8- سيدة القصر
بقيت مالون تحدق بذهول حتى عندما تراجع خطوة، متوقعاً منها ان تتبعه إلى سيارته.
سألته مترددة وهي تشعر بدوار
هل......... هل تريد ان تتحدث إلي؟"
وعاد ذهنها يعمل ، وأخذت الافكار تتلاحق، كيف وجدها إنه لا يعرف عنوان امها الجديد، حتى ولا عنوانها القديم.لما أزعج نفسه بالبحث عنها؟ ثم .... ماذا بقى ليتحدثا عنه؟
واجابها عابساً "نعم . ووحدنا".
وحدنا ؟ من دون وجود أمها وزوجها؟
فتحت فمها لتخبره ان يذهب إلى الجحيم، ولكنها اعترفت بضعفها أمامه ولم تشأ أن تدعه يذهب مره أخرى ... ليس الأن، وهو لن يلبث ان يبتعد عن حياتها إلى الابد
- تفضل بالدخول.
- قلت وحدنا.
- إمي وزوجها غائبان، ويمكنك ان تدخل إلا إذا كنت تنوي قتلي.
تقدم خطوة إلى الامام فأمسكت له الباب فيما اجتاز العتبة فتبعته ثم تقدمته إلى غرفة الجلوس وقلبها يخفق لرؤيتها غير المتوقعه له
وفي غرفة الجلوس ، استدارت لتسأله عما جعله يبحث عنها وقعت عيناها على وجهه، الذي كان عابساً وعدائياً ، فرأته ، رغم ذلك ، حبيباً
لكنه وجدت نفسها تسأله، وهي ترى من لباسه أنه جاء مباشرة من مكتبه
- هل تعشيت ؟
- ومن يريد الطعام ؟
رفض دعوتها بازدراء وقلة تهذيب ، وفكرت في أن تدعوه إلى الجلوس، لكنه لن يمكث طويلاً
سألها فجأة :" لماذا رحلت؟"
كان يريد تفسيراً لم تكن تملكه . عاد ذهنها إلى التوقف عن التفكير . وقالت
- منذ البداية لم اكن أنوي البقاء، وانت تعلم أن عملي مؤقت .
نظر إليها بغيظ ، وعندما نظر فجأة في عينيها ، لانت لهجته وهو يقول
- فكرت في أن نتحدث .. نحن الاثنين.
أواه ، يا هاريس ! انها تريد أن تكون فظة معه وهو يصعب الامر
- يمكننا ذلك . لقد سبف وتحدثت معك ، و اخبرتك بأشياء لم اخبرها لاحد. ولكن.....
وسكتت متخازلة ، شاعرة بانها قالت الكثير، فقد سبق وقالت الكثير
- ما الذي حدث إذن؟ ماذا حدث لتلك الثقة التي وضعتها بي لتهربي حتى دون أن تحدثيني أولاً؟
كانت نظراته مسمرة على وجهها بثبات قبل أن يتهمها قائلاً
- لو اني لم اتصل بك هاتفياً لما كنت أخبرتني عن قرارك .
فاندفعت تقول :
- هل لك بالجلوس ؟ اتريد شراباً؟ ما دمت لا تريد ان تأكل؟.
لم يعجبها أن يامرها بخشونه
-لا تثوري في وجهي، يامالون، انا لا احب ذلك . خصوصاً وانك تعلمين أنني لن أؤذيك أبداً.
ليت كلامه صحيح ! فهي تتألم بسببه . سارت إلى كرسيمريخ فجر كرسياً قربها وجلس عليه
كانت تفصل بينهما خطوات فحاولت تبرئة نفسها من دون ان تفضح مشاعرها ، فظنت أن باستطاعتها تفسير الامر
- لقد كتبت لك ورقة .
- لم أجدها.
لقد ذهب إلى منزله إذن :" هل ذهبت إلى هناك؟ بعد اتصالك بي لم يبق للورقة أي فائدة ، فمزقتها . إذن.. ذهبت إلى هاركورت هاوس"؟
- طبعا كنت هناك.
تكلم بخشونه ثم تابع يقول ما ادهشها تماماً
- كنت في منتصف الطريق عندما اتصل بي بوب ميلر ليقول أنك رحلت . بدا لي......
- لم يكن بوب موجودا ً حين رحلت .
