نـزعّ نـظاّراته بّضجر و وضـّع يديّه فيّ جيّب سـّرواله بكلّ مـّلل بينمـّا عينيه الخّضراوتين تـجّولان فيّ المـكاّن حيـنّ لمـحّ وجـودّ مـديّر أعمـّاله
يّقف على مبـعدّة منه منتـظراّ إيـّاه ، تـّقدم منه بـخـطّوات كـّسولة راسمّا على شّفتيه ابتسـاّمة مـّرحة ، رفـّع أصبعيه و ضـّرب جـّبهة مـديّره لّيقول بّمشاكسة
ـ أينّ ذهب عـّقلك ؟
نـظرّ إليهّ مدير أعمـّاله بـّعدم استيـعـّاب ، كيّف لّويليـّام أن يكونّ هـنا أمامه بـّعد أن رّفض الـظهور عّلنا ؟ احتضـّنه بـّخفة و هو يـّرد عليه بّفرح
ـ يّا رجـّل لقدّ اشتقت إليكّ كثّيرا ،
ضحـكّ ويليـام و هو يـّربت على ظـّهره ، بالـّرغم من أنهّ يكره شّركته لضغـطهمّ الدائمّ عليه لكنّه يبقى المكانّ الوحيدّ الذي يشعر بالانتـماء إليه
، نغـماتّ الموسيقى تصّدح في الأرجـّاء و رنينّ النـّاي الـّرقيق مـّع أوتـّار الغـيتار الـذّهبية كلّ شيء هنا يجـّعله يّشعر أنهّ جـزء من هـذه العـّائلة
الـكبيرة ، تـّرك المـديّر و ملامحـّه المـّرحة قدّ غـزت وجهه بكلّ عنفوان و حـّرية
ـ إذنّ ما الأمـّر الطـّارئ الذّي لا يحتـملّ التـأجيـّل و الذيّ يجـّب علي حـّضوره شّخصيـّا ؟
ارتبك المـديّر و قدّ كان ذلكّ جـّاليا عليه فالتفت إلى الخـّلف حيثّ يّقف شـّاب ذو شـّعر بنيّ مصـّفف بـّعنايةّ فـّائقة و بنيةّ قوية يحمـّل غيتارّا
كـّان يـنـظرّ إليهـماّ بـبرودّ و نوع من الـّسخرية حين أشّار له المـديّر أن يـتقدمّ فـأطـاّع طّلبه ليّقف أمامهمـّا ، قـّال المـديّر بـّتوتر
ـ ويـّليام هـذا أوسكـار ... احمّ شـّريككّ فيّ الأغنيةّ القـّادمة
رّفع ويّليام حـّاجبه باستنكار و هو ينـظرّ إلى ذلك الـّشاب المـدّعو بأوسكار فـمنّ طـّريقة ملابّسه و جـّلوسه يبـدوا كـّمغني روكّ كيّف
له أن يّنتجّ أغنية قـّادمة معه ؟ قـّال ببّرود
ـ مستـحيلّ ، أخـّبر الـرئيسّ أنني أرفّض هـذا الإدّماجّ السّخيفّ
ابتسمّ المـديّر بتوترّ و رّفع عينيه إلى الأعـّلى محـّاولا أن لا يـنـظرّ إلى ويليام مبّاشرة كيّ لا يـزيدّ توتره و ردّ عليه
ـ حسنـاّ ذلكّ مستـحّيل نوعـّا مـّا لأنّ الـرئيسّ قدّ أعلنّ شّراكتهما لّصحافة ، صـّدقني لقدّ أخبرته أنكّ تـّرفضّ فـكرة الإشتـراكّ
مع أي شخصّ لكنه كـّان غـّاضبّا قـّليلا لأنكّ لم تـّكتبّ أغنية بـّعد و لقدّ أخبرك معـّجبيك أنّ ألبومك التـّالي سيـخرج بـّعد شـهرينّ
لكنكّ أستغرقت ثّلاثة أشهر و نـحنّ لم نـرى أي تـّطور بّعد لذا كمـّا ترى
زفـّر ويّليام بـّغيضّ ، كيّف له أن يّقرر مـّصيره هـكذا دون أنّ يكون له أيّ رأي في المـّوضوعّ ؟ بينمـّا تـّقدم منه أوسكار و وضـّع غيتاره
أمامّ ويّليام ليّقول بّنصف ابتسامة
ـ لست مـّوافقا على أن أكون شـّريككّ أيّضا فـأسلوبكّ لا يـّعجبني لكن مـّا دامّ أنّ الأمرّ قد وصّل إلى الصـّحافة فـأناّ لست مـسّتعدا أنّ أدخل فيّ
دوامة من الـنكـّران و الأسـّئلة اللانهـاّئية لذا لننتهي من الأمر فقـطّ
رمـّقه ويـليام ببـرودّ ثمّ رفـّع يده لـّصافحه ، مادامّ أن الأمر قـدّ وصل إلى الصـّحافة فما بيـدّه فـّعل شيء الآن سوى تـّقبل
أوسكـّار
/
فيّ إحدى تـّلك الأمـّاكن المـظلمـّة حيثّ لا يـّعرف الـنور طـّريقّا لها ، مسـتّودع كبيـّر مليء بـصّناديّق تـّحتوي على نفّس الـتّصميمّ
بالـّرغم منّ إخـّتلاف وجهة الصـنادّيق ، رسـمّ ذلكّ الـرجّل ذو الـّبذلة السـّوداء على شـّفتيه ابتسـّامة سـّاخرة بينمـّا يـدّه تـّقبضّ على رقـّبة
