12-28-2015, 09:31 PM
|
|
الفصل الأول تقدمت من على فرسها بين جموع الرجال تنتظر متى يأتي دورها في هذه الجولة؟ أخذت تربت على عنق فرسها جولا ري ثم قالت "لا تخافي يا صغيرتي ستفوزين إهدائي فقط " قال والدها الواقف بجوارها "أرى أنك واثقة من ذلك يا كاثي فأرجوا ألا تنزعجي يا عزيزتي إذا لم تفوزي فأنا اعرف كم انت طموحة و مجدة لكن لا تنسي أنها المرة الأولى لك في سباق كهذا و كما أن هناك فرسان معروفون بتفوقهم في الفروسية وخبرتهم بالخيل ممتازة تفوق خبرتك يا أبنتي!" "حسناً وأنا هنا لأريهم أنهم ليسوا على مستوى جيد واني أنا الفتاة المبتدئة سأفوز عليهم" " ألا تظنين أن هذا نوع من الغرور؟! ثم أنتِ قلتها فتاة مبتدئة! لم تشارك فتاة في سباق كهذا في الريف سواكِ لا اعرف كيف أقنعتني بأن ادخل اسمك مع المتسابقين؟ أتعرفين لقد رفضت لجنة السباق في البداية ذلك لكن تحت إلحاحي عليهم وافقوا " قالت وهي تنظر أمامها بضيق " لن تندم سأرفع راسك عاليا ثق بي" هز والدها رأسه وقال "المشكلة انك تقللين من شأن الفرسان يا بنتي وهذه ليست من قواعد التحدي وأخشى أن تصيبك حالة من الجنون لو خسرتِ! إنك لم ترى بقية المشتركين حتى الآن فأنتِ لم ترى سوى المبتدئين أمثالك أما الآخرون المعروفون كل عام لم يحن دورهم بعد وأنتي لا تعرفين قدرتهم" قالت بانزعاج واضح "أبى أبي!؟.... أنت تقلل من شأني!... لماذا؟؟... هل لأني فتاة؟ أم لأنها المرة الأولى لي؟ " مازحها قائلا "لا تغضبي منى لكنى أراك طموحة بما يكفي لهذا الطموح أن يحطمك عندما ترين الواقع وعندها سأخسر مبالغ طائلة في العيادات النفسية لأجلك" " أتسخر منى؟ " " أبدا ولكنى أحذرك إن السيد روبرتسون يفوز بالمركز الأول كل عام والسيد نيكولاس بالمركز الثاني أما الثالث فهو نزع بين السيد غريتس و السيد ادمنور وان فزت على احد اليوم فلن تفوزي على هؤلاء الأقوياء" "شكرا على تحذيرك ولا تخف عليّ فأنا ابنة توماس ألبرت....." وفجأة يُنادى أسمها ويقطع الحوار بينهما "و الآن ولأول مرة الآنسة كاثرن ألبرت في جولتها الأولى لهذه المسابقة" "أتمنى لك التوفيق يا عزيزتي" "هيا يا جولاري فلنريهم من نحن " مشت بفرسها منتصبة في جلستها تلبس بذلة مخملية سوداء ناعمة توضح بياض بشرتها وصفائها و بنطال ابيض مع حذاء اسود لامع يعكس مدى اهتمامها وعنايتها و قبعة سوداء تخفي تحتها شعرها ثم انطلقت بجولاري وكلها تصميم و إرادة على الفوز وتحت نظرات الفرسان المستنكرة و صيحات الجماهير المشجعة أخذت تتنقل بجولاري وتقفز الحاجز تلو الأخر بدا وجه السيد روبرتسون يتغير شيء فشيء ويزداد تجهماً وكان بجواره احد الفرسان الذي أومأ برأسه إعجابا لكن عينا السيد روبرتسون لا تزالان تراقبانها بانتقاد جلي . قفزت جولاري أخر حاجز في الجولة بنجاح و تعال الهتاف والتصفيق فردت كاثرن عليهم بابتسامة صغيرة لكنها جميلة. لفت انتباهها وجه رجل صامت لا يتحرك منه إلا عيناه تتفحصانها والتي لمع فيهما بريق غريب ولم يفتها لغة الاحتقار التي تنطق بهما. عادت إلى مكانها و تلقاها أبوها ببهجة قائلاً "أحسنت يا كاثى أحسنت لقد قمت بعمل رائع لكن ....