- أعلم ذلك
وخطرت لها فكرة فجأة فسألته مذهوله :
- لا اظنك تركت مكتبك وجئت إلى "أبرماسي" فقط لانني......
وسكتت، هو طبعا لم يفعل ذلك لا بد ان الحب اعمى ذهنها :" أسفة ، انه سؤال غبي مني".
بين يديه معاملات بملايين الجنيهات، فكيف يخطر ببالها انه سيترك عمله فقط لانها ابلغته برحيلها ! لكنها رأته يومئ بوضوح فتساعت دقات قلبها ، واحمر وجهها وهو يضيف
- تأخرت فقط لاتصل ببوب ميلر ، ثم أنطلقت .
- أنت .... انت
وخانتها الكلمات كانت تفترض انها وكيلة كفؤة ، ولكن إلى اي حد؟ ليترك هاريس عمله وياتي إلى منطقة أبرماسي أو ليطلب منها ان تعيد النظر
- انت .. قلت أنك اتصلت ببوب ميلر؟
- اتصلت بالخلوي . لم يكن في المنزل إذ كان منغمساً في احد أعماله الأخرى التي تبعد حوالي عشرة أميال ، قال أنك تحدثت معه عن إعطائه المفاتيح ليحتفظ بها .
توقف هاريس ثم اردف :" لم اهتم مطلقا ً بحسمك للموضوع ، بل أخبرته بان يعود الى هاركورت هاوس ويمنعك من الرحيل .
اتسعت عيناها الجميلتان وهي تشهق :" يمنعني من الرحيل؟"
- وعندما وصل إلى هناك ، كنت قد رحلت .
فتحت فمها مذهوله رغم انها لا تصدق اهتمام هاريس بها . لاشك ان هذه الفكرة صدمتها نوعا ما .
- أنت .....
لم تستطع ان تنطق بغير ذلك ثم عاد ذهنها إلى التحليل:" وقررت متابعة طريقك إلى هاركورت هاوس على كل حال؟"
- كان خياري الوحيد ، عندما أدركت انني لا اعرف في اي طريق ذهبت ، وانني لا املك أي عنوان لك ... إلى إذا ذهبت إلى بيت إمك الجديد.. تملكني الامل في أن اعثر في غرفتك أو في أي مكان أخر في المنزل على ما قد يدلنا على مكانك ".
- هل فتشت غرفتي ؟
سألته بضعف ، وهي تحاول جاهدة ألا ترى أي خطأ في عمل هاريس
- فتشت في كل مكان.
- ولم تجد شيئاً؟
- ولا اثر يرسدني إليك؟
رباه ، يبدو وكأنه حريص على العثور عليها.
ابتسمت متظاهرة بالهدوء :" و.... ولكنك وجدتني . انت هنا الان. كيف عثرت علي؟"
اجاب بشبة ابتسامة :" كما سبق و ذكرت ، أهدرت ما بقي من كرامتي، إلا أن العثور عليك يستحق هذا العناء".
رفض قلبها بجنون ان يقبل المنطق المتزن.. لا يمكن أن يعني ما تظنه ، هل يهتم هاريس بها؟
- عنواني ؟
- نعم . عنوانك . كنت في غرفة الجلوس ، وتلك الازهار البرية التي قطفتها الاحد الماضي مازالت يانعة في إنائها ، وحاولت ألا أستسلم لليأس.
لو انه لم يشر إلى زيارته لها نهار الاحد بنفس اللهجة التي ذكر فيها يأسه من احتما ل العثور عليها، كان قلبها ليقفز من صدرها.
- لا بد انني تركت أثراً ما، على كل حال.
قالت بجفاء وفتور، فرأت هاريس يقطب جبينه لتغيير الذي أصابها ، لكنه تمسك بهدفه بحزم، وقال :" كنت أحاول بلفهة أن اتذكر أي شي قلته ، قد يرشدني إليك . وهكذا عدت إلى نقطة البداية ، حيث تقابلنا عندما كنت هاربة من صهري، ولكنني لم احد دليلاً إلى أن تذكرت انك كتبت إلأى رولاند فيليبس بشأن الوظيفة ، وادركت أن فيليبس يملك عنوانك القديم ، فذهبت لرؤيته".
- أواه ، يا هاريس
تمتمت بشكل تلقائي وقد أدركت ما يعنية بقوله ( إهدار كرامته) فقدكان إذلالاً كبيراً له أن يطلب خدمة من فيليبس .
