الـشـآبتر الـ تاسعّ و الأربعينّ
~ المرأة الوحيدّة التيّ أحببتّ ~ مـظلـة سـوداء تقيها من المـطر معـطف أحمر اللون يـلاءم قبعتها الصـوفية و وشاحها الأبيض مع حـذاء ذو كعب عـالي نوعا ما و فستان أسود ،
خصـلات شعرها البـنيّ تتلاعب بها الرياح بخفةّ كأنها ترقص على أنغام حـزنها بينـما ملامحـها الهـادئة مليئة بـرغبتها الشديدةّ في البـكاءّ غير أن
و عوض الدموع ابتسمت كعـادتهاّ هي تضـع أناملها علىّ تلك اللوحـةّ ، فجـأة شـعرت بخطوات شخص آخر تقترب منها لم تستدر لأنها تعلم مسبقا
من القـادم فاكتفت فقطّ بـنزع ابتسامتها من شفتيها لما تحدث القـادم بنبرةّ رقيـقة للغـايةّ
ـ هل إلقائي لتحية سيلقى ردا ؟
بقيت لوهلـةّ من الوقت تـنظر بعينين شاردتين نـحو قبر والدها جوناثان قبل أن تستدير إليها كانت ملامحها بـاردة هـادئةّ كأنها لا تراها على الإطلاق
حينمـا مدت يدها اليمنى نحوها كي تمسكهاّ الأخيرة بنوع من السـعادةّ بعد ذلك ابتعدت عنها بخـطوات بسيطة و هي تنـظر مجددا نحو قبـر والدهاّ لكي
تتحدث القـادمة بنوع من الـحيرة
ـ لمـاذا تـكبدت عـناء البحث عني ؟ اعتقدت أنك و بزواجك من ابن تـلك المرأة سوف يتسنى لك نسياني كليا فـلم تعودي بحاجة إلي ..
ضحكت ماري بـخفةّ قد رن صدى ضحكـتها في الأرجاء مما جعل الأخرى تشعر بالحيرةّ أكثر إذ بدت لها ابنتها متـغيرة جدا كـأنها لم تعد نفسها هذا
غـريب كي تلتزم الصمت في انتظار إجابتها التيّ لم تطل الانتظار لتحصل عليها فهاهي تتحدث ماري بنـبرةّ هادئة
ـ أعـتذر إن كان اتصالي قد أزعجك لكن أنـا بحاجة لاستشارتك في أمر ما ..
قطبت سيليا حاجبيها باستنكار أكثرّ منذ متى تأخذ ابنتيها برأيها ؟ إنهما لا يعتبرانها على قيد الحيـاة إطلاقاّ قد رفضت فـلورا مجيئها أو الاتصـال بهما
مجددا كما أنها حذرتها من الاقتراب من ماري لكن هاهي طفلتها الصغيرةّ التي لم تـبحث عنها قطّ تـتصل بها في أمر طارئ تطلب منها اللقاءّ ، كادت أن
تتحدث لما نـظرت ماري نحوهاّ أشـارت بـخفة على شعر سيليا قائلة
ـ أحصلت على تسريحة جديدة ؟ تـبدوا جميلة عليك ..
نـظرت إليها بدهشة قبل أن تلمس خصلات شعرها الأشقر بنوع من الذهول كيف تعـلم بأنها حصلت على تسريحة جديدةّ ؟ أحكمت الإمساك بقبضتها لا
عجب في ذلك فـزوجها هو نايت لبيير رجل مثله لن يصعب عليه مـعرفة أدق تفاصيل حياتها بينما تـنهدت ماري بـقلة حيلة إذ لمحت الصدمة على والدتها
كي تجلس بـخفة على ركبتيها قـائلة
ـ أمـي .. أنـا أحب شخصا
فتحت سيليا فاهها بصـدمة كادت أن تصيبها نوبة قـلبية أهـذا يعني أنها تحب شخصا غـير زوجها ؟ شحب وجهها كليا و عـادت تنـظر من حولها كي تتأكد
بأن لا أحد يراقبهما بينما قطبت ماري حاجبيها قد أسندت رأسها على ذراعها قـائلة بنبرة متململة
ـ لا تقلقي لا أحد يراقبنا ..