لا تنسي المسابقة لم تنتهي بعد " "اعلم ذلك وأنا عند قولي .... أبى من هو ذلك الرجل الذي يرتدى بذلة حمراء وبنطال اسود؟" " أين ..... آه هناك انه السيد روبرتسون اسمه مارتن ..... مارتن روبرتسون إنه شاب قوي ذو خبرة علية في الخيل وله إسطبل يضم أجود أنوع الخيول وهذا يعكس مدى اهتمامه بها وهو يسكن هنا لكنه لا يأتي إلا نادراً وطبعا موسم السباق لا يفوته" "و لماذا لا يبقى ؟ " "له بيت في لندن يذهب إليه فهو شاب غني يدير شركات ومؤسسات في مدن عدة وهذا ما يجعله يغيب كثيرا عن هذا المكان" " فهمت " "أرى في عينك نظرة غريبة أنصحك أن لا تفكري بالفوز عليه فعندما تشاهدين أدائه ستعرفين لماذا أقول ذلك " لم تجب كاثرن واكتفت بالمشاهدة فلقد جاء دوره أخيرا بدأ بقفز الحواجز والجماهير لا تكف عن الصياح والتصفير وبقيت كاثرن جامدة تنظر إلى أدائه المتميز فوق جواده العربي الأصيل. قسمات وجهه تدل على قوة شخصيته صاحب بشرة برونزية وعينان واسعتان وانف مستقيم يميل إلى الطول قليل ذقنه يشير إلى حزمه وصرامته وفي وقت تأملها أنهى جولته التي كانت نهاية الجولة الأولى بنجاح . أمضت كاثرن كل الجولات بنجاح باهر حتى أتت الجولة الأخيرة و نادى المعلق بسمها فانطلقت بحماسة وأنهت جولتها في وقت قصير دون أن تسقط حاجز واحداً وهذا ما يجعلها مؤهلة للفوز أكثر وربما بالمركز الأول. جاء بعدها دور نيكولاس الذي كان متوترا جدا جراء تقلبات مزاج حصانه المفاجئة. قفز جميع الحواجز بنجاح لكنه عند الحاجز الأخير تراجع حصانه ولم يقفز مما اضطر نيكولاس إلى التراجع والعودة مرة أخرى للقفز وهذا ما جعله يخسر بعض الوقت؟ قالت كاثرن لنفسها "هذا يجعلني من الفوز اقرب ربما سأفوز لكن بقي السيد روبرتسون" التفتت إليه فوجدته مقطب الجبين ولم يتحرك إلا حين جاء دوره فقالت "حسنا هذا هو دورك لترني ماذا ستفعل يا سيد روبرتسون ؟ " قال والدها "هل قلت شيء يا عزيزتي؟ " "لا كنت احدث نفسي فقط" "علي الاعتراف انك أبليت بلاء حسنا لم أكن اعرف أنك موهوبة! " "هذا لا يهم دعنا نرى السيد روبرتسون فهذا دوره " حينها انطلق مارتن بجواده الأسود بسرعة وبخطوات واسع ولفات قصيرة. يقفز بين الحواجز بقوة وثقة مما جعل كاثرن تفتح فمها دهشة " تبا! لقد تمكن بذلك من قفز الحواجز في وقت قصير!.....