عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 12-02-2015, 12:28 AM
 
7- العذاب إذا ابتسم

كانت تلك الجملة تهز كيانها وهي تستحم، محاوله أن تتمالك اتزانها ( بإمكانها أن تثق به ولكن ليس بإمكانها ان تثق بنفسها) آه يا هاريس........ هاريس ماذا فعلت؟
كانت مالون تحاول ان تتماسك، بعد أن انهت حمامها و ارتدت ثيابها وأصبح عليها أن تواجه الحقيقة البعيضة .. لقد حان وقت الرحيل ، ولكنها لم تعد تريد أن ترحل .
كانت تعلم انها كانت في حالة سيئة، لدى قدومها إلى هذا المنزل ..... ويبدو ان رولاند تعود تحطيم النساء .. لكنها بخير الان، وعليها ان تشكر هاريس لذلك لقد اخترع عملا لتلك التعيسة الممرغة بالاوحال التي رآها تسير تحت المطر المنهمر،وابتدأت معه رحلة علاجها.
حسنا لد جعلت هاركورت هاوس مكانا صالحا للعيش فيه، لكن بقاءها هنا ليس ضرورياً ، فإذا حضر الاثاث أو أي شي آخر ، هناك دوما العمال الذين يمكنهم أن يتسلموا المهمة ز غادرت مالون غرفتها بقلب حزين بعد ان تاخرت فيها قدر الامكان تملكتها الكثير من المشاعر بالنسبة إلى لقاء هاريس مره اخرى، وبعد ذلك يمكنها ان ترحل فلا تراه ثانية ، لكنها متلهفة إلى رؤيته الآن ولو مره واحدة .
تملكها الذعر من ان يكون هاريس قد رحل ، غير انها لم تسمع سيارته فأسرعت تهبط السلم إلى المطبخ ، كانت سيارته في الخارج .. وكذلك هو رباه،مازال الوقت مبكراً لكنه على وشك الرحيل.
ازدردت مالون ريقها بصعوبه، انها متلهفة إلى الخروج لرؤيته.. بإمكانها أن تخبره أنها راحلة لكنها شعرت فجأة بأنها مشلولة لأنه كان عائداً إلى الداخل
شعرت بلهفة إلى الاختفاء ولكنهاتتوق للإتصال به . عندما دخل المطبخ كانت ملامحه رزينه وعندما نظر إليها ، ابتسم فجأة وسألها:" هل انت على مايرام يامالون؟"
فكرت بأنها محطمة تماما ، لكنها أجابت ببشاشة
- بأتم خير
واعترها اضطراب بالغ، حتى قبل أن يتابع هاريس حديثه :" انت تعلمين أن ...... ترتيب البارحة لم يكن مفروضاً به أن ينتهي على هذا الشكل....."
وسكت فجأة ، وبدا لها أن هاريس الواثق عادة من كل شيء، بات مضطراً للتفتيش عن الكلمات المناسبة ثم قال فجأة وقد تلاشت ابتسامته
- هل أذيتك؟
أواه ، يا هاريس ! رق قلبها لحساسيته المفرطة ، ثم قالت تطمئنه :" ولا مثقال ذرة ! عدا......"
واخذت عيناه تتفحصان وجهها بسرعة
- عدا عن انك اعدت إيماني بالرجال
قالت هذا شاعرة بأنها مدينة له فهتف بدهشة
- أنا فعلت هذا ؟
تنفست بعمق لتشجع نفسها ثم قالت بصراحة :
- انت علمتني هذا الصباح ان الرجال ليسوا مثل زوج أمي وابنه أو حتى كيت مورغان أو رولاند فيلبيس و .....
- آه يامالون ، هل يعني ذلك أنك تثقين بي حقاً؟
- طبعاً.
