عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-24-2008, 11:00 PM
 
نفحات قرآنية (لقد خلقنا الانسان في كبد)

نفحات قرآنية (لقد خلقنا الانسان في كبد)
الكبد هو الألم والمشقة والشدة، أي جعل الله تعالى الإنسان بحيث يعاني المتاعب والمشقات من المهد إلى اللحد لترتفع نفسه عن مستوى البهيمية. حيث أن الخلية الأولى لا تستقر في الرحم حتى تبدأ في الكبد والتعب والنصب لتوفر لنفسها الظروف الملائمة للحياة والغذاء بأذن ربها، وما تزال كذلك حتى تنتهي إلى المخرج


وما يكاد الجنين يرى النور حتى يكون قد ضغط ودفع حتى يكاد يختنق في مخرجه من الرحم، ومنذ هذه اللحظة يبدأ الجهد الأشق بتنفسه وصراخه الذي يشي بمشقة البداية، وفي كل تجربة جديدة كبد... في حبوه ومشيه وأكله وغيرها... ثم تفترق الطرق وتتنوع المشاق. وأن في الأرض ذاتها بعض الجزاء على ألوان الكبد والكدح والعناء، فأن الذي يكدح للأمر الجليل ليس كالذي يكدح للامر الحقير، والذي يموت في سبيل التكامل الإنساني النفسي وإصلاح المجتمع البشري ليس كالذي يموت في سبيل نزوة وشهوة، فالشباب يذبل ويولي والقوة تتبدد وتصبح وهناً وضعفاً، وهذا الجسد الذي ملأ الدنيا حياة وحركة سيعصف به الموت يوماً ويلقى به في باطن الأرض جثة هامدة متعفنة لا تلبث أن تصير تراباً. والإنسان وحده من بين المخلوقات هو الذي تستبد به هذه المخاوف، كما قال أبن الرومي:
لما تؤذن الدنيا به من صروفها
يكون بكاء الطفل ساعة يولدُ
وألا فما يبكيه منها وإنها
لأرحب مما كان فيه وأرغدُ
والسؤال المنطقي هو أن الكبد هو الشدة والمشقة والتعب، فلماذا خلق الله عز وجل الإنسان كذلك؟.... فبالإضافة إلى ما تقدم فالجواب هو أن تحمل الشدائد والمشقات من أسباب تكامل كل موجود، حتى الذهب لم يفتن بالنار ولم يتعرض للصدأ مهما اختلفت الظروف وإلا فما صار الذهب ذهباً خالصاً نقياً، فكيف الإنسان وهو أكمل الموجودات فلا بد له من تحمل الشدائد والمشقات في جانبي التكامل الجسمي والروحي، وهو لا يستطيع الخلاص من مشاق الحياة مع أن الدنيا دار امتحان وعمل وهي لا تخلو من التعب والعناء بل لابد منها وإلا فليست بدار امتحان، وأخسر الخاسرين هو من يعاني كبد الحياة الدنيا وينتهي إلى الكبد الأشق والعناء الأكبر في الآخرة.
__________________
لولاك رب ما اهتدينا ولاصمنا ولا صلينا
رد مع اقتباس