تأوهت بضجر مراقبـةّ حركة الـسير و المارين قد طال انتـظارها ، أغـلقت عينيها لوهلة من الزمنّ إذ أنها لم تأخذ قسط من الـراحة منّذ زمن
فـلم تكن قادرة على النوم لتـراكم كل هـذه المشاكلّ عليها تأوهت مجددا بألم تـفرك جبينها بـقلةّ حيلة و ترتشفّ قليل من القـهوة السوداء
لتساعدها على الاستيقاظ و التركيـزّ أكثر ، تمنت لو أنها استطاعتّ الـذهاب لقصر لبيير فهي فعلا تـريد تمني الـحظ لنايتّ و مساعدة ماريّ ما
إن كانت بحاجةّ لأيّ شيء ربما يتسنى لها رؤيةّ فرانسوا أيضا و الاستفسارّ منه عنّ بضعةّ الأمور التي يستلزمّ لا بل يتوجب عليه إيضاحها
كعدم رده علىّ اتصالاتها أو رسـائلها النصيةّ أو الصوتيةّ ، إنه بالـكاد يلتفت لها زمتّ شفتيها بعبوسّ يبدوا أنها قد خسرت المعـركةّ تماما كماّ
خسرتّ كل شيءّ بحياتها سابقاّ ..
عنـدما لمحتّ سيارةّ تركن وقفت كانتّ مرتديةّ سروالاّ من الجينز أزرق و قـميصا أبيض قـصير مع معطف باللون البني الـمائلّ للأصفر و حـذاء
بنفس اللون حتى لو كانت متعبة هـذا ليس بالسبب المقنعّ الذي يدعها تتخلى عن أناقتها ، رفـعتّ حقيبتها و اتجـهتّ إلى تلكّ السيارةّ التي خرجّ
من متنها آرثرّ برفقته أوسكار يحـملانّ بضعة أوراقّ و معهما محـاميين وقفتّ أمامهم عندماّ نظر إليها آرثر بطرف عينه ، فقالت بنبرةّ هادئةّ و
هي تكتف ذراعيهاّ
ـ آرثر .. لدي رسـالةّ لك من والدي ،
رمقها بـبرود متجاهلا إياها و هوّ يمر من جانبها بينما ابتسم أوسكار بخفةّ لطالما نالت كلير إعجـابه فهي تنفذّ الأمور بطريقتها الخاصةّ و لديهاّ
مبدأها الخاصّ أيضاّ فلا أحد يستطيع ثنيها عنّ هدفها على عكس أخيها تماماّ الذيّ ينساقّ خلف المـالّ و الانتقامّ ، تـنهدتّ كلير بضجر و تـقدمت
مجددا إليه لتقفّ في طريقهما تـحدثت بنبرةّ باردة
ـ والدنا الـرجل المدعو بروي غـلوري إن كنت تعـرفه يقـول إن لم تتنـازل عن القـضيةّ فورا فـأنا سوف أحرمك من جميـع ميراثي و سوف أقف
كشاهد عيان على المنـصةّ لأخبر القاضي بنفسيّ عن هذه المهزلة التي تقـام ..