ذلكّ الشـّاب دونّ رحـمةّ ، همسّ بـأسى مصطـّنع
ـ يـاّل الأسـّف كـّانت سـّمعتكمّ مشـّرفة لكنّ لقدّ انتهت أمجـّادها ،
رمقـّه شـاّب بـّحقدّ و هو يحـّاول التمـلصّ من قـّبضته لكنّ فـّرانسوا لمّ يـّعطيه أيّ مجـّال للـهـّرب أوّ حتىّ التـّحرك فـّهاهو
قـدّ سددّ لكـمة جـعّلته يّفقد وعـّيه ، ثمّ رفـّع هـّاتفه و قـدّ علّت مـّلامحـه الـّبرود و الـصـّرامة حيـّن إنتـّقل إلى مسّامعه صـّوت سيدّه المـّبحوحّ و الهـادئ
ـ ما الذيّ اكتشـّفته فـّرانسوا ؟
ركـّل فـّرانسوا الشـّاب بـّسخريّة و رفـّع بيدّه اليسرى ورقة كبيّرة بهاّ مخـططّ لمشـّروع يبـدوا فيّ غاية الضـّخامة ،
ـ لقدّ كانّ شككّ فيّ محله سيدّي فـشّركة جـونسونّ حـّاولت أنّ تـّستغـّفل شـّراكتنا و تبيـّع نفسّ التصـّميم لنـّا و لمجمـّوعة فوتوشيـّبا
تنهـدّ نـّايت بـّبرودّ ثمّ رمـىّ ذلكّ الـملفّ أرضـّا لـتتخـّلل أصـاّبعه الـطّويلة شـّعره الـحّريري النـّاعم ، لقد ّضجـّر من هـذه المـّؤامـّرات
الفـّارغة و يـّا ليتها تـّنجحّ ؟ كلّها تـّبوء بالفـّشل قـّبل الـخطوةّ الأولى حتى ، هل أعـدائه فـّعلا بـّهذا الـّضعف ؟ قـّال ببـّرود
ـ فـٍّرانسـوا اهـتمّ بالأمـّر سـّوف أغـّادر ليّلة إلى لنـدّن و لحينّ عـّودتي أريدكّ أنّ تـّضع سيدّ جونسون الصـّغير بينّ قبضتكّ
أومـأ سيدّ فرانسوا بإحـترّام كمـّا لو كـأن نايتّ يراه و هـذاّ لشدّة وفـّاءه ثمّ أجـّاب بـّنبـرة خبيـّثة و مـّاكرة
ـ أوامـرّك مـطاّعة سيدّي
/
شـآبتر الرابع عشّر
هفـّواتّ الماّضي بينّ مستقبـّل الـغدّ
فيّ أحد المنـازلّ العـّديدة المـّوجودة بـّذلكّ الحـّي البسيطّ ، يّغلبّ لـون الـّرمادي على جـدّرانه بـدّاخله فيّ الطـّابقّ الثـاّني حيثّ تـّوجدّ تلكّ الصـّهباء
الجـّالسة بـكلّ هـدوء علىّ سـّرير والدّها تمسكّ بينّ يدّيها دّفتره الـّصغير ، منّ يـّراها لمّ يصـدقّ أنهاّ و قّبل أسّبوع كـّانت مـّنهارة تـّرفض تصـّديق
أنّ والدها قدّ توفي أمامهـّا حّقيبة سـّوداء متوسطّة الحـجمّ ذات قـفّل مميز قدّ جـّلبها الـّعم رويّ
أمـّا تـّلك الفتاة ذات الشـّعر البـّني الأشـّعث القّصير كـّانت تجـّلس فوقّ المنضـدّة و على شّفتيهـّا ابتسـامة لطّيفة، متبـّادلة شّتى أنواع الأحـّاديّث مـعّ
عمـّهمّّا روي، بنـّبرتهـّا المـّرحة و شّخصيتهـاّ السـّاذّجة
ـ لا أصدّق عميّ فحتى بـّعد كل هذه السنين لا تـّزال كمـّا أنتّ بلّ تـّغيرت لتصبحّ أكثّر وسّامة ، هلّ سيدّة ليكسيّ لازالت تصآب بالغّيرة من آجلك ؟
الكـّل يـّعلم أنهاّ تحـّاول نـّزع هـذاّ الجـّو الحـّزين من قـّلوبهماّ و كـّلاهما يـّعلمان أنهاّ الأكثّر حزنـّا بينهم ، فـهي لمّ تـّذرّف و لو دمعّة ابتسـمّ العـمّ
رويّ بـهدوء و جـّلسّ أخيـّرا على الكـّرسي بـّعد أن تـعّبت قدّميه من الـّوقوف ليكـّمل حـدّيثهما الجـّانبي الذّي يـّقطـّع صّمت المـّوحشّ
ـ أجـّل لا تـّزال لكّن إن كـّان أحدّ منـّا قدّ تـّغير كلّيا بهذه الـّغرفة هو أنتّ مـّاري ، بالكّاد تـّعرفت عليكّ عند الوهلة الأولى
ابتسمتّ ماريّ بغير استيعاب لكّلماته الغآمضة و هي بالكـآدّ قدّ عـرفت المعنى منّ خلفّها
ـ أنـّا ؟ لا أظن ذّلك ،
أجـّاب بمـّغزى و هو يـّرمقهـّا بنـّظرات لمّ تستطـّّع مـّاري تفسيرهـّا و لمّ تـّلمحها قطّ
ـ كـّليـّا ، أهـذّا لأنكّ أصبحـّت خطيبّة ذّلك الـرجّل الشهيـّر نـّايت آل لبير ؟
ضحكـّت مـّاري و هي تـّشير بيدّهـّا دلالة على أنه يمـّزح بـلا شكّ، ثمّ اقتربت منه أكثـّر و هـذّه عـّادتهـّا عندّ الارتبـّاك أو التـّوتر
