عرض مشاركة واحدة
  #158  
قديم 01-30-2016, 10:39 AM
 







18
[ وظننت الشمس لن تغيب ]


وقفت في شرفة القصر تراقب شروق الشمس الهادئ و سقوط أشعتها الدافئة على أسطح البيوت ، داعبت خصلات شعرها القصير شاردة في جمال هذا المنظر ، كان صعبًا عليها قَصُّه (شعرها) لكنها شعرت برغبة في التغيير .

انتبهت عندما سمعت صوت دان وڤانيسا يطلبان الأذن في الدخول .

كان التغيير من أسلوبها صعبًا لكنها اعتادت على الأمر أخيرًا متناسية النيران التي تحرق قلبها فقد أدركت أن ما تفعله لن يجدي نفعًا .. لن يعيد عائلتها مهما حاولت .

جلست على الأريكة وجلس هو أمامها ، عرض بعض الأوراق التي كانت بيده على الطاولة التي تفصل بينهما و قال بجدية :
- لقد عاد السيد هيتو بالأمس من رحلته لقد فكر مليًا في طلبك ووافق .

قالت بشك :
- لا زواج من أميرات مملكتنا بعد الآن .

- وسيحل السلام إلى الأبد .
أشار إلى زاوية الورقة بقلمه :
- وقعي هنا عندما تكونين مستعدة للطلاق لن تضطري إلى ترك القصر يمكنك البقاء هنا إن أردتِ ، لن ترِ السيد هيتو بعد الآن و إن أردتِ العودة إلى عائلتك فيمكنك في أي وقت .

حركت رأسها علامة الرضا و نظرت للورق بعينين حذرتين كانت تخشى مما هي مقدمة عليه هل تفعل الصواب ؟

أخيرًا أستطاعت النطق ببعض الكلمات الباهتة :
- سأفكر قليلًا بعد .

أومأ برأسه وجمع الأوراق من جديد ، سأل :
- أتريدين تناول فطورك الآن ؟

- ليست لدي رغبة .

هم بالوقوف فأوقفته بسؤالها :
- هل سمعت قبلًا بأسم ماري لوغان ؟

تغيرت ملامح وجهه فجأة وقال ببطئ وحذر :
- نعم .

قالت ببراءة :
- أيمكنك إخباري القليل ؟

رفع حاجبه في حيرة :
- ملكة سابقة ليس إلا .

تنهدت بنفاذ صبر :
- أهذا كل ما تعرفه ؟

ابتسم واسترخت عضلات وجهه براحة :
- نعم .

أنصرف فتقدمت ڤانيسا تسأل :
- أهناك شيء آخر أستطيع تقديمه لكِ ؟

كانت قسمات وجه ڤانيسا الهادئة تريح أعصابها فقد كانت الوحيدة التي تعاملها بلطف وتبتسم لها وتحدثها بعفوية .

- أشعر بالحنين .

أستشعرت بحة الحزن في كلماتها فنظر إليها باهتمام .

وضعت وجهها بين كفيها لتهرب من نظراتها وقالت بصوت باكٍ :
- لم أعد أستطيع الإبتعاد عنهم أكثر لقد مر أكثر من عام ولم يأتِ أحد لزيارتي هل أنا مكروهة لتلك الدرجة ؟

جلست خادمتها أمامها و ردت بصوت لامسه الغموض :
- أحيانًا يتخلى المرء عن أبنائه ليكتشفوا حياة جديدة ينسوا بها أهلهم وهذا أفضل له ولهم ..

قاطعتها :
- لا يبدو كلامك معقولًا ، هل يستطيع المرء نسيان أهله ما الجميل في ذلك ؟

أرجعت رأسها للوراء و تعلقت عينيها بالفراغ :
- لست أنا من قال هذا لقد كانت هذه كلمات والدي لم يكن يستطيع الأعتناء بي مع أخوتي الثلاثة وأمي المريضة لذلك أعطاني لأحد التجار عندما كنت في الخامسة عشر مقابل بعض النقود و مسكن نظيف يمكنه العيش فيه ، كنا نجوب الشوارع بحثًا عن الطعام لم يكن الأمر سهلًا فاضطر إلى ذلك .. سألت نفسي ذات يوم ألم يفكر في إبقاني معهم لكنت ساعدته في أي عمل يطلبه حتى لو قتلني ذلك لم أكن لأُمانع في الموت حينها إن كان هذا سيجعلهم بخير .

