انتهت فترة راحتنا والآن علينا العودة لـ { نيويروك } للعمل ... وأنــا التي توقعت أن تكون الفترة طويلة ! ولكنها مرّت مثل البرق .
ـ لا أصدق بأني فررت ... هذا أفضل شيء فعلته في حياتي!
قفزت كليو في مقعد الطائرة بكل لهفة ، وأنا بدور تمعنت بملل من النافذة أنظر لـ مطار ، الأرض تقترب شيئًا فشيء ، مع كوني أكاد أطير من الفرح لرؤية لوي، وأن هنالك عمل ينتظرني وكذلك فتاةٌ أتشبث بها كصديقة ... إلا أن قلبي يدق بطريقة دالة على المشاكل، قلبي يدقُ بتلك النبضات عندمــا مرِضت لأيام ، عندما رأيت أمي تبكي ... تلك النبضات التي جلبت الهلع لي!
ـ اهدء قليلًا !
أزحتُ تلك المشاعر ناظرةً نحو كليو ، فقد أزعجتني بثرثرتها اللامتناهية عن حياتها الجديدة معنا ، " أنـا مدينة بحياتي لكم ، سأكون أفضل صديقة لك بل يمكنني الطبخ والتنظيف وحتى الحياكة !" كليو توقفت عن القفز ونظرت لي ببعض الحيرة ، لما لا بدأت أشعر بالوعكة في معدتي ... تلك المشاكل على مقربة أشعر بذلك ، لاطالما ملكت تلك الحاسة !
ـ نشكركم لإتخاذ هذه الشركة من أجل الطياران وأتمنى أنكم حصلتم على رحلة متميزة ، والآن نرجو من الجميع انتظار لحظات في حين يتم فتح الأبواب من أجل النزول !
أطلقت نفسًا عميق صاحبه ثِقلً ، شعرت بقلبي يدق أكثر فأكثر ، فككت حزام الأمان في حين قفزت كليو نحو مقصورة الحقائب فوقنا لأخذ حقائبنا ، تسوقنا نعم ... ولكن ليس حد الإفراط ، بل من طيبة قلبي ابتعت للمسكين لوي ملابس ، أم كانت طريقة لاختيار لباسه كما فعل لي!
ـ هيّا إنهم يخرجون !
قالتها كليو مادةً حقيبتي صوبي ، ابتسمت لها بشكر وأخذتها واقفةً على قدماي ، بدأنا بالتوجه نحو المخرج بكل هدوء ، وقف مضيفوا الطيران يشكروننا ويتمنون لنا السعادة ، من ثم شعرت بنسمات الهواء تداعب وجهي بكل سحر بمجرد أن خرجت من تلك الصفيحة ، لم أشعر بالتوق إلا للآن !
نزلنا السلالم وتوجهنا نحو منطقة الختم ، أعطتني كليو جوازها من حقيبة يدها الحمراء الكبيرة، مع مصادقتي لـ كليو طوال الخمس أيام تلك ... اكتشفت بأنها تملك حس موضة رائع
ـ سمر هاريس ، كليو فالجون ... أليس كذلك ؟
طأطأ كلانا رأسه دون استيعاب ، وشعور القلق بدأ يجتاحني ، سلَّم الرجل جواز سفرنا من ثم رفع سماعة الهاتف السوداء يتحدث بكلماتٍ مختصرة كي لا نفهم شيء
ـ آسفٌ على التأخير لكن هل يمكنكم اللحاق بي لحظة !
قُبِضَ قلبي من جديد ، لم أرتح للأمر ، غرست أظافري في رسغ كليو التي شعرت بألم خفيف ونظرت لي باستغراب .
ـ مــابالك ؟
همست لي في حين قادنا أحد حرَّاس المطار نحو منطقة في الخلف ، راقبت الرجل بنظرات ثاقبة في حين كليو تأملتني بعيون قلقة جعلتها تتسائل عما يحدث لي
ـ ابقِ على مقربة منّي ...
رأيت الخوف في عينيها ووجها الأبيض انخطف لصفار ، بدأنا بالسير إلى غرفة مجهولة ، بقينا نسير لمدة خمس دقائق إلى حين رأينا الباب المطلوب ، كتب عليه "الاستجواب " شعرت بـ كليو تقترب نحوي تنظر للمكان برهبة شديد ، تحدث رجل الاستقبال من الحارس فيما بينهم ، ثم التفت لنا وابتسم بتواضع ورحل ، تسمر كلانا ينظر للحارس من ثم دفع الباب بقوة لنرى مجموعة كبيرة من الرجال يرتدون ملابس شرطة
ـ لقد أتينا بـ سمر ؟!