أجابت دون تردد ثم ابتسمت ، ولكن رغم صراحتها معه ، لم تخبره بالحقيقة التي اكتشفتها.... وهي انها لم تعد تثق بنفسها . ثم قالت مقرة
- الذنب ذنبي رغم انني كنت أنوي أن استيقظ منتعشة باكراً
- وكذلك أنا. يقع اللوم إذن علي الساعات الارقة التي سبقت ذلك، فلولا قرقعة فناجين الشاي ،لكنت نائماً حتى الآن لذا لا يمكنني أن أعبر لك عن مبلغ ندمي لأنني .... تجاوزت الحد.
أرادت أن تقول شيئاً مرحاً ، ولكن الكلمات التصقت في حلقها ، وهكذا جذبت نفساً عميقاً لتخبره بما تريده :" هاريس ، أنا......."
لم تقل أكثر من ذلك لانه ، كما لو انه تكهن بما تحاول أن تقول ، قاطعها
- وهل هذا يهم ؟
- يهم ؟
- أن تفكري في أن تتركيني؟
آه يا هاريس! كانت تعلم انها ضعيفة . حتى وهي تعلم انه لم يكن يسأل عن هجرها له بل عن تركها الخدمة كانت مالون تصغي إلى قلبها وليس الى عقلها
فاجابته بمرح :" أي نوع من الفتيات تعتبرني؟
- هل ستبقين
- طبعاً
بداعليه الارتياح :" جيد".
بدا وكانه سيتقدم ليقبل وجنتها، لكنه غير رأيه وقال :" من الافضل أن انصرف".
ومنحها ابتسامة حارة ثم استدار .
وعندما خرج ، تهالكت على كرسي المطبخ . كانت ضعيفة حزينة ، كان عليها أن تخبره بأنها لن تبقى هنا ، لكنها تحبه.......
وامضت مالون اليومين التاليين مدركة أن هاريس يحتل أفكارها طوال الوقت ، وهو أول ما تفكر فيه عندما تستيقظ صباحاً، وآخر ما تفكر فيه ليلاً
كان هاريس يحتل ذهنها ، حتى وهي تتحدث مع العمال.

تساءت عما إذا سيحضر في العطلة القادمة ، وتدربت على تأدية دور الموده معه عندما تراه مره أخرى . يجب ألا يعانقها مره أخرى و إلا ستضيع . ولكنه لم يظهر لهفة إلأى ذلك قبل أن يرحل نهار الاربعاء الماضي .
نهضت من سريرها يوم السبت ، مصممة على ألا تجهد نفسها في الانصات على هدير سيارته كما فعلت أمس . وفي العاشرة ، خرجت لتتمشى ز ولكنها سرعان ما عادت .. قد يصل هاريس وهي خارج البيت! لم يكن قد وصل بعد ... في الواقع لم يحضر أبداً . أوت إلى سريرها في تلك الليلة بعد أن عنفت نفسها بحدة .
استيقظت مالون في الصباح فاستحمت وارتدت ثيابها ثم هبطت السلم إلى الاسفل لتبدأ نهارها ، نابذة هاريس كويليان بحزم من أفكارها. لديها عمل أفضل من ان تدور في أرجاء المكان تفكر برجل لا يزعج نفسة بالاتصال ليخبرها انه لن يحضر.
ثم خرجت لتتمشى مره أخرى..
قررت أنها لن تسرع اليوم في العودة ، كما فعلت أمس ، وتجاهلت السير في الطريق، مصممة على التنزة في الحقول .
وبعد ساعتين ، عادت إلى البيت متمهلة ، لقد سرها خروجها من البيت ، فقد جمعت ملء ذراعيها من الازهار البرية والاعشاب وهي تفكر في التألق الذي ستضيفه على غرفة الاستقبال.
فتحت الباب الامامي شاعرة انها لم تفكر في هاريس مره واحدة على مدى عشر دقائق كاملة ، وتوجهت إلى المطبخ لتحضر زهرية تنسق فيها الازهار لم تكد تتجاوز الباب حتى سمعت أصواتا قادمة من غرفة الجلوس .