اتسعت عينيه بـدهشةّ حينما أشـارتّ كلير برأسها إلى جـهةّ المقـابلةّ قد كان والدهما روي غـلوري يقف ببـرود يحمل بين يديه ملفاتّ عديدة و
بـرفقته كل من ويليام و فـلوراّ كما أنه محـاط بسكرتيره الخاصّ و حارسه أيضاّ بجـانبه والدتهما التي بالرغم من أنها تـرفضّ ما يقـوم به زوجها
و تـرفضّ ما يـقوم بها ابنها أيضاّ غير أنها لن تستطع التـدخل فهذه المرة آرثر تخطى حدوده فعلاّ و لا شيء تستطيع قوله قد يعدل من قرار زوجها ،
تـحدثت كلير بنبرة متهكمة
ـ لا تـهزأ بنا آرثر فـلا أحد يعرف جميـع أسرارك كمـا نعلم نحن عـائلتك ،
ضحكّ أوسكار بخـفة مصفقا لكلير لكي تستدير نحوه بدهشةّ بينما عـاد هوّ بضعة خـطواتّ للخلف كيّ يستند على السيارةّ فّي حين ظهرت الصدمةّ
على وجه آرثر إنه يفعل كل هذا من أجل استعادةّ أملاكه فحتى الآن بعد مرور كل شيءّ لم يـعطه والده أمواله و لم يستعد بعد منصبه أيضاّ زمّ
شفتيه قد ظهر عليه الترددّ سرعانّ ما اختفى ذلكّ من على ملامحه و هو يقول بنبرةّ حادة
ـ ما الذي تقولينه ؟ إنها فـلورا السببّ خلف كل ما حدثّ هي من جعلتني على هذه الحالّ أو تردون مني التخليّ عن انتقامي بعدما صار
كل شيء بمتناول يدي ؟
رفعتّ كتفيهاّ دلالةّ على عدم اهتمامها لا شيء يقوله سوف يغير قرار والدها و لا من رأيها أيضاّ فتقدم منهما والدهما بـخطواتّ بطيئةّ خلفه كل
من فلوراّ و ويليام كذلك والدتهما ، قـالتّ كلير بنبرةّ باردة
ـ تـخلى عن ذلكّ آرثر .. فـأنت قد خسرت مسبقـا ،
حينما وصلّ روي إليهما رفـع يده و قـامّ بصفع ابنه بكل قـوةّ بالرغم من صلابته وّ قوته إلاّ أن دمعةّ وحيدةّ قد سرت على خده كان يستمر بـتركّ
آرثر يستمر بإخباره نفسه أن كل شيءّ سوف يكون على ما يرامّ و أن ابنه بكل تأكيد سوفّ يعود إلى صوابه لكن هاهو الآن يزداد اعتزازا بنفسهّ
و فـخراّ بأفعاله ، قال بغضب مكتـومّ
ـ لم أعتـقد أنني فيّ يوم ما سأكون محرجا إلى هـذه الدرجةّ و متأسفاّ نادما لأنك ابني ..
لم يقل آرثر شيئاّ بل اكتفى بالتزام الصمتّ أمام والده خصوصا و أنه رأى لأول مرةّ مدى ضعف روي بينما استمرت ألكيسي بالبكاءّ و هي تضعّ
يديها على وجهها حينماّ تقدم ويليامّ منه وضع ورقةّ ما أمامه قائلاّ بنبرةّ باردةّ
ـ كانتّ أوراق الـملكيةّ بأكملها مـزيفةّ و قد استطاعّ المحامي أخيراّ التوصلّ إلى الخطأ الذي يثبت بكونها مزورة لذلكّ توقيع فلورا و كذلكّ توقيعكّ
إن صحّ القـول فـلاّ توجد أهميةّ لهما ،
نـظرّ إليه آرثر بـحقدّ شديد فيّ حين ابتسم ويليامّ بلطف و هو يعطيّ الورقةّ للمحاميّ الذيّ بجانبه كان كل شيء يسيرّ تماما كما يريدانّ كمّ كان
الأمرّ صعباّ في البدايةّ لصعوبةّ معرفةّ الأوراقّ المزورةّ لكنّ كل شيءّ على ما يرامّ ليس تماماّ .. بالأحرى ليسّ كليا ، حينما تحدثتّ فلورا بنبرةّ هادئةّ