ـ نـّايت ؟ لا هـذا مستـحّيل
ـ الجـّرائدّ تـّقول عنكمـّا سنـدّريـّلا و الأمـّير ، معـطّية بذّلك عـّنوان لقّصة حبّكمـّا لذّا أنـّا أظنكّ فـّعلا تـّغيرت بعدّما التـّقيته
مـّاري بـّتوتر : و كيـّف ذّلك ؟ أنـّا
ـ لقدّ أصبحـّت أكثـّر انفـتاحـّا يـا ماريّ و قدّ لا تـرينّ ذلك بّنفسكّ لكنّكّ تـّغيرت عن نفسكّ المـنـطّوية تـّلكّ ، كـّنت لا تتـجـرأين على فّتح حدّيث
مـّع أحد و ها أنت الآن مـّكونة الكثير من الأصدّقاء و قدّ حللت مشـّكلة والدّك مع الديونّ حتى لو كان الأمروهميـّا ، لذا أقول لكّ بلى أجدّك
قدّ تـّغيرت ، و الفّضل يـّعود إلى خطّيبكّ نايت
صمـّت روي و لمّ يـّقل شيئـّا بـّعد هـذّا، فـنـظّرت مـاّري إلى النـّافذة بـّشرودّ و هي تـفكّر أحقـّا قدّ تـّغيرت ؟ ربمـّا ، لا بل أكيـدّ فإبتسمت بـمرحّ
تـّاركة هذا الأمر جـّانبـّا
ـ فـلورا هل وجدّت ما تـبحّثين عنه ؟
هـزت رأسها دلالة على النفـّي ثمّ تـّوقفت عن النّبش في أغـّراّض والدّهما الـّراحـّل و استلقت على الـّسرير بـتـّعب، فجـأة رنّ الجـّرس فـّسـارعت
مـّاري بالقفـّز و الذّهاب لفتّحه محـّاولة التـّهرب من نـظرّات رويّ الخافتةّ ذات المعانيّ و الكّثير من التساؤلات
حّينهـّا رأتّ شّخصـّا لمّ تكّن لـتتـّوقع مـجيئه أبدّا ، نـّايت يّقف مستنـدّا على الجـدّار و ذّراعيه معـّقودتّين ، يـّرتدّي معـطّفا أسـّودّ تمـّاما مثّل شـّعره
الحريري المنسـدّل على جـّبهته الشـّاحبة و وشـّاحـاّ رمـّاديّا كعـّينيه اللتـّان تقـدّحان بـّرودّا و جمـّودا ، ابتسمـّت مـّاري بـّعدم استيعاب و قدّ انتـّقل
إلى مسـّامعهـّا صوّته الحـّاد و الغـّاضب
ـ أينّ إختفيت بّحق الله ؟ و لمـاذّا هـّاتفّك مـّغلقّ ؟ أتـّعلمينّ كمّ تـّطلب منيّ الـبحّث عنكّ من وقـّت ؟
سـألتهّ ببـّلاهة كمّ من وّقتّ فـرمّقها بـّحدةّ لتتدّاركّ سـّؤالهـّا الـغّبي و تتّراجـّع إلى الخـّلف مفسحة لّه بالمـّرور فـظّهـّر خـّلفه
ويـّليام المبتسمّ بطـّلته المّشرقة ، كانت عاجزةّ عنّ التعبيرّ فـنايتّ خطيّبها الوهميّ قدّ بحثّ عنها ، حيّنها شعـّرت بشيّء يّعصر قّلبها و كمـآ لو
كـأنّ قدّميها لمّ تعدّ تحملانّ وزنها و عندّما لاحـظّت فـلور تـأخر مـاري في المجيء صّاحت بّصوت عـّالي من الغـرّفة المـجاورة
ـ مـّاري ، من هنـّاك ؟
لمّ تستطعّ ماري أن تجّيبها و لو بـحرّف واحدّ فدّهشتها منّ قدوم نايت و ويليام إلى منزل والدها أكّثر من أيّ ، تّقدم ويـّليام و ألقى عليهـّا
الـّتحية بمرحّ لكّن لمّ يجدّ منها تـّجاوبـّا فقـّال نايت بسخرية
ـ أو تـّظنين أنكّ تستـطّعين الهـّروب من قـّبضتي ؟ حـّتى لو وصّلت إلى النّصف الآخر من العـّالم فـأنا سـأجدّك
دمـّعت عينيهـّا فجـأة فـّتـّوتر ويـّليام و تـّبادل نّظرات الاستـّغرابّ مـّع صدّيقه ، لكّن الأمرّ المفـاجئ أنهـّا مـّاري نفسهـّا الخّجولة التّي كّانت
انطوائية فيما مـّضى قدّ رمّت نفسهـّا بينّ ذّراعي نـّأيت ثمّ بدأت بالبكاء المـّرير
خـّرجتّ فـّلور من الغـّرفة مسـّرعة متـّعثرة في خـطّواتها و خّلفها السيدّ رويّ ، لكنهمـّا تّوقفـّا عندّما وقّعت أعينهـّما على منـّظر مـّاري كّيف
قّبضتها الصـّغيرة تشدّ على معطـّفه راّفضة تـّركه ، كيّف لدّموعهـّا المنهـّمرة أن تبـّلل صـّدره ، كيـّف هيّ تخبـأ رأسهـّا فّي حضّنه إنها صـّغيرتها
مـّاري فتحدّث نـّايت بحدّة محدّثـّا فـّلور و نبـّرة تهـدّيد شدّيد اللـهجةّ ،