حينهـا ضربت سيليا وجنتيها بخفة كي تجلس بجـانب ابنتها قد بدى عليها الارتباك نوعا ما فـماري لم تتحدث معها أبدا و لطالما كانت مـاري ابنتهما
المطيعة التي تنصت إلى أي شيء يأمرانها به دون أن تعترض حتى قررت إعلان تمردها للجميع و غـادرت المنزل تـزوجت من نايت رغم رفضهاّ و هاهي
تخبرها الآن بأنها تحب شخصا آخر غير زوجـها ؟ أخذت شهيقا محاولة تـهدئ أعصابها قبل أن تتحدث بحيرة
ـ لكن مـا الذي تقولينه ؟ أنا لا أفهم شيئا ؟
قطبت مـاري حاجبيها و هي تتأوه بـضجر أيجب عليها سرد القـصة منذ البـداية ؟ إنها لا تـرغب في فعل ذلك مجـددا و مـجددا تنهدت و نـظرت في كل مكان
عدى والدتها قبل أن تتحدث بضحكة خفيفة
ـ أتتذكرين لما كان والدي يحب تـلك المـرأة و أنت تـحبينه و بالرغم من محاولاتك العـديدة في كسب حبه قد فـشلت ؟ و غـادرت ؟ حسنـا قصتي شبيهة
لقصتك تـماما غير أنها معقدة قليلاّ
شهـقت سيليا بصدمة قد شحب وجهها كليا أهـذا يعني أن نايت يحب إمرأة أخرى ؟ إن كان ذلك و ابنتها تحبـه تسعى لكسبه إلى جانبها ؟ تغـيرت ملامحها
كليا و أشاحت بوجهها بعيدا لا تزال ذكرى جوناثان تؤلمها كلمـا طرأ على بالها كـم هذا مؤسف فحتى الوقت لم يشفي جراحها المفـتوحةّ ، لما هزت ماري
كتفيها بـعدم اهتمام كأنها فقدت الـرغبة في كل شيء و هي تبتسم بخـفة كعادتها قـائلة
ـ لقد تقبلت الواقـع .. أيضا أمي هناك شيء آخر أريد إخبـارك به
نـزلت دموعها دون إنذار على وجنتيها كاتمة صوت بكائها كي لا تسمـعه ابنتهاّ قد أومأت إيجابا تـطلب منها أن تكمل كلامها حينها ضحكـتّ ماري بخفة
و هي تـكز خصر والدتها قـائلة بنبرة مـرحة
ـ يبدوا أن فـلورا قد وقعت في الـحب .. أستطيع أن أسمع رنين أجراس الـزفاف من الآن
التـزمت سيليا الصـمت تمسح دموعها بـكل لطف مبتسمة على مـزاح ماري ثم استـدارت ناحيتها كانت ابنتهـا الصغرى تشبهها في المـلامح و الصفـات
لكن ليس رباطة الجأش فلم تكن لديها هي أبدا صبـر مثلها أو وسعة صـدر كهذه بينـما وقفت مـاري بـخفة و هي تضع كلتا يديها في الأعلى محاولة أن
تبعد الكسل عـنها حينما تحدث سيليا بحـنان
ـ ماري تـعلمين دوما أنني أرحب بك في بيتي أليس كذلك ؟
هـزت رأسها نفيا رافـضة فـكرة الذهاب إلى بيت والدتها لا تستطيعّ أن تتدخل فقد فـعلت سيليا المستحيل لكي تنسى جوناثان كل شيء و جميع السبل حتى
أنها تخلت عن ابنتيها في سبيل ذلكّ لذا لم ترغب ماري أبدا في الاتصال بها أو طلب منها البقاء كانت تـريد الأفضل لوالدتها بينما فـلورا تألمت لفقدانها و
لطالما لامتهـا ، قـالت بـهدوء
ـ لا أمي أنا لن أهرب ليس مجـددا لأنني سوف أنهي الأمر للأبد ،
أخذت نفسا عـميقا كأنها و بفعلها لذلك تستجمع كل شجاعتهـا ثم استـدارت ناحية سيليا قبل أن تبتسم بـثـقة عينيها واسعتين تـحدقان بكل قـوة أمر غـريب
أن يصدر هذا التصرف المفعم بالـتحديّ من ابنتهـا الصغرى فزمت شفتيـها بقليل من غير الرضا إن كان زوجها أي كان اسمـه يحب إمراة أخرى فلا شيء
يدفعها للبقـاء بجانبه لأن ذلك لن يزيدها سوى ألمـا و معاناة غير أنها بالرغم من عدم موافقتها إلا أنها لا تمـلك الحق في الـرفض ، تنهدت بقلة حيلة و
هي تـضع باقة الـورود الحمراء على قبر جوناثان مبتسمـة بـحزن على ذكراه قـائلة
ـ كإمرأة مـت عليها هـذه التجربة فأنا أنصحك بالانسحاب قبل أن يزيد عمق ألمك ، لكن إن كنت واثقة مما ستفعلينه فـسوف أساندك ..
ابتسـمت ماري على كلاماتها بكل عـفوية قبل أن تضحك بـخفة نايت ليس بالـرجل الظالم الذي تظنه والدتها على الإطلاق بل عكس ذلك تـماما قد يكون بـاردا
ساخرا في معظم الأحيان لكنه يبالي بمن حوله يسعى لحـمايتهم حتى لو كان ذلك على حساب نفـسه فـكيف أن لا يزداد حبها له ؟ رجل مثـل هذا يجعل كيانها
ينقلب رأسا على عقب ، نـظرت نـاحية سـيليا بابتسـامة قـائلة
ـ حينـما يحين الـوقت المنـاسب ..
التزمت الصـمت لوهلة من الزمن قبل أن تتنهد كأنها تزيح هما ثقيلا عن كاهلها ثـم وجهت عينيها إلى قبر والدها جوناثان لم يكن والدا سيئا أيضـا لقد
علمت هذا في النهاية فقد كان يريد حمايتهما بطريقته الخاصة لم تـفهمه ماري أبدا و لم يتسنى لها رؤيته في آخر لحـظاته ضحكت بـخفة الندم الذي تحمله
نحوه لن يغـادرها أبدا ، نـدم لأنها هربـت و لم تستمع إليه قط لأنها تـمردت عليه بينما كان هو يحاول حمايتها ذلك قـاسي لكنه الـواقع الذي عليها تقبله ،
تـحدثت ماري فجـأة بهدوء
ـ هـناك معـروف أريد منك أن تنفـذيه لي فـهلا فعلت ؟
استـدارت ماري نـاحية والدتها تنـظر نحوها بتصميم شـديد بإرادة غـريبةّ و ابتسـامة واثقة جعلت سيليا تحتار أكثـر لكنها لم تـرفض طلبها بل كـانت سعيدة
بأي طلب كانت ستخبرها به ماري إنها المرة الأولى التي تشعر بحاجة ابنتيها لها و لن تخيب ظنهما ..