توقفت ، وخطر لها أن تدخل باسمة ... فقد جاء هاريس. ولكن يجب أن تمحو ابتسامتها عن شفتيها واذا كان هاريس قد احضر اخته لتنام الليلة هنا... فلا سبيل للمشاركة مره آخرى ، شعرت فجأة بالخجل ، رغم انها كانت تجاهد لتسبغ حولها جواً من الحياد سارت وفي نيتها ان تطل برأسها من الباب محيية ، واذا بهاريس يخرج من غرفة الجلوس
إحمر وجهها ، ورأته ينظر إلى وجهها الوردي ، ثم قالت برقة
- هاريس ، لم أتوقع مجيئك اليوم .
- هل الامر يزعج ؟
سألها وفي عينية دعابه ، فأجابت :" أبداً ، هل فاي معك ؟
هز رأسه نفياً وعندما نطق بكلمته التالية انهار عالم مالون
- لقد أحضرت فيفيان .. أدخلي وتعرفي عليها.
فيفيان !! لم تعرف مالون كيف استطاعت أن تخفي صدمتها . لم يسبق أن قال إن لديه صديقة، ولم يخطر في بالها قط أنه سيحضر معه امرأة إلى هنا
ابتسمت ورافقته إلى غرفة الجلوس، لم تكن تريد ان تتعرف إلى فيفيان .

كما توقعت مالون ، كانت صديقة هاريس أنيقة لا يشوبها عيب. فهي سمراء تناهز الثلاثين.. من النوع الذي لا يعترف بسوى أزهار الاوركيديا ، ترى كيف تبدو مالون ، وهي تحتضن ازهاراً برية ؟
قدم هاريس احداهما إلى الاخرى بسهولة وظرف وهو يضيف
- لقد جعلت مالون المنزل بيتا حقيقياً بلمساتها الانثوية .
ونظرت مالون إلى أرجاء الغرفة بأرضها الخشبية العارية إلى من قطع السجاد ، فودت لو تضربه.
ردت باسمة :" من الافضل أن أضع الازهار في الماء".
كان شعر فيفيان مسرحا بعناية بينما كانت مالون قد تسلقت السياج ودارت في الحقول لتجمع الازهار والاعشاب ارادت ان تخرج من هنا بأقصى سرعة فقالت
- أتريدان قهوة؟
اجاب هاريس
-حسن جداً ، سأرافق فيفيان لأريها بقية المنزل.
لم تستطع مالون بلوغ المطبخ بسرعة كافية
بحركة ألية ، أخرجت المزهرية وملاتها بالماء بينما كانت الغيرة تنهشها بسهامها الحاقدة . مالذي جعله يحضر تلك المرأة إلى هنا ؟ رباه ، اه يريها البيت ، كيف يمكنه ذلك ؟
اعترفت مالون في سرها أن لدى هاريس كل الحق بإحضار من يريد إلى بيته وهو شي لا علاقة لها به.
كانت تصب القهوة عندما سمعت وقع خطاهما على خشب الارضية العاري في الطابق الاعلى ، مالذي يفعلانه هناك كل ذلك الوقت؟

واخيراً نزل هاريس ورفيقته السلم واحضرها إلى المطبخ ، صبت مالون ثلاثة فناجين ، وعندما جلسوا يحتسون القهوة ، سأل هاريس فيفيان رايها بالمطبخ قائلاً
- معظمة من تصميم فاي.
وبشكل ما، استطاعت مالونان تبقي ملامحها هادئ، يبدو ان فيفيان تعرف فاي، هل يعني ذلك ان فيفيان هي حيبية هاريس منذ مده طويلة ؟
رأت مالون أ هذا الحل هوالارجح ربما كانت فيفيان هي التي يمضي معها هاريس العطل الاسبوعية التي لا ياتي فيها الى "هاركورت هاوس"
وبما أن فاي تعتقد أن مالون خليلته ، فلابد انها تعرف فيفيان بشكل سطحي وليس لديها فكرة عن جدية العلاقة بينهما ، ولكن...
- ومارأيك يا مالون؟
نظرت مالون إلى فيفيان وأدركت أن المرأة تسألها رأيها في المطبخ .