ـ ما الذّي فعلته ؟
قطّبت فـّلور و رغـّبت في تلكّ اللحظة لو أنهـّا تـّنتـّزع أختها الصـّغرى من بينّ بـّراثنه بقّصوى شدّيدة ، فقـّالت محدّثة أيـاه بغّضب
ـ بل قّل ما الذّي فعلته أنت ؟ أيّن كـنت أنت عندّما أتممنا مـّراسمّ دّفنّ والدّنا ؟ هل كـّنت بـجّانبها ؟ دّعني أتذّكر ؟ أجّل بل لمّ تكّلف نفسكّ عناء
الحـّضور حتّى
ألجّم لسّان ويّليـّام من الصدّمة و ألتفت مستديرا ينـّظر إلى ناّيت ، مـّاري والدّها قدّ توفى ؟ فطّغت علّيه مّلامحّ الحّزن بينمـّا انسحّب عمّ رويّ
من المنـّزل تـّاركـّا شـؤون عـّائلة روبّرت خّلفه ، فقـّال ويّليـّام بهدوء
ـ أقدّم تعازي الشدّيدة و بالـّرغم من أنهّا متـأخرة ،
ابتّسمت فـّلور بّسخرية فرمّقها ويّليـّام باستنكّار ، هذه الفتـّاة تـّبدوا مـّتلبدة المشـّاعّر و لا تـّروقه على الإطلاق أبـّعد نـّايت مـّاري ممسكّا إيـاها
من كّتفيهـّا ثمّ نـّزل إلى مسـّتوى عينيها الزجاجيتين اللّتان قدّ عكّستا مـّدى الألمّ الذّي تمّر
به ثمّ قال ببـّرود و نبـّرته المبحوحة قدّ انطّلقت كالسّهم إلى قّلبهـّا
- لمـّا تّدعين الحـّزن ؟ لّيس كمّا لو كـأنكّ تحّبينه، ألسّت أنت من كّنت تتفادّينه ؟ يبدوا أنكّ قدّ صّرت ممثـلةّ بارعةّ لكنّ من الأفـّضل أن تّفصلي
عمـلكّ عنّ حيـآتكّ الواقّعية، دّعنا من هـذّا فـأنا قدّ أتيت لأخبركّ أنّ موعدّ الـّزفافّ فيّ نهاية هـذّا الشـّهر لذّا كوني على
صّـاح وّيليـّام محـّاولا تحـذّيره و عبوسه واضحّ للعيـآن
ـ نـّايت
بينمـّا تّوقفت ماري عن البكـّاء فـّورا كمـّا لو كـأنّ دموعهـّا قدّ جفّت، ماذا كانت تنتـظرّ منه بالضبطّ ؟ أنّ يربت على رأسها بدّفء و يّخبرها
بـأن كلّ شيء سوف يكون بخيّر ؟ هـذّا نايت قّلبه من جـّليد ، شّعرت حّينها بالخزّي و الشّفقة على حـّالها ،
ما الذّي كانت تّفعله ؟ لماذا عندّما رأته تسّاقطّت الجدٍّران من حولهـّا ؟ فقـّالت و العـّبرة تخنٌّق رّقبتها
ـ أنتّ محقّ كالعـادّة ، فـأنتّ تـّعلمّ كل شيء ، منّ أكون و معّ من أكون أو أيّن أكونّ ، أينّ أعيشّ و أينّ أذّهب و عـّائلتي لكنّ
.. لكّن
شدّت قّبضتها بـقوة واهّنة و صـّرخت بـّوجهه بينما دّموعها قدّ شكلّت خـطّا، خـطاّ منّ عينيها إلى أقّصى وجنّتيها
ـ كونكّ تـّعرف هـذّه الأشيـاء لا يعـّني أنكّ تـّعلم ما بّقلبي
ثمّ نـّظرت إليه بحـّزن و ركّضت إلى الأعـّلى، لتغّلق باب غـّرفتها بـأخرّ ذّرة طـّاقة تمتلكهـّا ثمّ بـدأت فيّ البكـّاء المـّرير، لقدّ ظنتّ و عندّما تخّلت
عنها عـّائلتها ، أنّ الشخّص الوحيدّ الذّي سيّفهمّها و يهونّ عنها هو نـّايت ، ظّنت أنه بالرّغم من برودّه و ردودّه السـّاخرة فخّلف هذا الجـّدار
إنسـّان مّثلها يبحّث عن الأمـّان و الحّب ، عن العـّائلة لكنّ ربمـّا فعلا غطّاء الكّتاب مثّل محتواه
بينمـّا رفّع نايت حاجبه دّلالة على استنكار تصّرفها ثمّ أخرجّ يده من جّيب معطّفه التيّ رفّضت ساّبقـّا أن تبـّادلّ ماري الحنانّ و وضـّع بطـّاقة جميـّلة
مـّزخرفة على الطـّاولة فـّرمقته فلور بحقدّ ليّقول ويّليام بـترددّ
ـ نقدّم لكّ تعـازيّنا الحـّارة لفّقدان والدّكمّ و لنحنّ شديدو الأسّف لأنناّ لمّ نسمّع بهـذّا سّـابقّا
نـّظرت إليه فلور من أخمصّ قدّميه إلى أعلى رأسه بّسخرية ثمّ كحّت قّليـّلا و هي تشّير على البـّاب ،
ـ منّزلنا يّـعذّر وجودّكما ، غـّادرا
استـدّار وّيليـّام ليّتجه بخطوات بطيئة نـّاحية المخـّرج و هو يّرددّ في نفسه كمّ يكّره أختهـّا الحقودّة هـذّه ، يّكرههاّ و لا يحّب التعـّامل معهـّا و