بعد مدة كانت قد غادرت خلالها سيليا مودعـة إياها بابتسامة خفيفة للغـايةّ بينمـا أخفضت ماري مظلتها كي تغلقها بإحكام بقيت تنـظر لوهلة من الزمن إلى
قبر والدها بكل صمت ثم تنهدت كان من الأحسن لها أن تجلب فلورا لكن أردات من لقائها بوالدتها أن يبقى سرا بينهما لذا فضلت الذهاب لوحدهـا ، كانت
هذه هي وجهتها الثـانية بعد المستشفى ..
/
رفـع هـاتفه متوترا قبل أن ينـظر إلى وجهه في المرآة بعض خصلات شعره الأشقر مربوطة بعشوائية يرتدي ملابس مرفهـة نوعا ما من سروال ذو
مربعات و حـزام أسود اللون مع حـذاء بنفس اللون أما سترته فكانت رمـادية طويلة تنهد بكل أسى لا يصدق أن سباستيان لم يستطع رفض طلب مدير
شـركة هاهو الآن يقف أمام بـاب منتـظرا دوره .. كم يكره المقابلات الـمباشرة إذ أنه و خلالها يطرحون أسئلة مخادعة لا يتم الموافقة عليهاّ ، همس لنفسه
بأن يلتزم الهدوء لما رن هاتفه فجأة نـظر نحو اسم المتصل لكي يبتسم بتـوتر رفع السماعة و قبل أن يتفوه بأي شيء صـاحت فلورا بـعصبية
ـ بحق السماء أين أنت ؟ مـاري مختفـية و نايت كعـادته لا أحد يعلم أين يتجه و أنـت .. أخبرني هيـا
نـظر بإحراج إلى طـاقم العمال الذين يستمعـون لمحادثته ذلك لنبرة فـلورا المـرتفعة قبل أن يبتسم محـاولا تـهدئتها إذ بالرغم من أنها تحاول إخفاء قلقها إلا
أنه و بعد حادثة الحفـلة و خيانة إليزابيث فلم تعد هي تستطيع السيطرة على خوفها عليهم جميـعا تـحدث بنبـرة هادئة مبتسما بكل جاذبية
ـ أنـا أعمل الآن .. فمدير أعـمالي رتب لي مقـابلة مبـاشرة لست قادرا على تجنبها ، إن كنـت غير مشغولة فيمكنك القـدوم سوف أطلب منهم أن يدعوك
تـدخلين بـعدها يمكننا تـناول الغذاء معا ما رأيك ؟
احمـرت وجنتيها هي تفكـر بكل حماس أيعقل أن يكون هـذا موعدا ؟ كما أنها سيتسنى لها رؤيته و هو يعمل لا يمكن ليومها أن يزداد تأنقا فـابتسمت بسعادة
فتحت فمها لتجيبه غير أنها قطبت حاجبيها فجأة و هي تصيـح بـحدة
ـ ما الذي تقصده ؟ أنـا إمرأة مشغولة للغاية أيها الأبله .. لكن حسنا بما أنك طلبت مني بـتهذيب فسوف آتي أرسل لي العنوان
أغلقت السـماعة فورا كي تستعد بينمـا تنهد ويليام بقلة حيلة إن كانت مشغولة للغاية كما تدعي لماذا تتصل به ؟أو ليس من الأفضل لها أن تعمل على
قضيتها مع آرثر بدل ترك كل شيء على عـاتق المحامي ؟ سـمع رجلا من الطاقم ينـاديه فاستـدار ناحيتهم عدل سترته قد زال توتره تماما ثم رسم علىشفتيه
ابتسـامته الجـذابة التي اعتاد عليها قبل أن يعبر الرواق ،
حـالما دخل علا صـوت التصفيق من الجمهور بينمـا اكتفى هو فقط بالتـلويح إليهما و هو يضحك بـخفة ، صـافح المـذيع ثم جـلس على الكـرسي المقـابل
واضعا قدما على الأخرى ألقى نظرة سريعة حوله إذ يوجد بيـانو أبيض اللون يتوسط القـاعة و سجاد أحمر مع مقعد يبدوا أنهم سيطلبون منه تنفيذ أداء
اتسعت ابتسامتـه تـبا لما لم يخبره سباستيان بذلك ؟ حينـما بدأ المذيـع حديثـه ..
سـأله عن أحـواله ثـم عن ما إن كان يكتب أغنـية حاليا و عـن مشاريعه مستقبلا لقد كان كل شيء جيدا في البـداية قد مـرت نصف سـاعة على حالهما ،
لونـه المفـضل الأبيض أكلته المفـضلة كعكة الفراولة التي بدت له كغذاء رئيسي لا طبق مقبلات ..
