كانت الصورة تسود حولها قبل أن يأتيها صوت أنثوي بارد
_ أتريدين الحياة ؟
لا تعلم لمَ؟.. لكنها أحسَّت بِـ القشعريرة لِـ وهلة !.. سؤال وجيه !.. هل هي تريد الحياة ؟.. أم ترغب بِـ الموت ؟!
لحظة !..أتسألها الرغبة في الحياة وكأنما تستطيع منحها لها ؟!
التوت زاوية فمها بِـ سخرية !..ونطقت بِـ أنفاس متقطعة
_ أ.. أتسألينني ا..الحـ..حياة.. و..وأنا.. مـ.. ميتة.. مـ ـن الأ..أساس ؟!!
سمعت صوت ضحكة لاذعة, سرعان ما أتاها الصوت مرة أخرى
_ أتعلمين؟.. أنتِ ألطف بِـ كثير من رينيس !..يبدو بِـ أنني سَـ أكون محظوظة بِـ التعاقد معكِ ..
شعرت بِـ الكراهية لحظة سماعها لاسمه, همس ذلك الصوت مرة أخرى..
_ لم تخبريني.. أترغبين في الحياة ؟
لم تعد قادرةً على الرد !..انعقد لسانها وهي تشعر بِـ أن روحها على وشكِ المغادرة !
فقط مدت ذراعها, ولامست بِـ كفها قدم تلك الفتاة وهمست بِـ آخر ما تمكله من قوى
_ أريدها !!
سمعت همهمة, أغمضت عينيها ثواني وسَـ تموت !.. كان آخر ما سمعته..
_ أنا فيتا ملاك الحياة.. أحرق دمائي لأنقش عقدنا.. سَـ أمنحكِ الحياة ولكن.. لن تتذكري شيئًا من ماضيكِ ولن تعودي ذاتك !.. سِـ تخلقين من جديد كَـ إنسان آخر وسَـ تعيشين ظروفًا أخرى.. ولكن في المقابل.. ما إن يصل الخلود حده وتعودي إلى طبيعتكِ سَـ تكون روحكِ ملكًا لي !
وأظلم كل شيء ,ولم تبصر بعدها غير الظلام !
...
_ هيي أيها الفتى !!
تباعدت أهدابه الطويلة ,لِـ تكشف عن صورة ضبابية في بادئ الأمر.. وثم شاب ذو شعر بني ناعم وعينان بِـ نفس اللون !
_ مسكين.. هل أنتَ ناجي من الحرب ؟
راقب نظرات الشفقة التي ارتسمت على ملامح الأخير, أسند يديه على الأرض ورفع جسده وهو يتأمل المكان حوله !
طريق مكفهر لم يكن به أحد.. سوى هذا الشاب الذي يجلس مقابلًا إياه !.. نظر إلى نفسه, كان يرتدي سترة بيضاء فضفاضة وبنطالًا أزرق اللون !
فجأة امتلأت عيناه بِـ الدموع, وأخذ يبكي بِـ صوت عالي !.. انصدم الشاب الجالس أمامه, وارتبك محاولًا تهدئته وهو يردد
_ آاااه اهدأ أرجوك.. لا داعي للبكـ.. !!
ارتمى الفتى في حضنه وأجهش باكيًا !.. لم يجد الأخير ما يفعله غير أن قام بِـ التربيت على ظهره وهو يبتسم بِـ توتر هو الآخر !
مضت سنة منذ انتهاء الحرب بين إيطاليا وألمانيا !.. خلال ذلك عادت إيطاليا مستقلة عن الأخيرة, ومات الكثير من الجنود التابعين لها !
_ كُل ما تريد.. بِـ الهناء والشفاء !
أخذ يراقب الفتى بينما يتناول طعامه بِـ نهم داخل مطعم بسيط, وقد علم مسبقًا من الفتى بـ أنه لا يذكر شيئًا عن حياته السابقة حتى اسمه !.. وعلَّل ذلك بأن السبب ربما كان صدمة تلقاها الصبي !.. وقرر أن يسميه لاحقًا "دانتي" !!.. بينما عرَّف هو عن نفسه قائلًا بأن اسمه هو "تشينيز" !
سكن معه داخل نزل بسيط في بادئ الأمر, فَـ الشاب تشينيز كان كثير الترحال, كما كان يكسب المال عن طريق أداء العروض المتعلقة بِـ السحر !.. حتى استقر أخيرًا داخل مسقط رأسه "البندقية" !!
لاحظ الأخير بأن دانتي أحيانًا لا يستطيع أن يفرق بين الأحلام والواقع ..وقد اكتشف ذلك ذات ليلة حين استيقظ من نومه ووجد دانتي يمسك سكينًا ويقوم بِـ طعن وسادته !.. وعندما سأله صباح اليوم التالي عن ما رآه في نومه .. أجابه بأنه لا يتذكر شيئًا !..كما لا يتذكر أي شيء عن ما كان يفعله خلال نومه !
تكرر الأمر, وفي كل مرة كان يستيقظ لِـ يجد دانتي يقوم بشيء مختلف عن ما فعله المرة السابقة !
خشي تشينيز بأن يؤذي دانتي نفسه.. لذلك وجد حلًّا مثاليًا لِهذا الأمر رغم أنه كان قاسيًا نوعًا ما !..
كان يقوم بِـ ربط يدي الأخير قبل أن يذهب إلى النوم رغم أن دانتي كان يرفض ذلك في البداية.. إلا أنه قد اعتاد على الأمر مع مرور الأيام !..
علَّم تشينيز الأخير خدعًا سحرية, وكونَا فرقة أسمياها "الأورغوغليو" بعد انضمام فتاة إلى رابطتهما تدعى "أورتشيه" !
...
كان أعضاء النخبة يعيدون أمتعتهم إلى داخل السيارة, صعد كل من أنديان وجوي من الخلف, بينما صعد تشينيز خلف المقود وبجانبه أورتشيه!
_ أنسة أورتشيه.. سيد أنديان إلى اللقاء !
لوَّحت الصغيرة ليليث من نافذة غرفتها فـ ابتسم لها المعنيان قبل أن تتحرك السيارة وتغادر المكان !
وفي ليلة رأس السنة..
ذهب أنديان وجوي إلى جنوا للإحتفال مع عائلاتهم !.. في حين أمضتها أورتشيه في التسوق وشراء الملابس الباهظة وبرفقتها تشينيز الذي كان بِـ مثابة خادم يحمل لها الأكياس !!.
ألم أخبركَ في تلكَ المرة..؟ الخلود شيءٌ مستحيل لا يمكن أن يتحقق !.. وإكسير الحياة ما هو إلا كذبة روَّج لها الحالمون.. فَـ باتت بالنسبَةِ لهم "حقيقة" !!
لن ينتظر الإنسان بعد ولادَتِه سوى الموت !.. إلَّا إذا حدثَت معجزة, وظهرت لكَ الملاك "فيتا"!.. ملبيةً لكَ نداءكَ.
_ الـ أنَا