ـ سوف أخبر القاضيّ عن كل شيء و الشيك الذي قدمته لي سوف تستعيده فأنا لمّ أقم أبدا بإنفاق أموالك ، أعلم أننا قد نقعّ في ورطـةّ ما إن تعلم
الشرطةّ بكون الأوراق التي جلبتها أنت مزيفةّ لكن يمكننا تلفيقّ الأمر ببساطةّ فقطّ استمع إلى ما يقوله عمي روي و دعنا نبدأ صفحةّ جديدةّ من فضلك
كتم آرثر غيظه أيّ بداية جديدة تتحدثّ عنها هيّ ؟ فيّ حين تقدم محاميه الخاصّ لكي يتحدثّ مع محامي فلوراّ على إنفراد بمبعدةّ عنهم لتوصل
إلى اتفاقيةّ تجعل موكليهما يمرّان بسلام دون خسائرّ من هذه القضية ، استـدار آرثر للخلفّ لكيّ يستنجدّ بأوسكارّ لكن الأخيرّ ابتسمّ ببطءّ قائلاّ بخفةّ
ـ لا أعتقد أن ديميتري سوفّ يباليّ بما يحدثّ معكما بعد الآن و الأفضلّ لك أن تستمع لما تقوله ،
قالّ ذلك بكلّ خفة قدّ ضحكّ لما وقعت أنظاره على ويليامّ الذي بادره بنظرات مستغـربةّ فيّ حين وجدّ آرثر نفسه محاصراّ فبدون دعمّ ديميتريّ
لن ينجحّ أبدا فيّ مسعاه كما و إن استمرّ فيّ هذه القضيةّ قد يجد نفسهّ محاط بخسائرّ عديدةّ كخسارةّ ممتلكاته وّ ثروته أيضاّ .. عائلته لكنه لا يقوى
على الاستسلامّ الآنّ إنه لا يريد ذلكّ ليس بهذه السهولةّ تنهدّ ويليام بنوعّ من الانزعاج و هو يتقدم نحوه مبتسماّ
ـ من الأفضل لنـا أن نـحل الأمور بطريقـةّ سلمية فذلك أفضل للجميع كمـا ترىّ لذلك تنـازل عن القضيةّ آرثر ..
لم يكن يرغب في الاستماعّ إلى كلام ويليام بعد الآن فبالرغم من ابتسامته الـمرحةّ اللطيفةّ إلا أن نظراته لمّ تكن بنفسّ ذلك اللطفّ لمّ يكن يطلب منه
بل بالأحرى يأمره ليس كما لو كـأنه يملك خياراّ آخر ، تـبا حتىّ لو أنه استمرّ فسوف يخسر ممتلكاته تنهد بقلةّ حيلة يحك جبينه لا أحد يضمن له
أن ديميتري سوف يبقى يسانده للأبد و يمده بالمالّ متى ما أراد ذلك إنه رجل مزاجي يتبع مصلحته الخاصةّ فقطّ و مليءّ بالخبث و المكرّ الوثوق
بديميتري كرميّ نفسك بالهاويةّ فعـاد ينظر آرثر ناحيةّ أوسكارّ الذيّ تـحدث بنبرةّ هادئةّ
ـ ديميتري لم يعد مهتماّ بما يحدث معـك ، لذلك يمكنك أن تفعل ما تشـاء
قالّ ذلك بكل بساطةّ فعلا فـديميتري لم يعد يهتم بما يفعله هو أو تـفعله إليزابيث كل ما يريده الآن هو الانتقام فقطّ من نايت مبـاشرةّ و بدون طرقّ
ملتويةّ دون أن يسلب أصدقائهّ أو يبعد من حوله لقدّ تغيرت طريقته و وسيلته أيضاّ بعد حـادثةّ حفلةّ نجاح إليزابيثّ و آرثر يدركّ ذلك دون أن يخبره
آوسكار فهو يعلمّ جيدا بـأن ديميتري لم يعد يهتمّ هـدفه فقطّ هو نايتّ و لا أحد غـيره فـعادّ ينظر إلى والده الذيّ بدى متألما لكن و فيّ آن واحد غاضبا
لكن يتحدث بنبرةّ باردةّ
ـ سـأرى ما يمكنني فعـله ..