- أظن أن عمل فاي كان رائعاً.
أجابت مالون بذلك ، ثم اكتشفت، عندما اشارت فيفيان إلى واحد أو اثنين من أجهزة المطبخ التي يمكن استبدالها ، ان المرأة مستعدة للإنتقال إلى هذا البيت في أي لحظة .
عندما اشركتها فيفيان بالحديث مع هاريس، وجدت انها كانت لتحبها في ظروف أخرى لكن هذا لا يعني انها ستبقى هنا إذا صممت فيفيان على البقاء الليلة .

سألتهما ، أولاً، لانها ابتدت تشعر بموده نحو المرأة ، وثانياً ، بدافع التهذيب إن كانا سيبقيان لتناول الغداء، حدقت فيها تلك العينان الدافئتان الرماديتان، وعندما أخذ قلبها يدق حول نظراته عنها بسرعة، لتستقر على فيفيان،وفي لحظة جنونية ، خيل إلى مالون أنه نسي وجود فيفيان هولمز و لإثبات جنون فكرتها ، ابتسم لفيفيان واجاب عنهما معاً
- لا أظن ذلك ، أظننا سنذهب الآن، هل رأيت ما يكفي يافيفيان؟.
كان جوابه ، يوضح كل شي . عندما ينتهي العمل في المنزل ، ستنتقل فيفيان معه إلأى هاركورت هاوس.
كانت مسرورة لذهابهما إلى حد انها ابتسمت وهي تودعهما ، لم يكن هاريس يفكر في مالون عندما طردها بقوله ( أرجوك يا مالون، اذهبي الآن) بل كان يفكر بحبيبته فيفيان.
لم تقاول إلقاء نظرة على هاريس وهو يمر بجانب نافذة المطبخ ثم سارعت إلى إدارة ظهرها ، فلو حدث ونظر ، سيرى أنها قد نبذتهما من ذهنها ، وان انتباهها كان موجها إلى خزانه المطبخ لتبحث عن شي ما .
صحيح أن مالون لم تكن نتظر من النافذه إلا ان اذنيها كانتا مرهفتين تصغيان إلى هدير السيارة الذي ينبئ بابتعادها ، عندئذ فقط ، يمكنها أن تتخلى عن حذرها.

رغم إصغائها وفروغ صبرها لرؤيتهما يذهبان إلى انها لم تسمع هدير محرك سيارة ، بل سمعت وقع خطوات .. فجمدت مكانها إنهما عائدان ..
استدارت تواجه باب المطبخ ، شاعرة بالخوف لانه لم يبق لديها ابتسامة تمنحها لهما ولكن ، لا . لا بد أن فيفيان تنتظر في السيارة ، لان هاريس كان قادماً وحده نحوها .
دخل واقترب منها حتى لم يبق بينه وبينها سوى مسافة قدمين ، ثم توقف . جمدا بصمت يحدقان ببعضهما . سمر هاريس نظراته عليها ، بينما شعرت مالون بجو من التوتر بينهما ، وانها لم تتخيل ذلك وجاهدت في كسر هذا الصمت .. لكن حلقها أصبح فجأة جافاً فخرج صوتها مبحوحاً وكانه يختنق
- هل .. هل نسيت شيئاً؟
نظر هاريس في عينيها العميقتي الزرقة ، وقال بهدوء
- يبدو انك في مزاج سيء.
أدركت مالون أن هذا الرجل لم يتكهن سبب انحراف مزاجها ، لذا ينبغي أن تبدي البهجة . واستطاعت ان ترسم ابتسامة أخرى "من ؟ أنا؟"
خشيت أن يكون أدهى من أن يخدع ، فتابعت تقول
- ما هو شعورك إذا دخلت البيت متمرغاً بالاوحال وكان عليك أن تصافح ضيفة تمثل آخر صيحة في الاناقة ؟.
ابتسم ببطء :" هل أزعجك الامر؟ فيفيان هي ......"