لولا الواجّب لما كـّان تحدّث معها أبدّا و لكنّ من الآن فصـّاعدا يبدوا أنهّ سيكونّ لدّيهما الكثّير من اللقـّاءات الغـّير سـّارة ، بينمـّا قـّال نايتّ ببرودّ
ـ و نحنّ لا يّشرفنا التواجدّ في منـّزلكّ
قطّبت فـّلور بعّصبية ثمّ أمسكـّت بالكـّرسي الذّي أمامهـّا و قدّ ارتفّع عن الأرّض قـّليلا لتـّقول بحـدّة و غّضب
ـ إننّي أحضّر اجتماعاتّ تّخص السيطرة على الغّضب لذّا إغّضابي قدّ لا يكونّ أفّضل شيء تّفعله ،
عـّاد ويّليـّام أدّراجه و أمسكّ نايت من ذّراعه لّيقوده خـّارجّا قّبل أن يّقول شيئا يزّيد من الطّين بله ، بينمـّا رمقّت فـّلور نايتّ
بكره و حقدّ .. لنّ تسمحّ لأحدّ أنّ يقفّ بينها و بينّ أختها بّعد الآن ، حتّى لو عنى الأمّـر القّيام بشتى أنـّواع الأسـّاليب و جميـّع الطّرق ملتوية
كّانت أو مبـّاشرة ، خبيثة أو بريئة
لاّ لن تسمـحّ له بـأخذّ ماري من بينّ يدّيها بـّعد فـراقّ دامّ أعوامـّا ، لنّ تسمحّ لشخصّ مثّله أنّ يـرتبطّ بّفتاة مثّل ماري
/
فّي قّصر آل لّبير المشـّهور
بغـّرفة الاستقّبـّال المـّوجودّة في جناحهما الخاّص كـّانت تّروح و تجيّء فّي مسيـّرة طّويلة من التـّفكيـّر و هي تقّضـمّ أظـّفرهـّا بغّيض غّير
آبـّهة بجّلسة التقّليم التـّي أقـّامت بها صـّباحا ، ما الذّي يجّب عليهـّا الآن فـّعله ؟ كّل شيء يبـدوا بـّعيدا عن متـّناول يدّها كمـّا لو كـّأن منّصبهـّا
الآن غـّير كـاّفيّ لتّلبية مـّطالبهـّا الصـّغيرة
زفّرت بـّقّلق و اتجـّهت إلى غـّرفة النـّوم ، عـّّبرتها و صـّوت كّعبهـّا يكّسر صّمت المكان فيّ كّل خـطّوة تخطّوهـّا ، تـّوقفت أمـّام مـّرآة كبيـّرة و
نـّظرت إلى نفسهـّا بواسطّة عينيهـّا العّشبيتينّ ، شّعرها الأسودّ المسترسل على ظّهرها بكّل أنوثة و فّسـّتان السـّهرة الأحمرّ المتنـّاسق معّ جسدّها ،
شّفتيها المثّيرتينّ بطـّعم الكـّرز و رموشّّها الطـّويلة السّاحرة ، بّشرتهاالسمـّراء الخـّالية من آي شـّائبة ، همستّ بخفوت
ـ أّليس هـذّا كـّافّيا ؟
دّخل كـآيل فّجـأة و رمـّى سّترته الجـّلدية على الأرضّ بلا مبـّالاة ثمّ استلقى على سّريرّ مغـّلقـّا عينيه بتعب ، قـّال مستاء
ـ ذلك الـعجوز الماكر ما إن يـّعلم بـأن قدمي قدّ وطـأتّ أرضّ شّركته حتى يّسرع فيّ طلّبي كما لو كـأنّ جميع الموظّفين غيّر مرئيين
لمّ تهتم فـعلا بتـذّمره فهذا هو كايّل إنّ سار خطّوتين بغير إرادّته قـّال تـّعبت لذلكّ نـظرّت إليه بـطرف رمّوشها ثمّ همست له بـكلّ هدوء
ـ هل نـآيت في الشّركة ؟
لمّ يجّبها كـّايلّ بّل وضـّع الوسادة على رأسهّ و جذّب الغطـّاء ليخلدّ إلى النـّوم غّير مبـالي بّغيرتها الشديدّة من نايت ، دومـّا ما تـسـأله عنه
و تحّثه على الذّهاب إلى العمـّل خوفّا من فقدّانه لنصّيب الأكبّر فيّ الأسهمّ لكّنه فعلا لا يهتمّ ، لدّيه كل مـّا يحـّتاجه من مـآل لكنّ لدّيه أيضّا هذه
الـّرغبة الجّامحة فيّ التّفوق على نـّايت لّيس لأجّل المـّال أو الأسّهم لكّن فقطّ لأنه يحتّاج إلى ذّلك
/
فيّ منـّزل متوسطّ الحجمّ ـ حّيثّ تّعيش عـّائلة غـّلوري بمجـدّها
يتـرأسّ طّاولة الأكـّل السيدّ رويّ بجـّانبه زوجـّته المـّحبوبة ليكّسي و أيّضـا ابنتهـّما الفـّاتنة كلّـير حّيث يّعمّ الصمـّت أيّضـا هذا المنـّزل و لّيس لّعدم
وجـّود أفّراده و إنمّا لتـّوتر الجـّو العـّارمّ منذّ رحّيل آرثـّر ـ بسمة ليكّسي و سندّ كليّر
