عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 12-06-2015, 08:45 PM
 


##


[الفصل الخامس : ضممتُ الموتَ بينَ ذِراعيّ وشممتُ عِطرُه!]

تحت النجوم جَلَسَتا وكأن لا همومَ فالحياة ، مَطَت الشَقراء جَسَدها مُتثاءِبة ، علقت دمعة بنهاية جفنها ، علقت مُنهية الحوار : أنتِ فقط لا تُريدين الاعتراف بأنكِ سَقَطتِ في حُب نفس الشَخص للمرة الثانية !.
تَمَلملت آمالـيا : آلانيس ! وأنا التي ظَنَنتِك عاقِلة !. لا فائِدة فِعلًا !
رَبَتت الصهباء الجالِسة بصمت إلي جِوارهم علي رأسها بابتسامة : استرخي آمالـيا !. نحنُ لا نَتَهِمُكِ بشيء !.
تَمتَمت : مُنذ مُدة لم نجلس هكذا ! رُبما عليّ شُكر جوسِف !
مالبثت أن نفخت وجنتيها : فقط لعلمكُما أنا لا أهتم أن عاد أو لم يعُد ! الحرب مازالت حربي ! ومازلت ساتابع !!

سُمِع صَوت بُكاء طِفل يَقتَرِب لتتأهب كيفونا ناهِضة من مكانِها بسُرعة مُخرِجة سيفًا من حِزامِها !! : من هُناك؟!
نهضت آمالـيا واضِعة يد أمام رفيقتها وكأنها تمنعها : ليمالا؟ أهذه أنتِ؟!
اقتربت أكثر ليظهر وجهها الباكي وطفلها بين ذراعيها ليس أفضل حالًا ! ، رَمت بنفسها في حُضن آمالـيا : لقد قتلوه !!
استقبلتها الأميرة -السابِقة- بين بدون اعتراض : مَن؟!
شَهِقت وكأن روحها تُنتَزَع منها : زوجي !! الأُمراء قاموا بقتلُه !!
مَسحت آمالـيا علي ظهرها مُحاوِلة مُواساتِها والطِفل بينهما لكن بدا أن المواساة لم تكُن ما أرادتهُ الكستنائية حين نطقت : أرجوكِ دعيني أكُن معكُم !!
قضبت آمالـيا حاجبيها : يُمكِنك البقاء معنا !!

كانت تعلم أن هذا ليس مقصدها ! لكنها لم ترغب بضمها إليهم !! ليسَ وعندها طفل ! ، اشارت للشقراء : ستبيت ليمالا وطفلها معك اليوم !. اعتني بهما !.

وكأنها تُحاوِل إنهاء الأمر بهذا الشكل قبل أن تُقاطِعها ليمالا بأي شيء !! ، ابتعدت عن أنظار ثلاثتهم بالمنطقة الشبه صحراوية !

___

حَول النار كعادتهم ، تابع الأصهب الرسم علي الرمال : كرر عليّ ما قُلت؟
تَوَتر جوسِف : أُريد العودة لمصر والبقاء فيها !.
كاد مالِك التدخُل "لماذا جِئت معنا إذن إذا كُنت تُريد البقاء جِدًا هُناك؟!" لكن رد قاسِم فاجَئه : ومن قال بأنك عُدت من الأساس؟!
وكأنهُ يقول بأن جوسِف مازال هُناك ! لكن كيف ذلك؟!
تمتم الزمردي بدون فهم : ماذا تعني؟!
رَد أطيف ولم يُحرك عيناه العسلية الناعسة عن النار : يقصد أنك تركت عقلك خلفك هُناك!.
صَحَح قاسِم بلا أكتراث : بل قلبُه ! طِفل !! ما هوَ إلّا طِفل كي يخسر قلبُه في يوم واحِد !!
قضب جوسِف حاجباه : لِمَ يستمر الجميع بقول هذا؟! أنا لم أعُد طِفلًا !!
نظر له قاسِم ببرود دون تعقيب وكأن لا رد عنده أو اعتراف بجوسِف !!
غضب الزمردي : أتعلم لماذا عُدت لبابل ؟!
ترك قاسِم عصاه ليُظهر أهتمامُه كأخ أكبر : لماذا؟
لانت ملامح شاب الثامنة عشر : لأنك تحتاجني هُنا ! وكأن لديّ سبب أخر !!