نطق الحارس يشير لي من ثم دفع كلانا داخل الغرفة بحركة عنيفة ، سمعت ضحكةً مألوفة لا طالما كرهتها ، التفتُ للخلف لأرى كامرون الأخرق والجبص على قدمه اليمنة ـ ليتك مت!ـ
أقفل الباب وعلامات النصر تعلو وجهه ، التصقت بـ كليو لمحادثتها
ـ اتبعيي حركاتي !
همستُ لها ، هي رمشت عيناها دلالةً على الموافقة ، في حين اقترب النقيب كامرون صوبي يضحك بجشع ويداه على خصره السمين
ـ وأخيرًا نلتقِ يا جملية ! ... عليَّ الاعتراف أنت أصعب مجرمة قابلتها
قال ممسكًا خصل شعري يتفحصهم ، قشعر جسدي لقرف يداه ، على الأغلب السكر يغطيهم من الكعك المحلى ـ ضربت يده ليبعدها عن شعري ، اعتلى الغضب وجهي
ـ ماذا تريد ؟
نبحت له بصوتٍ غاضب ، ضحك من جديد وتوجه نحو الباب من أجل الخروج ولكنه نظر لي من كتفه وابتسامة مريض نفسي الصقت على وجهه
ـ أنتِ خلف القضبان !
خرج من الغرفة بكل شموخ يضحك لوحده في الردهات ، تفحصت المكان خمس لـ عشر رجال من الشرطة بدأوا بالتحرك نحو الباب للخروج ، لوهلة ظننت بأنه تركنا لكن أحد رجال الشرطة أمسك يدانا بكل إحكام يقدونا بعنف للخارج
ـ هــــي ... لا تدفع هكذا !
صرخت كليو نحوه تحاول جعله يرخي قبضت يده عن يدينا
ـ اخبرنِ ، أنا المطلوبة هنــا ... لما أخذتم هذه المسكينة معي ؟
نظرت لرجل ، بدى بأنه إيطالي أو اسباني فشاربه أبدى على ذلك وكذلك اللكنة
ـ أبلغ عمّها عن الفقدان ... وكنتم أغبياء لرجوع ، هو الآن في طريقه لـ نيويورك
بدأت كليو بالرج كالمجنونات ، ودموعها هالت كشلال ... رأيت الرغبة الموت في عيناها ، شعرت بالخوف نحوها لذا أمسكتُ يديها أحاول تهدئتها بأي طريقة
ـ لا تقلقِ ، لن أجعله يأخذك ... أعدك !
فلندعو بأنني قادرة على القيام بهذا الوعد ، لأنه صعب جدًا
ـ والآن إلى أين ستأخذوننا ؟
قلتها لرجل من جديد ، نظر لي بقرف من ثم تابع دفعنا بقوة ، تنهدت بتعب وتلفت يمنة ويسرة لرؤية الحضور كان الرقاق فارغ لذا انتهزت الفرصة لركل الرجل وجعله يقع على الأرض من الألم
ـ هيّا !
أحكمت الإمساك بيد كليو وبأننا بالجري ، جلت بالمكان أبحث عن مخرج ، التفت نحو باب ولكنه مقفل ، شمت الحظ وعدت للجري في الرقاق ... الامر المخيف لأن باقي رجال الشرطة في الامام والأخرق في الخلف وربما يستطيع اللحاق بنا بعد قليل ، شعرت بالجدران تغلق علّي لوهلة ، انتبهت كليو لي وبدات تقود جسدي للمخرج ، رايت شريط ذكريات يمر ، سأدخل السجن !
سأخسر الوظيفة وأعود مشردة وعلى الأغلب لوي لن يود اي علاقة معي من بعدها ، وكليو ستغضب مني لانني لم التزم بالوعد ... سأخسر حياتي للمرة الثانية !
ـ توقفوااا!
سمعنا لكنته الإيطالية تنادي ، ازدرءت لعابي أنظر لـ كليو المشتتة ، لم أعلم ماذا افعل ولكن لن أستسلم بعد ... مع ذلك القدر قرر أن يضحك علينا ويغلق أبواب الفرار
ـ ليس اليوم !