تحدّثت ليكّسي بّقلق و هي خـّائفة من طّرح هـذّا المـّوضوع مجددّا على زوجـّها ،
ـ عـّزيزي مـّا رأيكّ أن نعـّيد آرثر ؟ أظّنه قدّ تّعلم دّرسه الآن لقدّ مرت فـّعلا فترة طـّويلة و أنا لا أحتـّمل بّعده عنّي
تّوقف روي عن الأكـّل و وضع الملعقة جـّانبـّا ثمّ قـال بغّضب مكبوت
ـ لقدّ توفيّ صديّقي منذّ ثّلاثة أيّام و أنت تتحدّثين عن إعـّادة ابنك ؟ لقدّ أوضحّ أن لا رغّبة له بالاعتذّار من جوناثان و أنا أوضحّـت لكّ أنني من
المستحّيل أن أدّخله إلى بيتي
تحدّثت كّليـّر بغضب هي الأخرى أيّضا
ـ ألمّ يمتّ جوناثان ؟ حسنا إذن لقدّ حلتّ المشكلة فمادام لا يوجدّ شخصّ ليعتذرّ إليه لا داعيّ فعـّلا لطّرده ، أليسّ كذلك أمي ؟
صـّاح رويّ بّصوته العـّاليّ و قّبضته تـّضرب الطـّاولة فتنـّاثرت قطّرات من الحسـّاء في الأرجـّاء
ـ أتّقولينّ أنه إن توفّي الشخصّ فلا داعيّ للاهتمام ؟ أينّ ذهبت أخلاقك ؟ إنيّ فـّعلا محتّار إن كـّنتم أبنائيّ حقـّا ؟ من أينّ
أتتكمّ هـذه القسوة ؟
صّرخت سيدة ليكّسي بحـّزن
ـ أترّيد أن تفعل مثله ؟ أتريدّ أن تّطرد آرثر مّثلما فعل هو معّ ماري ؟ أتريدّ أن تّبقى على خّلاف معه حتى ممـّاتك ؟
صمّت العمّ رويّ بـهدوء و لمّ يجدّ أي كّلامه يّقوله بعدّ جمّلة ليكّسي ، أجّل إنه مدّركّ لخطـئه لمّ يكن يجدّر به طّرده لكّن هل يعيدّه و هو
لمّ يتّعلم شيئا ؟ لمّ يّتعلم أنّ يّكون رجّلا نبيّلا يّقدر النسـّاء كمـّا يقدّر والدته ؟ أنّ يكّف عن الشّرب المستهتر والحّفلات الماجنة ؟ ما فائدة ان كان بجانبه
ما دامت هذه الّصفات تّعزوا حيّاته ؟
هو يحبّ ابنه و يّريده معهّ ، لكّن لّيس قّبل أن يّتعلم دّرسه أولا
/
/
جـّدران غّرفة وردّية اللونّ بّسرير صغير مّزين بّشرائطّ بيضّاء و غطـّاء أزرّق كلونّ السمـّاء الصّافي ، خـّزانة كّانت تحتـّوي على مّلابسهـّا و
لا تـّزالّ اعتادّت عندّما تسـتاء أنّ تـأتي إلى هذه الغـّرفة و تّبقى هناّ حتّى تّحن أمهـّا سيّليـّا و تجّلب لها مـّا تّريده ، و الآنّ بالرغمّ من أنهـّا حزينة و مستـاءة
جـدّا لكّن لا أحدّ يّشفق عليهـّا ، رّفعت يدّيها إلى السّقف حيّث علقت قدّيما عليه صورة فّرقتها الغنـّائية المشّهورة ، هل هذا ما يعنيه ان تكون كبيرا ؟
طّرقت فّلور البّاب ثمّ دّخلت و بّينّ يدّيها صّينية فيّها عجت البيضّ و مشّروب الطـّاقة ، جّلست على السّرير بجـّانب مـّاري لتّضع الصّينية بينهمـّا و قدّ
زينت شّفتيها بابتسامة جميّلة
ـ أسّعدّ صبّاحكّ عـّزيزتي ،
ردّت ماّري التحّية بهدوء و شّربت العصّير دّفّعة واحدة ثمّ أعـّادته إلى مكانه فنـّظرت إليها فـّلور مـطّولا باستغراب فقـّالت عندّما لمحّت مّلامحها التعيسة
ـ ماذاّ بك ؟
صمّتت مارّي و لمّ تجّبها بّل رّفعت تلكّ البطـّاقة التي تركّها نـّايت سّابقّا و عادّت لتّفكير العمّيق كمـّا لو كـأن الليلة السّابقة لمّ تكنّ كاّفية ، كشّرت فّلور
بغّيض عندّما لمحّت اسم أختهّا مـّاري روبّرت قدّ ربطّ بزخـّارفّ جميلة بجـّانب نـّايت لبير ، قـّالت بحدة
ـ أنتّ ، لا تّخبريني أنكّ تفكرينّ جدّيا فّي ما قّاله ذّلك المـّعتوه ؟
رّفعت مـّاري حـّاجبها باستنكـّار ثمّ وقفّت و فتّحت النـّافذة لتستدّير ناحية فّلور مجددّا و على وجهها نـّظّرات جدّية
ـ بالطـّبع سـأفكرّ بذّلك ، أليسّ هو خطّيبي ؟
فـّلور بحدّة : خطّيبك المـّزيف ، المـّزيف إنّ كنت قدّ نسيت
شدّت ماري على قّبضتهـّا، هيّ تـّعلم هـذّا جيـدّا و لا تحـّتاجّ لأي أحدّ كيّ يذّكرها فقـّالت بهدوء و تـّردد
