الامام علي في موعظة بليغة لابنائه الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم، وصلى الله على سيد الخلق محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد في المواعظ المستحتسنة للامام شهاب الدين الأبشيهي رحمه الله قال
لما ضرب ابن ملجم لعنه الله علياً رضي الله عنه، دخل منزله فاعترته غشية ثم أفاق، فدعا الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما وقال: " أوصيكما بتقوى الله تعالى، والرغبة في الآخرة، والزهد في الدنيا، ولا تأسفا على شيء فاتكما منها، فإنكما عنها راحلان. افعلا الخير وكونا للظالم خصماً، وللمظلوم عوناً، ثم دعا محمداً ولده وقال له: أما سمعت ما أوصيت به أخويك، قال: بلى. قال: فإني أوصيك به، وعليك ببر أخويك وتوقيرهما، ومعرفة فضلهما، ولا تقطع أمراً دونهما، ثم أقبل عليهما وقال: أوصيكما به خيراً، فإنه أخوكما وابن أبيكما وأنتما تعلمان أن أباه كان يحبه، فأحباه، ثم قال: يا بني أوصيكم بتقوى الله في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الصديق والعدو، والعمل في النشاط والكسل، والرضا عن الله في الشدة والرخاء، يا بني ما شر بعده الجنة بشر، ولا خير بعده النار بخير، وكل نعيم دون الجنة حقير، وكل بلاء دون النار عافية، يا بني من أبصر عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضي بما قسم الله له لم يحزن على ما فاته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها، ومن هتك حجاب أخيه هتكت عورات بنيه، ومن نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره، ومن أعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن خالط الأنذال احتقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم، ومن جالس العلماء وقر، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر خطؤه وقل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار. يا بني الأدب ميزان الرجل، وحسن الخلق خير قرين، يا بني العافية عشرة أجزاء: تسعة منها في الصمت إلا عن ذكر الله تعالى، وواحدة في ترك مجالسة السفهاء، يا بني زينة الفقر الصبر، وزينة الغنى الشكر. يا بني لا شرف أعلى من الإسلام ولا كرم أعز من التقوى ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية. يا بني الحرص مفتاح التعب ومطية النصب. انتهى
رحم الله امرؤ نظر فاعتبر ووعظ فازدجر |