- لا بد أنك كنت متلهفاً للحصول على عنواني.
نظر إليها مطولاً دون ابتسام ، ثم قا ل ببساطة :" هذا صحيح".
فقالت فيما جف حلقها " هل ... هل أعطاك إياه دون ... دون جدال؟"
عندئذ ابتسم وقال : " لا يمكنني القول ان ذلك تم دون جدال ، في البداية قال انه لا يعرف مكان رسالتك ، وعندما قلت له انك كنت تنظمين ملفاته في المكتب..."
- هل تذكرت انني قلت لك انني نظمت مكتبه.
- ألم أقل لك انني استرجعت كل ما قتله لي ، لأعثر على دليل؟ ذكرت له باقتضاب مصير وظيفته عندما يسمع رؤساؤة بتصرفاته.
- هل وجدت رسالتي في ملف كتب عليه (مراسلات عامة )؟
فأوما :" ثم كان علي أن أقف حوالي ساعتين ، منتظراً الساكن الجديد ليعود، آملاً في ان يكون لديه عنوان امك الجديد"
حدقت مالون إليه وعلا أذنيها طنين . لا تستطيع ان تنكر ما انباها به كلامه.
سألته بصوت أبح :" هل عانيت كل ذلك ؟"
- كان الامر مهماً لي .
تركزت عيناها عليه عندما اضاف بعناية :" انت مهمة بالنسبة لي، يا مالون"
عندئذ ، عمرها شعور لم تستطع أن تبقى معه جامدة ، فانتصبت واقفة وابتعدت عنه ، توليه ظهرها لئلا يرى فيض المشاعر على وجهها.
سمعته يتحرك ثم وقف خلفها يهدئها بقوله :" لا تفزعي ، انا اعلم انني تجاوزت الحد معك منذ اسبوع، وإذا كان تصرفي أخافك مني وجعلك تهربين ، فسنأخذ الامور بشكل ......"
استدارت مالون تواجهة، بدا قلقاً مرهقاً فلم تستطع احتمال ذلك . إذا كانت هي من سيمرغ كرامته في التراب ، فليكن ، رغم انها مازالت صعوبه في تصديق انه اندفع إلى منزله ، متغلباً على كبريائه و ذهب ليطلب خدمه من صهره ثم جاء يبحث عنها ..كيف تدع هاريس يظن نفسه مذنباً أو انانياً؟
أردفت برقه :" يا هاريس، ما أسوأ ذاكرتك "
حدق إليها ، وكان الارهاق باديا عليه، وسألها :" هل كدت أرعبك؟"
فهزت رأسها، حتى أنها استطاعت ان تبتسم
- لا بأس ، علي أن اعترف بأنني ماهرة للغاية ، وهناك الكثير لاتعلمه ، ولكن أذكر أنك أمرتني بترك الغرفة وليس العكس ".
بدأ وكأن الارهاق فارقة، لكنه سألها :" ألم يحدث ما ازعجك وجعلك قلقه متضايقة مني ......؟"
- الشيء الوحيد الذي أزعجني هو اعتقادي أن بإمكان الوثوق بك ، وإذا بي أكتشفت ..
وترددت ، لانه كان يتألم كما يبدو .. هي تحبه إلى حد لا تريد له الالم
وتابعت :" اكتشفت انني ... لا استطيع أن أثق ... بنفسي"
حدق هاريس بها لحظة بدت لها دهراً ثم قال برقة
- ياعزيزتي، اتعنين انني لو لم اطلب منك المغادرة ، كنت لــ....؟
- ما كنت لأستطيع أن أمنع نفسي ..
- آه يا حبيبتي
تمتم بذلك وهو يمد ذراعيه لها ، خفق قلبها وهي تلقي بنفسها بين ذراعيه ، تملكتها البهجة وهي تشعر بدفئة فسألها
- ألهذا السبب هربت ؟ ألأنك لم تثقي بنفسك وانت معي تحت سقف واحد؟.
- ليس تماماً
- هل هربت لسبب آخر؟
سألها بنفس الحدة التي تعرفها عنه ، وشعرت عندئذ أن من الافضل ألا تقول له شئيا على الاطلاق . انها إذا قالت الحقيقة ، فسيفهم انها تحبه ، صحيح أنه يهتم بها قليلا، إلا أن مشاعره بعيدة جدا عن الحب الحقيقي الذي تشعر به نحوه
وسألها برفق:"ألا تريدين أن تخبريني؟ حتى عندما يتسنى لنا أن نتحدث معاً؟
ضحكت بخفة وهي لا تدري متى التفت ذراعاها حول خصره ، كان مجرد وقوفهما معا بهذا الشكل يملأها بهجة ومتعة
قالت باسمة
- هناك أمور لا تحب الفتاة أن تخبرها حتى لأعز صديق لديها.