تـحدثّ بنبرةّ مقتضبةّ مختصرةّ و حادةّ أيضا إنه لا يرغب بذوقّ طعم الخسارةّ مجددا ليسّ أمام الخصم نفسه على الأقل فنظرّ بطرف عينه إلى فـلوراّ
كانت هادئةّ تبادرهّ بنـظراتّ باردةّ كما لو كـأن الأمرّ لا يعنيها قدّ تركتّ كل شيءّ لويليام و محامي ، عض شفته السفلى بقهر واضحّ لماذا يضطر إلى
الاستجابةّ لأوامرهم ؟ مـر بجانب كليرّ متجها إلى محاميه الخاصّ قائلاّ بنغمةّ صوت منخفضةّ هامسةّ حادةّ
ـ لن أسـامحك أبدا كليرّ ثق بكلماتي هذّه و خذيها كوعد مني
رفـعّت كلير حاجبها و لم تقل له شيئا بل ابتسمتّ بخفة حسناّ هو لن يتخلى عن انتقامه دون أن يجد هدف آخر و يبدوا أنّ هدفه الـجديد هو أختـه
نفسهاّ التي لطالما ساندته فيّ كل طريقّ آخذه ، كانتّ تنظر إليه بهدوءّ بينما يرمقها هوّ بقهر و كره شديدّ كم بدى الموقفّ مؤلما لها لكنها ابتسمتّ
ببطءّ تفضل أن يركزّ حقده عليها ربما ذلكّ للأفضلّ ..
فـاتجه ويليام أيضاّ نحو المحامين برفقـة رويّ و آرثر للوصول إلى اتفاقيةّ سليمةّ تقيهم كلّ هذّه المشاكلّ بينما حاولتّ والدتهما التخفيفّ من وطأة
الوضع و شدتهّ عـبرّ تهدئة كليهما فيّ حين رفعتّ كلير حقيبتهاّ إلى ذراعها جيدا مغـادرةّ المكانّ بخطواتّ سريعةّ عندما استوقفتهاّ فـلوراّ فجـأة
ممسكةّ إياهاّ من معصمهاّ فاستدارتّ كلير نحوهاّ متسائلةّ لما تحدثت فلوراّ بإحراج
ـ أنـا أشـكركّ على ما فـعلته لقدّ ساعدتنا كثيراّ و لاّ أعلم كيفّ أرد هذا الدين لك ..
نـظرتّ إليها كلير لولهة من الزمنّ لقد سمعتّ بأن لدى ويليام حبيبة الآن و بلا شكّ هي فلورا تلك الفتاةّ التي لطالماّ .. تنهدتّ كليرّ بتعب ثمّ رسمت
ابتسـامةّ خفيفةّ جدا على شفتيهاّ ، قـالتّ بهدوء
ـ لست مـدينة لي فـأنا بالكاد فـعلتّ أي شيء يذكر كل ما قمـتّ به هو قول الـحقيقةّ لا غـير ..
لم تعلم فـلوراّ ما الطـريقة المناسبةّ لشكرها قد فاقها خـجلها هذه المرةّ كم نـدمتّ لأنها لم تعطي كلير فرصةّ ثـانية و رفضتّ أن تدعها تقتربّ من ماري
كم كانتّ غـبية لأنها لم تستطعّ رؤية ذلك الندم فيّ عينيها وّ رغبتها فيّ البدء من جديدّ فـهزتّ فلورا رأسها نفياّ بشدة و هي تتـحدثّ بنبرةّ مصرةّ
ـ لا أنـت فعلت أكثر من ذلكّ لقد أنقذتني و أنـا مدينةّ لك ..