شعرت بكلبشات تغلق عليّ التفت للخلف لأرى ابتسامته المجنونة تمسك بسلسلة المفاتيح التي تفك أسرنا
ـ هيّا لسيارة ~
دفعنا بقوة كبيرة نحو المخرج الذي كان أمامنا طوال الوقت ، شعرت بالغباء في حين شهق معظم المسافرين لرؤيتنا مع الشرطة ، شتمت أسفل أنفاسي أنظر لـ النقيب كامرون يلوّح للحضور يطلعهم بأن الأمر بخير ... أقسم بأنه يحاول ترك انطباع رجلٍ قد قبض على تاجر مخدرات و زميله الذي يرمي الجثث
ـ أملك الحق في مكالمة هاتفية ! أريدها الآن
اخبرته بكل سخط ، قهقه كامرون عليّ وطأطأ رأسه بموافقة للامر وبقيّ بقربي
ـ افعلي ذلك
أخرجت هاتفي من جيب البنطال بيدي الحرة أبحث عن الاسم الوحيد الذي قد يساعدني ، اتصلت عليه ووضعت السماعة بمقربة من أذني أتمنى أن يرد ...
ـ ألم أقل بأنني أملك جلسة استماع ؟!
ـ أنا آسف حسنًا ... ولكن لدي أخبار سيئة !
ـ لنأمل ! لأنني خرجت من المحكمة مثل المجنون
ـ لقد تم القاء القبض علينا ... وعلى الأغلب سأسجن وكليو ستعود لعمها المنحرف!
ـ هـــا ؟!
ـ لوي ، سوف نسجن !
ـ سمعتك ، ولكن كيف ؟ ولما ؟
ـ لا يهم فقط أخرجنا أكفلنا أي شيء ... لا أود خسارة العمل غدًا ، افعل أي شيء !
صرخت بالهاتف قبل أن يمسك النقيب الهاتف من يدي ويضعه في أذنه
ـ أيًا تكن ، لقد تم القبض على سمر هاريس بتهمة تخريب ممتلكات عامة و كليو فالجون سيتم سجنها مؤقت لحين مجيء عمّها ، إن ملكت المال أكفلها ! طاب يومك !
وهكذا أقفل الخط ووضعه في جيب بنطاله ، تنهدت بيأس ... سيكون من جميل إن وضعوني مع أماندا و لكن النقيب حقير ... سيضعني في زنزانة قد ملأها العفن على الأغلب !
...
ـ أتعلم ... لا أفهم لما لا تملك حياة خاصة بك ، تثير شفقتي كامرون !
قلت له من خلف قضبان الحديد ، كليو قد غطت في نوم تود نسيان همومها ، والنقيب جلس بجانب الزنزالة يتناول الكعك كعادته ، لقد اصبت فهو وضعنا في زنزالة عفنة و رطبة بعيدًا عن أماندا وماثيو ، لقد انقضت خمس ساعات منذ حبسنا وبدأت أشعر بالملل والجوع !
ـ أملك حياة الآن ، بعد أن ألقيت القبض عليك !
ـ أخرق!
تمتمت بعد أن شخر بضحكته يحتسي من القهوة خاصته ، الساعة تجاوزت الثانية عشر مساءً وهو يحتسي القهوة ؟! لا أظن بأنه يملك حياة غير عمله ... على الأغلب يعيش مع والدته !
ـ سمر هاريس و كليو فالجون !
نزل أحد رجال الشرطة بيده ورقة صفراء ، وقف النقيب على أقدامه يتسائل ما يحدث من حولنا ، ضربت كليو لتستيقظ ، فزعت بالاول من ثم وعت عمّا يحدث
ـ أطلق سراحهم
شعرت بوجنتاي تنشقان من الابتسامة الفرحة ، وقف كامرون أمامي ليمنع الرجل من فتح الزنزانة وعدم التصديق قد وصف رده
ـ ماذا تعني بذلك ؟ لقد أخبرتكم بأنها مجرمة!
صرخ نحو رجل الشرطة ، مع ذلك أزاح الرجل النقيب كامرون وأخرج سلسلة مفاتيح وفتح باب الزنزالة
ـ ذهبنا مع فتًا شاب نحو الاماكن العامة التي خربتها الآنسة هاريس ... ولم يكن هنالك دليل على أنها خربت تلك المناطق !