حـالما لمح فجـأة من طرف عينه فـلورا التي أتت مسرعة تـلهث من شدة الـجريّ قد كانت ترتدي على غير عـادتها فستانا أسود اللون يبرز لون بشرتها
الصافي و قد رفعت خصلات شعرها على شكل وردة بسيطة للغـاية كمـا انها وضعت أحمر شفاه يتناسب مع معـطفها ، لمـا رأته يجلس بكل هدوء مبتسما
رفعت يدهـا ثم أخذت تـلوح له بكل سـعادةّ بينما اكتفى هو فقط بإيماءة بسيطة لما اقترب منها أحد الرجال طالبا منها أن تتخذ مقعدا و إلا ستطرد خارجا إذ
أنها تشتت انتباه الطاقم ..
شحب وجه ويليام يعـلم تماما مدى عصبية تـلك المرأة و لن يكون صعبا عليها افتعال شجار مع ذلك الرجل لكن و لدهشته فقط أومأت بابتسـامة خفيفة
و هي تتجه نحو مقـعدهاّ لما انتقـل إلى مسامعه صوت المذيع و هو يتحدث
ـ أخبرنـا السيد دويـل ، عدى اهتـمامك بالموسيقى هـل لديك أي اهتـمامات أخرى ؟
نـظر إليه ويليام لوهـلة من الزمن و هو يرمش عينيه غـير مستوعب قـصده من خلف هذه الكلماتّ هل لديه أي اهتـمامات أخرى عدى الموسيقى ؟ لقد
كان الغـناء طوال حياته بـمثابة الخيار الأول لا شيء آخر فإن كان يسأله عن اهتماماته ، ابتسـم بكل مرح و هو يجيبـه
ـ أجـل أحب صنـع الحـلويات ..
ضحك المـذيع بكل تـوتر و هو يعيد تـرتيب أوراقه بينـما نـظر ويليام من طرف عينه إلى سباستيان الذيّ ضرب جبينه بصدمـة فقطب حاجبيه حينما أشار
له المـذيع عـلى قلبه قـائلا بابتسامة خفيفة
ـ المعجبين يريدون أن يـعلموا هل لديك اهتـمام عـاطفي ربما بأحدهن ؟
تأوه ويليام بخفـة قد احمرت وجنتيه قـليلاّ من الإحراج قبل أن يـحك جبينه لكي يضـحك الكل على تعبيرهّ قد عـلموا الإجـابة قبل أن يتفوه بها حتـىّ لكن
بالـرغم من ذلك ابتسـم ويليام بكل إحراج و هو يقول بضحكـة خفـيفة مـرحةّ
ـ نـعم ، في الحـقيقة هي تـشاهدني الآن ..
تعـالت صيحات الجمهور المـشجعة بينمـا اتسعت عيني فـلورا بـدهشة لم تكن لتظن أبدا أن ويليام سيكون بهـذه الجـرأة و يعلن عن إعجابه بإحداهن أمام
العـالم بأكمله فـنـظرتّ من حولها أيعقل أنه يقصد ماري ؟ لكنه أخبرها سـابقا أنه لا يحبـها ليس بتلك الطـريقة التي تتحدث عنهاّ على الأقلّ إذن من هي ؟
يجب عليها أن ترى شكلها على الأقل لكي تعلم ما إن كانت هي تملك فرصة أمام هذه الفتاة أم لاّ ، لما تـحدث المـذيعّ مختـبرا إياه بـمرح
ـ ألن تـوجه لها تـحيـة ؟
حينها إزداد احـراج ويليام أكثر و أكثر قد نـظر إلى سباستيان الذي يـشير له بإبتسامة أن يتـحدثّ بصراحة فـحك خـده قليلاّ و نـظر إلى فـلورا مبتسما كانت
تـراقبه بإهتـمام شديد لما قـال مجيبـا المذيعّ بإحراج
ـ حـتى لو فـعلت فهي لن تـدرك أبدا أن هـذه التحية موجهة لهاّ ،
صمـتّ المذيع متعـجبا أيعني هـذا أن ويليام لم يعتـرف لهذه الفتاة بمشاعرهّ ؟ رجـل وسيم نـاجح مثله يخشى أن ترفـضه فتاة ؟ إذن ماذا يقول عن نفسه ؟
ضحك بـقهر ملحـوظّ متمتـما شيئا عن زوجتـه ثمّ تـحدث مـجددا بكل عـفوية
ـ ألم تـعترف لهـا ؟
قطـب ويليام حاجبيه إذ أن الـوضع لم ينل إعجـابه ثم نـظر مجددا نـاحية فـلوراّ التي شحبت ملامحها فجأة فابتسم كاتمـا ضحكتـه و أومأ مجيبـا قـائلاّ بمرح
ـ بـلى فعلتّ لكنهـا لم تـدرك أنني أعنيها حتـى الآن .. أمـام هذه الفتـاة بالذاتّ أعجز عن الكـلام الغنـاءّ أو حتى الـحديث فـكيف لي أن أعيد الاعـترافّ مجددا ؟
حـالما قـال جـملته تـلكّ ضغطت فلورا على قبضتهاّ قد احتدت عينيها ما الذي يقصده أي فتاة هذه الذي يتحدث عنهاّ ؟ لماذا يرفض الإفصاح عن هويتها
بحق السماءّ ؟ إنها تـريد مغـادرة القاعة فورا فالهواء من حولها يخنقهاّ و يجعلها عـاجزةّ عن التنفسّ نـظرتّ بـعصبية إلى ويليام المبتسمّ قبل أن تقفّ لما
قـال المذيـعّ بـحماس
ـ أيمـكننا مـعرفتها ؟ أنحن نعـرفها ؟ هيـا ويليام أخبرنـا بتفاصيل أكثـرّ ..