ابتسم هو ايضا وانحنى ليعانقها ثم قال وهو يقف منتصبا وعيناه في عينيها
- رغم انك تعلمين أنني واقع في غرامك إلى أقصى حد؟
حملت فيه بشكل لا إرادي وجف حلقها .. هاريس ، هاريس مالذي يعنيه بالضبط بكلامه ؟
سألته وهي تلملم شتات نفسها :" هل لك أن ... توضح كلامك ؟"
لكنه بدا بنفس الحذر وهو يقول
- حسب علمي ، ماكنت لتتفوهي بذلك إلا اذا كنت تشعرين نحوي بشء ما
ها هو ذا يقترب من الحقيقة وترددت ، حاولت ان تقول
- أنا ... هذا ...
وتلعثمت، ثم أدركت أنها ، وهي تقول تلك الكلمات المتقطعة اعترفت بانها تشعر نحوه بشي ما
أدرك ذلك هو أيضاً، فاشتدت قبضته عليها قبل أن يمنحها ابتسامة صغيرة ويقول
:" ابتدأ ذلك ذات يوم ممطر عندما توقفت بسيارتي لاعرض عليك توصيلك . رفضت في البداية ..."
- لكنك قمت بجوله ثم عدت مرة ثانية
أكملت كلمة هامسة فقال :"حدثت نفسي بأنني تصرفت بغباء.. وأن شخصاً أخر سيمر وستقبلين منه أن يوصلك . ولكن هل ما كان على وجهك مطر أم ... دموع؟"
فقالت برقة :" أخذتني بسيارتك . لم توصلني فقطن بل منحتني عملاً"
- ولماذا لا امنحك؟
سألها عابساً ثم تابع يقول :" فيليبس ، مع الاسف، هو نسيب لاسرتنا.. وقد حاول الاعتداء عليك ".
- كنت شهماً
وابتسمت له ، لانها لم تكن تريده ان يعبس ومالت إلى الامام ثم عانقته برقة .
- آه ، مالون ،مالون
تمتم بذلك وقد تلاشى عبوسه وبدا على ملامحه شبه ابتسامة وهو يتابع
- لا ادري ما إذا كنت شهماً ، كل ما فكرت فيه ، حينذاك ، هوانني أساهم بإعادتك إلى اتزانك بعد التجربه المحزنه التي عانيتها ، أما ما لم اتوقعه فهو أن امضي الاسبوع الذي تلاه وخيالك لا يبارحني".
حدقت مالون إليه مسروره :" هل فكرت بي أحياناً؟"
- بل غالبا. حين جئت إلى البيت ، لم استطع أن اتقبل فكرة انني في البيت وانت في الفندق.
وابتسم ثم اضاف:" كنت أعلم انني لن استطيع الاستقرار قبل أن اذهب إلى الفندق صباحاً لاحضرك . واذا بالغيظ يتملكني عندما علمت انني كنت افكر فيك ، وانت تمضين الوقت مع رجل اسمه ويلسن !"
فسألته :" ويلسن؟ توني ويلسن !"
- كيف أمكنك القيام بذلك ؟
- القيام بماذا؟
- يزداد كل يوم حنقي على الرجل ،بينما انت لا تكادين تتذكرينه
- أنت ... خانق على .....؟
- أظن أن شعوري يسمى (غيرة).
اجابها و في عينيه حنان، فخفق قلبها بعنف وسألته غير مصدقة
- هل كنت غيوراً؟ لكننا بالكاد كنا نعرف بعضنا حينذاك .
فقال برقة :" يا عزيزتي . ما أشعر به نحوك غير منطقي على الاطلاق ، لقد سررت لعدم وجود هاتف في منزلي كيلا يتصل بك ويلسن . لكنني لم أركب الهاتف إلى لأمنع مجيء فيليبس إليك حاملاً رسالة من امك ، شعرت حينذاك بالغيرة ثم الغضب ، إنما ادركت انني أحب أن اجدك في بيتي فلم تعجبني على الاطلاق مسألة حزمك حقيبتك لتمضي العطلة الاسبوعية في فندق كيلفتون".
