12-28-2015, 09:36 PM
|
|
الفصل الثالث في الصباح اليوم التالي ذهب السيد ألبرت إلى القرية بعد أن تناول الإفطار مع ابنته و اتجهت كاثرن إلى الحديقة وبقيت هناك قليلاً ثم ذهبت إلى الإسطبل لاصطحاب جولاري في جولتها الصباحية "صباح الخير جولاري تبدين بخير هذا جيد" ركبت فرسها و ذهبت إلى مزرعة والدها وهي تنشد أحدى قصائد شكسبير بلحن متناغم من ذا يقارن حسنك المغرى بصيف قد تجلى وفنون سحرك قد بدت في ناظري أسمى وأغلى تجنى الرياح العاتيات على البراعم وهى جذلى والصيف يمضى مسرعا إذ عقدة المحدود ولى كم أشرقت عين السماء بحرها تلتهب ولكم خبا في وجهها الذهبي نور يغرب لا بد للحسن البهي عن الجميل سيذهب فالدهر تغير وأطوار الطبيعة قلب لكن صيفك سرمدي ما اعتراه ذبول لن يفقد الحسن الذي ملكته فيه بخيل والموت لن يزهو بظلك في حماه يجول ستعاصرين الدهر في شعري وفيه أقول: ما دامت الأنفاس تصعد والعيون تحدق سيظل شعري خالداً وعليك عمراً يغدق كانت تنشدها بصوت عذب رقيق مستمتعة بالهواء الناعم الذي يداعبها وبأشعة الشمس اللطيفة تلامس بشرتها وبالطبيعة الساحرة التي تلتف حولها ولم تسمع خطوات الحصان الذي خلفها حتى قاطعها الصوت "صباح الخير آنسة ألبرت" انطلقت صرخة خافتة منها فقد فاجأها "ماذا هل أخفتك؟ أنا آسف" مشى بجواده حتى أصبح موازياً لها تماما وابتسامته الساخرة لا تفارق وجهه الصارم "السيد روبرتسون؟! صباح الخير" "صباح الخير لم تجيبي على سؤالي؟" "بطبع لم أخف و الآن ماذا تريد؟ " تجاهل سؤالها وقال وكأنه لم يسمعها "أحقا لم تخافي؟ كأنني سمعت صرخة طفلة صغيرة خائفة" حدثت نفسها أنه رجل بغيض وأوقح شخص شاهدته في حياتها ثم نظرت إليه بازدراء و قالت بسخرية تماثل سخريته "لم أكن أعلم أنك حيوان متوحش يجب أن أخاف منه؟ ماذا تريد من حضورك هنا؟ " " أتيت لأرى السيد ألبرت " "أبي ..." "أجل اتصلت به البارحة وقال أنه يمكنني أن أراه اليوم صباحاً ذهبت إلى البيت ولم أجد أحدا هناك فقلت ربما يكون في المزرعة" تذكرت مكالمته لها بطريقته الساخرة فقالت ببرود "ولماذا تريده ؟ " أجاب باقتضاب " إنها أعمال رجال " "ما الذي تعنيه من كلامك هذا؟ " هنا تبدد هدوئه وقال بضجر "أعنى أن لا تتدخلي في شؤون الرجال" بلغ بكاثرن الغضب مبلغة أنه فوق أرضها ويملي عليها أوامره فقالت من بين أسنانها وعيناها تقذفان النار " أتجرؤ...." لم تكمل كلماتها لأن والدها قال من بعيد "مارتن صباح الخير" ذهبت الشدة من صوته وهو يقول " صباح الخير سيد ألبرت" " كيف حالك" " بخير " قالت كاثرن في نفسها "هذه هي المرة الثانية التي ينقذك أبي مني ولكن لن تفلت منى مرة أخرى يا مارتن روبرتسون" لم يفت مارتن نظرتها الغاضبة الحاقدة نحوه تجاهل وجودها تماماً وحول انتباهه إلى والدها "أنا أسف على تأخري يا مارتن" "لا عليك فقد سررت بالحديث مع الآنسة ألبرت" مر طيف ابتسامة على وجه والدها لكنها سرعان ما اختفت حين قالت كاثرن " بأذنك يا والدي علي العودة إلى المنزل فلدي عمل" "كاثي أريدك معي لتسمعي حوارنا أنه يخص العمل بالشركة" التفتت كاثرن وكلها كره لرجل الذي بجوار أبيها والذي افسد عليها يومها "كلا أنه عمل لرجال" "كاثي ما الذي أسمعه ؟ لقد اتفقنا ليلة البارحة" " سامحني يا أبي ولكن " ثم التفتت إلى مارتن قبل أن تكمل "قد لا يرغب السيد روبرتسون في وجودي وهو يناقش أعماله معك أراك في البيت" لم يبدي مارتن أي اعتراض على ما قلته و وجهه لا يعبر بشيء فقال والدها مستسلماً "إذا اعدي لنا الشاي سنأتي إلى المكتب بعد خمس دقائق" "حسنا يا أبي" ركضت بجولاري لتخفف من نوبة الغضب التي اعترتها فنظر لها والدها ثم التفت إلى مارتن وقال "أخبرني الآن ماذا حدث بينكما؟". أعدت كاثرن الشاي وأفكارها تذهب بها إلى كل مكان وعند سماعها صوت والدها يدخل المكتب انتظرت قليلاً ثم حملت صينية الشاي وقبل أن تطرق الباب أخذت نفساً عميق لسيطرة على أعصابها ثم دخلت قال لها والدها بعد أن قدمت له كوب الشاي "شكرا لك يا عزيزتي " "العفو تفضل يا سيد روبرتسون" ناولته كوبه ولم ترد عليه حين شكرها وكأنها لم تسمعه ثم اتجهت إلى الباب قال والدها "إلى أين أنت ذاهبة يا كاثي؟ أبقى معنا فقد انتهينا " "سأذهب إلى القرية لديك إعمالك ولا أريد أن أشغلك بالذهاب معي" " أنا آسف يا عزيزتي لقد شغلت هذه الأيام لا تتعجلي أريد أن نذهب سويا إلى القرية واعدك أن يكون ذلك قريبا" تكلم مارتن "سيد ألبرت أن سمحت لي بإمكاني أخذها إلى القرية الآن فليس لدي شيء يشغلني وهي لا تستطيع أن تتدبر أمرها في القرية وسأسر وأتشرف بمرافقتها" لم تحتمل كاثرن ذلك ورأت علامات الترحيب على وجه والدها وقبل أن يعلن موافقته صرخت في وجهه مارتن "عفوا ومن قال لك بأني أريدك أن تذهب معي؟! ليس الآن و لا لاحقا سيد روبرتسون و شكرا جزيلاً لك" خرجت وأغلقت الباب وهي تقول "من يظن نفسه ليتكلم بهذه الطريقة و كائنه صديق أو شخص يحق له أن يبدي رأيه ...علي أن اذهب وأنظف جولاري قبل أن يأتي أبي ويوبخني لأجل ذاك المتغطرس أتسأل لماذا هو معجب به؟؟؟ ما كان على أن أنفعل وأن يعرف هذا المتعجرف أنه نجح في استفزازي" بينما كانت كاثرن منهمكة في عملها سمعت والدها يودع مارتن ويقول الأخر له " إلى اللقاء وبلغ تحياتي للآنسة يبدو أنها غاضبة مني" قالت في نفسها ساخرة "يآل أدبة الجم " خطوات الجواد يبتعد وصوت والدها يقترب منها و يناديها "كاثرن .....كاثرن" " حان وقت العقاب" لا يناديها والده بسمها عادة إلا أذا كان غاضب منها "أنا هنا يا أبي" قال وهو يقف بعيداً عنها "هل من الممكن أن تفسري لي سبب تعاملك مع ضيفي بهذه الطريقة؟" " أبي انه إنسان..." "قلت انه ضيفي" "كفى يا أبي أكاد امرض حتى من ذكر أسمه " "ولكنك أخطأت عليه بينما كان في غاية اللطف معك" "لطف؟! أتسمي هذا لطفاً منه ؟لم يكن كذلك ! كان يحاول استفزازي ويقول لي......" " اصمتي أنا لا أكلمك عنه. هو ليس أبنى وليس لي شأن بتصرفاته أما أنت فا أبنتي و يهمني أن تكوني راقية في تصرفك وتعاملك" انفجرت كاثرن محتجة والكلمات تتسابق على لسنها "ولكنه هو الذي يدفعني إلى التصرف هكذا انه يشير إلي في كل مرة بكلماته السخيفة الجريئة صدقني لم أعد احتمل حتى دخوله إلى هذا المنزل ولا تطفله علي أنى أكرهه يا أبى وأنت لا ترى إلا أخطائي بينما هو يحق له أن يخطئ لماذا؟ هل لأنه رجل علي أن اصمت " ارتخت كتفي والدها استسلاماً وقال ليهدئ من غضبها " أنا آسف يا كاثي لكن لا تفهميني خطأً أنى أريد لك الأفضل هذا كل شيء حتى لو اخطأ عليك أو كرهته لابد أن تكوني صبورة وحكيمة في تصرفك غدا عندما تتسلمين العمل في الشركة ستتعاملين مع أشكال مختلفة من الناس ولكي تكوني سيدة أعمال ناجحة لبد أن تكوني هادئة وتخفين كل مشاعرك ولا تسمحي لأحد أن يعرف ما بداخلك اعتبري السيد روبرتسون مجرد اختبار لترى مدى صبرك .لا تجعلي أحد يكون عدوا لك حتى لو كهرته ألم تتعلمي ذلك من مدربك الكريتية؟ لابد أن تسيطري على أعصابك " " أجل يا أبى ولكن هذا الأسنان يفقدني صبري" "أتعلمين لماذا لأنه يتصرف بهدوء بينما أنت تغضبين بسرعة أتعيدينني أنك سوف تعاملينه هو أو غيره باحترام؟ " "هذا صعب أتريد أن لا يكون لي احترام عند أحد وأتحمل اخطأ الآخرين؟" " لم أقول ذلك كوني باحترامك واجعليه هو الذي يخطئ ويفقد أعصابة هل تعيدينني يا عزيزتي" "آه ... أعدك" أراد توماس أن يخفف عن أبنته فقال "أرفعي رأسك يا كاثي بالمناسبة ما رأيك أن أعلمك القتال بالسيف غداً" عادت إلى طبعها المرح وهي تقول بانفعال "حقاً؟... شكرا لك سأنتظر الغد بفارغ الصبر" "هيا تعالى وساعديني فهناك أوراق كثيرة تتعلق بشركة أريدك أن تقرئيها علي" أمضت كاثرن اليوم بأكمله تفكر بكلام والدها وكانت متكئة بساعديها على سور الفناء مريحة رأسها على يديها تراقب غروب الشمس أنه منظر يثير المشاعر الكامنة و يبث الراحة في النفس "أنه الغروب ما أجملة " قال هذا والدها وهو يريح يده فوق كتفها التفتت أليه ورأت انه قد لبس ملابسه وكأنه مسعد للخروج إلى مناسبة " أرى انك مستعد إلى الخروج إلى أين أنت ذاهب؟ " "هل نسيت الليلة هي حفلة السيد روبرتسون اعتنى بنفسك قد أتأخر الليلة" "لكن الوقت لا يزال مبكراً ؟" " اعرف هذا سأقوم بزيارة صديق لي ثم أذهب إلى الحفل هل سكونين بخير؟ " "لا تقلق علي أستمتع بوقتك " " أنتبه لنفسك يا حبيبتي طاب مسائك " ثم طبع قبلة على جبينها "طاب مسائك يا أبي" نظرت إلى والدها وهو يركب سيارته ثم يختفي عن عينيها فقالت "وألان ماذا علي أن افعل أنظف ثم أستحم وبعد ذلك أتناول عشائي ثم أقراء كتاب وبعدها أنام " كانت حفلة رقص هادئة وجميلة . مارتن بين زملائه يتحدث و يضحك معهم حتى رأى السيد ألبرت يدخل بمفرده "بأذنكم .... مرحبا سيد ألبرت يسرني قبولك دعوتي " "أهلا مارتن تبدو أنيقا بهذه البذلة " "شكراً ولكن أين هي الآنسة ألبرت؟" "الحقيقة أنها لم تستطع المجيء " "لماذا؟ هل لديها عمل أم أنها لا تريد الحضور؟" "لا...لا..