توقفت قليلًا وكررت ساخرة :
- أحيانًا يتخلى المرء عن أبنائه ليكتشفوا حياة جديدة ينسوا بها أهلهم وهذا أفضل له ولهم .. ربما الأمر مُشابه .

شعرت بوخزة في قلبها و سرت في جسدها إرتعاشة ، فكرت في كلماتها فلم تستطع إبعاد كفيها عن وجهها من فرط الألم .

وقفت بعدها معتذرة واستأذنت بالخروج لإكمال أعمالها تاركة الأوراق خلفها على الطاولة .

**

كان الجو منعشًا لطيفًا يبعث بالنشاط و الحيوية ، دبت الحياة في شوارع مملكة لوغان وضجيج سكانها جعلها وكأنها تنبض .

سارت بين حشود الناس تضم إلى صدرها كتابًا أزرق الغلاف وعلى كتفيها علقت حقيبة صغيرة .

كانت سعادتها غامرة فبالأمس تلقت رسالة تطلب منها العودة إلى المدرسة العليا من جديد لا كطالبة بل كمعلمة .

برغم من عدم ثقتها إن كان سينجح الأمر فهي لم تتخرج لتكون معلمة ، على الأقل ستُدَرِس في المجال الذي تجيده .

تخبطت في الناس من حولها و هذا طبيعي في شارع ضيق كهذا ، لا تدري ماذا دفعها للعبور من هذا الطريق ؟!

فجأة سقط كتابها أرضًا ورأت أقدام الناس تدوس عليه ، أنتابتها حالة هيستيرية وخشيت إن أنحنت لألتقطه يدوسون عليها هي أيضًا فحاولت إبعادهم عنه بدفعهم بذراعيها وكانت كلما تهم بالالتقاطه تتراجع من جديد ، شعرت بطول الوقت حينها و أوشكت على البكاء رأت يدًا تمتد لتلتقط الكتاب وتمسح عليه برفق ، مدته لها :
- لم يصب كثيرًا يا ..
بترت جملتها وهي تنظر إلى وجه نيكول ثاغرة الفاه ، لم تستطع نيكول إخفاء دهشتها و قالت بعدم تصديق :
- روز ؟

توسعت ابتسامتها واندفعت تعانقها ، فقالت بهمس :
- دعينا نخرج أولًا من هذا الزحام .

ابتسمت من جديد و سحبت يدها تجرها خلفها حتى خرجتا من الشارع ، قالت بحماسة :
- لا أصدق حقًا أنها أنتِ لقد تغيرتِ كثيرًا يا نيكول !

قالت باسمة :
- أنظري إلى نفسك أيضًا لم أعرفك في بادئ الأمر .

ضحكتا وانتبهت نيكول بعدها إلى الوقت ، قالت بهلع :
- سأتأخر أتسمحين ؟

مدت لها الكتاب الذي كان ما يزال في يدها فشكرتها و قالت متوترة :
- آسفه سأضظر للذهاب الآن .

لم يبد عليها الإنزعاج و قالت متفهمة :
- لا عليك أنا أيضًا تأخرت أراك في وقت لاحق .

لوحت لها مبتعدة فقالت بصوت عالٍ :
- سأتطلع لزيارتك .

أستدارت وأكملت طريقها ركضًا حتى وصلت إلى بوابة المدرسة تنفست الصعداء محاولةً تخفيف توترها وتقدمت خطوة أخرى باتجاه البوابة التي لم تعبرها منذ سنين ، همست لنفسها مشجعة :
- لنبدأ .

**

- هل حان وقت رحيلك ؟

رفع هيرو رأسه باسمًا وأجاب :
- آماندا تنتظرني .

تنهد ريد وأستند على الجدار متابعًا بعينيه حركة قلم هيرو السريعة على الأوراق المبعثرة على مكتبه .

- لست مضطرًا لذلك ، إن عدت فستجد ما لا يسرك .
قالها ببعض القلق فأجاب هيرو بعدم اكتراث و عينيه مركزتان على الأوراق :
- ليس هناك أسوأ من موت آماندا .