رفعت كلير يدها و نـزعتّ قبضةّ فلورا الملتفةّ حول معصمها كانتّ ملامحها هادئةّ للغايةّ ابتسـمت بـخفة تعلم كم أن هـذا صعب لفلورا لا بل هو
شديد الصعوبةّ فيّ النهاية تلك الفتاة الصبيانيةّ قد تغيرت كثيـرا أيعود ذلك لويليام ؟ ربما .. أجابتها كلير بضحـكةّ
ـ أرجوك ، كل ما فعلته هو فتّح فمي هـذا و بتهور قمتّ بفضح كل شيء لذلك لست ملزمةّ بشكري أو رد الدين لقد فعلت ما وجدته صائبا و منـاسبا
لا أكثر و لا أقل ..
بادرتها فلورا بابتسـامةّ واسعة شاكرة بينما ألقت كلير عليها تـحية الوداع و هي تغـادر المبنى في حين تنهد أوسكار بضجرّ و جذبّ مفاتيح سيارته
من جيب معـطفه مغادرا هو الآخر بدوره لم يعد يوجد أي سبب يبقيـه هنا على أيّ حال ، فتح الـباب و جلسّ خلف المقود إنه يشعر بالـراحةّ لكونه لم
يعد مطالبا بمراقبةّ آرثر بعد الآن كم كان التخلصّ منه مريحا للأعصاب ..
/
غـرفة سـوداء مـظلمة ذات أرضيـة باردة بالكاد تحتوي على أي أشعة لشمس كانت تـجلسّ فيها ماري على الأريـكة مغـلقة عينيها بدت كما لو أنها
قد خلدت إلى النوم هذا ما يبدوا لأي أحد ينظر إليها إلا أنها كانت تـحاول الحصول على قسط من الـراحةّ ذهنها مشوش تـماما و صـدرها يكاد يقفز
من مكانه لا تدري لما أكان الـمرض في تـطور و هي لم تلحـظه ؟ رفـعت ذراعها و وضعتها على ظهر الأريكة لكي تعتدل في جلستها لم يكن عليها
تأجيل الأمر فـهذا ما أدى لموت والدها هـي تـدرك ذلك لكنها لم تقوى على تركهم ..
يوجد ورم سرطاني نـعم لقد كانت تـدرك هـذا منذ أن أتت من باريس قد كان كل شيء واضحّ فتلك التغيرات التي حـدثت و لا تـزال تحدث على مستوى
جسدها بأكمله لم ليكن بمقدورها تجاهلها ، أحلامها بل كوابيسها التي أخذت تـراودها عن والدها جوناثان و كل شيء كان يحدثّ .. أدركت أنها مصابةّ
بهـذا المرض و لا مجال للفرار ربما لن تـنجوا ففرصةّ نجاتها قـليلةّ للغاية و هي تـدرك هذه الاحتماليةّ أيضا أو لم يتوفى والدها من جراءّ هذا المرض ؟
لكن حتى و هي تعـلم كل هـذا غـير أنها لم تستطعّ تـرك كل شيء خلفها و الـرحيلّ للأبد تـماما كما فعلت سيليا ..