فقالت متذكرة :" انت طلبت مني البقاء."
- عندما لم استطع مقاومة رغبتي بك ، كان علي ان ادعي انها رغبتك أنت
- انت سافل
- أتحبينني؟
تجاهلت السؤال:" ماذا كنت تقول ؟"
عانقها هاريس برقة ، متمهلاً، ثم شد قبضته عليها وهو يرتد إلى الخلف
وقال بأسف
- ماكان لي أن أفعل ذلك ، كما لم يكن لي أن أعانقك السبت الماضي.
- أتذكر ذلك
وابتسمت ، وهل يمكنها أن تنسى؟ففي تلك الليلة أدركت انها تحبه.
- تلك الليلة أخبرتك بأنك لست في خطر ، لكنني لم أفكر في ان اقول .. انني انا من كان في خطر ..
- انت في خطر .؟
- خطر الوقوع في غرامك، يا عزيزتي .
تمتم بذلك بحنان بالغ ، فشهقت
- لم اعترف بذلك لنفسي .. حينذاك .
- طبعاً لا
اتراه قال حقاً انه كان في خطر الوقوع في حبها ؟
- لكنني لم اعرف مثل ذلك الشعور من قبل.. وكانني فقدت سيطرتي على نفسي ، أدركت ان علي الرحيل وذلك لاختبر نفسي واحلل مشاعري نحوك .
- وهل قمت بذلك؟ هل حللت مشاعرك ؟
- ليس حينذاك كل ما علمته انني في اللحظة التي افترقت فيها عنك، شعرت بأنني أريد أن أعود. كانت الرغبه دوماً تتملكني للعودة إلى البيت ولكنني كنت أقاومها باستمرار ، عندما أدركت حقيقة شعوري فهمت ان منظرك الرائع يهدد تحكمي بنفسي ، ولكن لم يكن جمالك فقط هو الذي اغرمت به. انت تتمتعين بجمال داخلي.
فسألته بخجل :" وهل أنت ... مغرم بي ؟"
نظر إلى وجهها ، ثم قال بحنان
- عزيزتي مالون بريتويت . حبيبتي مالون بريتويت، ماذا احاول أن اخبرك منذ عشر دقائق غير انني احبك إلى أقصى حد ؟
فتاوهت :" أواه، يا هاريس".
- هل لديك مانع ؟
فأجابت لا هثة :" لا ، ابداً"
- وهل تظنين ان بامكانك ان تبادليني الحب ؟
سالها بحذر، ثم أسرع يقول هو يرى أن خجلها يمنعها من الجواب:
- أنا أعلم أنك تعرضت للأذى في الماضي، لكنني لن أؤذيك أبداً، انت تعلمين ....
شعرت مالون بالنشاط والخفة وعصفت في ذهنها فجأة ذكرى ما سببته لها زياته منذ يومين من أذى والم . عندئذ، اختفت كل حرارة نحوه ، فسألها هاريس على الفور
- مالذي حدث ؟ أخبرني .....
- ماهي علاقتك بفيفيان هولمز ؟
انفجزت به وقد ثارت مشاعرها نحوه بشكل مؤلم .
فقال من دون تفكير مسبق
- لا علاقة لي بها
- ولم أحضرتها إذن إلى بيتك الاحد الماضي؟ ولم تجولت معها لتريها البيت ، وسألتها عما إذا كانت رات مايكفي، ثم ..
هذا المره ، انفجر هاريس قائلاً " فيفيان هولمز امرأة موهوبه في تصميم الديكور"
فتحت مالون فاها :" ولكن ........"
وعندما أخذت تستعيد أحداث الاحد الماضي بدقة ، وجدت أن كلام هاريس يبدون معقولا جدا فقالت وقد تمالكت نفسها قليلاً
- لكنك لم تذكر ذلك ، كان يجدر بك أن تذكر الامر حين .....
- الحق معك طبعاً.