ـ أنتّ لا تـّعلمين شيئا فـّلور ، لا تـّعلمينّ ما نـّايت بالنسبة لي ، إنهّ مصـدّر قـّوتي و منه استمدّ شجـّاعتي و بجـّانبه فقطّ أشعر بالأمانّ ، أيضـّا و
أمامهّ فقطّ تّتلاشى كلّ جدّرانّ طـّاقتي هوّ منّ جّعلني أعودّ كيّ أستـّرجـّعكّ ، هو منّ سـاندّني و إنّ كان حتّى هو غيّر مدّركا لذّلك ، إنهّ من
صّرخت فلورّ بعصبية و أحدّاث البـّارحة تّمـّر من بّين عينيهـّا كمذّكر حّي ،
ـ هل أنت بّلهاء أم ماذا ؟ إنهّ يعـّاملكّ كمـّا لو أنكّ أحدّ جرذانه يستعمّلك متى ما يشـاء ، ألا تـّملكين كّرامة ؟ بعدّ كل الذّي حدّث و كل الذّي عشته
تتّصرفينّ كمـّا لوّ أنكّ ، سحّقا
نـّزلت دّموعهـّا ، إنهّا تّعلم ، لقدّ قـّالت أنهاّ تعلم فلا داعيّ حقّا لا داعي لجّرحها أكثّر ، تحدّثت بنـّبرة خـّافتة تّعلو تّدريجّيا مع كّل حّرف يخرجّ من بينّ شفتيها
ـ لمّا ؟ لما لا أملكّ كرامة ؟ أخّبريني فّلور هل الكّرامة تّعني لكّ أنّ تتّخلي عنّ من سـّاعدكّ جانبـّا ؟ عنّ ابنتكّ و عنّ زوجكّ ؟ كماّ فعل والدّي ؟ لما
الكرامة فوق كلّ شيء ؟ أنـّا سّعادّتنا هي الأهمّ
كّشرت فّلور ، صّحيحّ أن والدّها قدّ أبّعد أمهمـّا عنّهما لكّن هي لا تّهتمّ لما فّعله فقـّالت بّبرود
ـ ما فعله والدي من شـأنه هو ، و أنـّا فّعلا لا أهتمّ لأنّ لي أفعالي لأحاّسب عـّليها و لن أنـّظر إلى مـّا صنعه الآخرينّ كلمحة لمستقّبلي ، و إّن
كنت فّعلا تهتميّن لوالدّنا هكذّا فلما لا تنفذّين وصيته ؟ ألمّ يّنصحكّ أن تعيدي الـ 500 مليون دولاّر إلى صّاحبه و تّعيشي بّسعادة ؟ فمادامتّ سّعاتنا فوق
كلّ شيء كمّا تّقولينّ لما لا تفعلي ذلك ها ؟
نـظرت إليها غـّير قـّادرة على قـّول أيّ شيء ، لما كل هـذا التعـقيدّ ؟ لمـّا الكبريـّاء و السـّعادة ؟ لماّ الكـرّامة و الـّراحة يتنـّافسان ؟ لمـّا هي مضـطرّة
على الاختيار ؟ وقفـّت بـّهدوء ثمّ أمسكتّ بـّمعطفها و خـّرجت من ذلك المنـزل غـّير آبهة بمنـاداة فـّلور المستمرة لها
/
وحيـداّ كعـّادة فيّ شـّقته يجـّلس على الأريكـّة و يشـّاهد التـّلفاز بـّعدم اهتمام مفـكّرا بمـّا حدث سـّابقـّا و كـّلام نايت القـاسي ، تـنهدّ بغيضّ و هز رأسه نفيّا
.. فيّ أحيان كثّيرة يتملكه الذّنب لأنهّ و بسببّه قدّ تـّعرفت ماري على نايت ، بّسببه أصّبحت الأوضـّاع على ما هي الآن ، يـتذّكر جيـداّ كـّلمـّات نايتّ الـّباردة
و السّاخرة عنـدّما حـّاول أن يـّوقفه و أنّ يمنعه من دّخول فّي دوامة من الأكـّاذيبّ و الألاعيبّ المنـمقةّ عنـدّما أخبّره أنّ يـّجد شـخصّا آخر غير مـّاري اللـطيّفة ،
كان منغمساّ فيّ أفكاّره حينّ رن هاتفهّ لكيّ يّوقظه من غـفّوته ، نـظرّ إلى إسمّ المتصـّل ثمّ كشـّر بـّكره إنهّ أوسكـار صـدّيقه لهـذه الفترة من الزمن فقطّ قـّرر
تجـّاهله ثمّ وقفّ هامسّا
ـ لا يمكنّ أن أدّع الأمورّ تـّسوء أكثّر من هـذّا ، يجبّ عليّ التـّحرك
أمسكّ بمفتـّاح سّيارتهّ و ركضّ خـّارجا من الـّشقة ، يجبّ عليه فّعلا التـّحرك فلو إستمـّر الـوضع على ما هو عليه الآن سوف يّخسرّ نايت وجودّ ماري
بجـّانبه و إنّ حدثّ ذلكّ قدّ تـجّعلها إليزابيثّ نقـطةّ ضـّعف له و هـذا ما لن يّسمح بـحدوثه أبداّ
/
بـّعد مـّرور أسبـّوع آخرّ
فّي قّصر لّبير ـ حيّث يوجدّ العـديّد من الأّسرارّ و الكّثير من المّناوراتّ ، إنه كّنز يّعّشق كّل صحاّفّي لإيجـّادّه و كـّل صّحيفة لّسردّ قّصته ، ففّي تّلك القـّاعة