احـمرت وجنتيه أكثـر من الإحـراج و الخجل في آن واحد لم يـعد قـادرا على التكلم أكثر لمـا لمح فـلورا تـقفّ محـاولة أن تـغادر القـاعةّ عـابرة كل تـلك
المقـاعد إذ أنه لم يكن صعبا عليه لمحـها من بين الكلّ أليست هي من تـملك قلبه ؟ ابتسـم بكل خفـة كم بدتّ ابتسـامته صـادقةّ للغـاية مـرحةّ مفـعمة بشتى
العـواطفّ و هو يتـحدث بـنبرةّ لأول مـرةّ يستخدمها على الإطلاقّ
ـ إنها ذلك النوع من النـساءّ اللواتي يصعب عـدم الالتفات إليهن ، تـساندني دومـا أي كانت ظـروف تحـاول أن لا تظـهر قـلقها و تـبتسم بكل عـفويةّ ، إنها
تلك المرأة التي تتصـل لتطمئن عليّ بالرغم من أنها مشـغولة إلا أنها تـأتي للقائيّ ..
حـالما قـال ذلك تـوقفت فـلورا عن الـسير استـدارت نـحوه بـسرعةّ قد بدت عليها الصـدمةّ واضحةّ ما الذيّ يـقوله الآن ؟ مشـغولة ؟ أيعقل أنه يعنيها ؟ لكن
هـذا مستحيل .. زمت شفتيها تـمنعّ نفسها من البكـاءّ لمـا أكمـل ويليام كلامـهّ بـابتسـامةّ لطـيفةّ للغـايةّ
ـ المـرأة الـوحيدة التيّ أحببتهـا ، فـلورا أتستمعين ؟ أنـا أتـحدث عنكّ ..
نـزلتّ دموعها دون إدراك منهـاّ هي تنـظر إليه عـاجزة عن التعبير قبل أن تـبدأ البكاء فوضعت يدها على فمهـاّ و هي تـهز رأسها نفـياّ لكي يضحك ويليام
بـخفة قد كانت وجنتيه محمرتينّ من الإحراجّ فـعـاد يتحدث مـجدداّ بـنبرته الـمـرحةّ
ـ أيتـها الحمـقاء أنـا أحبـكّ ..
لمـا قـال هـذا عـلا تصفيق الجـمهور قد وقف البعض بكل حـماس تشجيعـا له صـارخينّ بأن يتـرد عليه المـرأة بالإيجـابّ بينـماّ ازداد احـراج ويليام أكثرّ لكي
يحك جبينه بتـوتر لم يـدرك أبدا كيف تـفوه بتلكّ الكلمات فيّ حين وقف المـذيعّ مصفقا له مهنئا له لما استـدار ويليام نـاحية فـلوراّ وجدها تـقفّ في مكانها
عينيها مفتوحتين على وسعهما من شدة الصـدمة لما بادرها هو بابتسامة لطيـفة للغايــةّ لهــا و من أجلها هي فقط
ـ هل هنـاك شيء آخر تـريد أن تضـيفه ؟
هـز ويليام رأسه نفيا بضحكةّ مـحرجة خفيفةّ لكي يـكمل المقـابلةّ من بعد ذلك بـنوع من التوتر و الإرتباكّ إذ لم يكـن ليعتقد أبـدا أنه سوف يعتـرف بحبه لها
أمام العـالم بأسره هـذا منافي لتصرفاته بينما بقيت فـلورا جـالسة في مقعـدها بصدمةّ غير مستوعبة ما رأته أو ما سمعتـهّ أذنيها حتى الآن ..
لقد قـالت لها سيدة فرانسيس أنها لن تحصل أبدا على حبيب بتصرفاتها الـرعناء هـذّه زمت شفتيها بتوتر لمـا انتـهت المقابلة و قد بدأ الحـضور بالـمغادرة
اتجـاه الحراس طالبين منهم فـرصة لتحدث مع ويليام لما وقفت هي فجـأةّ نـظرت نـحوه قد كان يتحدث بلطف مـع المذيع حول الحصة عندما انتقل إلى مسامعهما
صوت ضجيج قد كان الحراس يطاردون فلورا التي تـركضّ إليه ..
ضحك بـخفة و قد أمال رأسه قليلاّ لكي يـفتح ذراعيه على وسعهما فـقفزت فلورا إليه تـضمه بكل قوةّ بينما لف هوّ يده اليمنى حول خصرها بينما حاول أن
يوازن جسديهما بإستناده على الـكرسي الذي خلفه ، تـحدثت بنبرة مرتبـكةّ عـاليةّ و محرجة
ـ أيهـا الوغد .. إنها جملتي أنا
ابتسـم بكل حنان و هو يحيط خصرها بذراعه الأخرى بينـما علا تصفيق المـذيعّ مذهولا بما يحدثّ إذ لم يصدق كون الفتاة التي يتحدث عنها ويليام كـانت
هنا أمام عينيه طـوال هذا الوقتّ فابتسم هو الآخر بـنوع من الفـخرّ قـائلا بـكلّ حماس و هو يقترب منهما
ـ لا أصدق أن حصتي قد عادت بالنفع عليكمـاّ ، ويليام أنت تـدين لي بعشاء ..
