدأ الصفارة اللعينة التي طالت وأزعجتها كثيرًا ، وأخيرًا أتاها ردٌ منه ، فابتسمت سريعًا وقالت
"عمي سميث ..! كيف حالك؟"
سمعت تنهيدة عميقة تصدر من الطرف الآخر ، وصاحبت تلك التنهيدة كلمات قليلة من عمها
"بخير ، لماذا اتصلتِ؟"
توترت وارتجف قلبها من هذه النبرة المنزعجة ، هل كرهها عمها أيضًا..؟
"آه ، لقد كنتُ .. فقط .. أمم ، وددت الاتصال بكَ لأستشيركَ في أمرٍ ما.."
"انني أستمع.."
فركت يديها بتوتر وهي تحاول استجماع بعض الكلمات لتقولها
"هل صحيحٌ أن هناكَ من يريد قتلي؟؟"
~عند العم سميث~
وضع الصحيفة على جنبٍ ونظر للعمة إليزابيث لوهلة ولكنه استرجع نظره للجدار الأبيض
"أمم ، من قالَ لكِ هذا؟"
تكلمت سريعًا
"عمتي إليزابيث"
أراد أن يعلي من نبرة صوته لتسمعه إليزابيث وتأتي ، ولكنه تراجع وأخفض صوته
"عمتك؟ هاهاهاها ، عمتكِ لم تقل شيئًا.. إطلاقًا"
~عند كارن~
استغربت كارن كثيرًا ، تكاد تقسم أن العمة إليزابيث أخبرتها بذلك ، ولكنها قالت وهي تمشي ذهابًا وإيابًا في الغرفة
"أمتأكد؟"
"أجل..!"
هل كانت تتخيل ذلك أم ماذا ؟ لربما حلم لا أكثر ، أرادت التأكد فنطقت وتكاد حروفها أن تتقطع من توترها وارتباكها الشديدين ، الذي لا جدوى له .. تقريبًا..!
"هل يمكنني محادثتها"
"إنها نائمة..!"
~عند العم سميث~
سمعت السيدة إليزابيث ما قاله ، فاقتربت منه وقالت
"مع من تتحدث؟"
وضع أصبعه السبابة على شفتيه وطلب منها السكوت ، فاستجابت لذلك ولكنها كتفت يدها ورفعت حاجبيها تنتظر أن ينتهي لتعلم إن كان يحدث كارن ، وهذا الأكيد بالطبع..
"نائمة؟ ولكن ..!"
قالتها كارن بتفاجؤ ، وقد توقفت عن الحركة ،كادت أن تكمل كلامها ولكن السيد سميث قاطعها باستعجال
"إنني تعبٌ الآن ، إلى اللقاء.."
وأغلق الخط دون أن يستمع لأي شئ.. فجعل ذلك من كارن حائرة ، تدور حول رأسها الكثير من التساؤلات التي أزعجتها كثيرًا..
أظهر السيد سميث ابتسامة على شفتيه وكلم أخته وهو يستعد للنهوض
"كارن ستحدثك اليوم بالتأكيد ، فلتحضري لكذبة أخرى أيتها السيدة العبقرية .."
وأمسك الصحيفة ثم نهض ، غير مبالٍ بمناداة إخته له ، فتوجه للأعلى حيث تقبع غرفته ، ومازالت الابتسامة تعلو شفتيه
..
..
*ليس من الجيد إخفاء الحقيقة دومًا عن الآخرين ، ولا الكذب .. ستقع في مشاكل ، انتبه..!*
.
. نهاية البارت الثالث..~
الأحداث في استمرار ، تمشي ببطء وتخاف الاسراع.. آتاني ربما انتقادان ، كلاهما يعكس الآخر.. فشعرت بالحيرة ، لا أعلم ماذا علي أن أفعل
الرد الأول يخبرني –فيما يعنيه- أن التفاصيل مملة ، والرد الثاني يخبرني بالعكس تمامًا .. أشعر بالحيرة ولكنني سأحاول أن أفعل ما
يرضيكم.. لأجلكم ..
كنت قد كتبت البارت سابقًا ولم أعمل بنصائحكم ، ولكن في البارت القادم سأفعل بإذن الله ، اعذروني ، قبل أن تحكموا على كتاباتي ..~
دمتم بخير أعزائي..! |
التعديل الأخير تم بواسطة فاطِمةه ; 12-02-2015 الساعة 02:05 PM |