الموضوع: اسيرا الوهم
عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 12-28-2015, 09:56 PM
oud
 


الفصل الثامن


أتى مارتن كما وعدها في الصباح وأمتطى صهوة الجواد الهائج أعجبت بقوت مارتن ورشاقته وحركات عضلاته المرنة حتى انه استطاع ترويض شاكي في وقت قصير وقبل أن يذهب ذكرها بموعدهما غداً بعد الظهر خرجت كاثرن مع بيتر إلى أمه وسعدت بهذه الزيارة كثيرا كانت أم بيتر عجوز كبيرة لكنها بدت حميمة ولطيفة للغاية ثم عادت إلى منزلها تتحدث مع أبيها عن زيارتها لأم بيتر و أثناء حديثهما اخبر توماس أبنته عن وجود بحيرة صغيرة جميلة في الغابة وأثناء حديثها مع والدها و وصفه للبحيرة ومكان وجودها حدثت نفسها بذهاب إلى هناك وأن تسبح في تلك المياه العذبة لكنها شعرت بالخوف ماذا ولو كان فيها ثعبان أو حيوان مؤذي سألت والدها بطريقة لا تشعره باهتمامها إن كانت البحيرة خطره لمن يحاول السباحة فيها فضحك وقال أنها شفافة جميلة ولا تعيش فيها حيوانات مؤذية أبدا أثناء انهماك توماس في العمل كانت كاثرن قد جهزت حقيبة صغيرة وضعت فيها ثوب السباحة ومنشفة كبيرة وأخرى متوسطة ثم تسللت دون أن يراها والدها و وضعت الحقيبة على ظهر الحصان ثم عادت إلى والدها في المكتب " أبي هل تأذن لي ؟" "ماذا يا كاثي؟" " أممم...أريد أن اطلب منك شيء وأرجو أن تلبيه لي" "ما هو؟" "عدني ألا تنفعل وتغضب" "أذاً يبدو أني سأغضب" "لا أرجوك يا أبي انه طلب بسيط جداً وصغير" "حسناً أخبريني" " الحقيقة...أنا...أنا أريد الذهاب إلى الغابة وحدي" "لكن أنت تعلمين..." "أرجوك يا أبي صدقني لن أتأخر ولن أتوغل في وسط الغابة " "هل تذكرين ما حدث لك أخر مرة ؟ " "أذكر ولكن لكل جواد كبوه واعدك أني سأتوخى ألحذر" "حسناً أذهبي" "حقاً هل أنت موافق؟!" "أجل و أتمنى لك وقت ممتعاً" نظرت إليه بدهشة فقال "أذهبي قبل أن أبدل رأي" قبلت والدها وأسرعت تركض إلى خارج الغرفة قبل أن يغير رأيه لكنه أستوقفها "كاثي كوني حذرة" "حسناً " خرجت إلى الإسطبل وابتعدت لم تتوقع أن يوافق والدها بهذه السهولة توقعت أن تجد الأمر شاقاً إن تصرف والده جعلها في حيرة من أمرها في حين أن توماس رفع سماعة الهاتف ونقل أصبعه بين الأرقام "آلو " "أهلا سيد ألبرت" "هل لي أن أطلب منك خدمة؟ " " أنت تعلم أني رهن أشارتك " "أبنتي اتجهت إلى الغابة وحدها ولم تكن تريد من يرافقها فهل تتكرم بان تراقبها من بعد من دون أن تراك" " ولكن إلى أي مكان في الغابة تحديداً؟ " " اعتقد أنها اتجهت للبحيرة " "انك تدلل ابنتك كثيراً يا سيد ألبرت" "أعلم فليس لدي سواها لكنى أحافظ عليها" "حسناً سوف ألحق بها الآن كن مطمأن " بعد بحث جاد وجدت كاثرن البحيرة التي وصفها والدها وهي تمتد أمام ناظريها تعكس لونها الفضي عندما تعانق أشعة الشمس الذهبية اقتربت من البحيرة وخلعت حذائها ثم وقفت على ركبتيها تتأمل وجهها الجميل على سطح الماء الأزرق غسلت وجهها منتعشة بعذوبة المياه ثم أدخلت رجليها في الماء مشت قليلً ثم نقلت بصرها في المكان حولها لا يوجد أحد أسرعت إلى حصانها الذي ربطته بالشجرة القريبة وتناولت الحقيبة أخرجت المنشفتان وعلقتهما بغصن ممتد من الشجرة ثم اختبأت بين أعشاب كثيفة بين الأشجار وهي تلبس ثوب السباحة بسرعة وعيناها تراقبان المكان من حولها خشية وجود احد دخلت كاثرن إلى الماء بهدوء ثم بدأت تسبح وكأنها في سباق تعلو و تغوص ولم تشعر بعيني الرجل الثاقبتين اللتان لم تنتقلان عنها كان قد اختباء عندما أخرجت رأسها من الماء تنظر حولها توقفت عن السبحة لتستريح لكنها لم تخرج من الماء مما استدعاه إلى أن يتأكد أنها لم تصب بمكروه تقدم خطوة فكسر غصناً تحت قدمه واختباء خلف الشجرة قبل أن تراه وهو يراقبها. لما لم تشعر بالارتياح نظرت حولها لا أحد لكن عينها لم تستطع رؤية الرجل الذي كلفه والده بمراقبتها لم يكن والدها يعلم أنها ترغب بالسباحة وإلا لكان ذهب معها بنفسه تاركاً أعماله لوقت لاحق أغمضت عينيها وأرهفت سمعها لاشيء سوى صوت الماء الطيور والخيل فاعتقدت أنها واهمة وبدأت في الغوص تحت الماء كسمكة سمع الرجل صوت الماء وهي تكمل سباحتها فأراح ظهره على الشجرة و وقف على ساق وحدة مرتكز بالأخرى على الشجرة عاقداً ذراعية على صدره أرخى قبعته البنية مخفياً عينيه وهو يلعب بساق نبتة رفيع في فمه ولو رأت كاثرن ذقنه الأسمر لما أخطأته وان كان اخفي معظم وجهه. هذه المرة أطالت الغوص حتى كاد يتعجل و يغوص ليلحق بها. أخيراً خرجت من الماء وهي تأخذ نفس عميقاً اتجهت إلى المنشفتان لفت الكبرى حول جسدها والأخرى بدأت تجفف بها شعرها ثم اختبأت في مكانها السابق وبدلت ملابسها لا يزال شعرها الكثيف الأحمر مبللاً هذه المرة نظرت حولها بتمعن لماذا تتوقع أنها سترى العينان الرماديتان؟ كلا هذا ضرب من المستحيل أنه لا يعلم أنها هنا امتطت صهوة جوادها حصانها ثم اتجهت تركض وشعرها الرطب يداعبه نسيم الغابة الرقيق لقد أطالت البقاء في الغابة ستعود إلى البيت قبل أن يغضب والدها ولما اطمأن مارتن إلى وصولها عاد إلى منزله وهو يحاول تحديد مشاعره تجاه تلك الحمراء العنيدة. ****************** بعد الظهر بقيت في الحديقة منتظرة مارتن بفارغ الصبر تساءلت في نفسها عن سر هذا الشوق والانتظار ثم أبعدت هذا التعبير من رأسها وقالت انه ليس سوى حماس لذهاب إلى القرية وعند الساعة الرابعة جاء مارتن و رآها جالسة في الحديقة ترسم في كراستها . أغلقت الكراسة عندما رأته قادم نحوها " هل يمكنني أن أرى رسمك يا كاثرى؟ " " لا استطيع انه ليس جميل لكنى أتسلى به" " دعيني أرى سأقيمك فالإبداع لا يكون من الخطوة الأولى " لكنها رفضت فمد يده بسرعة ليخطف الكراس من يدها وكانت أسرع منه حيث قفزت من الكرسي وركضت نحو المنزل وهي تقول له "انتظرني سأعيد كراستي و أعود أليك في الحال " انتظرها مارتن ثم ذهبا إلى القرية سوياً سألها لما تخفي عنه رسمها فقالت له انه مخجل وليس متقن كما يظن وانه لن يجد إي لمسة إبداع فيه. كان التسوق مع مارتن له طابعه الخاص أينما اتجهت تجده بجانبها يحمل عنها مشترياتها وله ذوق رفيع و طبع رقيق كان خفيف الظل لم تتوقع انه مرح إلى هذا الحد كان أكثر لطفاً من وجوده معها في الغابة خرجا من احد المتاجر وهي تضحك بشدة من نكتة قالها مارتن ومارتن خلفها ينظر بحنان لها فقالت له بارتباك " لما تحدق بي هكذا؟ " " أبداً لا شيء " " لا تكن غامضاً قل لي ما الذي كنت تود قوله؟" ثم غمزت له بعينيه بحركة عفوية وقال " أم انك من أهل الأسرار" قال وهو ينظر إليها بهزل " أخاف أن أكون تسرعت و تغضبي مني " " لن يحدث هذا قل ولا تتردد" " مهما يكن ؟" "مهما يكن" "ونبقى أصدقاء إلى الأبد" "الم تقل لي أنها مزعومة وأنها أمام والدي فقط؟ " اقترب منها مارتن ونظر في عينيها وابتسم ثم همس في أذنها بصوت أجش وأنفاسه تصدم بوجهها " وهل ترفضين صداقتي يا طفلتي" احمر وجه كاثرن و ابتعدت عنه قليلاً "بطبع لا .... قلي ماذا كنت تريد أن تقول" "كنت أود القول أني ......" صوت قادم قطع على مارتن ما أراد قوله صدر من رجل وسيم اسمر طويل القامة معتدل القد ولون شعره وعينيه اسود يرتدى قميصا ابيض مغلق مشقوق من الأعلى اظهر عضلاته المرنة "مرحباً كاثي وأخيراً وجدتك" استدارت كاثرن إلى المتكلم ولم تكن تتمنى أنه قطع عليها هذه ألحظة بذات كان هذا صديقها في الجامعة ادوارد "أهلاً ادوارد كيف حالك؟" أمسك ادوارد بكتفيها و قال و مارتن واقف ينظر "حالي أتسألين عن حالي كيف تركتني هكذا دون أن تكتبي لي رسالة أو تخبري أحداً أقلقتني و بقية الأصدقاء عليك" " أنا آسفة لم أكن اعرف أني مهمة إلى هذه الدرجة" " بل أنت أهم عندي من نفسي يا عزيزتي كاثي " " كيف عرفت أنني هنا؟" "غاليتي هل يخفى القمر ثم الذي دلني عليك قلبي لكن من هذا الرجل ألن تعرفينا ببعضنا البعض؟ " نظرت كاثرن إلى مارتن وقد تغير عن الرجل الذي عرفته قبل قليل لقد عاد قناعة القاسي إلى وجهه " مارتن روبرتسون أنه صديق للعائلة و أكثر الناس قرباً إلى قلب والدي ...مارتن هذا ادوارد الفريدو صديقي في الجامعة" رحب الرجلان ببعضهما بطريقة رسمية بعدها قالت كاثرن "هل تسكن هنا يا ادوارد؟" " اجل في فندق القرية ليس فخماً لكن لا بائس سأحتمل لأنك هنا فقط " ضحكت له بعذوبة زادت من تجهم وجه مارتن "علي الذهاب الآن خذ هذا رقم منزل أبي أتصل بي و سعيدة أني رأيتك " " وأنا كذلك يا حبي إلى اللقاء و وداعاً سيد روبرتسون " كان المقصد من كلام ادوارد واضحاً بنسبة لمارتن لم يطل اللقاء الذي قلب كل شيء رأس على عقب وقال مارتن في نفسه أن النساء مثل بعضهن و أن كاثرن لا تختلف عن أمه والتي لم تتوانى عن خيانة أبيه مع رجال آخرين حتى وهي زوجته قانونياً وأحس بنار محرقة في داخله لأنه يرى كاثرن مثل أمه وكبح رغبة شديدة في ألعوده إلى ادوارد ليوجه لوجهه لكمه تبعده عن طريق كاثرن أنه يريدها ملك له واحده ولكن ليته يستطيع أن يتأكد أنه لم يكن لكاثرن مغامرات عاطفية انتبهت كاثرن إلى مرافقها الصامت فقالت له "ماذا بك هل هنا شيء؟" رد عليها بلهجة عدائية "وهل شكوت؟" "كلا لكني لم اعرض سوى المساعدة" فقال بلهجة ساخرة " وهل تقدمين المساعدة لكل رجل يطلب منك ذلك؟" " كف عن إطالة الكلام فيما لا داعي له عرضت المساعدة وأنت رفضت وانتهى الأمر" "ساعدي نفسكِ إن استطعت ؟؟" تساءلت إن كانت فعلت شيء يغضبه .تارة عذب لطيف لا يمكن مقارنة بأحد وتارة ينقلب إلى إنسان كريه لم ترى أسوء منه أوصلها إلى منزلها وهو يعزم أن هذا أخر يوم يعرفها فيه ولن يهتم بها بعد اليوم أبدا. وهذا بالفعل ما حدث أصبح مارتن يتجاهل اتصالاتها ويتحاشى مقابلتها في حين أن ادوارد بقي سعيدا لبعد مارتن وغيابه و بداء يأتي إلى منزل كاثرن و يقابل والدها ويحكى لكاثرن عن أخبار أصدقائهم والذي كان أولها أن سالي و سكوت على وشك الزواج و يريدون إقامة حفلة للخطوبة لكنهم ينتظرونها و وكلفوه بأن يبحث عنها ويخبرها بهذا النبأ سرت هي لخطوبتهما وتمنت لهم السعادة . حضور الخادمة إلى المنزل سهل على كاثرن الخروج وتناول الغداء مع ادوارد خارج البيت وتكفل بيتر بنقل هذه الأخبار إلى أمه التي كانت تتمنى أن تكون علاقة مارتن و كاثرن أقوى مما هي عليه مرت أربعة أيام و كاثرى لا ترى مارتن توقعت أن وجود ادوارد سينسيها لكن ليس لوجود ادوارد تلك القوة والجاذبية التي يملكها مارتن وقد أحس ادوارد بهذا وفي صباح يوم الخميس طلب منها والدها أن تسلم ملفاً أسوداً إلى مارتن واستأمنها ألا تحاول فتحة وتقرأ محتواه حاولت إقناع والدها أن يذهب به احد العاملين لكنه أخبرها أنها أوراق مهمة ولا يمكن أن يضعها في يد احد وفي طريقها إلى منزله لم تخفي كاثرن عن نفسها أنها كانت سعيدة بذلك لتراه وأحست بمشاعر جارفه جميلة كلما اقتربت من منزله .