نَهض الأصهب ليقف أمام جوسِف ساخِرًا : أنا أحتاجك أنت؟!
تَوَسَعت الحدقتان المُحاطتان بقزحيتين زمرديتين وكأن صاحبهما لا يُصدِق ما يسمع ، لم يسبق أن حدثه قاسِم بتلك اللهجة أبدًا !!
تابع قاسِم : أنا لم أحتجك قَط ولن أفعل ما دُمت أقف علي قدميّ!!
ضرب بكفُه علي صدر الأسمر : اذهب يا مصري أينما شِئت ! لن أُمسِكك !!
ابتلع جوسِف ريقُه ليرمش حولُه مرتان ببُطء مُنتظر من أحدهم التدخُل !! لكن لا شيء كهذا يحدُث !

فامتطي حِصانُه مُغادِرًا حياتُه !!

نظر مالِك للأصهب بتعجب وكأنه يسأله "بحق كل الآلهة ماالذي فعلت؟! هل طردت أخاك للتو من بيتُه الوحيد؟!"
تذمر قاسِم : ماذا؟ أتوقعت من لص مثلي وداعًا حُلوًا؟!
أغلق قبضته بقوة : الوداع الحُلو معي بالذات لا يعني إلّا إبقاءُه !!
تمتم بخفوت : وأنا لا أُريد حبسُه هُنا ! لقد .. كبُر بالفِعل ..

أما كان قول هذا الأولي؟! لِمَ لم يقُل فقط هذا؟!

رفع بصرُه عن الأرض فجأة ليظهر جليًا لحافِظ سِرُه أن عيناه تلمعان ولو بشكل بسيط بالدموع : لم أعلم أن خسارة الأخوة مؤلمة بهذا الشكل !! لم أتألم بتلك الطريقة حين تركت كيفونا تختار طريقها !
وضع مالِك كفًا علي كتفُه : لأنك تعلم أنها ستعود .. جوسِف .. قِصة أُخري !!

___

أسبوعان من البحث المتواصِل وهاهيّ النتائِج ، جَلَسَت القُرفُصاء أمام قِطة بأحد الأزقة الضيقة لتهمس وكأنها تُحدثها : ماذا قُلتِ؟ النهاية مسدودة؟! أخيرًا وقع بيدي !!

نهضت بسُرعة غريبة راكضة خلف طيف أسود : لا مفر هينالي !! أنهُ وقت الحِساب وكم تأخر !!
وَضَع يدًا بالهواء بينهما وكأنهُ يُحاوِل إسكاتها : اخفضي صوتك !! لماذا تبحثين عني؟! يُفترض بكِ أن تهرُبي !!
قضبت حاجبيها مُقتربة أكثر : هينالي ماالذي تقوله؟!
تابع بنفس النبرة الخافتة : الأمراء !! أنهم يسعون خلفك !!
سَخِرَت وقد أصبحت عنقه في قبضتها : أعلم هذا !! وأعلم أنك معهم لم أكُن فاقِدة للوعي حين احترق الإقليم !!
أتسعت عيناه مع ازدياد ضغتها : آمالـيا صدقيني أنا لم أخُنكِ !! كان يجب أن أتظاهر أني منهم من أجل أخي !!
خفت قبضتها : تابع !
التقط أنفاسه : كان عليّ إثبات صِدقي لذلك .. هُم من قرروا ..!
ضيقت عينيها : ماذا؟! انطِق !
زَفَر : كانوا يعلمون بأني أردت الزواج منكِ لهذا كان عليّ قتلك !! لكني أقنعتهم بأن احراق الإقليم سيكون كافيًا !! مع ذلك لم يُصدقوا أني معهم !! شُبهة كون أخي عدوهم أكبر دليل ضِدي !!
تركت عنقه ليسقُط علي الأرض : قايضت بي مُقابل أخيك؟! حسنًا !! يالكَ من أخ رائع هينالي !! تهاني !! مازلتَ قاتِل أبي !!
شدت شعره بقسوة صارِخة : أوتظُن أني سأسامحك؟!
ارتفع عن الأرض مرة أخري : أرجوكِ !! لديّ أولويات !! كما لديكِ أهل أخي جوسِف مُهم !! كما أني الآن هارِب أيضًا منهم لا فرق بيننا !! أننا بنفس الصف آمال !!
ضربت رأسه بالحائِط لتترُكه : اقتل منهم بالقدر الذي يُمكنك قبل أن يدفنوا شقيقك حيًا ، لأنه سيعود !!