طرقت سـوزي الباب فـأجابتها ماريّ بـأن تـدخل لكي تفعل ذلك بصحبتها ذلك الشخص الذي أراد مقابلتها نـظرتّ ماري نحو القـادم بعينين هادئتين كم
بدى وجهها شاحبا جدا في هذه اللحـظةّ حينما وقعت عينيها على إليـزابيثّ التي كانت تسير ببـطءّ عندما انحنت سوزي بهدوءّ رامقة إليزابيث بكره قبل
أن تغادر الغـرفةّ مغلقة الباب خلفها فـاعتدلت ماري في جلستها لكي تسند ظهرها على الأريكةّ قد رسمت ابتسـامةّ خفيفة للغايةّ على شفتيها قائلةّ
ـ يـال العـجب .. إليـزابيث بنفسها تأتي لرؤيتي ياله من شـرفّ
كانت نـظراتّ إليزابيث لها غـريبةّ بدت على غير عـادتها حينما اقتربتّ من ماري بدت منهارةّ بالكاد تستطيع السير عينيها متورمتين من البكاءّ طوال
الليل و جسدها بأكمله يرتجفّ كما لم يسبق له أن فعل الخـوفّ قد تسلل إلى قلبها فكيانها و لم يعد بمقدرتها التحمل بعد الآن ، أمسكت بيد ماري
و قالت بنبرةّ مرتجفةّ مرتبـكةّ
ـ ماري أرجوك .. أعـلم أنني ارتكبت الـكثير من الأخطاء و سلكت طريقـا مليئة بالخـطيئةّ لكن من بين الكل أنت تـدركين ما الذي تقدم عليه الـمرأة
العـاشقةّ ، تعلمين كم ترتكب المرأة العاشقةّ من خطيئةّ لكي تصل إلى محبوبها .. أنـا لست
تـوقفت عن الكلام محاولة أن تستجمع شجاعتها و كم كانت تريد أن توقف سيل هذه الدموع على وجنتيها إن الأمر صعب عليها بل شديد الصـعوبةّ
بالكاد تستطيع الـحديثّ فـأخذتّ تـبكي بصوت مسموعّ قائلةّ بنبرةّ محـطمةّ
ـ أنـا أحببته فقطّ أردته أن ينظر نحوي مجددا لتحقيق هدفي استخدمت جميـعّ الوسائل ، ماري كلانا أحببناه بقـوةّ فعلنا المستحيل لأجله و تخلينا عن
كل شيء لأجله لكن لم ننل أبدا حبـه إنه هو الخطيئةّ بنفسها ،
وقفت إليزابيثّ على قدميها تكفف دموعها بحقد ذلكّ الحب الذي كنته له هو السبب في دمارها أجل خانته و إن يكن أو لم تعـد من أجله ؟ أو لم
تترك كايل من أجله ؟ حسنا لقد سلكت طرقا مختـلفةّ و اتخذت جميع الـوسائلّ هي ليست نادمةّ على ذلكّ أكثر مما آلمها أن يتخلى عنها كل من كايل
و نايت في آن واحد .. تـحدثت إليزابيث بحدةّ
ـ هو لم يبالي بـك أيضا اعتبرك مجرد صفقة لا أكثر و لا أقل لم تـكوني أكثر من ذلك أبدا تماما كما فعل معي فهو لم ينظر نحوك أبدا إنه شيطـان
متنكر على هيئةّ إنسان يتلاعب بقـلوبنا كيفما يشاء وقتما يشاءّ ، أخبريني ماري أو لا يستحق العقاب ؟
ابتسـمت إليزابيثّ بخبثّ كعادتها و هي تقترب من ماري الصـامتةّ طوال تلكّ المدة أمسكت بكتفيها ثمّ نـظرت نحوها بتصميم شديدّ و رغبة في الانتقام
لم يسبق لها أبدا أن رأتها قبل أن تتحدث بـمكر
ـ دعينا ننـتقم منه مـعا، أنـا و أنت .. انضمي إلي مـاري
رمقتها ماري بـحيرة ربما قد خانتها أذنها الآن ربما لم تسمع جيدا لكن أقالت إليزابيث توا أن ينتقما من نايت ؟ أو لم تـخبرها توا أنها تحبه ؟ لم
تستطعّ فهم طريقة تفكيرها على الإطلاقّ فتنهدت بـقلةّ حيلة و هي تـنظرّ إلى إليزابيث كانت ملامحها شاحبةّ و هادئةّ أيضا ، أجابتها
ـ أنت مخـطئةّ .. حول كل شيء
نـظرتّ إليها إليزابيثّ بنوع من العصبيةّ و ابتعدت عنها قليلاّ لكي تقف على مبعدةّ بضعةّ خطوات منها كم كان وجهها محتقن مليئاّ بالغضب هدوء
ماري يزعجها و يجعلها تفقد صوابها أكثر فـأكثرّ لم تكن لتتخيل أبدا أن هذه ستكون ردةّ فعلها لكن و ما الذي تتوقعه من ماري بعد كل شيء ؟ لطالما
كانتا عدوتين و لن يكون سهلاّ أبدا إقناعها فيّ حين أكملت ماري حديثها بهدوء
ـ أنت لم تحـبي نايت مـطلقا و لا كايل لا ديميتري أو أي رجل آخر كل مـا تريدينه هو التلاعب بهم فقط ، أجل كلتانا قد رفضتا من قبلّ نايت كـلماته كانت
سيئةّ جدا لدرجةّ أنها لا تزال تـرن فيّ أذني كلما حاولت الاعتراف له مجددا ، إنـه بـارد ارستقراطي مليء بالعـجرفةّ و الغرور لكنه ليس سيئا هو ليس
بالرجل السيئ أنت تعـلمين هذا ..
