عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 04-19-2008, 11:06 PM
 
رد: ردا علي المفترين علي سيدنا عمر رضي الله عنه من العصرانيين(شبهات-ردود مهمة جداً جداً)

المطلب السابع إيقاعه الطلاق بلفظ الثلاث ثلاثا لا واحدة
قال أهل التأويل والتعطيل المعاصرون: كان الطلاق على عهد رسول الله r وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: أن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم"(1).
قالوا: فهو بيِّنٌ في جواز تأويل ومخالفة حكم الرسول r بمجرد الاجتهاد(2).
وقد أجاب العلماء عن قول عمر وفعله بأجوبة كثيرة لا يسلم أحد منها من طعن وإيراد(3).
وأصح وأوجه ما جاء في جوابه قول شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم، إذ ذهبا إلى أن فعل عمر ليس مخالفة لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قبيل العقوبة التعزيرية، إذ أن عمر لم يغير الحكم باجتهاده ولم ينسخه بل الحكم باق على أصله من وقوع الطلاق الثلاث واحدة كما كان على عهد رسول الله r وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر وكل ما فعله عمر، هو إيقاعه ثلاثاً عقوبة لمن استهان بأمر الطلاق وأوقعه على غير ما شرع الله عز وجل، إذ أن الله عز وجل شرعه مفرقاً وفي طهر لا في حيض ولا نفاس ومن غير جماع فيه، وذلك لحِكَمٍ ليس هنا مجال ذكرها، وحرمه على غير تلك الوجوه، فلما خالفوا أمر الله عز وجل واستهانوا بحكمته رأى عمر ووافقه على ذلك الصحابة ولم يخالفه أو ينكر عليه أحد، رأى أن يعاقبهم بإيقاعه ثلاثاً ردعاً وزجراً لهم على الاستهانة والاستخفاف برباط الزوجية وعظةً لغيرهم، وذلك لأن المطلق كانت له فسحة في التفريق فرغب عما فسحه الله تعالى له إلى الشدة والتغليط.
فقال ابن تيميه في سياق كلامه على عقوبة التعزير:
"ومن ذلك إلزامه للمطلق ثلاثاً بكلمة واحدة بالطلاق – فأمضاه عليهم ليقلوا منه، فإنهم إذا علموا أن أحدهم إذا أوقع الثلاث جملة وقعت وأنه لا سبيل له إلى المرأة أمسك عن ذلك، فكان الإلزام به عقوبةً منه لمصلحة رآها ولم يكن يخفى عليه أن الثلاث كانت في زمن النبي r وأبي بكر تجعل واحدة بل مضى على ذلك صدر من خلافته حتى أكثر الناس من ذلك، وهو اتخاذ لآيات الله هزواً"(4).

وأضيف إلى ما سبق جملة من الأحكام تدخل في سياق بيان اجتهاد عمر في هذه المسألة ونظائرها مما تمسك به أهل التأويل والتعطيل المعاصرون وهي:
1. أن غالب ما يؤخذ على عمر من اجتهادات ظاهرها مخالفة أحكام شرعية مستقرة على عهد رسول الله r وأبي بكر إنما هي اجتهادات جاءت من باب التعزير والسياسة الشرعية كاتخاذ السجن والزيادة في حد الخمر.

2. ومن المعلوم أن مقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها تتنوع وتختلف حسب ما يرى الإمام من المصلحة زماناً ومكاناً وحالاً وأشخاصاً، وهي ليست ثابتة كالمحرمات المعروفة والحدود المقدرة(5).

3. والتعزير هو تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود، وقد نصت الشريعة الإسلامية على أن كل معصية لا حد فيها ولا كفارة أن فيها التعزير كتقبيل الأجنبية والخلوة بها(6).
4. وأنه -التعزير- موكول إلى رأي الإمام واجتهاده يفعل ما يرى فيه مصلحة للناس وإقامة لهم على الحق(7)، وأنها تتراوح بين الوعظ والتهديد والجلد والضرب أو التوبيخ والحبس وبين القتل والصلب(8).
5. وأنه مما يجب أن يعلم أن أصل السياسة الشرعية ليس من ابتداع عمر، بل هو من فعل رسول الله r وقوله الذي دلت عليه سنته الصحيحة، ثم فعله خلفاؤه كلهم مع إجماع من كافة الصحابة، فإذا عرف هذا وثبت، تيسَّر توجيه عشرات من المسائل التي ظن أهل التأويل والتعطيل المعاصرون أن عمر وبعض الصحابة خالفوا فيها ما هو مقرر في الكتاب والسنة الصحيحة ليتخذوه بعد ذلك تكأة لهم في ضلالهم، وقد نقل ابن القيم عن أبي الوفاء ابن عقيل قوله "جرى في جواز العمل في السلطنة بالسياسة الشرعية وأنه هو الحزم ولا يخلو من القول به إمام" وأن من قال لا سياسة إلا ما وافق الشرع: إن عني به ما لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح، وإن أراد لا سياسة إلا ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة، فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل والتمثيل ما لا يجحده عالم بالسنن ولو لم يكن إلا تحريق عثمان المصاحف فإنه كان رأياً اعتمدوا فيه على مصلحة الأمة وتحريق علي رضي الله عنه للزنادقة في الأخاديد… الخ "(9).

ثم قال ابن القيم تعقيباً على الكلام السابق "… فلا يقال: أن السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشرع بل هي موافقة لما جاء به، بل هي جزء من أجزائه، ونحن نسميها سياسة تبعاً لمصطلحكم، وإنما هي عدل الله ورسوله، فقد أمر r عبد الله بن عمر بأن يحرق الثوبين المعصفرين (10)وأمر يوم خيبر بكسر القدور التي طبخ فيها لحم الحمر الإنسية ثم استأذنوه في غسلها فأذن لهم(11)، فدل على جواز الأمرين لأن العقوبة لم تكن واجبة بالكسر وهدم مسجد الضرار لذلك(12)(13).









(1) صحيح مسلم بشرح النووي 15/65.

(2) انظر: أصول التشريع الإسلامي ص101،183، معالم المنهج الإسلامي 10، النص الإسلامي 5.
(3) انظر: بحثا بعنوان :حكم الطلاق الثلاث بلفظ واحد – هيئة كبار العلماء -مجلة البحوث الإسلامية : إصدار الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية ، العدد الثالث، رجب، سنة 1397ه (3/26).



(4) أنظر: مجموع الفتاوى الكبرى (33/5-43)، وانظر: الرد المفصل لابن القيم: في كتابيه: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 2/324-360، والطرق الحكمية في السياسة الشرعية 5،266، في أثناء كلامه على العقوبات التعزيرية.

(5) إغاثة اللهفان 2/ 346.

(6) انظر: المهذب للشيرازي 2/306.

(7) الكاساني علاء الدين أبو بكر مسعود الحنفي : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 7/63.

(8) عبد القادر عودة: التشريع الجنائي في الإسلام مقارناً بالقانون الوضعي 1/145.

(9) ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية 4.

(10) صحيح مسلم بشرح النووي 8/55.

(11) نفس المصدر 13/93.

(12) سيرة ابن هشام 2/985.

(13) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية 66، وفيه ذكر لعشرات الأمثلة من العقوبات التعزيرية فعلها الرسول r، وأوقعها على بعض العصاة، وأخرى أوقعها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي من غير نكير من أحد من الصحابة، وعمر كان أكثرهم ممارسة لها لطول ولايته وخلافته والله أعلم.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس