12-28-2015, 09:34 PM
|
|
الفصل الثاني فتح توماس الباب و أضاء النور ودخل ليشعل نار المدفئة أغلقت كاثرن الباب ونظرت إلى والدها " أبي لما لا تقل شيئاً ....لقد أمضيت الطريق كله صامتاًً" لم يجبها والدها " آه......هيا يا أبي اعلم انك غاضب مني " قال والدها وهو يقف عند المدفئة " أتريدين قهوة يا آنسة ألبرت؟ " "أنا سأحضرها دعك منها الآن وقل لي ....آه أبي انظر إلي أنا أكلمك" "حسناً أجلسي يا كاثي ودعينا نتكلم فيما فعلت اليوم مع السيد روبرتسون " جلست بجوار والدها على أريكة مخملية حمراء اللون "أنا لا أعرف لماذا تتكلم عنه و كأنة بطل ؟!... لماذا تهتم به؟ " " أنا لست أحدثك عنه أنا أتحدث معك عن طريقتك معه أو حتى مع غيره لا أريد أن يتكلم عنك احد بسوء يا كاثي وكونه فاز عليك لا يعنى هذا أن تعامليه بجفاء." "أبى أنا لم أعامله هكذا لأنه فاز علي وهذا ليس من طبعي و إن كنت لا أحب الهزيمة لكني رأيت في عينيه شيء من السخرية والاحتقار هذا المساء وهذا ما جعلني أغضب و أعامله بتلك الطريقة" "ولكن هذا لا يبرر أن تقللي من أدبك معه ثم إن السيد روبرتسون يستحيل أن يفعل ما قلته! انه شاب محترم " "ماذا؟ أتقف معه ...أقول لك انه سخر منى وتقول شاب مهذب أبي" "كفى يا عزيزتي أنت مدللة وحساسة وتفسرين كل أمر حسب هواك وما تخالج في نفسك من أفكار المهم أريد منك أن لا تكرري هذا الفعل مع السيد روبرتسون أو غيره سواء سخر منك أو لا ...." عندما رأى تضايقها قال " اسمعي يا حبيبتي إن سخر منك أي إنسان أو استهزئ بك هل يستحق أن تعيره اهتمامك سيكون الأجدر بك يا أبنت توماس أن لا تنزلي إلى مستواه و أن تبقي في عليائك وعلى ما تربيت عليه من والدك يا آنسة ألبرت" " آه ....حسناً يا أبي أنا آسفة ....هل تسامحني الآن" "أجل وهل يمكنني أن أغضب من قلبي " قبلت كاثرن جبين أبيها وقالت "سأذهب لأحضر القهوة انتظرني" ذهبت إلى المطبخ وحضرت القهوة و وضعتها في صينية مع فنجانين و وأرفقته بطبق من بسكويت الشكولاتة ثم عادت إلى غرفة الجلوس و رأت والدها منهمكاً يكتب في ورقة صغيرة وضعت ما في يدها على الطاولة وسكبت لوالدها فنجان القهوة "تفضل يا أبي " "شكرا" "هل تريد بسكويت" "لا... سأكتفي بالقهوة يا صغيرتي" أخذت فنجانها وقربت الطبق منها وجلست بجانبه " قل لي ماذا تكتب؟ " " أدوات أريد شرائها من سوق القرية غداً صباحا " "هل لي أن أعرف ما هي؟ أم أن هذا سر" "بطبع يمكنك إنها مواد طلاء فكرت في أن نعيد طلاء البيت وكذلك مواد غذائية و مواد طبية للخيول و....." "حسنا كفى لا تكمل ظننت أنها أدوات لتقيم لي حفلا بمناسبة قدومي وفوزي أيضا ولكن يبدو أني مخطئة" ضحك ولدها "بطبع سأقيم حفلا لقدومك فأهل القرية لم يعرفوك وقد تفاجئوا عندما رأوك في السباق وعرفوا انك ابنتي وسأدعو الجميع للاحتفال بمناسبة قدومك وتخرجك من الجامعة والفوز أيضا ومن يدري قد يكون لديك صديقات جدد هل أنت راضية الآن" "كنت أمازحك يا أبي ولكنى حقاً أريد أن اعرف القرية وساكنيها " "يمكنك هذا عندما تحضرين الاحتفال غداً سترين معظمهم " كادت أن تسقط القهوة من يدها فأخر شيء تتمناه هو أن ترى ذلك الكريه مرة أخرى " ماذا؟... " نظر إليها والدها وكأنه شعر بشيء غريب "أخبريني هل ستحضرين احتفال السيد روبرتسون" " لا...