ردا علي المفترين علي سيدنا عمر رضي الله عنه من العصرانيين(شبهات-ردود مهمة جداً جداً) اجتهادات عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خضم الدعوات المتعالية إلى التجديد وإعادة قراءة النصوص من منظور عصري، يستوقف الباحث ذلك التركيز الشديد على بعض الاجتهادات لخليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة حيث تعاد قراءتها وفق رؤى واقعية عصرية من قبل المتصدين للشأن الثقافي العام من الكتّاب والصحفيين، وتعاد صياغتها في قوالب فكرية ويستخلص منها قواعد واستنتاجات، ظن أصحابها أنهم فاقوا فيها الأوائل في فهم فلسفة التشريع الإسلامي وإدراك معاني النصوص ودلالاتها ومقاصدها، حيث يخرجون عادة بعد تحليل هذه الاجتهادات بقاعدة باطلة مفادها: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد اجتهد في نصوص صريحة واضحة قطعية الثبوت والدلالة فأوّلها أو عطلّها، وخصّصها أو قيّدها، أو أوقف العمل بها مؤقتاً، تارة باسم المصلحة العامة وتارة باسم الفهم العميق لمقاصد الشريعة، ولا يفوتهم أثناء ذلك استشعار الحاجة الى كيل حزمة من المديح لعمر والثناء على حسن فهمه وعبقريته وغوصه على بواطن النصوص حتى وصل به الحال - كذا يدعون - إلى مخالفة النصوص ذاتها، فهو مجتهد عبقري لم تعرف الأمة له مثيلاً، وعلى خطاه يجب أن يسير" المجتهدون" "والعلماء " "والمفكرون " والقادة في هذه الأيام "(1). كل ذلك وصولاً إلى الهدف من وراء هذه القراءات وتلك الاجتهادات والتأويلات ألا وهي انتزاع اعتراف بصحة وشرعية قاعدتهم المستنبطة وهي: أن الاجتهاد غير مقتصر على النصوص الظنية ثبوتاً أو دلالة وأنه لا صحة للقاعدة الأصولية الشائعة " لا اجتهاد في مورد النص" فقد تكرر اجتهاد عمر في نصوص قطعية ثبوتاً ودلالة، كاجتهاده في قسمة أرض السواد وتضعيف الجزية على نصارى بني تغلب باسم الصدقة وتعطيل حد السرقة ومنع إعطاء المؤلفة قلوبهم …الخ(2). والذي يعني هؤلاء القوم اليوم، ليس الاجتهاد في حكم الغنائم ولا الجزية، فما عاد هناك غنائم، وصارت الجزية تؤخذ على رقاب المسلمين لا رقاب أهل الذمة، وإنما مرادهم التسليم لهم بالقاعدة " الاجتهاد سائغ حتى في مورد النصوص القطعية "، فإن سلّم لهم بذلك راحوا يجتهدون في شكل نظام الحكم في الإسلام ومتى يكون شرعياً ومتى يعتبر باطلاً، فيخرجون بجواز أن يكون الحكم ديمقراطياً، وان شرعيته مستمدة من تأييد غالبية "الشعب "، ثم اجتهدوا في حجاب المرأة، فخرجوا بجواز كشفها شعرها ونحرها وساعديها وساقيها كيف لا وهو رأي بعض الأئمة ؟!، فإن سلم لهم بهذا - وأنّى يظفروا به - تابعوه بالقول بجواز الاختلاط، أوَ ليس بجائز أن تبيع المرأة وتشتري ؟! أما يجوز لها أن تشهد الجمعة والجماعات وصلاة العيدين ومهمات المسلمين ؟ثم أجازوا ربا البنوك وأحلوها، أو ليس مفهوم الربا ذاته فيه خلاف عن ابن عباس ؟ أو لم تكن حرمته مقيدة بكونه مضاعفاً مرة أو تكون قرضاً استهلاكياً لا إنتاجيا ؟. وهؤلاء الكتاّب وإن لم يجرؤ بعضهم على التصريح بهذا، إلا أن قصدهم هذا ظاهر من إلحاحهم الشديد على مفهوم الاجتهاد، وإعادة قراءة النصوص وفق مناهج ورؤى غربية أو شرقية، بعضها قديم وبعضها معاصر، وظاهر من تركيزهم الشديد على تحطيم مرجعية النص الشرعي وقدسيته، من خلال القول بتاريخيته وبيئته، وأقول "البعض منهم " لأن كثير منهم ما عاد يخشى إبداء أهدافه ودعواته ولا عاد يختبئ تحت عباءة عمر، التي لا تغطي الخارجين على القرآن والسنة، نجد ذلك واضحاً عند الجابري و أركون ونصر حامد أبي زيد ومحمد عمارة وبعض رموز التيار الإسلامي كالترابي و الغنوشي(3)، وغيرهم وهذا بعض ما حملني على الحديث في هذه الاجتهادات الواردة عن عمر رضي الله عنه وتوضيحها وتوجيهها، وبيان أنها لم تكن في الموارد القطعية، كما توهم هؤلاء الناس، وأن الفاروق الملهم لم يعطل حداً، ولم يخالف حكماً وأولى لهؤلاء أن لا يتعلقوا بخيوط يظنونها من الحديد وما هي إلا من خيوط العنكبوت. وأبدؤها بما يظنه بعضهم أوضح وأصرح مخالفة لعمر رضي الله عنه للقرآن الكريم. المطلب الأول : عمر وذم الرأي لكن قبل الشروع في تفنيد تلك التوهمات، أتحف القارئ بنزر يسير من