لم تستطعّ إليزابيث أن تحتمل الحديثّ معها لم تكن لتظن أن ماري ستقف في صفه ، تماما كما أخبرها ديميتري سابقا ماري مخلـصة بالرغم من أنه
مجرد عقد عمل مع نايت و مجرد مسرحيةّ إلا أنها بقيت مخلصةّ له حتى برفضه لمشاعرها و بتحطيمها ، كتمت غيظها و ردت بحدةّ
ـ هلا استيقظت من أحلامك الوردية ؟ أتظنين أن نايت سوف ينظر إليك فقط لأ ..
وقفت ماري بـهدوء و سارت نحوها بخطـواتّ بطيئةّ كانت مبتسمةّ بخفـةّ و مرح غيرّ أن نظرتها باردةّ و ساكنةّ إلى حين وقوفها أمام إليزابيثّ نـظرت
نحوها و تحدثت بنبرةّ جادةّ
ـ أعـلم أنه لن يفعل هذا لا يعني أن أنتـقم منه فـ ..
توقفت عن الكلام فجـأةّ كانت ملامحها الهادئةّ قد اختفت لتظهر عليها صفة الألم ابتعدتّ للخلف محاولةّ الحفاظ على توازنهاّ قبل أن تستديرّ معطية
إليزابيثّ ظهرها تـمسكتّ بالمنضدةّ التي أمامها ثمّ تـحدثتّ بنبرةّ مـرتجفةّ مبحوحةّ
ـ إن كنتّ تـردين إقناعي فقد تأخر الوقت على ذلكّ ، الـشرطةّ قـادمة إلى هنا لاعتقالكّ فقد سلم كايل كل الأدلة التي تخصك إليهم البـارحةّ و الأمر
مسـألةّ دقائقّ فقط قبل أن يعثروا عليك ..
نـظرتّ إليها إليزابيثّ بدهشة واضحةّ و صدمةّ في آن واحد حينها فتحّ باب الغـرفةّ لكي تظهر من خلفه سوزيّ برفقتها الـشرطةّ تماما كما قالت
ماريّ إن الأمر مسـألةّ دقائقّ لم يكن بإمكانها الهربّ أو حتىّ قول أي شيء حينما وضعت الأصفاد حول يديها فأخذتّ تضحك بسخريةّ شديدةّ و هي
تنظر نحو ماري ، تحدث الضابط بنبرةّ صارمة
ـ أنت تحت رهن الاعتقال و كل ما تقولينه سوف يستعمل ضدك في المحكمة ، تستطعين توكيل محامي لكن مع الأدلة التي نملكها ضدك فلا أظن
بأنه سوف يفيدك ..