سارت مُبتعِدَة : لا تظُن أني سامحتك !!
نظر لظهرها لينطق فجأة : مازلت أُحبِك !!
توقفت عن السير لكنها لم تستدر بالكامل : مازلت تُحِب نَفسَك !! لم ترَ يومًا بي سوي الملكة التي ستقربك من حُلمَك !! لقد لعنتني أتمزح!!؟
ضرب بقبضته الحائِط خلفه ! : أعطيتك قوة الأسد !!

وكأنه لم يُخبرها أن تُخفض صوتها منذ لحظات !!
بدأت بالابتعاد غير مكترثة به ولا بثورته الطفولية !!
ماالذي تقوله؟ أنها تحتضر بسبب قوة الأسد التي منحها إياها ليُساعدها -حسب إدعاءُه-؟!

___

ضربت كيفونا خديها !! لا تستيقظ !! ، نظرت للشقراء : كيف تركتها تذهب وحدها؟!
تلعثمت آلانيس : قالت أن الأمر لا يستدعي حضور الجميع !!
صرخت الصهباء : وصدقتِها؟! احضري ليمالا ، لا شيء بيدي !!

___

أخيرًا وجدُه ! إنها الصحراء بعد كل شيء وإيجاد الأشخاص لم يكُن يومًا بتلك السهولة !! ، هَبط عن حِصانُه ليصرُخ : جوسِف ! قاسِم قرر مُهاجمة القصر !! إنها ثورة علي الحُكم !!
ذلك الصوت ! ، أطيف !! ، شَد اللِجام ليوقف الحِصان ويقفز بطريقة تجعلك تتساءل أن كان قد قفز فعلًا أم وقع مع قلبُه !! : مالِك والآخرون معُه؟!
أومأ أطيف لكنه أضاف بسُرعة : لكن التشكيل مكسور !! تعلم أنك كُنتَ تقوم بالكثير !!
امتطي حِصانه مرة أخري : أعلم ! لنذهب بسُرعة !!

___

مر يومان ، مازالت علي تلك الحال !! لم تعُد تتحرك ، ألقت بالحِمل كُله علي كيفونا ليتضح لها بأنها قائدة أبرع !!
هينالي أيضًا يعمل فالخفاء !!

سارت آلانيس حتي وقفت بجوار المكان الذي تنام فيه آمالـيا ، وضعت بعض إناء بالأرض لتجلس إلي جِوارها ، مازالت شاحِبة : كيف تشعُرين اليوم؟
ابتسمت مُحركة عيناها لتنظُر لها فظهرت الهالات الداكنة تحتها : أنا بخير !.
لم تدرِ بماذا ترُد الشقراء فاكتفت بمساعدها فالجلوس لتتناول الطعام !

___

التنفُس يُصبح أصعب كُل ثانية تمُر ، ما هذا الذي يضمه بين يديه من الأرض؟ بقايا قاسِم؟!
تحشرج الصوت في حلق الأصهب : لم يعترف بي حتي أخر لحظة ! وكأن لا وجودَ لي !! لا أهتم !!
سعل دمًا ارتطم بوجنة الزمردي ، امتلأت عيناه بالدموع : أقسمت أن أصبح ملك بابِل !! أقسمت أن أنقذ الفُقراء !! لماذا..؟ احتضر الآن؟!

حاول النُطق أخيرًا : لست تحتضر !! سوف تعيش !! توقف عن التحدُث !!

ما خطب تلك الكِذبة؟ ألا يري الثُقب الذي شق صدر من يدعوه أخاه؟!

