عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-20-2016, 10:39 AM
 
Arrow متــــــــى يحـــــــــط الرحــــــــال ؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم

متــى يحــط الرحـــال ؟؟

( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )

يرحل في أروقة الزمن .. هنا يومـا وهنالك يومـاَ .. كان ذات يوم في تلك المدينة الصاخبة .. وكان ذات يـوم في تلك القرية الوارفة الهادئة .. يعرف أهلها ويلاعب أطفالها .. وقد تلاشت فيها ألوان الحواجز .. وتلاحمت فيها عروة الكلفة البينية .. حيث الصراحة بمنتهى الراحة .. وحيث القلوب المفتوحة في استراحة الباحـة .. وقد تلاقت الأحاسيس .. وتقاربت عروة الوداد .. والآمال تـلك المرهونة بالديمومة في جنـة السعادة .. فذاك التواد وذاك الإخاء وذاك التراحم .. ولكن تلك رياح الأزمان لا تعرف الصبر والاستقرار .. وهي الحقيقة القاسية .. حيث العشـرة التي لا تعرف الديمومة .. وحيث رياح الظروف الظالمة .. التي لا تستكين ولا تستريح .. ولا تبيح الخيار في الكفوف .. ودائماَ وأبداَ تعشق الترحال .. وتعبـد الاسترسال .. هذه المرة مع أهل القرية والأخرى مع أهل المدينة .. والتالية مع أهل البوادي والأسفار .. والتالية مع أهل السواقي والقفار .. ولقد تعددت المواني في البحار والأنهار .. والقبطان مازال حائراَ يشتكي من عدم الاستقرار .. دوامة من الحل والترحال في طيها الكثير من مواجع التذكار .. فالبكاء عند اللقاء والبكاء عند الافتراق .. وقد يعـود بعد زمن وقد خلت الديار من زمـرة الأحباب .. فلا زيد هنالك ولا عمرو .. راحل إلى أروقـة الحياة وراحل إلى أروقة الممات .. والملامح قد تبدلت والوجوه قد طمست .. وحيث يكبر الصغار ويهـرم الكبار .. وحيث تمحو ذاكرة الناس من جولات الماضي في زحمة الأحوال والأهوال .. وعندها تفقـد لوحـة الماضي محاسن الجمال التي كانت ذات يـوم .. وتكون في الساحات لوحات بديـلة هي بالتأكيد ليست لأهل الماضي بل هـي لأهلها في الحاضر .. وأنغام تعجب سمارها وتليق بأمـزجة أجيالها .. فيا أيها القادم من خلف البحار بعد طول الأسفار كيف تحط الرحال ؟ .. وقد خـلت تلك الديار من أهلها الأبرار .. وتلك المجالس قـد تبدل سمارهـا .. وحين تريد الغناء تجد نفسك تغرد في سرب غير سربك .. وذاك نشاز يشوه معزوفة أهل الزمن الذين ينكرون تغريـدك ! .. وعندها سـوف تدرك جيداَ أنك غير مرغوب في زمن الآخرين .. وأن زمنـك قد تولـى مع تـلك الأيـام .. وأن رفاق الـدرب قد رحلوا عن ذلك المـدار .. وقد يجاملك البعض بالترحاب .. ولكن ذاك ترحـاب مبذول من خلف الحجاب .. لا يلتقي بالصدق ولكن مجرد بادرة حتى لا يكون العتاب .. ولو رحب بـك أهل الحاضر فلن تجـد في ذلك الترحاب أمرا يستحق المدح والإطراب .. ومهما تريد التحليق في أجواء الآخرين فلا يمكن التحليق بأجنحة السراب .


( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــ

الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

رد مع اقتباس