شكراً لك أفضل البقاء على أن اذهب وأرتكب غلطة أخرى ثم أبقى أنا للمحاكمة بينما السيد ينعم بغروره" "ولكنك تعلمين أن بقائك وحدك في مكان منعزل...." قاطعته "أبي سأكون بخير يمكنك أن تذهب لا تقلق علي ثم أن سائس الخيل بيتر سيكون هنا لحراسة المكان ولن يذهب للاحتفال" قال والدها ممازحاً مع انه يثق في بيتر "ماذا لو أمسكك رهينة وطلب مني مبلغاً من المال وقتها ماذا سوف نفعل؟" " لا تقلق استطيع الاعتناء بنفسي أم تراك نسيت أني أبنتك لا تقلق" "أجل بعد الذي عملته مع ذاك الطالب المسكين في الجامعة قبل تخرجك بسنة ليس علي أن أقلق أبدا" أرادت أن تمتنع عن الضحك لكنها لم تستطع فانفجرت ضاحكة "هل لا زلت تذكر هذا الحادث ؟ " "أجل بالتأكيد وكيف لي أن أنسى؟ لقد أصبت ذلك المسكين بفتحة في الرأس وثلاثة كسور و كدمات عديدة في جسده وأدخل المستشفى مغمى علية من الضرب ليتلقى العلاج" "كان يستحق ذلك لو أنه لم يعترض طريقي ويمد يده ويمسكني لما حصل ذلك له ولكنه ظن أني فتاة ضعيفة لن تستطيع مواجهته" " أجل ولو أنه علم أنك أخذت الحزام الأسود وتتسلحين بتلك العصاتان المتصلتان بسلسلة بينهما لفر هارباً عند سماع صوتك" "على كل حال لقد نال جزائه ثم لا تذكرني بهذا الطالب أشعر بالأسى عليه أتعلم.. أني نادمه على ما فعلته به ولكن كنت ذلك اليوم غاضبة وأتى هذا الفتى آه لننسى الآمر أريدك غدا صباحا أن تعلمني على القتال بالسيف" نظر إليها والدها بدهشة وهو يرفع حاجبيه استنكاراً "لماذا...ألا تلاحظين أن اهتماماتك مثل اهتمامات الشباب؟ " "آه لا إنما هي هوايات وأنا أحب السيف والخيل والكريتية لكن لا أعرف لماذا الناس الذين سبقونا يقصرون كل شيء للشباب دون الفتيات؟ المهم أني أريد غدا أن نتقاتل بالسيف أم أنك خائف من مواجهتي" "أبدا ولكن ربما نسيت أنني مدرب وأستاذ في نادي ألبرت للقتال بالسيف" "أتعرف يا أبي أني فخورة بهذا النادي الذي بنيته لقد خرج شباب قادرين على التعامل مع السيف بمهارة ولا يهزمون غالباً في سابقات الأندية" "هذا شرف لي يا كاثي لطالما أحببت السيف لقد عارضتني أمك بشدة عند بناء النادي" وقفت كاثرن وبيدها فنجان القهوة و اتجهت نحو المدفأة لتقف أمامها وتتأملها النار شاردة الذهن . نظر إليها والدها و ضوء اللهب يتراقص على وجهها لحظة صمت مرة لا يسمع فيها غير حسيس الحطب المشتعل ثم التفتت إليه "أبي .....بنسبة لأمي ألا تنوى أن تعيدها لنا؟ " قام والدها بقامته الطويلة وجسده الرياضي لم يكن كبيرا جدا فهو لا يزال في السابعة والأربعين من العمر تزوج من أمها "أليفيا"في سن مبكر ولم ينجبا إلا كاثرن التي تبلغ الآن الرابعة والعشرون من العمر تقدم نحوها وضعاً يديه على كتفيها "كاثي أنتِ تعلمين أنها هي التي تركتني وليس أنا " قالت وفي عينيها نظرة استعطاف "أعرف يا أبي لكنها لازالت تحبك وأنا واثقة من هذا وأنت أيضا تحبها أليس كذلك؟" عندما لم تلقى غير الصمت والأسى في وجهه قالت بتوسل " أرجوك يا أبي" "تعلمين أني أحبها وأني لن أتركها مهما يكن لكنها في الأشهر الأخيرة تغيرت كثيرا أصبحت متقلبة المزاج سريعة الغضب غريبة الأطوار لا أعرف ماذا حل بها حاولت معها على أن نسوى الأمر بيننا وأن أعرف ما سر هذا التغير المفاجئ لكنها أصرت على الرحيل فتركتها ربما تهدا أعصبها وتفكر جيدا بما فعلته" "ولكن مضى على رحيلها الآن خمسة أسابيع!" ضحك والدها بألم " آه كاثي أنت تقولين هذا وأنت لم تأتي هنا إلى أسبوع واحد فقط فماذا أقول أنا؟" أحست كاثرن بالألم العميق في قلب أبيها فقالت بلطف " هل حاولت الاتصال بها؟ " "كثيرا في البداية كانت تجيبني و تصرخ في وجهي لكنها في أخر مكالمة أجابتني فيها سألتها عن السبب فغضبت وقالت أن ما بيننا انتهى ثم لم تعد ترد على اتصالاتي أو رسائلي" " ولم تعرف سبب غضبها عليك؟ " "حتى الآن لا ....لكن لا تقلقي يا حبيبتي سأحول أعادة الأمور إلى ما كانت عليه أعدك " " لابد انك تشعر بالوحدة أليس كذلك؟ لما لا تعود إلى شركتك والنادي ستجد انك..." ولكن والدها وضع أصبعه على شفتيها وأسكتها "أنا أفضل العيش هنا أطول فترة ممكنة ..فحياة المدينة صاخبة متعبة واشعر بالراحة والسعادة في هذا المكان كما يمكنني أداره أعمالي بنجاح وأنا هنا " نظرت كاثرن إلى وجه والدها ورأت الخطوط التي رسمتها السنين حول فمه و عينيه الخضراوان التي تتدفقان حنان وعطفا لقد ورثت منه لون العينان وطباعة كذلك "لماذا تنظرين إلى هكذا؟ " ابتسمت له وقالت "كنت أفكر ما أذا كنت أشبهك؟ " ضحك والدها وقال " قطعا لا فأنت جميلة كوالدتك" "علي أن أجهز العشاء قبل أن يمضي الوقت و ننام ببطون فارغة " أخذت تعمل على تحضير العشاء وذهنها مشغول بوالديها ثم بمارتن وأهل القرية بينما كان والدها يعمل في مكتبه. أخيرا تناولت العشاء معه ثم جلسا يشربان الشاي "لقد تأخر الوقت يجب أن اذهب لأنام طابت ليلتك يا أبي ولا تطل السهر" " لدي أعمال سأقوم بها ثم أنام يا عزيزتي طابت ليلتك وشكراً على العشاء كان لذيذا " أكتفت بمبادلته الابتسامة ومشت نحو الباب لتذهب إلى غرفتها كانت على منتصف غرفة الجلوس عندما نادها والدها "كاثي" "نعم يا أبى هل تريد شيء؟ " "أجل هناك موضوع أريد أن أتحدث معك فيه" "ما هو أرجو أن لا يكون السيد روبرتسون مرة ثانية !" " بل يخصك لقد تخرجت من الجامعة و إلى الآن لم تبحثي عن عمل؟ " "أني أريد أن أخذ وقت لراحة والمتعة قبل أن أعود إلى لندن للبحث عن عمل فقد أعجبني الريف كثيرا " " أجل ولكني فكرت أن تعملي في الشركة عوضاً عني" "ماذا؟؟ " "ولماذا أنت مندهشة .... لم تتوقعي عرضي أليس كذلك" "في الحقيقة نعم كنت أتوقع انك تريد رجلا يكون مساعدا لك ويدير أعمالك وليس فتاة وهذا الرجل كان من المفترض أن يكون ابنك الذي تمنيته وليس أنا" "كاثي لا تقولي هذا تعلمين مدى حبي لك ولو وجد أخ لك فلن يغير من الموضوع شيء ولا أظن هناك أجدر منك بإدارة أعمالي فأنت متخرجة من قسم إدارة أعمال وبامتياز وهذه فرصة لتتعلمي مني فالمال سيئول لك بعد وفاتي" "أبي لا تقول شيء كهذا انك تتكلم وكأنك قد بلغت التسعين من عمرك" "ماذا قلت عن العمل في الشركة؟ " "إنها ....." أرادت أن تكمل لكنها هزت رأسها بيأس وقالت "لا أستطيع يا أبي لقد كنت اسمع جدتي كثير تقول لو أنها كانت صبي ليساعدك في إعمالك و أنا حقاً لا أستطيع العمل في الشركة آسفة" "أقسم لك يا كاثي أني لم أكن اهتم لما تقول جدتك و أنى احبك أعظم من أي شيء آخر ولو كان هناك أخ لك لكنت أنت قلبي وحبي الوحيد " "متأكد؟ " "ألا تثقين بي ؟ حتى لو أصبح لديك أخ في المستقبل فأنت كل حياتي يا حبيبتي" قالت بدلال "بلى أثق بك ولو أصبح لي أخ سيكون الأمر رائع في هذه الحالة سأستطيع ضربه وأن امثل دور الأخت الناصحة التي تخاف على مصلحته" ضحك والدها وقال "لكن لا تكثري عليه وإذا رفع صوته عليك أو أنطلق لأمك يبكي شاكياً لها منك فتعالى إلى أبيك الذي يحبك" ضحكت كاثرن ومن أعماق قلبها كانت تتمنى أن يكون لها أخ تدللــه "لم تقولي لي هل ستعملين في الشركة؟ " "لقد تأخر الوقت وأنا متعبه لنناقش هذا الموضوع لاحقا طابت ليلتك" كانت على وشك الخروج هذه المرة فقال "كاثي" "نعم" "ألن تقبليني قبل أن تنامي؟ " قالت تمازحه " ألا ترى أنى كبرت ؟ " "لكنك أبنتي " "حسنا" قبلت والدها على جبينه فقال لها "أحلام سعيدة " ابتسمت له وخرجت من غرفت الجلوس وقبل أن تصعد إلى غرفت نومها رن جرس الهاتف الذي كان في الممر على طاولة صغيرة بجانب باب غرفة الجلوس "كاثي هلا أجبتي على الهاتف يا بنتي" "حاضر مع أني اعلم أن المكالمة لك فلا أحد من أصدقائي يعرف أني هنا" أمسكت سماعة الهاتف "نعم" سمع المتصل صوتها الناعم فقال لها بصوت رقيق "مساء الخير" قالت مزمجرة كارهة الطريقة التي يتكلم بها المتصل "مساء الخير من المتحدث؟ " أحس المتصل المجهول بنبرة الغضب في صوتها فأراد أن يطيل الاتصال "هل هذا منزل السيد ألبرت؟" "أجل " "هل يمكنني التحدث إليه؟ " نادت كاثرن على أبيها "أبي المكالمة لك" قام والدها واتجه نحوها وهو يقول "الم يقل من هو؟ " "سألته ولم يجبني و سألني عنك بعد أذنك سأذهب لنوم و الأفضل أن لا أقول طابت ليلتك وإلا سأبقى مستيقظة حتى الصباح " ضحك والدها فضحكت له بنعومة و سمع المتصل صوتها وضحكها وبقى صامتاً يفكر صعدت كاثرن و وقفت في منتصف السلم تنظر إلى والدها "ألو ...آلو....هل هناك احد " التفت لها والدها متسائلا فهزت كتفيها متعجبة ثم أتاه صوت المتحدث "آه مرحبا سيد ألبرت أنا آسف شغلت قليلاً" نظر لها والدها وابتسم عند سماعه للمتصل وقال " أهلا سيد روبرتسون كيف حالك" عقدت كاثرن حاجبيها وظهرت الحدة في عينيها وهزت كتفيها دلالة على الاهتمام ثم صعدت إلى غرفتها وهي تسأل نفسها لماذا تحدث إلي بكل هذه الرقة وهو يعرف أني أنا المتحدثة؟ هل كان يسخر مني؟ سأريك يا سيد روبرتسون…
[aldl] [/ald l]
|