لكنها لم تشأ أن تسمع ما يريد قوله عن فيفيان فضحكت بمرح وهي تقول
- أنه شأنك
ومره أخرى ، راح يتفحصها ثم قال بالحاح
- هل هذا كل شيء؟ ألست قلقة بالنسبة لأي شيء ؟
- لا ، أبداً
- هل تنامين جيداًهل يصيبك الارق أو الكوابيس لأنني فقدت رشدي قليلاً في آخر....
فقاطعته " لا ، طبعاً"
لم تكن تريده أن يسترجع ذكرى تلك الليلة وتابعت :" كما انني لست زهرة مستنبته في بيت زجاجي و ....."
وسكتت فجأة ،تذكر الزهرة المستنبته بأزها الاوركيديا ... اي فيفيان
- ألا ينبغي أن تتابع طريقك إلى حيث أنت ذاهب؟
وتمنت من أعماقها أن لا يخبرها إلى أين، لانها لا تريد أن تعلم
لم تكن تريده أن يتقدم نحوها خطوة ليمسك بيدها ، فقد تذوب تحت وطأة لمسته .. ومع ذلك كانت من الضعف والحاجة إليه بحيث لم يعد لديها القوة لتفعل ما ينبغي لها فعله ، وهو أن تسحب يدها من يده.
- هل أنت واثقة من انك على مايرام ؟
لم هو هنا يمسك بيدها بينما حبيبته الرشيقة تنتظره في السيارة ؟
واجابت :" تماماً"
واخيراً تغلبت عليها كرامتها ، فسحبت يدها من يده وتراجعت خطوة
- هل ستخبرينني؟
وتمكنت من الضحك بمرح :" أرى يا هاريس، أنت تريد أن تنصب نفسك طبيبي، ولكن المشكلة انتهت بعد ان تفهمت وجود حوافز طبيعية معينة ... ينبغي أن تكبح".
فارقت الابتسامة ملامح هاريس ، ورأته لم يهتم كثيراً بقولها ولكنه مع ذلك بقي يسألها :" هل أفهم أنك صفحت عني لعدم كبحي مشاعري؟"
هذه المره ، كانت ابتسامتها حقيقية ، محملة بمسحة من الارتياح ، لانها لم تكن تفكر في مشاعره بل في مشاعرها .
- أنه ليس موضوعا هاما ، صدقني يا هاريس
قالت هذا ثم تقدمت نحوه بحذر. تناست تماما أن حبيبته تنتظره في السيارة وكانت تلك غلطة ، لانها ادركت حالما تعانقا أن صدمة كهربائية سرت في كيانها، عندما همت بالابتعاد عنه ، قبضت على ذراعيها يدان حازمتان ، فاخذت ، مره أخرى تحدق في عينية الرماديتين الدافئتين
همست مالون وهي تشهق:" ها أنذا صفحت عنك تماما . هل أنت راض؟
لكنه استمر في القبض على ذراعيها .. بعد لحظات أردف بصوت أجش :
- علي أن أذهب
ثم خرج


في الاربع وعشرين ساعة التالية ، استعادت مالون في ذهنها زيارة هاريس مره تلو الآخرى . كيف يجرو على إحضار امرأة إلى البيت الذي تسكن فيه؟ وتملكها الغضب في لحظة فبدت غير عقلانية ، ولكن لم عليها أن تلتزم بالمنطق إذا شاءت هي العكس؟ لم عليها أن تكون عقلانية؟ انها تحب ذلك السافل
لكنه لا يدري انها تحبه .. ولن يعلم ! فهي تعرف مقدار حساسيته ، ولهذا ستموت إذا ما شعر بالشفقة عليها ، لن تسمح له بذلك
اختفت كبرياؤها وهي تتذكر كيف ترك فيفيان في السيارة ليعود إليها تنهدت بعجز وهي تفكر في انه تمكن ، بحساسيته المرهفة ، من التنبه إلى انها ، رغم ادعائها ، لم تكن مرتاحة .