وبدت على فمه ابتسامه استخفاف ، وهو يتابع
- كان يجب أن أقدمها لك بصفتها مصممة ديكور جاءت لتلقي نظرة على البيت ،لكنك جعلتني مضطرباً يا مالون "
- اانا ... جعلتك كذلك ؟
- صدقيني يا حبيبتي ، كنت متلهفا لرؤيتك ، لكنني كنت أعلم ان علي البقاء بعيداً .اضطرت للقدوم لرؤيتك لانني لم استطع ان ابقى بعيداً ،لاول مره في حياتي ، شعرت بالضعف ومرت أوقات كنت متلهفاً فيها إلى احتضانك . وبعد ما حصل بيننا منذ اسبوع بدأت اشعر بأنني لم اعد أثق بنفسي حين أكون معك ، وازداد خوفي من أن ترحلي إذا تكرر الأمر. ثم ما الذي يضمن لي اننا نواجه وضعاً مماثلاُ في ذلك البيت الملئ بالافخاخ والعقبات .
حدقت مالون إليه مصعوقة :" هل احضرت فيفيان هولمز إلى البيت لانك ..."
- لأنني لم استطع الابتعاد عنك اكثر من ذلك ، رغم ان فاي هي التي اتصلت بها اولاً، إلا انني شعرت بأن ليس بإمكاني المجازفة بالبقاء معك وحدنا . كنت في حالة سيئة تماماً، ولكني لم الحق بك أي ضرر ، يا حبيبتي .
وابتسم . تملك مالون شعور بأنه لو استمر هاريس بهذا الشكل مده أطول لفقدت توازنها وثباتها.
- لكن فاي لم تقبل المجئ؟
- كانت مشغولة ...
فقاطعته باسمة :" طبعاً . ولهذا اتصلت هي بفيفيان ......"
وسكتت ، بينما هز راسه :
- كانت لهفتي تزداد لرؤيتك ، وتساءلت عما إذا كنت اجازف بالذهاب إلى البيت ، على كل حال اتصلت بي فاي لتقول إن صديقتها فيفيان تتشوق لرؤية المنزل بعد ان حدثتها فاي عنه وعن شغفها به ".
- وعند ذلك اتصلت انت بفيفيان ؟
لامس هاريس خد مالون بحنان:" عندئذ، اتصلت بها ، اخبرتها ان لدي تصوري الخاص بالنسبة إلى البيت، لكنني ارحب بتلقي أي اقتراحات تحب أن تقدمها .. وهكذا.."
وبدا الاسف في نظراته :" جئت ورأيتك ، فشعرت بخفقان في صدري بدوت رائعة وانت تحتضنين الازهار البرية ، فتمنيت لو ان فيفيان على بعد مئة ميل من هنا."
ابتسم وهو يضيف :" أردتك كلك لي وحدي ، يا مالون"
فقالت بنعومة :" ثم عدت تاركا فيفيان في السيارة "
- كنت بحاجة إلى قضاء بعض الوقت معك ، أردت أن اعانقك ، لقد شعرت حينذاك بضعف لم اشعر بمثلة من قبل .
- هل كنت ... كذلك حقاً
- نعم عدت إلى لندن رغم ارادتي وصممت على العودة في عطلة الاسبوع ، ولاذهاب إلى فندق كليفتون باكرا لاحضرك إلى البيت ، هذا أذا كنت لا تريدين النوم تحت السقف نفسه معي .
- وماذا ؟
سألته ورأسها يدور فيما قلبها يخفق
عانقها مره أخرى ، وشد قليلاً اثناء احتضانها
- لم استطع الانتظار حتى الجمعة لاسمع صوتك.
فهمست :" وهكذا اتصلت بي ذلك الصباح ".
- وادركت ، حالما قلت انك راحلة ، انني لا استطيع ان ادعك تذهبي وانني احبك بكل عصب من جسدي
وسكت للحظة قبل أن يتابع
- عندما ادركت انني لا املك دليلاً اتعقبك به ، أخذ العرق البارد يتصبب مني ، كان علي أن اعثر عليك فالحياة من دونك يا حبيبتي ، لاتحتمل ".
فتنهت :" آن ، ياهاريس "
- هل يعني كلامك انك .. مسرورة لوجودي ؟
فضحكت بمرح :" انت تعلم ذلك "
- وهل تحبينني قليلاً ؟
انها تحبه ، تحبه ، تحبه :" بل ... أحبك كثير"
- يا حبيبتي
فقد سيطرته على نفسه وجذبها إلى صدره حيث ابقاها طويلا ثم سألها بلهفة وهو ينظر في عينيها :
- هل أنت واثقة ؟
- اجل ، ومنذ تلك الليلة التي تصادمنها ميها في الحمام .