/
تأففت بكـل قوة و هي تـنظر إلى سـاعتها مـجدداّ ما الذي جـعله يتأخر هكذا ؟ نـظرتّ إلى سروال الجينز القصير الذيّ تـرتديه قد كان وردي أيضاّ قميصـا
أبيض اللون فوقه و معـطف مـعّ وشاح خصلات شعرها الأشقر مـرفوعةّ للأعلى على شكلّ ذيل حصـانّ تتكئ على سيـارتها بـقلةّ صبر واضحـةّ ، يستحسن
به أن لا يتـخلى عنها الآنّ ..
كانتّ تتمتم بـشتائم عديدةّ إذ أن ماري لا تجيب على اتصـالاتهاّ لقد رغبت منها أن تـأتي معها للموعد لعلّ فـرانسوا يحضـرّ بحضور سيدته تـبا كان عليها
التـخطيطّ للأمر مسبقاّ تنهدت بقلة حيلةّ لقد مرت ساعة و هي تنتـظرّه إلى متى ؟ ما كان يجب عليه أن يوافق في البـدايةّ حسنا هو لم يوافق بل هي أجبرته
لكن على الأقل كان ليخبرها بأنه لن يأتي .. بالطبع هو قال لن يأتي لكنّ اعتقدت لو أنها أثبتت له تصميمها فسوف يحضرّ ..
تنهدت قد استسلمت أخيراّ يبدوا أن فـرانسواّ عـنيدّ حالما استـدارت لكي تصـعدّ إلى سيارتهاّ لمحت قدومّ سيـارات عـديدة من بـعد كـأنه موكبّ مـا قطبت
حاجبيهاّ باستغراب لمـا تـوقفتّ كل تـلك السيارات السوداء المظللة خلف سيارتها تمـاماّ حينها اتسعت ابتسـامتها لا إرادياّ أيعقل أنه أتـى ؟ لكن سرعان ما
خيبت أمالهاّ لما لمحت القـادمّ لم يكن أحدا سوى أخيها نفـسه مرتديا بذلة مبهرجةّ رماديةّ و ساعة مكلفةّ لم تـقلّ شيئاّ يكفي أن تبوء كل خططها بالفشلّ
لتجعلها تصمتّ بينما تـوقف هو أمامها قـائلاّ بنبرة بـاردةّ هـادئةّ
ـ كلير أريد الـتحدث معك قـليلاّ ..
رمقـته بنـظراتّ غـاضبة و تجـاهلته لن تنسى أبدا خيانتـه لهّا طرق التي اتبعهاّ لتحقيق غـايتهّ فـهزت رأسها نفـياّ ابتسـم آرثر بـسخريةّ شديدة و تـقدم منها
أكثـرّ أمسكها من ذراعهاّ قـائلاّ بّحدة
ـ أنا لم أطلب أذنكّ هيا تعالي معيّ ..
لم تـرد أبدا أن تستجيب له فـنزعت معصمها من يده بكل قـوة و هي ترمقـه بحدة لا تصدق أبدا أنه تـخلى عنها و تـرك عائلتهما لكي ينـظم لديميتري ينفذ
كلماته بجميع حروفها لم يكفي ذلك فقطّ بل حتى أنه أراد منها و من والديهما أن يكونا معه في هذه الـحرب الخـطيرةّ كأنه لا يعلم ما مخاطر التي تنتجّ من
الانقياد خلف ديميتري ، تـحدثت بـعصبية
ـ لست أنا من يتـم سحبها آرثر و لعلك من بين الجميـع تـدرك هذا ، ابتعد عني ..
أمسك كف يده بـهدوء ينـظر إليها بكل جـدية و عصبية أيضا لم يكن ليصدق أبدا أن أخته سوف تصبح في يوم ما صديـقه لماري لا بل حتى أنها قامت
بحمايتها برفقة ذلك الـرجل ، زم شفتيه بـغضب شديدّ لا يريد أن يـقدم على أي تصرف متهور خصوصا و أنهمـا في شارع عـام على أنظار الكل ، تـحدث
حينها من بين أسنانه قـائلا بحدة
ـ من يـجدر به الابتعـاد عنك هو ذلك الـحقير فرانسوا .. أنت تـدركين من هو أليس كذلك ؟ اليد اليمنى لذلك الشيـطان إنـه
حالما قـال ذلكّ تغيرت ملامحها لكي تدل على الـضجر فاستدارت مبـتعدة عنه رائع الآن يريد أن يتحكم بالرجل الذي تريد أن تواعده كم يمكن لحياتها أن
تغدوا أجمل من هذا ؟ فتحت بـاب سيارتها مستعدة للغادرة غير آبهة بصراخ آرثر من خلفها ثم جلست خلف المقود أخرجت رأسها من النافذة وقالت له
بنبرة بـاردة و متهكمـة جعلت أعصابه تثور غضبا
ـ أنا أفـعل ما أريد وقتمـا أريد و سأواعد من أريد لذا سحقا لك
بـعد ذلك انـطلقت مسرعة غير آبهة به إنها تعلم جيدا أنه لا يستطيع فعل أي شيء خصوصا و أنهما في شارع عـام ضاج بالنـاس و أنها قبل كل شيء
تبقى أختـه الصغرى بينما زفـر هو بكل حدةّ غاضبا يود لو أن بإمكانه تمزيق فرانسوا إربا لكن يعلم جيدا أن الوصول للأخير لن يكون سهلا على الإطلاق
ففي النهاية بسببه قتـل جونسون كمـا يدرك أن ماري لم تعد بالخصم السهل الذي كانت عليه سابقا لقد تغيرت و الكل لاحظ تغيرها ليضع كونها محمـية من
قبل ديميتري نفـسه تمتم بشتيمة و هو يعود أدراجه إن لم يستطع استهدافها هي فسوف يحرص على أن تسقط فلورا ..