صرّح الرجل ، وددت احتضانه بكل قوة ولكن ربطت تلك المشاعر لأن الأمر سيبدو غريب
ـ ماذا تقصد ... رأيتها بأم عيناي وبيديها الطلاء ترسم على الجدران
ـ ربما رأيتها ولكن لا تملك الدليل الكافي ، فاسمها غير موجود على الجدران أو اي دليل يقود صوبها
أمسكتُ يد كليو بفرح ، وبدانا من بعدها بالصعود للسلالم لنرى وجه الأرض من جديد، دخل نقيب كامرون في شجار حامٍ مع رجل الشرطي عن كون المركز غير عادل ، شعرت بحبل الحياة طويل لوهلة ، مررنا بقسم الممتلكات وأخذنا حقائبنا من ثم خرجنا من المركز نزيل همّ هذا المكان ... احتضنت كليو بقوة كبيرة وهي فعلت المثل نتحدث بفرح عن أعجوبة فررنا هذا
ـ ألا أستحق حضن كذلك ؟
سمعت صوته بقربنا ، تلك النبرة الفرحة ... أعادتني لصوته عندمـا عزف البيانو ، فككتُ الحضن ونظرت نحوه دون تردد ، قلبي دق من جديد وهذه المرة بحماسٍ وشوق ... هل الانسان يتغير في ثلاثة أيام ؟ لا اظن ذلك ولكن لوي فعلها ، قص شعره ليصبه أنيق وسرحه للأعلى ، لكن ملابسه كما هي ، وابتسامته مشعة كذلك ، ركضت نحوه كما لو كنت بفلم ، كنت أبتسم كطفلةٍ رأت أحب شخصٍ على قلبها ، ماذا فعلت بي يا لوي في شهر؟
قفزت عليه من الفرحة ولكنه تمكن من إمساكي ، احتضنت ظهر رقبته بقوةٍ شديدة ، رائتحه كما هي ... نعنعٌ و ذلك العطر الرجالي
ـ لن تصدق كم اشتقت لك يا أبله!
قلتُ بنبرةٍ مبحوحة بعض الشيء ، سمعت قهقهت لوي تنزلق من فمه في حين بادلني العنق متأخرًا ـ ربما أخذته بغفلة ؟! ـ
ـ ماهذا الذي أسمعه ، اعترافٌ بالحب؟
أخبرني بسخرية ، من ثم أرجعني للخلف ليُري وجهه المشع ، لقد احمرَّ مثل طماطم طازجة ، لا أعلم لما ولكن وجدت الضحك أنسبُ شيءٍ
ـ أنــا في الحب؟ لم أفكره به يومًا ... ولكن سعيد الحظ ذاك لديه مشاكل عقلية ليختارني!
ضحك لوي على تعليقي الساخر ، كم وددت صفع نفسي ... لما لم أقل نعم؟ لمــا أنكرت ذلك ؟
أنزلني أرضًا فقد طُفت في الهواء لدقائق ولم ألحظ ذلك ، داعب خصلات شعري بطفولة من ثم وعيت بأن كليو في الخلف ، التفت نحو لأراها تبتسم ببلاها نحونا ، أشار لوي لها بالاقتراب وهي فعلت ذلك ، سرعانما نظرت لكلانا بطريقة منحرفة وابتسامة لعينة
ـ أأستطيع أن أكون عرابة طفلكمــا ؟ أجد اسم دايفيد جذاب واسم سيلينا جميل ... ولكن بشأن الزفاف ، ستقيمانه بـ بريطانيا أليس كذلك؟ سيكون من الجميل أن أسافر هنالك !
ثرثرت بكلمات لا معنى لها ، لوي نظر لي بعشوائية ويمكن رؤية الإحراج في عيناه وكذلك السعادة ، لا يسعني سوى ان أوافق تعابيره ... سيكون من الجميل أن أحظى بزفاف ، مهلّا ... لم أعترف له لا داعٍ لاستعجال الأمور !
ـ بغض النظر عن الحب لكن كيف أخرجتنا ... وماذا عن عمي!
قالتها كليو بكل عجلة وهذه المرة يداها محكمة الإمساك بذراع لوي مثل طفلة صغيرة
ـ آه ، بشأن ذلك !
ابتسم ينظر لكلانا دون تحديد
ـ تذكرت بأن سمر ارتني إحدى رسوماتها ولاحظت بأن اسمها غير مودن لذلك تحدث مع المحامية وقالت بانه غير مذنبة وعليك إخراجها ، بالنسبة لك ... فقد اتصلت مع عمّك من أجل ابقائك ، والامر المضحك بانه سمع بأن في نيودلهي وليس نيويورك ، رجل غريب وعندما عرف بذلك فرح على عكس الصورة التي وصفتيها لنا ، قال بانه سيمكث في الهند لأسبوعين من ثم يأتي للحديث معك بأمر العيش ، بما أنك ستجتازين السابعة عشر بعد أربع لثلاث أشهر من الآن
احتضنته أنا من جديد من باب الشكر ، وكذلك كليو ... لم أجد كلمات توصف شعوري ، اظن بأن المساعدة تاتي مفعولها !
ـ حسنًا ... الآن أود تناول طعام ، معد من قبلكم فأنا حقًا رمقت الطعام الجاهز !
ابتسم بتعجرفه التام ، وشعرت بقلبي يدق من جديد ، شبك كل منا ذراعيه بالاخرى لنبدو باننا أعز أصدقاء على وجه الأرض
ـ لمــا لا ؟
* يتبع