تساءلت عن سبب هذا الشعور المتلاطم حتى اعترف قلبها لها بشجاعة بالنتيجة التي رفضتها. إنها وقعت في حبه طردت هذه الفكرة من رأسها في الحال إذ كيف يمكن لها أن تحب رجلاً همجي قاسياً نظرته إلى المرأة لا تتجاوز أن تكون خادمة ومربية تسابقت صوره إلى عقلها يوم أن كانا في الغاية ثم في سوق القرية وحدثها قلبها أنه قاسٍ لكن حنون صارم محب وعندما وصلت إلى بوابة المزرعة لم تعد تعرف أي رجل هو مارتن ؟ طلبت من الحارس أن يفتح لها البوابة لتدخل وأخبرته من تكون حاول أن يمنعها بطريقة مؤدبة لكنها أصرت وقالت أن الأمر مهم فتح لها البوابة وهي تسأل لما تغير وجهه عندما عرف من تكون؟ أعجبتها الأشجار المحيطة بالطريق وزهور الحديقة أوقفت جوادها أمام الفناء الضخم الجميل وترجلت منه رتبت نفسها وحاولت أن تبدو طبيعيه قبل أن تقابل تلك العينان الرماديتان التي تثيران فيها مشاعر جياشة وعواطف ملتهبة حركت رأسها بعصبية ستكون ساذجة إن استرسلت وتمادت مع أفكارها الغبية وأقنعت نفسها بكرهه هذا أفضل حل .طرقت الباب فخرجت لها خادمة بشعر ابيض تردي ثوب كحلي وقد ربطت على وسطها مريلتها البيضاء .طلبت منها أن تقابل سيدها فقالت لها الخادمة أن سيدها مشغول ولديه اجتماع و لا يستطيع مقابلتها حاولت كاثرن بشتى الوسائل أقناعها لكن الخادمة ما أن عرفت أسمها حتى زادت شراسة غضبت كاثرن من نفسها لما تزعج نفسها بإقناع المرأة ؟! لترجع إلى والدها وتخبره أنها لم تستطع مقابلته و انتهى الأمر امتطت صهوة جوادها بانزعاج. لم تعبر الطريق الرئيسي للوصل إلى البوابة بل فظلت أن تمشي بين الأشجار لتستمتع بجمال المكان وتستمع لغناء العصافير الصغير قبل أن تودع المكان وفي طريقها شاهدت سيارة لكزس سوداء تسير حتى تقف عند باب المنزل وتخرج منها فتاة جميلة رشيقة القد وشعرها ألأسود الكثيف ينساب بحريره خلف ظهرها استدارت المرأة تنظر حولها في المكان فأسرعت كاثرن لتختبئ بين أشجار كثيفة حتى لا تراها الفتاه التي تملك عينان رماديتان واسعتان بأهداب طويل تضيف إلى عينيها سحراً وجاذبية شعرت كاثرن بنار تحرق قلبه وحثت جوادها أن يمشي بسرعة لتبتعد لا تعرف ماذا تملكها عندما رأت هذه الفتاة الجميلة حدثها قلبه أن تلتفت خلفها فرأت مارتن خارج لاستقبال الفتاة وقد عانقها وطبع قبلة على جبينها ودخل المنزل وهو يحيط الفتاة بإحدى ذراعية و يضحك لها بعذوبة أحست كاثرن بخنجر في قلبها وتمنت أنها لم تأتي إلى هنا ولم ترى هذا المشهد الحميم بينهما أسرعت بالخروج واتجهت إلى منزلها ولم تعد تفكر بشيء سوى صورت مارتن وتلك الجميلة دخلت على والده وهي تتظاهر أنها طبعيه وسلمت الملف وهي تخبره إنها لم تستطع مقابلته .صعدت إلى غرفتها ثم رمت نفسها على السرير وهي تكرر إنها لا تحبه ثم عنفت نفسها بشدة لا يمكن أن تشعر بالغيرة بسبب ما رأته.وبعد مرور وقت كثير و هي مستلقية على سريرها تفكر بمشاعرها اتجاه مارتن علمت أنها تحبه ولا يمكن أن تفكر برجل غيره لكن عليها أن تكافح فهو لا يحبها ولابد أن لا يعلم أنها وقعت في حبه وإلا لمسح ما بقي لها من كرامة وكبرياء .فكرت أنه ليس هناك أكثر سوء من أن مارتن أوقعها في حبه ثم تركها وعادت بذاكرتها إلى أول لقاء لهما كيف أنها حذرت نفسها من الوقوع في حبه لكنها نسيت ذلك مع مرور الأيام وتذكرت أن ما حدثها قلبها به من البداية عنه كان صادقاً فقررت أن تقابله وتخبره أنها لن تخدع من أي رجل وأنها تكرهه وتأبى أن تكون لعبه يلهو بها بين يديه وسوف تقلب طاولة العب عليه وعزمت أن تدعوه إلى تناول العشاء معها في القرية وكان أن قبل دعوتها ببرود . ذهب مارتن إلى بيتها في الليلة المحددة وهو لا يعلم كيف قبل دعوته هل لأنه أشتاق إلى رؤيتها هذا مستحيل بل أنه الفضول معرفة ما تريده كاثرن .اصطحبها معه بسيارته إلى المطعم كانت في الطريق تسأل نفسها لماذا دعته حقاً؟ هل لتخبره بكرهها أو أنها تريد أن تجعلها المحطة الأخيرة لتستطيع التغلب على مشاعرها التي خانتها أم لتستعيده من تلك المرأة الفاتنة؟ كلا إنها تريد قتل حبه واسترداد قلبها . لم تنتبه أنهما وصلا إلى المطعم اتجهوا إلى الطاولة المحجوزة لهما وجلس كل منهما مكانه نظرت كاثرن إلى مارتن وقالت لتقطع الصمت الذي اختاره هذا الرجل "لم أرك منذ فترة طويلة يا مارتن أتمنى أن لا يكون العمل ازدحم عليك ؟" "وهل هناك غير العمل يشغلني ماذا تختارين من قائمة الطعام؟" قالت في نفسها أيها الكاذب وأي عمل سيكون مع تلك الفاتنة قالت ببرود يوازي برودة "دع الأكل فيما بعد فقد دعوتك لأتحدث معك لا للأكل " " أما أنا فقد أتيت للأكل" "في الأيام الأخيرة تغيرت كثيرا " "هل قلت أنا هذا يا حسناء؟ " "لا تكلمني بهذه الطريقة الباردة وكلمني بجدية" " ماذا تريدين أن أقول قائمة الطعام أمامك اختاري ما تريدين " أمسكت كاثرن بقائمة الطعام وهي تسأل نفسها كيف تبدأ اختارت من القائمة ما تريد وكذلك فعل مارتن أرخت ذراعها على الطاولة وأمسكت رأسها بيدها الأخرى تفكر وفي خضم ذلك انتبهت أن مارتن أمسك بيدها فقالت وهي تشعر بنفور منه " لماذا تمسك يدي ؟" وضع مارتن يدها عند شفتيه وقبلها بلطف ثم حرك يدها على شفتيه برقة وهو ينظر في عينيها بمكر احمر وجهها و اشتعلت نار الكره في قلبها لتصرفه الوقح من يظن نفسه هل هو واثق من أنها ستستجيب له مثل فتاته صاحبت العينان الكهرمانيتان سحبت يدها منه لكنه ظل ممسك بها ولم يفلتها ثم قال " أنت جميلة ولذيذة يا صغيرتي" " أترك يدي أيها الوقح " " تتصرفين وكأنك عفيفة هيا يا جميلة أنزعي هذا القناع الزائف عن وجهك و دعينا نستمتع بالحياة" صدمت كاثرن لكلامه الجريء ومعناه الخبيث و ازداد احمرار وجهها وقالت من بين أسنانه " أنت سافل يا مارتن روبرتسون ولا أظن إلا أنك خدعت والدي لتكون أهلا لثقته أنت لا تستحق كل هذا التقدير منه أترك يدي" " هل تريدين القول أن هذا الوجه الجميل الذي ينظر له الرجال أينما ذهبت لم يلثمه احد وأن الجسد الرشيق والبشرة الناعمة والانحناء المثير لم يحتضنه رجل كفى عن خداعي يا امرأة" ورمى يدها وكأنه يبعد قذارة عن يده لم تحتمل كاثرن تصرفه وكلامه الجريء ولم تعد تطيق حتى أن تقول كلمة له فقد ظهرت لها حقيقته وكان هذا يكفي لكرهه مدى الحياة وقفت بعصبية و وقف مارتن مبتعد عن الطاولة التي تفصل بينهما وأقترب منها يهمس بلؤم " لا تقولي أني جرحت عفتك أو خدشت حيائكِ" وقع كلامه كان قويا عليها لم تعد تحتمل تهكمه فرفعت يده لتصفعه ونسيت أنها في مكان عام لكن مارتن أمسك بيدها بقبضته و شد عليها فقالت بعنف من بين أسنانه وكأن صوتها فحيح الحية " أترك يدي أيها القذر تعتقد أني سأكون مثل تلك الغبيات الآتي يصرعن تحت قدميك ما أنت يا مارتن إلى حيوان في صورة بشر تبحث عن الفتيات الجميلات في كل مكان ولا تنكر هذا لقد رأيتك وأنت تحتضن أحدهن وتدخلها بيتك ولأنك ساقط تظن أن الناس كلهم مثلك تدعي النزاهة وما أنت إلا رجل فاسق" اشتدت قبضته على يدها حتى ظنت انه سيكسرها لها وقد بدا الغضب على وجهه لكنها لم تعد تهتم لغضبه ولا لقوته فكلمته فقط كانت كفيلةً بأن يفجر قنبلة الغضب في قلبها ويجعلها كالبركان تغلي من الحمم قال وهو ينظر لها بعينين ضيقتين و يزيد في شدته قبضته "أعيدي ما قلتِ " قالت بعناد وهي تتألم "أترك معصمي " لكنه لم يتركها بل زاد في قبض يدها وعينه في عين الحمراء الغاضبة الثائرة فقالت وهي تحاول إفلات معصمها الذي يكاد يتحطم تحت القبضة الفولاذية كم هو مؤلم أن تشعر بضعفها " أنت تؤلمني" عندما قالت هذا أرخى قبضته وما أن تمكنت من سحب يدها لم تمهل نفسها الوقت لتفرك معصمها الأحمر وقد رسم فيه خطوط أصابعه إلا وقد دوى في المطعم صوت صفعة قوية رسمت أثر أحمر على وجه مارتن ثم قالت بصوت مختنق "أنا أكرهك " نظر الناس نحوهما أخذت حقيبتها وركضت خارج المطعم محاولة ربط جأشها فالدموع أول شيء يجب أن لا يراه مارتن الواقف في مكانه و وجهه مظلم من الغضب كان الناس يحدقون إليه ومن بينهم ادوارد الجالس في زاوية المطعم مع نفس الفتاة التي رأتها كاثرن في بيت مارتن لم تكن مرافقة ادوارد ترى شيء مما حدث لان ظهرها كان لجهة مارتن وعندما التفتت كان مارتن قد سحب نفسه من أعين الناس بهدوء وتبع كاثرن شاهدها وهي تركض في الطريق المؤدية إلى منزلها ركض خلفها بخطواته الواسعة وأمسك بذراعها وأدارها نحوه بعنف محكم قبضتيه على كلتا يديها لم يكن هناك سوى ضوء القمر الذي مكنها من رؤية الغضب في وجهه وعيناه تنظران بخطر قريب "أتصفعينني أمام كل هذه الناس؟ " " ولو استطعت قتلك لفعلت أتركني لا أريد أن أراك بعد اليوم" "ليس قبل أن نسوى الحساب بيننا" دفعها عنه بعنف ورفع يده ليصفعها فأمسكت بيده يد ادوارد " لم أكن اعلم أن الرجل المحترم يمد يده على فتاة ضعيفة " " وما شأنك أنت؟ " لم يرد يجيبه ادوارد وأعطى كاثرن مفتاح سيارته وأشار إلى مكانها وطلب منها العودة إلى بيتها أسرعت كاثرن مبتعدة عنهما وهي تشكر الله من صميم قلبها أنه ساعدها ثم ادوارد الذي أنقذها من هذا الوحش حاول مارتن أللحاق بها فاعترض ادوارد طريقه ومنعه من ذلك. انطلقت كاثرن إلى منزلها وهي تحاول تهدئة نفسها وضربات قلبها المتصاعدة ولم تلتفت إلى الخلف حيث دخل الرجلان في قتال كبير... دخلت كاثرى البيت وهي تتمنى ألا يراها والدها وقد عادت مبكرة صعدت إلى غرفتها وأخرجت دفتر مذكراتها الذي لم يولد إلا منذ أسابيع قليلة وبدأت تكتب كل ما حدث وختمت مذكرتها بأن كتبت " كم هو مؤلم أن تحب شخص وهو يبطن لك البغض كم هو مؤلم أن تصدم بأناس تحبهم وتجدهم خائنون لك كم هو مؤلم أن تخدع من قبل من تحب كم هو مؤلم أن يظن بك السوء من تحب وكم هو مؤلم أن تقول لمن تحب أني أكرهك " كتبت التاريخ والساعة وقامت تجهز حقيبتها لتسافر في الصباح الباكر لم تستطع النوم تلك الليلة وفتحت النافذة تنظر إلى النجوم المنتشرة على ستار السماء السوداء لم تشعر بالوقت وهو يمر "انه الفجر سأذهب لأودع شاكي فقد حان وقت الوداع الأخير " لبست حذاء رياضي و قميصاً أصفر و جينز أسود ثم نزلت إلى الإسطبل لا يزال الظلام مخيم على المكان كما الحزن في قلبها فتحت الباب وأخرجت شاكي لتمتطى صهوته في جولة أخيرة. ركضت في المزرعة وهواء الفجر البارد ينعش روحها البائسة .عادت إلى الإسطبل وقابلت بيتر "صباح الخير بيتر لما أنت هنا؟ لا يزال الوقت مبكراً" "صباح الخير آنستي استيقظت باكرا ولم يكن لدي ما أقوم به فرأيت أن أأتي إلى الإسطبل أنظف الخيل " ترجلت كاثرن من شاكي وأعطته بيتر وطلبت منه أن يعتني به جيداً لأنها ستسافر اليوم ولن تعود إلا بعد فترة طويلة و أخبرته كم تتمنى أن ترى أمه قبل رحيلها لكن الظروف لم تسمح لها ثم ودعته ودخلت البيت شاهدت الخادمة تعمل في المطبخ فاتصلت بادوارد قبل أن يستيقظ والدها وجدته مستيقظاً فلم ينم هو الأخر طيلة الليل وأخبرته أنها ستأتي لتعيد سيارته وطلبت منه أن يوصلها إلى محطة القطار لتسافر إلى لندن عرض ادوارد عليها مشاركتها الرحلة لأنه لم يأتي إلى هنا إلى لأجلها وبما أنها ستسافر فلا حاجة لوجده هنا فوافقت وأخبرته أن يعد أمتعته لأنها ستأتيه في أسرع وقت بعد أن يستيقظ أبيها و تخبره بسفرها . بعد الإفطار أخبرت والدها أنها مسافرة بعد ساعة وتعذرت بحفل سالي و سكوت و أنها ستباشر العمل في الشركة بعد أسبوع من وصولها و وعدته أن ترى أمها وتعرف سبب غضبها و تتصل به لتعلمه . حاول توماس أن ثنيها عن السفر لكنها أصرت وبعناد فستسلم والدها لرغبتها ودعت أبيها و تأسفت أنها لم تقضي معه وقت أطول شعرت أنها في سباق مع الوقت عليها أن تخرج من هذه القرية من المكان الذي سبب لها أكبر ألم في حياتها . ذهبت إلى الفندق الذي يسكن فيه ادوارد ورأته يلبس قبعة يخفي بها وجهه ورفع ياقته معطفه "ادوارد علينا ألا نتأخر أرفع هذه القبعة عن وجهك لترى الطريق" " أنا أرى الطريق كيف كانت ليلتك " أجابها ادوارد بذلك وهو يرفع حقيبته عن الأرض ولم يرفع القبعة عن وجهه مدت كاثرن يدها و اختطفت القبعة من رأسه و رأت أثر لكمة قوية على عينه فقالت بهدوء لكن الغضب واضح في صوتها "يا الهي.. هل مارتن من فعل هذا بك " " لا تخافي أنها غير مؤلمه لكنك مدينة لي بتفسير لما حدث البارحة" " لا وقت لدي الآن سأخبرك في الطرق و عليك أن تعاهدني ألا تخبر احد من أصدقائنا" " أعدك..انتظري حتى أعيد تلك السيارة التي استأجرتها لصاحبها " رآها مقطبة الجبين تسرح بخيالها بعيداً فقال " بما تفكرين" "لا شيء علينا أن نسرع قبل أن يفوتنا القطار" مشت في صمت بجانب ادوارد وشكرت له عدم محاولته اللبقة في قطع هذا الصمت الذي اختارته . وهي تتوعد أن قابلت مارتن مرة ثانية أن ترد له الصاع صاعين فما فعله بها وبصديقها لا يغتفر هل يعتقد أنها امرأة لعوب لقد اعتاد مارتن على شخصية القيادة ولم يعتد على أن يقف أحد في طريقة وهذا يفسر هجومه الوحشي على ادوارد أن مارتن يلقى الأوامر لكن لا يتلقها لكنه هذه المرة وجد نداً قوياً وسيرى بنفسه سافرا إلى لندن وهي تقص على ادوارد أحداث تلك الليلة المظلمة ادوارد صديق مخلص وهو بمثابة أخ لها فقد واسها حتى كاد ينسيها مارتن لولا تلك الضربة في عينة التي تعيد ذاكرتها إليه. لم ينم إلا ساعة قبل الفجر وهاهو الآن يذرع غرفته ذهاباً وإيابا إلى من يلجئ الآن توقف فجأة وأخذ سترته من فوق السرير وخرج إلى منزل أم بيتر تلك العجوز التي كانت تخدم في منزل السيد ألبرت مع زوجها الراحل عندما انظم هو إلى تلك الأسرة بعد وفاة والده الحبيب بسبب الصدمة التي تلقاها من زوجته أنجيلا . لم يكن يعرف القصة كاملة في ذلك الوقت وبعد أن أصبح شاب أصر على توماس أن يخبره بالحقيقة كاملة فأخبره توماس بكل شيء يعرفه ولم يخفي عليه من أمر والده شيء كان والده أندرسن على علاقة جيدة مع توماس فهما صديقان من أيام الطفولة جمعا القليل من المال وكافحا لتغير معشيتهم قبل أن يتزوجا واستطاعا أن يؤسسا شركة صغيرة وهم في أول شبابهم .إلى أن أتى اليوم الذي حلما به كبرت الشركة وأخيراً قررا الزوج عندما التقى أندرسن بوالدته أنجيلا و وقع حبها في قلبه وطلب منها الزواج لكنها اشترطت عليه أن يأخذ أسهمه من الشركة ويبني شركة لوحده لم يكن هذا سهلاً عليه لكنه لم يرد أن يفقد المرأة التي عشقها فذهب إلى توماس الذي صدم لهذا الشرط من خطيبة صديقة وكان توماس أفضل حظ من أندرسن فخطيبته ألفيا امرأة حكيمة متزنة طلب توماس من ألفيا أن تتكلم مع المرأة وتقنعها بالعدول عن رأيها لكن أنجيلا رفضت وأصرت على رأيها أحتار أندرسن ماذا يفعل فذهب إلى توماس وأعتذر منه في أن يأخذ حصته من الشركة ..حاول توماس أن يبين له أن هذا سيضر بالشركة و ربما خسروا كل ما بنوه طوال هذه السنين وقامت ألفيا تحذره أن تلك المرأة التي يحب لا تصلح له لكن حبه أعماه عن رؤية الصواب وأخذ ماله من الشركة وتزوج أنجيلا أما توماس فقد أنقذت شركته ألفيا التي أشترت حصة أندرسن بالمال الذي ورثته عن أبيها وعملت مع توماس بنجاح حتى وصلت الشركة على ما هي عليه الآن. وكان والده المسكين تاجر بماله وبني شركة مستقلة ورزق بابنه مارتن الذي حينما بلغ السابعة من العمر خسر كل ماله فقد خدعته زوجته واستطاعة أن تجعله يكتب جميع أمواله بسمها ثم طردته من البيت وطلقته و عاش بعدها أبيه في بيت أخته إليزابيث ومعه مارتن الذي لم تسأل أمه عنه لأنها تزوجت من رجل أخر. بدأت صحة والده تتدهور ومرض مرضاً شديداً وبقى على حاله ثلاث سنوات ولما اشتد عليه المرض أرسل أندرسن إلى توماس وألفيا يطلب حضورهما في منزل أخته إليزابيث .كان توماس وزوجته في لندن فسافرا فوراً إلى بيت العمة إليزابيث في الريف تاركين أبنتهم الصغيرة التي تبلغ سنتان عند خالتها ليزي في لندن. التقى توماس بأندرسن وهو على فراش المرض حينها أوصاه على ابنه مارتن وطلب من ألفيا أن تعوضه حنان الأم الذي فقده ثم مات صعب الأمر كثيراً على الزوجين والعمة التي رفضت تسليم مارتن لهما لكنها في نهاية الأمر تركته لهم بعد أن عرفت أنها رغبت أخيها .هام الصبي الصغير اليتيم يبكي على أبيه وكره أمه بل وأنكر وجودها ومنذ ذلك الحين وهو يسميها زوجة أبي ولا يقول لها أمي وكره غباء أبيه الذي سلم كل مالهم لامرأة لا ترحم ولا تملك قلباً. أخذ توماس مارتن و أشترى بيت في الريف قريب من بيت العمة التي كانت قلقة بشأنه وأهتم بتعليمه وما أن بلغ العشرين عاماً أخذه معه إلى الشركة ليتعلم التجارة . ماتت عمته وكان هو الوريث الوحيد فسكن في المنزل وتاجر ببقية المال الذي ورثه لم تمضي ست سنوات حتى تسلق سلم الثراء بدأ يظهر له من بعيد بيت ماري التي التقى بها عندما كان يتيماً في العاشرة من عمره في بيت توماس. كانت تظهر محبة عظيمة له وتهتم به بشكل مثير جعله يتعلق بها في صباه. لا يمكن له أن ينسى تلك المرأة الشابة التي تمسك بيده وتركض به بين الحقول ثم تصعد معه إلى هضبة مرتفعة ويجلسان يراقبان الغروب وتقص عليه من حكايات الماضي حتى يبتعد عن عالمة الأليم كانت مربية جيدة انتزعت طفل بأس لا يرى في طرقة إلى الشوك فزرعته أمامه ورود إنها ملاذه الأمن الذي يذهب إليه عندما يكون مهموم حزين حائر فتضمه إلى صدرها الدافئ وتستمع إليه وهو يبكي فتمسح دموعه ثم ترشده إلى الطريق الصحيح بدأت ذاكرة مارتن وهو في طريقة تثير ذكرياته المؤلمة.وتذكر أيام حمل ماري وكأنه يراها الآن تمشي أمامه بتثاقل وهي في الشهر التاسع من حملها وحين اقتربت ولادتها لأبنها بيتر في يوم ممطر لليلة شاتيه مظلمة عندما أخرجته ألفيا من الغرفة فركض خارج المنزل وأسرع ليجلس خلفه تحت نافذة غرفتها ودموعه تمتزج بماء المطر وهو يدعو الله أن يسلمها سمع صوت الوليد يصرخ ويبكى فعاد إلى المنزل وهو مبلل من المطر و استقبله توماس ورفعه عن الأرض وهو يدور به في الهواء ويضحك ليبتهج الصبي الحزين وهو يقول "أنها بخير بخير وزقت بولد جميل" أنزله توماس على الأرض ووضع يديه على كتفي مارتن وقال "سأذهب لأخبر ديفيد لابد أنه قلق على زوجته" ركض مارتن باتجاه غرفة مربيته فطرق الباب ودخل مسرعاً دون أن ينتظر إجابة وشاهد ألفيا جالسة على حافة السرير بجانبها وهي تهز الوليد الصارخ في محاولة لتهدئته وتضحك و تقول له "أقترب يا مارتن وانظر إليه أليس جميلاً" لن ينسى تلك ألحظة حين أقترب من السرير ونظر في وجه ماري والعرق كان لا يزل على وجهها حين أمسك بيدها وقبل ظهرها ثم لامس بيده المرتعدة خد الطفل وماري تراقبه بعينيها العسليتين وتقول "أصبح لديك أخ صغير وستعتني به لأنك أخوة الأكبر" فقال بشفتين مرتجفتين وعيناه متسعتان وقد خاف أن يخطف الطفل حنانها منه فهو يعتبرها أمه "ولكني ....لست أخوه" ابتسمت له وقد قرأت ما يدور في نفسه أنها تعرفه وتفهمه وتقرأ أفكاره ككتاب مفتوح "ستصبح أخوه الأكبر كما أصبحت أنا أمك يا صغيري " مدت ألفيا الطفل إلى يدي مارتن وقالت "أمسك أخاك " كان الصبي يبكى وصراخه ملئ المكان وعندما استقر بين يدي مارتن و هزة بهدوء مخافة أن يسقط على الأرض توقف بكاء الطفل فا فتحت ألفيا عينيها الخضراوان ورفعت حاجبيها وقالت ممازحة وعلى شفتيها ابتسامة عذبة "أممممممممم يبدو انه يحبك ولا يحبني " ضحكت مربيته ماري وضحك مارتن وهو يكاد يشرق بدموعه وألفيا تنظر إليه مميله رأسها تبتسم فقالت ماري " لا أعرف ماذا أسميه لما لا تسمي أخاك يا مارتن" "أنا؟" "أجل أنت " قالت ألفيا "دعوني أفكر في اسم جميل " لكن مارتن قال "أسميه بيتر" قالت ماري وهي تداعب خد مارتن بيدها "أنه أسم جميل وستعتني ببيتر الصغير يا مارتن أتعدني" "أجل أعدك يا أمي" منذ ذلك الوقت وهو يعتني ببيتر و خوفه من فقدان حنان ماري وحبها له لم يكن له وجود فقد زاد اهتمامه به وتفقدها له كي لا تحسسه بالحرمان أو الغيرة ومع توالي السنين كبر بيتر وأصبح مارتن وبيتر أخوة متحابين ومات الرجل العجوز الطيب ديفيد وبكى الجميع عليه كان يوماً مؤلم يدخل إلى مذكرة مارتن الحزينة .عندما أصبح غنى فاحش الثراء طلب من بيتر ومارى السكن معه في منزله الكبير فرفضا ذلك بشدة وفضلوا أن يعيشوا أيامهم المتبقية في بيت ديفيد .وكان هو يعلم في قرارات نفسه أنهم لا يقبلون الإحسان من أحد و يرفضون الشفقة . أفاق مارتن من ذكرياته عندما وقف أمام الكوخ الصغير هاهو اليوم يعود ليشكو لها لقد عاد مارتن الشاب الغني الناجح الذكي إلى مارتن الصبي اليتم الحائر ليسألها إن كان ما فعله صواباً أم خطاء أخيراً وقف أمام العجوز وقابل العينين التي ارتسمت حولهما الخطوط وعلى فمها الصغير من توالى السنين أقترب من المرأة الجالسة على الكرسي وقد غطت قدميها بغطاء صوفي وردي اللون واشتغلت يدها بأعمال التريكو ابتسمت له وقبل جبينها ولم تفتها نظرة الحزن في عينيه إنها تعرفه جيداً ضحكت بصوت منخفض وقالت "أجلس أمامي هنا وأخبرني ما الأمر" جلس مارتن وقص عليها الذي حدث بينه وبين كاثرن ليلة البارحة وهي صامته لا تقاطعه وتدرس تصرفاته ولما أنتها من كلامه نظر حوله وكأنه يبحث عن عذر يبرر موقفة ثم استقرت عينيه بعينيها أغمضت ماري عينيها وعقدت حاجبيها ثم هزت العجوز رأسها أسفا وقالت بصوتها المتقطع "هل رأيت منها تصرف مشين؟" " كلا لكنى أراها تتكلم مع الجميع و كأنها تعرفهم وهذا إغراء كافي من فتاة جميلة" "لكنك لا تجهل أنها سكنت في المدينة وهذا طبعهم يتكلمون مع الجميع بعفوية قل لي هل هي خجولة" " تمثل هذا " " وما الذي يجعلك متأكدا من أنها تمثل" " تصرفها مع صديقها.... معي تكون خجولة و عنيدة وعندما رأيتها مع صديقها كانا قريبين من بعضهما وحميمين" "انه صديقها في الجامعة وأيام الدراسة كانت كفيلة بكسر الحواجز بينهما" " ولكن هذا لا يبرر كل الحميميه التي شاهدتها " "هل هو وسيم ؟" "لماذا تسألين ؟" "هل تغار منه؟ " " أنا أغار منه ولماذا؟ ولأجل من؟ لم يحدث ولن يحدث هذا أبدا " قالت وهي تعلم أن مارتن لم يعلم بزيارة كاثرن لها " آه كم تمنيت أن أراها " " احمدي الله انك لم تريها فسوف يخدعك بريق عينيها الخضروان " "إذا هي تشبه أمها ...كان هذا كفيلاً كي لا تطلق لسانك لقد بالغت كثيرا وأخطئت في حق الفتاة يا بني " "أنت تتحدثين وكأنك تعرفينها " "آه لقد اخبرني عنها بيتر و أخبرني أنها تشبه أمها كثيراً ولا أشك في أنها تشبه أمها شكلاً و مضموناً " "أنت تعذبيني يا أمي كأنك تقولين أني مخطئ" " الست كذلك؟؟ أن كنت تتعذب من كلامي فلقد قتلت المسكينة بكلامك اللاذع أن أقسى ما على الفتاة أن تتهمها في شرفها وهي عفيفة " " لكني لست متأكد من هذا " "وكذلك العكس مسكين أنت يا صغيري أعمتك غيرتك وصورة أمك السيئة التي في رأسك " "أغار؟؟ هذا مستحيل وليس على فتاة متحررة عنيدة" سكت مارتن و أمسك رأسه بين يديه " ماذا أفعل الآن أخشى أن تخبر السيد ألبرت بما حدث أقسم انه لن يرحمني هذه المرة" "لا تخف لن تخبره " " أرى أنك واثقة " "كما انك أمامي ...سيمنعها حيائها من هذا وحبها لوالدها " "آه أنت تقولين هذا لأنك لا تعرفينها أنها تثير المتاعب منذ أتت القرية" "أنت تحبها أليس كذلك" قال بلهجة غير مبالية وهو يهز كتفيه "كيف يمكن لقلبي أن يحب فتاة عنيدة متحررة وعلاوة على ذلك متصابية هل فقدت عقلي وفؤادي" "أنسيت أني أعرفك لو كنت لا تحبها لما ظهر هذا التعب على وجهك ولا كل هذا الاهتمام " لم يجب مارتن على كلامها وبقيا صامتين لفترة قصيرة بدت لمارتن دهر ثم قالت له "هيا؟" "ماذا" "أعترف لي؟ " "أعترف بماذا؟ " "أنها لا تهمك" "حسناً هي لا تهمني " "رائع أذاً كل مشاكلك ستحل فور رحيلها إلى لندن وربما لو رأيتها بعد عدة سنوات لن تكون غاضبة منك أبداً لأنها ستتأبط ذراع زوجها وترحب بك لتقدمك له ومن يعلم ربما يكون ادوارد و أنهما ينتظران طفلهما بكل شوق وحب" صمت مارتن وأخذ نفس طويل و كأنه مختنق لم يحتمل هذه الصورة أبداً ولا يرديها أن تحدث ثم أبعد شعره عن جبينه بحركة عصبية فقالت ماري "إذاً؟؟" "ماذا يا أمي؟ " "قل أن هذه الصورة الأسرية الجميلة لا تهمك وأنك لا تبالي" "أنت تعرفين أني أكره هذه الصورة" "حسناً أعترف لي أنك تحبها " صرخ وكأنة يعبر للعالم كله عما بداخلة "أجل أحبها أحب تلك الحمراء العنيده أحبها من أعماق قلبي ولم أحتمل ما حدث البارحة أني غبي أحمق لما فعلت حينما تركتني وذهبت ورأيت وجهها الخائف عرفت أني غارق في حبها حتى أذني " أعاد مارتن رأسه بين يده وزفر بيأس لينفس عن ألألم الذي بداخله كان الخوف في عيني كاثرن يعذبه. لا تحب ماري أن تري مارتن هكذا ولا أن تسمع تلك الزفرة التي تطعن قلبها لقد كافحت طويلاً حتى لا تسمعها لكنها اليوم عادت .مدت ماري يدها تمسح على رأس مارتن مواسيه له فرفع رأسه ونظر بحزن إلى عينيها وهي تبتسم له ملاطفة أمسك يدها التي انتقلت إلى ووجنتيه وقبل ظهرها ثم قال "شكراً يا أمي " " لا تجلس هكذا" فقال مستسلماً "ماذا تريدين مني أن أفعل" "أذهب و أعتذر لها " "أعتذر لها لقد اتهمتني أني أطارد الفتيات الجميلات وأدخلهم بيتي " ضحكت العجوز منه وقالت له " ربما كانت تثار لنفسها" " لا لقد قالت أنها رأت ذلك بعينها " قطبت العجوز حاجبيها تفكر ونظرت إلى مارتن وفتحت عينها وكأنها مندهشة "هل تقابل الفتيات يا ولد" "حتى أنت يا أمي أنا لست في مزاج يسمح لي بالمزاح" "أنا لا امزح قال لي بيتر أن أختك زارتك أول أمس" " وماذا في ذلك " "قد تكون كاثرن رأتها وظنت أنها عشيقتك " "ماذا؟ " " آه يا حبيبتي الصغيرة رأت أختك ثم سمعت كلامك الأحمق فاكتملت الصورة في رأسها وتأكدت شكوكها " " لست اعرف ماذا تعنين؟" "أعني أنها قد تكون رأت أختك تدخل بيتك فاعتقدت أنها عشيقتك اذهب واكشف الأمر لها واعتذر منها" قال بيأس "لكنها لا تحبني" "تصالح معها الآن ثم سنتحدث في الباقي لاحقاً" لا يزال مارتن جالساً في مكانه يفكر هل ستقبل اعتذاره أم لا فقالت ماري " هيا قبل أن أنزل بعصاي هذه فوق رأسك" وقف مارتن مبتعداً عنها وقال " اجل وشكرً لك أمي ولا تخبري أحداً بسري خصوصاً أخي بيتر" "أتمنى لك حظاً طيباً يا مارتن و احرص على أبعاد صورة أمك من رأسك" اقترب منها مارتن وأمسك يدها بين يديه وقال بحنان "كم مرة علي القول انه ليس لي أمٌ سواك وأعدك أني سأحاول أن ابعد صورة زوجة أبي السيئة من رأسي" " أتمنى لك التوفيق يا بني؟ " "شكراً أمي وادعى الله لي " كان مارتن يودع العجوز حين دخل بيتر " مرحباً سيد روبرتسون" أقترب منه مارتن ولف ذراعه حول عنق بيتر وشده بقوة وكأنه يخنقه وهو يبعثر شعر بيتر بيده الأخرى "قلت لك كف عن مناداتي بالسيد روبرتسون " " حسناً .حسناً لكن ليس أمام الناس " " ألا تعتبرني أخاك" " الناس لا ترانا كذلك يا أخي فما انا إلا سائسي الخيل في مزرعة السيد ألبرت" ترك مارتن بيتر وقال وهو يبادل ماري الابتسامة "لقد ذكرتني لا يمكنني البقاء معك أراك لحقاً " كانت ماري مستمتعة بالنظر لهما وهي تستعيد كل لحظة عاشوها معاً وكم كان حب مارتن لبيتر واعتنائه به حتى أنه إلى الآن يشعر بأنه مسئول عنها وعن بيتر أما بيتر فكان يفرك رقبته ممازحاً "كدت تقتلني يا رجل" "ليس لدي وقت لك أيها الصغير عندما أعود سأدق عنقك جيداً يا أخي " أقترب بيتر من أمه في حركة مسرحية وأحاط كتفيها بذراعيه وقال "أمي أتسمعين ما يقول أنه يهددني انجديني " "هيه لا تلجئ لها أن أمي تحبني أكثر منك" أتجه مارتن مسرعاً إلى الباب وهو يسابق الوقت لكن بيتر أستوقفه "أنتظر يا صديقي لن تجد السيد ألبرت في البيت لقد ذهب إلى القرية" " أنا لا أريد مقابلته أنا ذهب لا قابل أبنته كاثرى" "لن تجدها هي الأخرى لقد سافرت صباح اليوم تبدو لي اليوم على غير عادتها متضايقة مضطربة غاضبة لم أرها على هذه الحال منذ قدومها " جمد مارتن في مكانه وقد دارت كلمات بيتر برأسه حتى أنه لم يعد يرى أو يسمع شيء ثم نظر إلى ماري التي بدت عليها الصدمة هي الأخرى كما أدرك كلاهما أنه هو السبب في رحيلها وبيتر بينهما يحاول أن يفهم نظراتهما فقال مارتن بهدوء محاولاً أن يبدو صوته طبيعياً " أذاً لابد أن أعود لمنزلي هناك أمور لابد من تعديلها أراكما قريباً " خرج مارتن بسرعة فالتفت بيتر إلى أمه "ماذا به؟" "لا أعلم" ابتسم بيتر لامه وهو يعلم أنها تكذب عليه فجلس على حافة كرسيها وهو يبتسم ثم نظر إليها مشككاً "أنا اعلم ...أنه عاشق " ثم نقل بصره إلى النافذة يراقب مارتن وهي يمتطى صهوة جواده الأسود لم تدهش ماري كثيراً فمارتن وبيتر يفهمان بعضها جيداً وتعودا على الشفافية فقالت "حقا؟" كان بيتر لا يزال ينظر إلى النافذة عندما قالت هذا لأنه يعلم أن مارتن أستأمنها على سره لطالما كان يدخل على مارتن وهو يجلس بجنب ماري وممسكاً بيدها ويتكلم بصوت منخفض وإذا دخل عليهما غيرا حديثهما وأن سألهما عن ما كانا يقولان قال له مارتن "أسألُ أمي إن كانت تحبني أكثر منك" ويدخل هو ومارتن في مطاردة وماري تلحقهما ثم يدخلان في مشاجرة ودية تنتهي بسقوط كليهما على الأرض يضحكان وماري تضحك منهما وتقول أنهما أكبر مجانين العالم وهو يعلم لو أن مارتن أراد صرعه لفعل ذلك في ثواني لكنه أخ حنون أنتبه أخيرا إلى أمه و نظر إليها بحنان وقال "أجل أنه يعشق كاثي المسكين وقع في الحب أخيراً" "لا تشمت به وإلا وقعت مثله" "ربما أريد هذا" "أمممم؟" ضحك بيتر من نظرة أمه فغير مجرى الحديث وقال وهو يضع يده على كتفها "أني أحبه كثيراً يا أمي " "وأنا كذلك يا بني" أقترب مارتن من منزله وطلب الخادمة وسألها إن كان أتى إلى البيت احد في يوم قدوم أخته فقالت له الخادمة "نعم يا سيدي أتت الآنسة ألبرت" صرخ بعصبية "لما لم تخبرني؟" " أنت طلبت منى أن أمنع أي زائر من القدوم وبالأخص الآنسة ألبرت وألا أخبرك بقدومها أن أتت" تذكر مارتن ذلك لقد كان غاضباً بسبب ادوارد وكان قد قرر أن يخرجها من حياته فأمر خدمه ألا يدخلوها البيت ولا يخبروه بقدومها فلا ذنب للخادمة أنما هي تتبع أوامر فقال بعصبية "انصرفي" ودخل غرفة مكتبه وجلس على الكرسي ثم دار بالكرسي الفاخر لينظر من النافذة التي خلفه إلى الغابات الممتدة وفجأة أتت إلى رأسه فكره قرر أن ينفذها على الفور فخرج من مكتبه واعد حقيبته لسفر ثم اتجه إلى بيت السيد ألبرت وانتظره هناك ليودعه.


[shfaf1]http://www.enjaztech.com/up/i/00015/rjzsj4wc6qvr.gif[/shfaf
1]
__________________