هَزَ قاسِم رأسُه بهدوء : لا .. اعتني بكيفونا من أجلي !! أيضًا .. بابِل !! جوسِف ...
توقف عن التحدُث لثواني : أنتَ مَلِك بابِل الآن !!
نظر لمالك وأطيف اللذان جلسا علي الأرض في صمت ، هل جلسا حقًا بكل هدوء أم لا يستطيعان الوقوف؟!
-جوسِف القائِد الآن !! أنتما شاهِدان إن اعترض أحد قِفا له !!

___

زفرت آلانيس : ماالذي سنفعله الآن؟!
أعادت كيفونا شعرها الأحمر للخلف بتوتُر : لا أعلم ! لكن أن استمروا بالبحث فسيجدوننا !! ليمالا تُحاوِل حشد جيش بالفعل والكثير ممن يعتقدون أن الأمراء لعنة حلت علي تلك الأرض ينضمون !! لم أُرد أن يصل الأمر لذلك أبدًا ..!
تمتمت الشقراء وكأنها تعرف الإجابة مُسبقًا : ألا يوجد طريقة لإيقاف الحرب من الاندلاع؟!
لم ترفع كيفونا عيناها عن الأرض : أخشي أنها ستكون مجزرة !!

___

مرت شِهور ، لم يستطع جوسِف إخبار كيفونا بما حدث لأخاها الأكبر ، أصبح يُرسل أطيف من فترة لأخري بالأموال لمساعدتها ، كُل شيء استقر أخيرًا !!
قام بتحقيق ما كان قاسِم يُحارب من أجله ! ، لا فقراء ببابِل بعد اليوم ! ، الجميع سُعداء !!
الجميع .. عداه !!

اقتحم مالِك ساحة العرش بغضب جلي يقطر من ملامحه : فقط متي ستتحمل مسئولياتك!!

كادت الفتاتان الجالستان علي فخذيه تهرُبان !! أتُصدق هذا؟ هذا عرش بابِل! أتمزح؟!
اعتدل بلا مُبالاة مُمسكًا بخِصر إحداهُن ليوقفها بينما كانت الأخري أوقح فلم تتحرك ! ، همس لها كمن يُلقي دُعابة : هاقد جاء مُفسِد المرح !!

تحرك كَتِفا مالِك من الغضب : يُفتَرَض بك أن تكون مَلِك!!
ارتشف شيئًا من كوب بيده ببرود : ألم أُصلِح كُل شيء؟! ألم أقُم بكل الأعمال التي لم يؤدِها أحد؟!
تابع قاسِم علي نفس وضعه : مِصر !! يُفتَرَض أن تكون مَلِك مِصر !!

أبعد واحِدة عن حُضنه بحنان مُبالغ فيه بينما رَمي الأخري ! ليُظهر إلي أي مَدي قد جُن !!
نظر للكأس في يده بحيرة ومازال الهدوء يطغي علي ملامحه ليرميه فجأة بكل غضب علي الحائِط ! : لن أعود لتلك البلد الملعونة أبدًا !! لو لم أذهب إليها قط ما كان قاسِم ليموت !!

ماالذي قد يُعيدُه لرُشدُه الآن؟!

توسَل مالِك : آمالـيا تحتضر !!
صرخ وكأنه استفاق : لا أعرف أحدًا بهذا الاسم !!

رُبما لم يستفق تمامًا !!

توسعت عينا مالِك من الصدمة لكنه تابع كمن لم يسمع شيء : ماذا عن هينالي؟!

تلك كانت القشة ! ، ليحمل بالعرش نفسه ويُلقي به علي مالِك ! الذي تفاداه بسُرعة لكن لم يخلو وجهُه من الدهشة !!
-هينالي خانني !! أنه الأخ الكاذِب !! قاسِم كان أخي الحقيقي !! وقد تركتُه حتي قُتِل !! لتحترق كُل القُري المِصرية أو تَغرق !! ، قاسِم لن يعود حيًا !!

-انتهي الفصل الخامِس.




التعديل الأخير تم بواسطة Freesia | فريسيا ; 12-10-2015 الساعة 09:20 PM