لكن كيف أمكن جواده أن يقفز بمثل هذه الرشاقة ولفاته قصيرة؟! هذا مستحيل! .... " صفق الجمهور إعجابا بما قدم ورموا بقبعاتهم وهم يحيونه بحماسة بالغة فرقص مارتن بجواد سروراً بتشجيع أبناء قريته وقد رسم على وجهه ابتسامة عريضة جذابة. قالت كاثرن بسخرية وهي تعقد ذراعيها إلى صدرها "هه! كيف له أن يتبختر فوق جواده قبل إعلان النتائج؟" جائها صوت والدها الفرح "هذا لأنه الفائز الم ترى طريقته المذهلة و أسلوبه في التحكم بالخيل؟" "عليّ الاعتراف أن جواده ممتاز" "تقصدين فارسه " " أرى انك معجب به كثير!" " حقاً! لست وحدي فهو الذي صنع ذلك لنفسه إلا ترين الجماهير تصفق له بحرارة هو بحق يثير الإعجاب" حذرت كاثرى نفسها من أن تعجب به هي الأخرى فهو يتمتع برجولة طاغية وجاذبية شديدة كما أنه يعتبر رجلاً خطيراً وليس شخص عادي. أنه فعلاً يثير الإعجاب لكن لابد أن لا يثير إعجابها هي الأخرى. مر من الوقت نصف ساعة قبل أن تعلن النتائج "سيداتي آنساتي سادتي سيتم الآن إعلان أسماء الفائزين فاز بالمركز الأول السيد مارتن روبرتسون....وعلى المركز الثاني الآنسة كاثرن ألبرت .....والمركز الثالث السيد بنغلي نيكولاس" قال والدها "تهانينا يا حبيبتي لقد فزت بالمركز الثاني" تقدم والدها يجر لجام جولاري للوقف في المكان المخصص للتكريم وهذا ما ألزم كاثرن الوقف عن يمين مارتن في حين وقف نيكولاس عن يساره. لم تكن تنظر إلى جهته إطلاق وبدل ذلك أشغلت نفسها إما مع أبيها أو بالنظر إلى لجنة التحكيم حتى قدمت الجوائز ثم ذهبت بعيدا عنهم كان نيكولاس لا يزال غاضبا من نفسه فقال مارتن " لا تحزن يا صديقي كانت هذه مفاجأة العام التي خبئت لنا " قال الأخر وقد ظهر على وجهه الغضب " كيف لفتاة أن تفوز علي؟ إن هذا أمر يثير الضجر لكن علي الاعتراف إنها كانت رائعة " " لا تنسى أن جوادك هو الذي أخرك ولم يكن هذا الأمر بيدك " " هذا لا يغير من الحقيقة شيء, لقد فازت علي فتاة جميلة " ثم مضى مبتعدا وهو حاني الرأس. التفت مارتن وحاوله المهنئون إلى الفتاة المستديرة نحو أبيها تحدثه. أمعن النظر فيها وهي تنزع قبعتها لينسدل شعرها الأحمر بلمعته النحاسية الخفيفة أسفل كتفيها بنعومة لطيفة وهي تقول " لقد قلت لك أني سأفوز ولكن في العام القادم سأفوز بالمركز الأول " لم تكن تعلم أن مارتن سمع ما قالته و الذي تجمع الدم في عروقه وضاقت عيناه وهو ينظر لها ويقول في نفسه "أي مغرورة هذه! " قال والدها " كفاك طموحاً يا صغيرتي فليس مارتن بالذي يُستهان به" " اجل لقد درست كل تحركاته وهذا ما سوف يساعدني على الفوز عليه لكني احتاج إلى قليل من التدريب " أشتعل الغضب بمارتن وقال "سأريك أيتها المغرورة المتهورة سوف أحطم كبريائك حتى تعرفي عن من تتكلمي" قال والدها "دعكي من هذا الكلام الآن علي الذهاب له لأهنئه بالفوز هيا بنا " "ماذا تريدني أن أفعل؟! اذهب معك لأهنئه! هذا مستحيل اذهب وحدك" "كما تشائين" مسحت كاثرن على عنق فرسها وهي تقول " عمل رائع كنت جميلة للغاية " اقترب السيد ألبرت من مارتن " مرحباً سيد روبرتسون تهانينا لك الفوز" " أهلا سيد ألبرت و شكرا لك" " لقد كنت رائع كعادتك أيها الشاب وخصوصا في الجولة الأخيرة" " هذا لطف منك وتهانين لك فوز ابنتك " "شكراً لك " " ولكن أين هي؟ " " آه أنها هناك عند فرسها " " الحقيقة انك فاجأتنا هذا العام كنت أتوقع مشاركتك لا أن تأتي بفتاة تنافسنا! علي الذهاب لأهنئها بالفوز " "هذا نبل منك يا مارتن ومشاركتها في السباق قصة طويلة" " أوه سيد ألبرت مضى زمن طويل قبل أن أرك " قال ذلك صديق قديم له يمشي نحوهما تبادل الرجلان الترحيب وستأذن مارتن منهما متجه نحو كاثرن التي كانت منحنية تربط حبال حذائها معطية له ظهرها " مرحبا آنسة ألبرت....تهانينا لكِ الفوز " وقفت كاثرن وأبعدت شعرها عن وجهها ملتفتة لترى من هو صاحب هذا الصوت الرجولي الخشن الثقيل رفعت رأسها لرجل طويل القامة ذو شعر كستنائي داكن وعينان رماديتان قاسيتان تنظران لها بازدراء جلي. بدت كاثرن صغيرة الحجم أمام جسمه المفتول العضلات " أهلا....شكرا لك وتهانين لك الفوز بالمركز الأول" "هذا لطف منك يا آنسة أنا ادعى مارتن ..مارتن روبرتسون" مد يده ليصافحها فصافحته وهي تقول "وانأ كاثرن ألبرت...لقد كنت رائع في السباق" "شكرا لك يشرفني أن اسمع هذا وأنت أعجبت الجمهور" "هذا أطرا لي شكرا" " لكنك في نفس الوقت أدهشته فهذه المرة الأولى التي تشارك فيها فتاة في سباق قريتنا" لم يفت كاثرن الطريقة الساخرة التي يتكلم بها فتطاير الشرر من عينيها وقالت "ماذا تقصد؟ " "لا شيء ولكنى أقول أنك مفاجئة سباق هذا العام ثم متى كانت استعداداتك لسباق فأنا اعرف سكان القرية كلهم و لست منهم وأنك لم تأتي هنا إلا قريبا .....أم أنا مخطئ يا آنسة ألبرت؟ " "لست مخطئ يا سيد فأنا لم أكن اسكن هنا أما بالنسبة لسباق فأنا لا أرى في مشاركتي ما هو غريب أو يثير الدهشة كما تقول " "حقاً؟؟ " " ماذا تريد أن تقول سيد روبرتسون" أتى السيد ألبرت وقطع حديثهما المشحون " آسف لقد تأخرت عليكما ولكنه صديق قديم لم أره منذ زمن بعيد فأخذنا الحديث ولم نشعر" قال مارتن "لا عليك يا سيد ألبرت ولكن لا تنسى أن تحضر الاحتفال غدا" قالت كاثرن بهمس "احتفال" قال والدها " اجل انه احتفال يقيمه السيد روبرتسون لفوزه بالسباق" قال مارتن "وأنتِ مدعوة كذالك آنسة ألبرت أتمنى أن تحضري" ردت عليه بلامبالاة واضحة "في الحقيقة أنا لا أعدك فلست واثقة ما إذا كنت استطيع لكنى سأحول" نظر أليها مارتن بعد أن ارتسمت على شفتيه ابتسامة تحد كريهة ثم قال "حسناً علي الذهاب الآن سررت بمعرفتك آنسة ألبرت" قالت بامتعاض "وأنا كذالك سيد روبرتسون" لاحظ ذلك والدها فقال ملاطفا " يسرنا قبول دعوتك إلى اللقاء ً" واخذ توماس ابنته قبل أن تقول كلمة أخرى بينما ظل مارتن ينظر إليهما حتى اختفيا قبل آن يتجه إلى زملائه ويغرق في حديثه معهم شارد الذهن . |