/
في تـلك القـاعة الواسـعة التي احتوت على طاولة كبيرة مستطيـلة ذات زجاج مرفه بها عدة كراسي جلس عليها مـختلف الـرجال و النـساء ذوي السلطةّ
من بينهم نـايت مرتديا بذلة عمله السوداء تاركا ياقة عنقه مفـتوحة بينما خصلات شعره قد انسدلت على جبينه بكل عشوائية في حين عينيه الداكنتين
تراقبـان الشاشة تحديدا ذلك المنتج الذي يعرض حاليا من قبل أحد الموظفين تثاءب بكسل و هو يضغط على زر القلم بنوع من الـضجر عـاد ينظر إلى
الأوراق التي وضعت أمامه قد كانت كلها بيانات حول المنتجّ كيفية صنـعه على ماذا يحتوي و الكلـفة أيضا الفائدةّ ..
لما لمح من طرف عينه فـرانسوا يدخل إلى القاعة بصمت محاولا أن لا يجذب الانتباه إليه وقف أمام المخرج يـنظر نحو سيـده بهدوء لما قطب نايت حاجبيه
مستغـربا نـزع نظارتيه الطبيتين ثمّ ابعد الكرسي للخلف لكي يقف بكل برود لما استدار نحو الموظف الذي كان يتحدث عن المنتج فـأشار له نايت بأن يكمل
كلامه لكي يـتجه هو بخطوات كسولة نحو فـرانسوا الذي حالما وصل قـال بنبرة هامسة
ـ سيدي هنـاك اتصـالات عديدة من قبل سوزي تـطلب فيها حضورك العاجل إلى القصر ، أتريد مني الذهاب لكي أقتص الوضع ؟
تمتم نايت بشيء مـا قد كانت أنظار الموظفين عليه إذ بدوا مرتبكين للغـايةّ فتـقدم نحو مقعده أخذ الملف وضعه أسفل ذراعه بجـانب سترته ثم استـدار مغادرا
حالما رآه فرانسوا ضرب جبهته بندم لأنه أخبره لكي يتجه هوا معتـذرا من الموظف قـائلا أن نايت سوف ينظر في القضية بتمعن أكثر و أنهم سوف يعيدون
الاتصـال بهم حـالما يتم دراسة الوضع من قبله ..
لم ينل تصرفـه إعجاب الكل خصوصا أنه لم يبدي اهتماما بالمنتج منذ البداية لكن و بالرغم من ذلك لم يعترض أحد على أفعاله فالجميـع يعلم أن هـذا الـرجل
شيطان الاقتصاد نفسه ،
حالمـا وطأت قدميه خارج القـاعة تنهد بإرهـاق و هو ينزع سترته لكي يمسكها فرانسوا مسرعا نـظر نحو بقلق و قبل أن يتكلم أشـار له نايت بأن لا يتفوه
بأي كلمةّ ، إذ يبدوا أنه لم يستعد عافيتـه بعد حيث قال لهم الطبيب بـأنه يتوجب عليه الابتعاد عن العـمل قدر الإمكان لا أن يعود للعمل في أقرب فرصة ممكنة ،
سـار فـرانسوا بجانبه و خـلفهما عـدة رجال إلى غاية وصولهم لموقف السيارات اتجـهوا إلى سيارة سوداء مظللـة و صعد نـايت للخلف حالما فعل استند
على بـاب السيارة قد بدى وجهه شاحبا للغايـةّ ، عندها قطب فرانسوا حاجبيه قـائلا بـتوبيخ
ـ سيدي أنت لم تتنـاول الفطور الصباح و لا العـشاء البارحة كمـا أن الساعة تشير إلى الثانية عشر لم تتغذى أيضا ألم يحذرك الطبيب من إهمال صحتك ؟
همهم نـايت بشيء ما قد طلب من فرانسوا أن يلتزم الصمتّ لكي يفعل الأخير ذلك ملبيا طلبه بقلة حيلة بعد ذلك أخرج هاتفه من جيب معـطفه نـظر نحو
الاتصـالات الواردة من قبل كلير قد بدى عليه التردد و التـوتر لا يصدق أنها ستـنتظره طوال هـذه المدة من أجل موعد هو لم يوافق عليه حتى ، ألا تـدرك
حجم العـمل الذي بحوزته ؟ إنه بالكاد يستطيع أن يتناول وجبة غذاء بسلام دون أن يضطر للإجابة بإستمرار على الهاتف و التكفل بكل شيء فـكيف له
الذهاب في موعد ؟
فجـأة رن هاتفه بين يديه لكي يظهر على الشاشة اسم كلير قطب حاجبيه و كاد أن يغلق السماعة لما أخذه نايت منـه بسرعـة جعلته يجفل مرتبكا لما نـظر
نايت نحو الشـاشة بعد ذلك ابتسم بـخفة و دفعه مجددا نحو فرانسوا قـائلا بـنبرة مستمتعة
ـ هيـا أجب ..