أقوال الفاروق رضي الله عنه، في إنكاره القول بالرأي المحض في الدين، ولعله من نافلة القول أن أذكر أن عمر في ذلك لم يكن بدعا من الصحابة، بل ومن أجيال المسلمين المتلاحقة، الذين تطامنوا على جعل النصوص الشرعية هي الحكم والمرجع والفيصل في كل ما يعرض من اختلافات ومشاكل لا إلى الأهواء. ولكن تزايد الطعون من أعداء الوحي والسنة خاصة واشتداد الجلبة من محترفي الضوضاء الفكرية ألزمتنا بذكر هذه النقول، وهذه بعضها: 1. قال وهب بن منبه:" ثنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال وهو على المنبر: يا أيها الناس إن الرأي إنما كان من رسول الله r مصيباً، أن الله كان يريه و إنما هو منا الظن والتكلف. قال ابن القيم بعد ذكر هذا الأثر: مراد ابن عمر رضي الله عنه قوله تعالى } إِنا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ {( النساء-105 ) فلم يكن له رأي غير ما أراه الله إياه، وأما ما رأى غيره فظن وتكلف. 2. وروى ابن وهب عن محمد بن إبراهيم التيمي: أن عمر بن الخطاب قال: اصبح أهل الرأي أعداء السنن، أعيتهم أن يعوها، و تفلتت منهم أن يرووها فاستبقوها بالرأي. 3. وذكر ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم التيمي قال: قال عمر بن الخطاب: إياكم والرأي فان أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم، وزاد الشعبي في رواية: فقالوا بالرأي فضلوا و أضلوا. قال ابن القيم بعد أن ذكر هذه الآثار وغيرها الكثير الكثير عن عمر وأبي بكر وعثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم من اجلة الصحابة: وأسانيد هذه الآثار عن عمر في غاية الصحة(4). فما جاء عن بعض الصحابة في قولهم بالرأي، فإنما كان يعني الرأي المحمود ؟، وهو الرأي الذي يفسر النصوص، ويبين وجه الدلالة فيها،ولا يستوي رأي من أثنى الله عز وجل عليهم في القران والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله r من الفضل ما ليس لأحد بعدهم، وشاهدوا التنزيل فعلموا ما أراد الله عز وجل ورسوله عاما وخاصا وعزما و إرشادا،وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع …، أقول لا يستوي هؤلاء الربانيون بمن علم حالهم وتقصيرهم واستغراق أوقاتهم و أعمارهم في الدنيا وملذاتها على احسن الأحوال العيال. والرأي كما هو معروف عند جمهور العلماء منه ما هو محمود بلا ريب كالذي ذكرت، ومنه ما هو باطل بلا ريب، كالرأي المخالف للنصوص أو الكلام في الدين بالخرص والظن، والقول في أحكام الشرائع بالاستحسان والهوى، مع التفريط والتقصير في معرفة النصوص وفهمها واستنباط الأحكام منها، أو الرأي الذي تُحدث به البدع وتُغير به السنن، ومن كان له مسكة من عقل، يعلم ان فساد العالم وخرابه إنما نشا من تقديم الرأي على الوحي، والهوى على العقل، وما استحكم هذان الأصلان الفاسدان في قلب إلا استحكم هلاكه، وفي أمة إلا فسد أمرها أتم فساد، فلا اله إلا الله كم نفي بهذه الآراء من حق وأثبت بها من باطل ؟ وأُميت بها من هدى وأُحييَ بها من ضلالة ؟ وكم هُدم بها من معقل للإيمان أو عُمِّر بها من دين للشيطان؟.(5) فحاشا أصحاب رسول الله أن يكونوا من زمرة أولئك القوم وحاشا مُلْهَم الأمة أن يكون مشجبا يُعلق عليه تحريف كتاب الله وسنة رسوله r. (1) انظر: - علي حسب الله : أصول التشريع الإسلامي 01،183. - وأحمد أمين: فجر الإسلام 38. - و محمد هشام الأيوبي: الاجتهاد ومقتضيات العصر 12،222. - ود. محمد عمارة: معالم المنهج الإسلامي 03 –113. وله أيضاً: النص الإسلامي بين الاجتهاد والجمود والتاريخية 8- 69. (2)وهو ما صرح به د. محمد عمارة وكشف عن نيته فيه في كتابيه السابقين وغيرهما. (3) سنوضح تلك الدعوات ومواضعها وقائليها في فصل " دعاوى التجديد " في الباب الثاني، إن شاء الله تعالى. (4) ابن قيم الجوزية محمد بن أبي بكر بن مسعد الزرعي : إعلام الموقعين عن رب العالمين 1/57. (5) المصدر السابق 1/57.
منقول
__________________ يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله) في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ )) الزمر : 36 ألا أن سلعة الله غالية .. ألا ان سلعة الله الجنة !! |