فسألها مذهولاً :" علمت حينذاك ؟"
- كان هناك دلائل من قبل ، لكنني، حينذاك ، تأكدت من الامر
- حبيبتي الحلوه .
قال هذا بصوت خافت ، وعانقها ، ثم عاود الكره ، توقف اخيراً وذراعاه حولها ، ثم قادها إلى الاريكة حيث جلسا متلاصقين ، عانقها وهو يهمس لها بتلك الكلمات السحرية التي تحب سماعها
- مالون ، مالون ، كم احبك
وعندما غاصت في وهح حبه ، وعجزت عن الكلام سألها
- وانت ؟
ابتسمت ثم اضافت :" وانا احبك كثيراً جداً"
- الحمد لله
بقي يحتضنها دقائق طويلة ثم قال
- لم أكن أعلم ما اذا كان علي ان آتي إلى هنا ليلاً ام في الصباح الباكر ، لكنني عانيت الامرين ، ولم استطع ان انتظر حتى الغد .. لم أكن واثقاً من طبيعة استقبالك لي .
نظر إليها بابتسامة عريضة ، فابتسمت له بحب ، ثم تابع يقول
- وقفت علند العتبه حين فتحت لي الباب، متلهفاُ لاستشف من ملامحك شيئاً.
- آه يا هاريس ، شكرا لمجيئك
لم تكن تتصور انه قد يتردد إلى هذا الحد وتابعت تقول من كل قلبها
- أنا ايضا كنت اتعذب
- أه ، انا أسف .
عانقها وكانه يمحو ما عانته من عذاب . وعندما نظر في عينيها، اصبحت عيناه رزينتين وسألها
- لماذا حاولت ان تتركيني ؟ عليك ان تخبريني.
تورد وجهها وهي تعترف
- ظننت انك ستحضر معك فيفيان هولمز إذا جئت في العطلة ، انا اسفة هاريس، لكن مجرد التفكير في انكما معا بجانبي لا يمكنني أن اتحمله .
ضمها بقوة وقال :" آه يا حبيبتي
ثم ابعدها عنه ونظر في عينيها
- هل تغارين ؟
- تبدو عليك الدهشة
فضحك :" لم تخطر هذه الفكرة ببالي قط "
عانقته لانها تحبه ، فهي لا تكاد تصدق ما يحدث. ارتدت إلى الوراء لترى وجهة وإذا بها تسمع هدير سيارة تقترب
- يبدو أن امي وجون عادا باكرا ً، أنا..
- انت ماذا؟
- حسناً ، أرادت أمي أن تعلم مالذي حدث ليجعلني احضر إلىهنا لقد اخبرتها بانني احبك .
ابتسامة هاريس المفاجئة جعلتها تسكت لكنها شعرت بأن عليها ان تخبره بالبقية قبل ان تدخل امها
- كما انني اخبرتها بأن لديك صديقة .
- تعنين بذلك فيفيان ؟
أومات ، فابتسم وقال
- إذن يا حبيبتي ، علي ان اخبرها الحقيقة .. ومن الافضل ان افعل ذلك قبل أن أسألها .
- تسألها ماذا؟
- حسناً من المفروض أن اطلب من امك أو من زوجها ألا تعلمين؟
- ماذا تطلب؟
سألته وهي تشعر بالارتباك
- أظن أن العادات تقضي بأن أطلب يدك من أمك . أنا لم افعل هذا من قبل، لكنني أود القيام بذلك وفقاً للأصول .
- تطلب يدي؟
- نحن سنتزوج ، أليس كذلك
سألها وقد تحولت ملامحه إلى الرزانه . ازدردت مالون بريقها بصعوبه .
وقلبها يخفق بعنف لم تكن تظن انها
- هل تتزوجيني ؟ لن استعجلك .
- يسعدني أن اتزوجك
تنفس الصعداء :" شكرا يا حبي "
تمتم بذلك وهو يرفع يدها إلى شفتيه
- عندما نعود الى بيتنا بعد شعر عسل طويل ، قد يكون هاركورت هاوس جاهزا لاستقبال سيدته .
وشهقت مالون بعجت :" أنا؟"
- انت فقط .
وعانقها بحنان
- آه يا هاريس .
هتفت بذلك . ستكون سيدة " هاركورت هاوس" وزوجة السيد ! ما اروع الحياة تـــــــــــمـــــــــــــت والحمد لله
__________________ آللحن ألآخير + زهرة الوآدي! = ألقابي |