نـظر إليه فرانسوا بـدهشة ما الذي يجيب عليه بينما أخذ نايت فنجان القهوة الذي وضع خصيصا له ثم ارتشف القليل و هو يراقبه بتلاعب حينها بلع
فرانسوا ريقه متوترا و حاول الاعتراض لكن لم يجد الكلمات المناسبة كيف له أن يرفض أي طلب لسيده فوجد أنامله تتحرك تلقائيا لكي يجيب بنبرة حاول
فيها قدر الإمكان أن يكون هادئا غير متوتر
ـ مـرحبا كلير ..
لما قال ذلك ابتسم نايت بـكل مكر فكاد أن يسقط الهاتف من بين يديه و إزداد توتره درجات بينما و في الجهة الأخرى من السماعة حيثما كانت كلير تجلس
خلف المقود ذات ملامح غاضبة للغاية كادت أن تصيح في وجهه لولا أنها توقفت في آخر لحظة لكي ترسم على شفتيها بسمة رقيقة قائلة بنبرة لطيفة
ـ أهلا فـرانسوا ، لقد اتصـلت لأذكرك بأن موعدنا على الحادية عشر تماما أي قبل سـاعة و نصف و قد تأخرت كثيرا فهل حدث مكروه ما ؟ أو دعني أقل
يستحسن أن يكون قد حدث مكروه لك لكي تخلف بوعدك
تنهد بقلة حيلة تـبا لم يكن عليه أن يرفع السماعة في بادئ الأمر يكفي ما لديه من مشاكل و كلير حاليا تشكل له أكبر لغـز مصيبة ربما إن صح القول
في حيـاته إذ أنه لم يستطع أبدا أن يفهمها لذا أجابها بنبرة منـزعجة
ـ لكن ما الذي تقولينه ؟ لقد أخبرتك سابقا أنني لن أستطيع الـحضور كمـا أنه لا يجدر بك أن تقرري حضوري من عدمه و لست أنا من وعدك بالمجيء..
أحكمت القبض على هاتف و كادت أن ترميه من النافذة لكنها تراجعت أخذت تتنفس بصوت عالي كان الأمر واضحا بالنسبة لكل من فرانسوا و نايت أنها
تحاول تمالك أعصابها و أن لا تقول شيئا تندم عليه ، قطبت حاجبيها بعصبية و تـحدثت بلطف
ـ لا بأس فـأنا لم أنتظرك على أية حال .. هناك اتصـال آخر يجب علي الإجابة عليه لذا وداعا
ارتـبك فـرانسوا قد أدرك أنه لم يكن عليه منذ البداية أن يقول ذلك لها فحك جبينه بقلة حيلة لما تنهد نايت بضجر ثـم أخذ الهاتف من بين يديه كي يتحدث
بنبرة بـاردة هادئة و مبحـوحةّ
ـ كـلير غلوري ..
لما قـال اسمها شحبت ملامحها بأكمله و ارتجفت أطرافهاّ أكان ذلك صوت نايت تواّ ؟ كم بدى جذابا لكن هذا ليس مهما ما الذي يريده منها هو السـؤال هنا ،
توترت لم تـدري كيف ترد عليه في حين أكمل نايت كلامـه بنبرته المبحـوحة
ـ أين أنت ؟
أصدرت آهة تدل على استغـرابها كذلك فعل فـرانسوا كان يريد أن يأخذ الهاتف من نايت لكنه لم يملك الجرأة لذلك بينما تمتمت كلير بموقعها دون أن تدرك
سبب خلف ذلك حينـما رفع نايت يده لكي يتوقف السائق فتح باب السيـارة و أشار لفرانسوا قائلا ببرود
ـ إنزل .. سوف يأتي إليك الآن
تلعثم فـرانسوا بدهشة لما دفـعه نايت خـارجا مغـلقا الباب خلفه ثم فـتح النافذة رمى له هاتـفه مبتسما بكل بـرود حينما إزداد ارتباك فرانـسوا أكثر بينما
نـظر إليه نايت بـهدوء قائلا ببحة خفيفة
ـ أمنـحك إجازة لمنتصف اليوم
عـاد هاتف فـرانسوا يرن فنـظر نحوه بتردد قبل أن تتـجه أنظاره نحو سيده المبتسـم بتهكم الذي بعد ذلك أمر السائق بالمغادرة تاركين إياه خلفهم ،
رمش عدة مرات غير مستوعب ما حدث توا منذ متى و هو يتلقى أي إجازة ؟ تمتم بشيء ما معـربا عن شدة إحراجه ثم رفـع يده لكي يوقف تـاكسي ..
آنتهـىّ ~ |