هل هذا يعني أن امرها يهمه؟ ولو قليل؟ حدثت نفسها : دعي عنك يا مالون، هل يبدون و كانه حقا يهتم بك ، هل نسيت فيفيان هولمز؟ قال ها ( سأري فيفيان بقية المنزل) فيفيان التي تتمتع بدقة الملاحظة وهي تقترح تغييرات في المطبخ، فيفيان التي سألتها( هل رأيت ما يكفي يا فيفيان؟)
حسنا إذا لم تر فيفيان ما يكفي، فقد اكتفت مالون خصوصا وهي تتصور أن فيفيان ستنتقل إلى هنا .
استيقظت مالون صباح الثلاثاء وهي تعلم انها أدركت النهاية ، نظرت إلى الجدار الذي يفصل بين غرفتها وغرفة هاريس و أدركت أنها لن تستطيع أن تحتمل إذا جاء هاريس وفيفيان يوم السبت وباتا الليلة في ...... في غرفته.
تركت مالون سريها ، مصممة بحزم على حزم أمتعتها قبل أن تأي فيفيان إلى هنا.
ثم اتصلت هاتفياً بمحطة القطار لتعرف مواعيد القطار.
هناك قطار يغادر في الثانية عشر وربع إلى محطة القطار الكائنة قرب منزل امها.
كان الوقت مبكراً للإتصال بها ، لكنه ليس كذلك بالنسبة إلى متاعها ، حاولت مالون أن تكون عملية وهي تجمع أمتعتها وتنبذ افكارها غير المرغوبه.
اتصلت بامها وهي تحس بتعاسة لم تعهدها من قبل
- مرحبا يا حبيبتي .
كان جواب امها حاءا مشوبا بالحنان إلى حد اوشكت مالون على البكاء
- هل استطيع المجئ إليكم ؟
فسألتها أمها بلهفة
- هل تبكين ؟
نعم .. انها تبكي ، وتنزف من الداخل
- هل يمكنني المجئ؟
- طبعا يمكنك ، انت تعلمين ذلك
وادهشت مالون بسؤالها التالي:" كيف ستحضرين إلى هنا ؟ اتريديننا أن نأتي أنا وجون لنأخذك ؟
- لا ، لا . أنا بخير ، سأستقل قطار الثانية عشرة والربع ... كان أنني لا ابكي "
بعد ذلك ، ذهبت تبحث عن كيفين الذي وافق على ايصالها ، عندما اخبرته أن عليها أن تكون في المدينة عند الظهر .
اخبرت بوب ميلر أنها ستغادر هاركورت هاوس ستترك مفاتيح المنزل . بدأ الفضول على وجهة ،
- اتعنين أنك سترحلين لتتركيني أعد الشاي بنفسي؟
- لن يقتلك الامر
اجابته بذلك وبعد ان اتفقا على أن تسلم المفاتيح إلى كيفين ، عادت الى البيت .
لم تقرر ما ستفعله بالنسبة إلى هاريس لانه فقد وكيلته ، ارادت أن تتصل به ولكنه قد لا يكون موجودا ، او قد يكون لديه إجتماع ، لقد كان طيبا للغاية معها ، فقد آواها في بيته وأعطاها عملا، وأقل ما عليها فعله هو التحدث إليه شخصياً ، رغم انها لا تعرف سببا تقدمه لرحليها.
واخيرا ، اخذت دفتر الرسائل، وهي تدرك ان السبب الوحيد الذي يدفعها إلى الإتصال به هو انها تبحث عن عذر، كانت متلهفة لسماع صوته ، وهو أمر يثير الرثاء إذ يجب أن تكون قويه .
عندما كتبت أخيرا ما تريد ه ، لم يعد لديها وقت لتضيعه ، شكرت هاريس لشهامته، لكنها قالت انها تشعر بأن الوقت حان لترحل .
وعندما جاء كيفين إلى المطبخ ورأى أمتعتها سألها
- أتريدين وضع هذه في الشاحنة ؟
- سأحمل أنا واحده منها .
عندئذ رن جرس الهاتف ، فقال كيفين
- ما من مشكلة ، سأحمل الامتعة بينما تجيبين انت.
