مشاركة: زواااااج المسيااااااااار!@!
بالإضافة إلى هذه الموانع الاجتماعية التي يتحايل عليها الرجل في زواج المسيار فهناك موانع نفسية وأخلاقية وإنسانية يضرب بها زواج المسيار عرض الحائط. إن إغفال العاطفة والمشاعر في تلك العروض وتلك الشروط التجارية التي يزخر بها زواج المسيار يجعل المرء متشككاً في طبيعة العلاقة المتحققة في هذا الزواج (هل هو طلب للزواج مبني على التفاهم والحب المؤدي إلى تكوين أسرة أم عقد على مشروع جنسي،(متعة مقابل مال)... إن هذا العرض فيه إهانة للمرأة التي يجب أن تسمو فوق ماديات الحياة لأن في هذا السمو حريتها وكرامتها التي لا تقبل المقايضة مقابل المال بالإضافة إلى أن في هذا الزواج تحطيماً لأساس الأسرة والاستقرار الأسري فالحقوق التي تتنازل عنها المرأة أساسية لبناء أسرة مستقرة.
ومن المفارقات التي تثير الدهشة في قرارات المجمع الفقهي التي أصدرها متزامنة مع إجازة زواج المسيار، ما أصدره بخصوص شروط خلع المرأة من زوجها إذ قرر المجمع أن كراهية الزوجة لزوجها ليست مسوغاً للخلع، حيث أوضح المجمع أنه إذا كان البغض لسبب مشروع فيحق لها الخلع، بينما لا يستجاب لها إذا كانت تريد الخلع من زوجها لمجرد أنها لا ترغب فيه فقط. وجاء في تلك الفقرة أن الخلع"مباح ومندوب في حق الزوج استجابة لطلب الزوجة إذا وجد ما يدعو إليه من ظلم الزوج أو تقصيره في أداء الواجبات الزوجية الشرعية أو كراهية المرأة للبقاء معه، وخشيتها من عدم قدرتها على الوفاء بحقوقه فهو في هذه الحالة مباح مندوب في حق الزوج أن يخالع، لكن في هذه الحالة لا يكون ملزما أو واجباً". وقال الدكتور صالح المرزوقي الأمين العام للمجمع "إن الجديد في الأحكام الشرعية بالنسبة لقضايا الخلع أنه صدرت قوانين في بعض الدول الإسلامية تعطي القاضي وتلزمه بأن يخلع المرأة من زوجها لمجرد طلبها، ومن ثم فإن المجمع قرر في دورته الحالية ألا يجبر القاضي الزوج على الفراق بمجرد طلب المرأة إذا لم يكن هناك مسوغ شرعي". فهل هناك مسوغ أكبر من كره أحد الطرفين للآخر ليكون سبباً في طلب حل العقد بصورة واضحة من قبل المرأة دون تدليس ودون غش؟ الزواج يقوم على العشرة بالمعروف والمودة والرحمة بين المرأة والرجل فكيف لهذه الأهداف أن تتحقق مع وجود الكره؟ المطلوب هو تقنين الأنظمة وفق روح الشريعة لكي تحدد هذه الظاهرة وتنظمها، بحيث تعطي المرأة حقها الشرعي في استمرار الحياة بالمعروف أو التسريح بإحسان في حالة رغبة المرأة في الخلع لبغضها الاستمرار في الحياة مع الزوج حتى ولو كان السبب نفسيا غير ظاهر للعيان.
الزواج هو من أخطر العقود الشرعية، لذلك يجب أن يحقق الأهداف المرجوة من وجوده، فإذا تحققت كان عقداً سليماً. ورغم أن عقد المسيار صحيح شرعاً إلا أنه لا يحقق جميع الأهداف المرجوة من الزواج لأنه قد يهضم حقوق المرأة والأطفال، هذا إذا كان هناك أطفال! ومن ثم فإن تبرير زواج المسيار كحل لمشكلة العنوسة أمر مرفوض إذ لا يجوز استخدام موضوع العنوسة لفرض مزيد من التنازل من جانب المرأة عن حقوقها الشرعية. الأولى أن نفكر في معالجات سياسية وتنموية واجتماعية لا أن نلجأ إلى اختيار الطريق الأسهل مثل زواج المسيار القائم على انتقاص حقوق المرأة.
نحن إذن لسنا في حاجة إلى فتوى تجيز زواج المسيار لأنه مجاز بحكم الحاجة والممارسة والعادات. نحن في حاجة لإيجاد قوانين خاصة بالأسرة والمرأة من شأنها رفع المعاناة والتعسف اللذين يقعان على المرأة جراء الممارسات الجائرة من بعض الأزواج سواء في حال استمرار الزواج أو انتهائه بالطلاق. نحن في حاجة إلى قوانين تلزم الزوج بعدم إخراج مطلقته من بيتها قبل انتهاء العدة. نحن في حاجة إلى قوانين تلزم الرجل بالنفقة على أولاده وعدم حرمان الأم من حضانتهم إذا كانت قادرة ومهيأة لأداء هذه المهمة الإنسانية. نحن في حاجة إلى الكثير من القوانين التي تحمي المرأة من سوء استغلال الرجل لحق القوامة على المرأة كي يكون المجتمع آمناً معافى وكي ينشأ الأطفال في جو نفسي مستقر داخل الأسرة مادام الزواج قائماً بل وحتى بعد الطلاق.
|