لم تقل إليزابيث أي شيء بل سارت بـرفقةّ الشرطة خارجا في حين شكر الضابط كل من سوزي و ماري على تعاونهما قبل أن يغادروا استدارت
إليزابيث للخلف بنصف دورة فقط لتنظر نحو ماريّ رفعت يديها المكللتين بالأصفاد ثمّ ألقت التـحيةّ بابتسامة ساخرةّ إذ أنها لم تندم على ما قامت به
تـحدثتّ بنبرةّ ساخرةّ شديدةّ التهكمّ
ـ كمّ أريدّ أن أرىّ إلىّ أين سوفّ يوصلكّ إخلاصكّ المتفانيّ هـذاّ ..
و كمّ كان وجههاّ فيّ تلك اللحظةّ خالياّ منّ أيّ تعبيرّ لندمّ أو أسى مقتنعةّ بأن ما فعلته هوّ عين الصوابّ نفسهّ ربماّ لأن ضميرهاّ لم يعد يعلمّ منذّ
زمنّ فلمّ تستطعّ أن تفرقّ بينّ الخطأ و الصوابّ هذا ما عنته ابتسامتها و نظراتها الباردة المتهكمةّ بينما و حالما اختفت إليزابيث من أنظارهما
تنهدت سوزي بكره شديد ثم تقدمت للأمام قائلةّ بحدة
ـ لم يسبق لي أن رأيت إمرأة سـافلة مثلها .. كم أتمنى قتلها ،
أومـأت ماري بالإيجاب مستـغربةّ من ردة فعل إليزابيثّ كما لو أنها لا تواجه عقـوبة الإعدام أو ربما السجن الأبدي أي قوة تملكها تلك المرأة و
أي ضمير لديها ؟ لكن لم ترد أن تفكر في الأمر أكثر فـوقفت و جذبت معـطفها من الأريكة لتـرتديه كانت هـادئةّ للغاية بملامح شـاحبةّ ، تحدثت
سوزي بخفةّ بعدما هزت كتفيها
ـ سوف تنال ما تستحقه هـذا أكيد .. لن تستطيع التـملص من جرائمها هذه المرةّ
ابتسمت ماري و لم تقل شيئـا بالطبع فجرائم إليزابيثّ كثيرة و الأدلة التي جمعها كل من كايل و نايت ضدها كفيلةّ بسجنها مدى الحياةّ ، هـزتّ رأسها
محاولة التـركيز عندما تـقدمت منها سوزي كنتا تسيران بخـطواتّ بطيئة نوعاّ ما فتـحدثت ماريّ بنبرة مبحوحةّ
ـ سوزي .. دعينا نسرع قـليلا أريد أن أرى نايت قبل أن يبدأ الاجتماع
هـزتّ سوزي رأسها إيجابا و تقـدمتّ بخطوات مسرعةّ إلى الأمام فـنظرتّ إليها ماري بهدوء ، كانت سوزي ترتدي بذلّة سوداءّ من تنوره قصيرة
و قميص أبيضّ مع سترةّ تضع سماعاتّ أذن و وسط خصرها الذي زين بحزام أسود يوجد مسدس خصلات شعرها الأشقر مرفوعة للأعلى بدت
مستعدةّ لكل شيءّ حينما بدتّ لها الـرؤية مشوشةّ قليلاّ انزعجت من نفسها إذ أنها تناولت الدواءّ لكن لم يعد ينفعّ بعد الآن و لا تستطيعّ الاعتـماد
علىّ أي أحد فتنهدتّ بقلة حيلةّ ..
نـزلتا من المصـعد ثمّ اتجهتا إلى تـلكّ السيارةّ الزرقاء المـركونةّ خارجا ضغطتّ سوزي على المفتاحّ لكيّ تفتح الباب لماري التي ابتسمتّ بخفةّ
شاكرةّ إياها على لطفها بينما جلستّ هي خلف المقود و قد أشارتّ للحـراسّ بأن يتبعوهما إذ أن هـذا الحدث هائلّ و لا يجب أن يتركوا أي شيء يعرقل
حدوثه إذ لا يجب عليهم أن ينسوا وجود ديميتريّ أو أتبـاعه ..
/ |