شهق وزفر مستأنف بتسارع يعقبه بخار دافئ أبيض كالثلج المتدثر تحت موضع انتصاب قدميها!
أرخت ملامحها بعد أن مسحت وجنتيها المبللتين بسائل لم يكن له لون قط تماما كروح الوحدة التي تغزو كيانها!
كورت كتلة من الثلج بين يديها قبل أن تقذف بها بعصبية مصيبةً رأس الطفل الواقف على مبعدة منها منشغل في صنع أشياء عدّة يصنعها خياله. _ أختي .. لمَ فعلتِ هذا؟
نبرته الغاضبة وأوداجه المحمرة بطفولية , لم تلقى غير الصرامة مجيبةً أياها! _ ما كان عليك إخبار والداي عن الأمر! _ كان عفويا!
دافع عن نفسه بنظرات متوسلة , غير أن عذره لم يكن كافيا بالنسبة لها , ذكرته قائلة __ كان سرًّا أيها الأحمق _ خذي!!
ألقى عليها كرة ثلج , رغم كونها كانت رمية ضعيفة , ولم تصلها , إلا أنه أخذ في الجري , وهي التي أطلقت ساقيها مطاردة إياه , وتهديداتها لم تنفك تندفع من بين شفتيها المحمرتين من البرد _ سوف أطعمك لكلب العجوز ماركو , حالما أمسكك أيها الوغد!!!
أخرج لسانه مصدرًا صوتًا ساخرًا لإغاضتها, قبل أن يصبح معانقًا للأرض عقب اصطدامه بشيء ما!
أحس بالدوار , وبالحرارة تتصاعد إلى رأسه , تشوشت صورة عمود الانارة أمام عينيه وانغلقتا!
أشاحت بوجهها بعيدا عن ناظري والديها , سئمت من تبرئة نفسها , وهي الملامه الوحيد قبل ان تكون المحظوظة بهروبها من كل مشكلة واجهتها ! _ أخبرتكما بأننا كنا نلعب فقط!
_ وتسمين هذا لعبا؟! بربك إيف , لم لا تتصرفين كفتاة بالغة!
راقبت بخمول غريب انفعال والدتها , من سيفهمها؟ هي ليست المخطئة الوحيدة! عقلها في سبات قد ارتقد , وأجيج قلبها لم يتوقف عن الخفقان , لم تشعر بنفسها إلا وهي تسيرعائدةً إلى غرفتها , نداء والدها بالعودة صار بعيدا , وأمر والدتها بالعقاب والحبس في غرفتها حتى تقبل وتعتذر عن خطئها , كان صداه خافتًا!
أدارت المفتاح ليمنع بذلك أي كيان من الدخول!
ألصقت ظهرها على الباب الحشبي , لامست الأرضية الخشبية تحتها بسباباتها التي تماثل الأخيرة برودة!
أخذت تلهو برسم أشياء عدة , رغم كونها لا تملك حبرًا تنقش به ما ابتذل خيالها لحظتها , كان ضربًا من فراغ!
تخيلت وقتها عصفورًا يتغنى بصوته العذب , وسنجاب شره يتناول حبة البندق بين كفيه الصغيرتين , وفتاة كانت تمثل ذاتها جالسةً أسفل شجرة البرتقال , ينفر منها الحزن , مستشعرًا تهديدًا متعطشًا للسعادة! ,,, هي متعطشة !!
زفرت بحدة , هي تشعر بالعطش , رغبة جامحة في سكب كوب مليء بالماء في حلقها الجاف واتتها , رغم أن الجو بارد إلى حد كبير!
رفعت ساقيها الملتحفتين بفستانٍ أصفر عتيق الصنع , وأرخت رأسها لتلامس بدفئٍ ركبتيها _سأحاول النوم , فالاحلام وقتها تنتدب الزيارة !
وما غير الأحلام يتخد مسار الراحة ؟! وسط أوج مستمد من السكون , اختلجت مقلتيها بانسدالها في الظلام!
يستحيل أن تخرج لشرب الماء وتقابل والدتها وجهًا لوجهٍ مجددًا!
{أيها العطش ابتعد}!!
كم مضى من الوقت؟
تحسست عنقها بتألم , وضعية نومها غير مريحة على أية حال!
ألقت نظرة من النافذة , السماء مظلمة بشكل مخيف !هل تجاوزت منتصف الليل؟
أرخت ساقيها واستدارت لتفتح الباب ببطء , ليس عليها إيقاظ أحد فهي المعاقبة بالحبس!
البيت يعج بالهدوء , بالتأكيد الجميع نائمون! لعلها الفرصة السانحة لرشف بعض الماء! , على ذكر ذلك ,,, التشققات في منطقة البلعوم قد بدأت تتسع! هزت رأسها يمينًا ويسارًا ,الفعل أفضل من التفكير وحده !
سارت ناحية المطبخ , إلا أنها توقفت فجأة! بعد أن سمعت صوتا , بالتأكيد لم تتخيل ذلك! ,, من قال هذا؟
أجفلت وهي تشاهد ظلاً طويلًا يتحرك داخل المطبخ , لحظات وأخذ في الاقتراب شيئا فشيئا , ولم تشعر بنفسها إلا وهي تفتح الباب على يسارها , وتخرج الى الشارع! لم تدرك ذلك إلا حين لامست قدميها الثلج تحتها , هل تعود؟
حدقت في الباب خلفها , وعادت تنظر الى الشارع المظلم أمامها , أي الخيارين تختار؟؟
لربما يكون شبحًا يعشعش بأطفاله في المطبخ أو لصًّا يسرق الخضار !
لحظة! ليس للأشباح أطفال , ومن اللص الذي يدخل منزل فقراء , ويسرق أوراق السلطة وحبات البرتقال الرطبة!
صفعت وجنتيها بخفة , لعله والدها يسير أثناء نومه كالعادة!
سارت الى الأمام وهي تعدل شالها بني اللون " ماهذه القشعريرة المفاجئة!"
كم مضى عليها وهي تسير؟ ألقت نظرة حولها , لو اشتغلت خلايا عقلها , لأدركت أنها لم تعد في الحي الذي تعيش فيه , ببساطة هي ضائعة!
لم تستطع تقبل تلك الفكرة عبلى أي حال , وأدارت رأسها مقرة الرجوع! لكن ما الفائدة ؟ المنازل أمامها وخلفها لم تعد مألوفة , كأنها صارت في بلدة أخرى !! _ حبًّا بالله!
أغلقت عينيها باكتئاب واضح , لم تعد تشعر بقدميها المنغمستين وسط كتل الثلج !
جلست أرضًا وهي تشعر بالغضب على نفسها! _ هذا بسبب غبائك!!
ضربت الأرض بقبضتها , وقد تجمعت الدموع في مقلتيها , ما الذي ستفعله الأن ؟
من قال أن المعجزات لا تحصل؟ _ فتاة في منتصف الليل؟ -
يتبــــع |
__________________ قلبكَ دافئٌ كما الحنين🌻 سابقاً C I E L |