علم ريد أن لا جدوى من الحديث معه عن الأمر فانتظر حتى يفرغ من عمله ليتمكن حينها من العودة إلى جوريداس .

مع كل دقيقة تمر كان قلقهما يزداد قلق هيرو أن يكون مكروهًا أصاب أخته و قلق ريد أن لا يتمكنا من فتح البوابة .

أنتهى وجمع الأوراق ووضعها في حقيبة طالبًا من ريد أن يوصلها بدلًا منه إلى المشفى صباح غد ، فوافق .

وقف في منتصف الغرفة يحمل بين يديه حقيبة سوداء متوسطة الحجم وضع بها أدواته الطبية وهو على أستعداد للرحيل تقدم منه ريد وأعطاه ورقة :
- أظنه رمز البوابة حسبما أذكر لقد حفظته و دونته بانتظار هذا اليوم لأرى بوابة جوريداس تفتح أمام عيناي من جديد .

- ألا تريد المجئ ؟

هز رأسه و ارتسمت على شفتيه ابتسامة مريرة :
- ليس لدي أحد ألجأ إليه ، هنا عائلتي .
و أكمل بصوت جاد بعد أن تدارك الأمر :
- عليك أن تكون يقظًا لا أظن أن أحدًا يمكنه التعرف عليك بعد أن صبغت شعرك و ارتديت العدسات و النظارات لكن كما تعلم الصبغة لن تدوم طويلًا لذلك يُفضل أن تواظب على صبغ شعرك بالأسود أسبوعيًا و لا تنسَ أستعمال أسمك المستعار افتح البوابة عند أطراف المملكة وتظاهر أنك من مملكة شارك و أنك أتيت للعمل وعندها ستكون بأمان لا تدعهم يقبضون عليك .

قال ببعض القلق :
- أتظن ؟

ربت على كتفه مشجعًا :
- أجل .

نظر للورقة التي بيديه بتمعن ، تنفس الصعداء و بات على استعداد للذهاب .

**

جلس على الطاولة يتناول طعامه ببطئ و عندما انتهى حمل طبقه إلى المجلى و غسله .

عاد إلى غرفته ليبحث عن شيء يشغله فستلقى على سريره ووضع ذراعه خلف رأسه و بيده الأخرى أمسك كتابًا يقرأه .

مر الوقت بطيئًا مملًا حتى كاد يغفو ، أغمض أحدى عينيه و تابع القراءة بالأخرى .

أرخى يده قليلًا وقرب الكتاب من وجهه فسقط عليه .

جلس متألمًا واضعًا يده على جبينه ، زفر بغضب و أزاح الغطاء عنه .

فتح خزانة ملابسه باحثًا عن شيء مناسب لارتداءه في هذا الجو .

مرر عينيه سريعًا على الملابس فجذبه صندوق أسود صغير مربع الشكل في الرف العلوي .

مد يده و أمسك به يقلبه بين راحتي يديه وفتحه ففاجأه محتواه .. قلادة ! .. ومنذ متى أحب القلائد ؟

تفحصها بعينيه وفتحها فصدم .. وظل حائرًا في كيفية وصولها إلى هنا ؟

مر على ذاكرته كلمات إيمي ذات يوم :
- إنها من النوع الذي يُفتح وضعت بها صورتنا نحن الأربعة من حفل الأمس لتبقى ذكرى تجمعنا إلى الأبد .

عقد حاجبيه بانزعاج ورماها لتستقر تحت أكوام الملابس ، أخذ قطعتين من الملابس عشوائيًا وزادت رغبته في الخروج أكثر من ذي قبل .

**

- سيد ويل

ترجل في أسواق المملكة بغير هدى ، جُل ما أراده هو الترويح عن نفسه بإمضاء بعض الوقت خارج أسوار القصر كانت الأسواق تعم بالفوضى والضجيج لكنه استطاع تميز أسمه من بين كل الكلمات .

أبطأ في مشيه والتفت إلى مصدر الصوت متسائلًا كان المنادي يركض لاهثًا فتعجب من مظهره البالي و زاد فضوله لمعرفة ما يريد .

توقف الرجل قبل أن يستضم به و لم تفصل بينهما سوى بضع سنتيمترات ظهر حينها الفارق الكبير بين طوليهما ، رفع الرجل رأسه لتقابل عينيه المتوترتين عينا ويل و قال :
- آسف لذلك ، الأمر طارئ !

بدأ الرجل يسهب في حديثه عن أقتصاد الدولة الذي أوشك على الدمار و يستعمل مفردات لم يسمع بها ويل من قبل فأدرك أنه يتحدث باللغة الأصلية التي يمقتها .

لم يحرك ساكنًا ، لم يستهويه الموضوع فطلب من الرجل أن يكتب شكواه و سيرى ما يستطيع فعله لكنه أبى و انتهى الأمر بعقد إجتماع بعد مناقشات حادة اتضح لويل فيها أن الرجل من كبار تجار المملكة فربما يكون كلامه يحمل شيء من الصحة .

جالِسٌ أمام والدته يهرب من نظراتها هكذا كان طيلة الإجتماع يحيطه الصخب من كل إتجاه لكنه لم يستطع سماع أي شيء عدا صوت والدته يتردد في رأسه "ألا تريد أن تبحث لك عن زوجة أريد أن أراك ملكًا قبل موتي فكر في الأمر هناك العديد من النبيلات في البلاد" .

لم يحب يومًا العيش هنا أراد أن يحيا كأي بشري عادي يستكشف العالم ويتعلم اللغات المختلفة كان صعبًا عليه أن يكون ملكًا على شعب لا يستطيع فهم لغته جيدًا يصوغ لغته الأصلية من عشرات اللغات المختلفة .

وقف فجأة فسقط الكرسي أرضًا ، خيم الصمت وحدق به الجالسون متعجبين من فعلته .

ضرب الطاولة بقبضته وخرج من القاعة .

**

- آسف لتأخري ، أنا الطبيب مارتن أتيت بخصوص الآنسة آماندا بروس .

نظر إليه الواقف عند الباب عاقدًا حاجبيه و كأن كلمة "آنسة" لم ترق له كثيرًا .

حاول الحفاظ على برودة ملامحه و الجدية في صوته كي لا يفتضح أمره .

سأل الحارس بعدائية وهو يعدل سلاحه :
- ماذا تريد بالضبط ؟ لا يوجد أحد في المنزل إنه اليوم العائلي ألم يخبروك بذلك ؟

- لقد فعلوا وأخبروني أيضًا أن الآنسة جاكي ستكون في انتظاري .

لم يكن من الصعب معرفة وجود جاكي في المنزل فهي لا تخرج عادةً في مثل هذا اليوم وتفضل المكوث في غرفتها تفعل أشياء مجنونة !

أفسح الحارس له المجال للدخول و رمقة بامتعاض وهو يسير على الممر الصخري المؤدي لباب المنزل .

لم يكد ينهي طرقته الثانية على الباب حتى فُتح بسرع وخفه وأطل من خلفه وجه جاكي الملئ بمساحيق التجميل .

فزع في البداية من سرعتها لكن ما أفزعه أكثر هو طريقة وضعها للمساحيق وتسريحة شعرها الغريبة ، لوهله ظنها متسولة وإن كانت في نظر فتاة فاتنة الجمال ! شد على قبضته وأغمض عينيه بضيق .

- من أنت ؟
سألته مستفسره ففتح عينيه وابتسم بتكلف :
- أنا الطبيب مارتن ألفن أتيت بخصوص آماندا ، أنتِ الآنسه جاكي صحيح ؟

قالت بتوتر :
- غريب لم يخبرني أحد بالأمر لا أعلم إن كان بإمكاني أدخالك ؟

ضيق عيناه وقال بحدة :
- أنا طبيب وقد تقاضيت أجري مسبقًا هلا تركتني أقوم بالعمل الموكل إلي ؟

بارتباك قالت :
- أجل أجل بالطبع !

قادته إلى غرفة آماندا وخرجت سريعًا و الشك يساورها ، أتكأت على الباب وأخذت تفكر .

سيطرت عليها الرغبة في استراق النظر فنظرت من ثقب الباب ، رأته يقبل جبين آماندا فاتسعت عينيها ذهولًا و دفعت الباب بغضب :
- أتسمي نفسك طبيبًا أخرج من هنا و إلا أستدعيت الحرس .

كان صوتها عاليًا بطريقة أرعبته حاول تهدأتها و توسل أن تخفض صوتها و سيشرح لها الأمر لكنها لم تبالي واندفعت نحو السلالم لتستدعي أحد الحراس لحق بها وأمسك معصمها بطريقة آلمتها فالتفتت له وبدأت دموعها تنساب على وجنتيها .

- جاكي أرجوكِ أهدئي لا أريد أذيتك يمكنني شرح الأمر لاحقًا لذا لا تتهوري ستتسببين بقتلي .

خرجت الكلمات من بين شفتيه حانية هادئة سرعان ما استطاعت تميز ذلك الصوت تفحصت ملامح وجهه بحيرة كان سيشبهه لحد كبير لو خلع نظارته لم تكون معتاده على رؤيته يرتديها .. تشتت أفكارها عندما انتبهت إلى لون عينيه كانتا أشد سوادًا من الفحم و شعره الليلكي يتدلى فوق جبهته كالحرير ، شعر بارتعاشة يدها فافلتها ، همست بفزع :
- مستحيل !

رفعت أصابعها المرتعشة لتمس شفتيها في ذهول :
- أيمكن أنني أحلم ؟

هز رأسه نافيًا .

- هيرو أهذا أنت ؟!
قالتها بصوت مخنوق و كلمات بالكاد استطاع سماعها ، عدل نظارته وأحفض بصره :
- فقط لا تخبري أحدًا ليكن سرًا بيننا لن أطيل المكوث سأفحص آماندا و أرحل .

قالت مشيرة إلى رأسه ببعض الخوف ، تلعثمت :
- ولكن .. ولكن ماذا حل بلون شعرك و عينيك أهو مرض من نوع ما ؟

- لا تقلقي مجرد تنكر بسيط سيزول اللون الأسود من شعري بعد أسابيع لذا عليّ أستغلال هذه الفرصة .

أومأت بدون أن تفهم ما يعنيه و ردت بصوت خفيض :
- أيمكنك حقًا فحصها هنا ربما عاد والدك ستحتاج وقتها لاختلاق كذبة للهرب .. لم تعد فردًا من العائلة بعد رحيلك لقد .. تبروا منك .

و أغمضت عينيها خوفًا من ردة فعله .

لم يظهر عليه أي أثر للصدمة وكأنه كان مستعدًا لذلك ، أكملت تغير الموضوع :
- المشفى قريب يمكننا نقلها إلى هناك سأخبرهم أنني من أحضرتك ويمكنك أن تأتي لتعيش معنا في هذه الفترة غرفة الطاهي شاغرة حاليًا ..
ابتسمت بسعادة تصفق بيديها :
- أصبحت أطهو بدلًا منه .

لم يعجبه كلامها لكنه وافق على مضض .

تبعته إلى غرفة آماندا وجلست في زواية الغرفة تراقبه بصمت ، أدهشتها طريقة تحريكه للأدوات بخفة ورشاقة و بدا لها كمحترف حقيقي .

- ما الأمر ؟

أتى صوته خارق للسكون ، لم تنتبه في بادئ الأمر لنظراته الخاطفة التي كان يرمقها بها بين الفنية و الأخري مستغربًا من طريقة نظرها إليه ، فأجفلت .

- لا شيء تابع عملك .

هز كتفيه لأن الإجابة لم تعجبه وعاد الهدوء في الغرفة ، لم يُسمع سوى صوت رنين الأدوات التي يستعملها .

- لماذا عدت ؟

نظر لها ببرود فأكملت بوجه خالٍ من التعابير :
- لقد ذهبت أبعد مما تخيلت هذه المرة .

أجاب بخشونة :
- لا أحد يُملي علي ما أفعل .

أومأت برأسها واسترسلت في الحديث :
- لم تعد الوريث الآن .

تنهد غير آبه :
- أعلم .

تنفست باضطراب و بات صوت انفاسها مسموعًا ، قالت بانفعال :
- لا تمثل دور البرئ سأكون مضطرة لاختيار الوريث بنفسي الأمر مزعج ألا تفهم ؟

ضحك وقال :
- لهذا أخرجتُ نفسي من الأمر بأكمله .

زمت شفتيها و تناولت الوسادة الصغيرة من جانبها تحركها بعنف .

- دعكِ من هذا الآن أخبريني عن نفسك ؟

- ماذا تريد أن تعرف أكثر مما أخبرتك ؟

سأل هازئًا :
- لماذا ترتدين ملابس جدي ؟

رفعت حاجبها الأيسر استخفاف بكلامه و ردت بجمود :
- ليس ذنبي أنك أعمي .

ضحك و أخذ سماعته الطبية من حقيبته ووضعها في أذنه ، شعر برعشة خفيفة من جسد آماندا عندما لامس طرف السماعة البارد بشرتها .

ألقى عليها نظرة خاطفة :
- لماذا صمتِ ؟

- أفكر في غبائك !

أتى ردها سريعًا فعض على شفتيه يكتم ضحكته .

قالت بتهكم :
- يا لفرحتي أنا هنا أتألم وهو يضحك على كل ما أقول !

ضحك بخفوت :
- ماذا تريدين أن أفعل ؟

- ألا تستطيع أنقاذي يا هذا ؟ .. ألم تفهم بعد أريد الخروج من هنا لا أريد أن أكون سيدة هذه العائلة الغريبة لقد تجاوز جدك الستين من عمره و لا يزال يرقص على موسيقى الروك كل ليلة ، ووالدك يظن أنه يمتلك الحنجرة الذهبية و أسمعه يغني طوال الوقت كالفتيات ، ولن أتحدث عن عمتك الكبرى فأنا أشفق عليها أحيانًا ، لديها خمسة أولاد يثيرون أعصابي و كلهم يكبرونني سنًا وماذا عن فتيات العائلة ؟ ألن تسأل ؟ بالطبع سأخبرك أنهن من الطراز القديم لا يفهمون شيئًا في الملابس و لا يحسنون أختيار الألوان الرائعة و يفضلون الهادئة الكلاسيكية مثلك تمامًا ، أما أنت فالأسوأ من بين الجميع تحبس نفسك ساعات طوال لتشاهد أفلام دموية و تملأ غرفتك بالأشرطة كلما سنحت لك الفرصة ، و تجبر الآخرين على مشاهدة ذوقك الرفيع من الأفلام وتستمتع بتعذيبهم أليس ذلك جنونيًا ؟! .. في آخر مرة شاهدت معك فيلمًا لم أتوقف عن التقيأ لثلاثة أيام .

كانت كلماتها سريعة غاضبة متتابعة فلم تترك لنفسها مجال للتنفس إلا بعد الكلمة الأخيرة .

قهقه كثيرًا واهتز جسده بالكامل دمعت عيناه وقال بكلمات متقطعة بالكاد استطاع النطق بها :
- أنتِ تبالغين !

رمت الوسادة على رأسه غاضبة :
- كفاك ضحكًا .

التفت لها بعينين مشتعلتين و لا تزال الدموع عالقة بأهدابه و الابتسامة لم تترك وجهه بالكامل :
- لدي حل قد يعجبك ما رأيك أن أقتلك و يستريح كلينا ؟

زفرت بغضب و مشت بعصبية خارج الغرفة تصفق الباب خلفها متناسية وجود آماندا في الغرفة و احتمال أستيقاظها .





1 - آرائكم ؟ إنتقاداتكم ؟
2 - أكثر شخصية أعجبتكم في البارت ؟
3 - أجمل مقطع ؟
4 - توقعاتكم للبارت القادم ؟



كيف حالكم جميعاً ؟! إن شاء الله بخير
بحمد الله انتهيت من كتابة الرواية و سأنزل الجزء الباقي منها عما قريب
كان البارت ليكون طويلًا لكنني فضلت قسمه لجزئين وها هو الجزء الأول من البارت
أظنني سأنزل الجزء الثاني تحت عنوان جديد لكنه سيكون قصيرًا بإذن الله حب4
شكرًا لدعمكم المستمر لي حب1





رد مع اقتباس