الكّبيرة التّي تضّم أفـرادّ هذه العـّائلة الكـّريمة ، كـّان الجـدّ بيتر يجّلسّ مبتئسا الطـّاولة و بجـّانبه على اليسـّار يجّلس كـّايل رّفقة زوجته المحّبوبة و الفّاتنة
إليـّزابيّث
كـّانّ صوتّ المّلاعّق هو الوحيدّ الذّي يتجـرأ على إّصداّر نغمته بهـذّا المكـّان الموحّش ، عندّماّ رّفـّع بيّتر عينيه إلى مقّعدّ نايت الفـّارغّ ثمّ رّمق رئيس
الخدّم ليّتقدم إليه مّسرعا و قدّ كادّ أن يّتعثر بخطّواته ،حيّنما إقترب كّفاية من سيدّ بيتر ، قـّال له الأخير بنبرة جّمهوريةّ عـّالية كمـّا لو كـأنّه مّلك يخـاطّب حّاشيته
ـ أّين هو نـّايت ؟
أخرجّ رئيس الخـدّم بـطّاقة مزّينة و مـّزخرفة جميّلة بـّأطّرافّ ذّهبية و وضّعها بينّ يدّ بيترّ ليمسكها الأخيّر و يّفتحهـّا ، كّي يجـدّ بطـّاقة دّعوة لحّفل زفّاف نايت
و التـّاريخّ فيّ الأسّفل ابتسمّ بـهدوء و راحة ثمّ نـظّر إلى رئّيس الخدم مجددّا معطّيا إياه الإشارة لتكّلم و كذّلك فّعل
ـ سيدّي ، سيدّ نايت قدّ ذّهب منذّ يومّين إلى فرنسـّا لأنه يوجدّ خلل بشركات الموجودة هنـاكّ و لقدّ طلبّ مني أن أعطيكّ هذه الدّعوة حـّالما أجدّك متـّفرّغـا
ـ حسنـا إذن ، لما لم تخبرني يا كـايل أن نايت قدّ ذهب في رحلة عـمّل ؟
وضـع كـايل المـّلعقة جـّانبا و قدّ كشـّر بـكّل قّرف من ذّكر فقطّ سيرة نايت المحبوبة لدّى جده ثمّ قـالّ بعدم إهتمام
ـ أنت تـّعلم أنه لا يخبرني بشـيء،
ابتسم الجـدّ و نـظّر إليهمـّا ثمّ قـّال بـّفرحة لمّ بستـطّع إخفـاءهـاّ
ـ نايت سوف يتزوج في الـثامن و العشرين من هذا الشهـّر ، أليّس هذا خبّرا مفـّرحا ؟ كمّ أنا سعيدّ لأنه قّرر إنهاء وحدّته تلكّ و جّلب رفيقة تشـاركه حياته
رفعت إليزابيث عينيها بّصدمة ناحية الجدّ بعدما كـانت غّير مهتمة بما يحدث من حولهـّا ، و شّحب وجههاّ فـّنـظرت إلى كـّايل ، بينمـّا وقفّ الجدّ و غـادّر
مسـّرعا كّي يبّشر جميـّع أصدّقائه بزواجّ الـشـاب الذّين يطّلقون عليه اسم الجليدّ ، كمّ هو متـّشوق لرؤية الصدمة على ملامحّ أوجههم عـندّ اختفائه ، قـالت
إليزابيّث بتّوتر و عّصبية
ـ كيف سوف يتزوج بـحق الجحيم ؟ هـذّا غير مقبول أبـدّا
نـظر إليها كايّل ببـّرود ، رؤية تصرفاتها الغـّاضبة و أفكـّارها الغير عـّقلانية يجّعلانه يّشعر بالغيرة من هـذا النايت ، كّيف هي تّظهر جميع هذه المشـّاعر
لنايت أما إن كان الأمر راجّعا له فّستتصرف ببـرودة كما لو كـأن الأمر لا يعنيها ، لكزته في خصره و قالت هامسة
ـ أتعلم ماذا يعني هذا ؟ يعني أنه إن مات نايت فجميع ممتلكاته و أسهمه سوف تنتقل إلى تلك الحقيرة ، أنا لن أسمح بهذا
شـّعر بالغـّيرة تـتـّصاعدّ كالنيّـران فيّ قـّلبه المّحب هـذاّ و قدّ عـجّز عنّ إخفـّاء ملامحّ القهر و الغيضّ التي عـّلت وجهه فـّوقف و ردّ عليها بحـدّه
ـ افعلي ما تريدين ،
شعرت بالدهشة و هي تراه يسير مسرعا إلى المخرج و بّرفقته خادمين ، إنه لنادر فعلا أن يتركها تّفعل ما تشاء فهو و دوما ما يكون بجانبها مهما كان
مخططها و الآن يتركها ؟ شتمت بالبرازيلية لكنها ابتسمت فجـأة باستدراك الآن بعدما تّركها كايل تـفعل ما تشـاء ، الآن سوف تلجـأ إلى خططّها المثّيرة و
الخطيرة ، لا حـدّود لتفكيرها ، ضحكت بـخفوت و هي تهمس قـاّئلة
ـ سوف تموتينّ يـا ماريّ قبّل أن تطـأّ قدّميكّ القّصر ، و قبـّل أن يّقترن إسمكّ بنايتّ لنّ تري نـّور هـذّه العـائلة أبدا و لن تحضي بنفوذي أبدا ، سـأحرّص
على جعلكّ أشلاء |