رد: ردا علي المفترين علي سيدنا عمر رضي الله عنه من العصرانيين(شبهات-ردود مهمة جداً جداً) الحامل على التأويل عند عمر والصحابة والعلماء من خلال تعريف التأويل الذي استقر عليه الأصوليون تبين لنا أن الباعث على التأويل هو وجود دليل آخر يعارض ظاهرياً النص المراد تفسيره وهذا بيِّن من خلال تعريف الطوفي وابن تيميه إذ نص تعريفاهما على أن علة التأويل وجود دليل خارجي فالأول يقول في معنى التأويل "هو صرف اللفظ عن ظاهره لدليل يصير به المرجوح راجحاً " والثاني يعرفه بأنه " صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به "(1). فاللام في قولهما " لدليل " مشعرة بالعلية والسببية، وهو الحق، إذ لا يخطر على بال الفقيه صرف اللفظ عن ظاهره وحمله على معنى مرجوح إلا لوجود ما يستدعي ذلك،أي " التعارض" بين الأدلة. فإذا ما تعارض النص الشرعي " الدليل " مع دليل شرعي آخر حاولنا الجمع بينهما بالتأويل أي بحمل كل منهما على وجه. وقد سبق القول أن كل اختلاف في الفروع مبعثه تمسك المختلفين كل منهم بدليل يخالف دليل الآخر مما يحمله على تأويل وتوجيه دليل الخصم. ففي تأويل عمر لقسمة السواد رأينا تعارض الأمر بقسمة أربعة أخماس الغنيمة المقاتلين والمستفاد من فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام في أرض خيبر "عند من يقول بإفادته الوجوب "رأينا تعارضه مع مصلحة الأمة الحقيقية، أو تعارض مصلحة فئة خاصة وهم المقاتلون مع مصلحة سائر الأمة فرأى عمر تقديم المصلحة العامة الحقيقية للأمة على مصلحة فئة خاصة تبعاً للقاعدة الشرعية الثابتة بالاستقراء "يتحمل الضرر الخاص من أجل الضرر العام". وكذلك رأينا تعارض الأمر بقطع يد السارق مع النصوص القاضية بإباحة مال الغير للمضطر، فخص عموم الأمر بالقطع بغير حالة الاضطرار و هو نوع تأويل.وسيأتي إن شاء الله تفصيل الأدلة الموجبة للتأويل وشروطها وضوابطها مع التمثيل لكل منها بمثال في مبحث دليل التأويل. وخلاصة القول: أن دافع التأويل عند الصحابة وغيرهم هو وجود التعارض بين أدلة شرعية معتبرة، والتعارض "هو تقابل الحجتين المتساويتين على وجه يوجب كل واحدة منهما ضد ما توجبه الأخرى كالحل والحرمة والنفي والإثبات"(2)، والتعارض واقع في حقنا وعلمنا لجهلنا بالتاريخ أي تاريخ ورود الدليلين المتعارضين وليس تعارضا في حكم الله. ولتحقق التعارض الموجب للتأويل لا بد من وجود شروط نذكرها بإيجاز شديد(3). 1. أن يكون كل من الأدلة المتعارضة حجة يصح التمسك به، فلا يوجد تعارض عند فوات وصف الحجية بين الطرفين المتخالفين. 2. التساوي بين الدليلين في القوة ثبوتاً أو دلالة لأن التدافع لا يتحقق بين القوي والضعيف، فلا تعارض بين قطعي وظني، أو بين آية وخبر آحاد أو بين النص والظاهر، ولا بين الخاص والعام، إلا أن عدم التساوي بين الدليلين لا ينفي الحاجة إلى التأويل، فيجب العمل بالدليل الراجح القوي ثم نؤول الدليل الآخر للتوفيق بينهما. بعبارة أخرى إن تحقق التعارض بأركانه وشروطه ليس شرطاً لجواز التأويل، فنحن بحاجة إلى تأويل الدليل المرجوح وحمله على وجه مقبول بعد الأخذ بالدليل الراجح، فوجوب العمل بالدليل الراجح لا ينفي الحاجة إلى حمل الدليل المرجوح وتأويله على محمل صحيح مقبول، وذلك أولى من إهماله وإبطاله، "والمساواة بين المتعارضين ليست بشرط في جواز الجمع بينهما بعد أن بلغ كل من الطرفين المتخالفين درجة الحجة، واتفاق المتنازعين على صحته واتصاله بالشارع"(4) 3. أن لا يعلم المتقدم منهما من المتأخر، فإن علم كان الأول منسوخاً والمتأخر ناسخاً ولا يحكم بالتعارض ولا يحتاج إلى تأويل حينئذ. (1) انظر: 9 من هذا البحث. (2) أصول السرخسي 2/12. (3) انظر: البزرنجي عبد اللطيف عبد الله عزيز: التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية 2/332. (4) نفس المصدر 2/332.
__________________ يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله) في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ )) الزمر : 36 ألا أن سلعة الله غالية .. ألا ان سلعة الله الجنة !! |