وتوارى قبل أن تقرر مالون ما إذا كان ينبغي عليها الرد ، ولكن من تراه المتصل ؟ كانت تغلي من الداخل أنما ذهبت لتجيب
كانت واثقة من انها امها ، فلماذا إذن تشعر بهذا الارتجاف؟ ورفعت السماعة
- آلو؟
- كيف هي الحياة عندكم في هذا الطقس المشمس؟
جاءها صوت هاريس، فنهارت على كرسي بدا صوته دافئا ومزاجه مرحا
- بأحسن حال في الواقع......
ولم تستطع ان تنطق بكلمة
- في الواقع ؟
القى عليها السؤال ثم تغيرت لهجته :" ماذا حدث؟"
- لا ..... لا شيء
- ما الذي يحدث .... معك ؟
الح عليها ، كانت تعلم أنها تتخيل ذلك ، لكن صوته بدا جديا وكأن الارض ستنهار
انها مجرد امنيات! كانت تعلم ان عليها ان تخبره وقالت
- أنا راحلة
- راحـ......
وسكت ، يبدو انه كان يبحث بنفسه عن سبب:" هل جاء فيليبس مره أخرى؟ أعرف انه هذا الاسبوع يعمل في البيت . إذا كان......."
- لا . لم يقترب من هنا.
أجابت بسرعة
- ماذا إذن؟
- فكرت فقط في أن أوان الرحيل قد حان . هذا كل شيء.
تمنت، وهي تحبه ، لو انه يطلب منها البقاء
- هل أنت خائفة؟ هل كدرك شيء ما ؟ هل هو أنا؟ إذا......
ردت بسرعة :" لست أنت ".
كيف يمكنها أن تكذب عليه ، وكيف يمكنها العكس؟ وأضافت
- كما انني لست متكدرة .
- بل أنت كذلك!
- أنا افكر فقط .. بأنني أريد أن ارحل
ساد صمت قصير قال بعده :" سنناقش هذا اثناء العطلة . سأحضر يوم الجمعة ..."
وحده؟ فقاطعته : " أنا راحلة ... الآن "
زمجر قائلاً :" لا يمكنك".
واغرورقت عيناها بالدموع وهي تضع السماعة مكانها بهدوء، أخذ الهاتف يرن مره آخرى، ولكنها هذه المره فعلت ما كان ينبغي أن تفعله ، فتجاهلته.
ذهبت إلى المطبخ ومزقت الورقة التي كتبتها له ، فلم تعد ضرورية .
بعد ان اقفلت الابواب، مشتثنية ما يحتج إليه العمال للدخول والخروج خرجت إلى الشاحنه وزنين الهاتف في أذنيها.
سألها كيفين بحيويه :" هل ستعودين".
- ربما أعودز
شكرته وودعته وهي تعلم انها نطقت لتوها بأكبر كذبه فهي لن تعود ، لقد غادرت هاركورت هاوس إلى الابد ،.وجدت امها وزوجها في المحطة وكان القلق باديا على امها ولكن مالون لم تستطع ان تنغص سعادة امها ،
فعانقتها وقبلت جون وهي تقول ببشاشة
- من الجميل أن أعود إليكما ولكنني لن أقيم طويلاً.
رد جون :" تعلمين أننا نرحب بإقامتك هنا قدر ما تشائين ، انه بيتك الآن ".
فابتسمت له مالون، لكنها كانت تعلم انها ستءسس بيتها في مكان آخر
عندما وصلا إلى البيت ، حمل جون حقائبها إلى الغرفة التي أعدتها أمها لها، وقال لها باسماً
- سأتركك لترتاحي.
خرج فيما بقيت أمها لتسألها :" مالذي حدث يا مالون؟"
لانها كانت سعيدة ، لاحظت الام فورا أن ابنتها غير سعيدة في أعماقها رغم بشاشتها .
نظرت مالون إلى المرأة الغالية على قلبها والتي أصبحت أكثر ثقة بنفسها ولم تعد بحاجة إلى حماية من ابنتها . حاولت أن تتملص من الجواب ، ولكن نظرة الى امها انباتها باستحالة ان تكذب عليها :" لقد احببته"
- هاريس كويليان؟ وهل أحبك هو؟
- لديه صديقة يحبها، فرأيت أن من الافضل أن أتركه
- أوه يا حبيبتي.
هتفت الام وهي تحتضنها.
أمضت مالون النهار متلبدة الحواس ، وعند المساء كانت تساعد في إعداد العشاء ، عندما دخلت امها قائلة سيتناولون العشاء باكراً لان..
وسكتت ، فسألتها ابنتها :" ماذا؟"
وابتسمت إزاء نظرة امها المذنبة، لكنها فهمت أخيراً ان امها وزوجها كانا قد قررا الذهاب إلى المسرح ذلك المساء.
فقالت مالون مازحة ، مدركة تماما انهما ألغيا امسيتهما من اجلها
- لا اريد أن اسمع انكما لن تذهبا
- و لكنك .. متكدرة .
- لا، ليست متكدرة، كنت كذلك لكنني بخير الان .
كان المنزل هادئاً بعد خروج أمها وزوجها ، و أدركت أن عليها أن تشعر بالسرور لهذا الجو من الهدوء والسلام ، رغم ان البنائين يغادورون عادة في مثل هذا الوقت، إلى انها اعتادت الجلبة في ارجاء المكان ، وتمنت لو تعود الى هناك بعد لحظة ، اعترفت لنفسها بأنها لا تشتاق إلى جلبه البنائين بل .. إلى المنزل فقط، لتتوقع في كل لحظة اتصال هاريس او مجيئة إلى البيت، وتمنت أنها لم تغادر المنزل، لكنها كانت تعلم ان البديل لذلك ان تبقى وتراقب علاقته مع فيفيان هولمز سيكون الامر لا يطاق.
كانت مصيبة في الرحيل تصلب ظهرها بتصميم ، لكن ذلك لم يخفف من ألمها، لقد فصلت هاريس عن حياتها.. تركته من دون أن تترك له عنواناً .
سيخمن انها ذهبت إلى امها ولكنه لا يعلم بمكانها ، ولا يعرف حتى اسم والدتها بعد زواجها، عضت شفتها بقوة لسخرية الاقدار منها.. هل يحتمل أن يأتي هاريس بحثا عنها .؟؟
صعدت إلى غرفتها لتحضر كتابا ثم قرأت منه فقرة واحده قبل أن تتحول افكارها إلىهاريس الذي عارض رحليها ذاب قلبها رقة وهي تتذكر قوله
- سنتحدث في الامر اثناء العطلة ، فانا قادم يوم الجمعة.
شعرت بأن اليأس يحيط بها كسحابة مظلمة ، فنبذت هاريس من ذهنها ، ونهرت نفسها فعليها ان تنطلق في حياة جديدة.
ورن جرس الباب ، لم تذكر أمها ان أحداً سيزورهم ، ذهبت إلى الباب تفتحته وإذا بها تتلقى أكبر صدمه في حياتها
توهج وجهها أحمراراً، ثم شحب مجدداُ لم يكن الطارق يريد أمها أو زوج امها ، لكنه كان ذا عينين رماديتين لا تبدو فيهما المودة على الاطلاق. رأت الرجل الذي كانت تفكر فيه لتوها بأنه لا يعرف المكان الذي رحلت إليه
وشهقت :" كيف... كيف عثرت علي؟"
عاد لونها إليها ، لكن ذهنها لم يعد يستطيع التفكير أكثر من ذلك . حدق هاريس إليها متصلباً :" بكل صعوبه ، مضحياً بما تبقى لي من كرامة ".
واخذت نظراته تتفحص وجهها، من دون ان تعلم عما يبحث :" أريد أن اتحدث إليك وحدنا . سنتحدث في سيارتي".
وبان التوتر في صوته .

نهاية الفصل السابع

__________________


آللحن ألآخير + زهرة الوآدي! = ألقابي