كانت تريد أن تأتِ لكنها أجهدت نفسها بتنظيف المنزل أنها متعبة قليلاً أنت تعرف أن المنزل كبير ولم أجد خادمة حتى الآن فالحصول على خادمة في القرية أمر صعب ويحتاج إلى وقت وابنتي تقوم بشؤون المنزل كلها إضافة إلى اهتمامها بى لا أعرف ماذا كنت سأفعل بدونها لا شك أن الوضع سيكون أصعب إذ لن تراني بهذا الترتيب أبدا " " أهي مريضة ؟" "لا الأمر لا يستحق كل هذا يا مارتن مجرد إرهاق" "بل قل أنها لم ترد المجيء " "مارتن أنها مرهقة فقط وطلبت مني أن أبلغك تحيتها و اعتذارها عن الحضور" " أتمنى ذلك ...هيا لننظم إلى المجموعة هناك" كنت كاثرن لتوها قد فرغت من غسل صحون العشاء نظرت إلى الساعة "إنها التاسعة والنصف سأذهب إلى غرفتي" مسحت يدها المبللتان بالمنشفة وسمعت صوت الهاتف يرن "ترى من المتصل؟ لعل أبي أراد أن يطمئن علي" أسرعت إلى الهاتف ورفعت السماعة "مرحباً " "أهلا آنسة ألبرت " "من المتحدث؟" سألت هذا السؤال وهى تعرف من المتكلم الذي لا يمكن أن يخفى عليها صوته ولكن لتوضح عدم اهتمامها به "الم تعرفيني؟ أنا مارتن" " أهلا سيد روبرتسون ماذا تريد؟ أعتقد أن أبى متواجد عندك وليس هنا لتحدثه عن أعمال الرجال ماذا أردت من اتصالك؟" "لا شيء قال لي والدك أنك متعبة وأراد أن يطمئن عليك فقررت أن أتصل أنا بك هل أنت على ما يرام؟ " "شكرا على اهتمامك يا سيد روبرتسون أنا بخير" " أخبريني بما تشعرين الآن؟" أحست كاثرن انه يدبر لها مكرا خلف هذا السؤال السخيف ولكن مارتن أكمل كلامه "آسف... أقصد هل تشعرين بتحسن؟" رددت في نفسها أشعر بنار مستعرة على وشك أن تحرقك أيها الغبي "أسمع لم أكن اعلم أنك طبيب يا سيد روبرتسون" وشددت على كلمة سيد لكنها سمعته ينفجر ضاحكا بقوة ويقول في هدوء "قد لا أكون كذلك ولكنى خبير يا آنسة " "حقاً لم يخبرني أحد بذلك يا دكتور...أو أنك بالفعل خبير لكثرة صديقاتك اللواتي يلتففن حولك بسذاجة " قال بجد وقد غابت نبرة المرح والهدوء من صوته " أنتِ عنيدة ومشاكسة أيضا وتسيئين إلى من يعاملك باحترام إضافة إلى ذلك تنافسين الرجال وتحاولين أن تكوني مثلهم أين ما كانوا بمعنى أخر لماذا تريدين أن تكوني رجلاً يا آنستي ؟كيف تبقين في منزل بعيد عن القرية وليس معك أحد ليحميك؟! لو كنت مكان والدك لما تركتك أبدا وحيدة هناك" "لقد أطلت وتهكمت كثير يا سيدي المحترم ولكنك لم تنظر إلى نفسك فأنت رجل..." ثم سكتت فجأة أرادت أن تسمعه شتيمة لاذعة لكنها تذكرت الوعد الذي قطعته لوالدها وقال في سخرية "ماذا هناك يا آنسة ألبرت ما الذي عقد لسانك؟ هل أكله القط؟ " " لاشيء ...أنا متعبة وليس لدي وقت أضيعه معك بلغ والدي أني بخير وداعاً " "آنسة ألب..." أغلقت السماعة وصعدت لغرفتها و كلماته تدندن في رأسها أنها بتأكيد لا تحاول أن تكون رجلاً ولكن لماذا يكن لها كل هذا العداء؟ هل هذا لأنها شاركت في سباق لا يشارك فيه إلا الرجال؟! تباً له انه يحمل فكرا رجعياً لابد انه من الرجال الذين يظنون أن المرأة لم تخلق إلا لهم والذين يريدونها عند الباب لاستقبالهم وفي البيت لتنظيف وتربية الأطفال ولا يعاملونها كإنسانة بل كخادمة ترى هل كل رجال الريف هكذا؟ كلا هذا مستحيل إن والدها من الريف ومع ذلك يعامل أمها بطريقة راقية جدا دخلت غرفتها وأمسكت بكتاب وجلست تقرأ في سريها إلى وقت متأخر من الليل حتى غلبها النوم..... |