[ الفصل الرابع : حتى الموت ! ] تلك الدماء التي تسيل قاطعة خط السلام معكرةً المياه ! أمات أصحابها ؟! أم لا زالوا أحياء ؟! ما بهم لا زالوا يقاومون بعناء ؟! أيخالون أنهم سينجون من تحت الركام ؟! هذا العناد ما كان يوماً مفيداً لعديمي الفائدة هؤلاء ! أعنادٌ هو هذا أم سذاجة أطفال ؟! لماذا لا يزالون يريدون القتال ؟! ألا يريدون النجاة ؟! لا مجال ! فالعالم قاسٍ للغاية ! فحتى الموت نحن سنقاتل ! حتى الموت نحن سنجاهد ! حتى الموت ! حتى نموت ! -
[ مكان مجهول ! في أحد الأبعاد ] تمسك بطرف المنحدر كي لا يقع حاول الصعود و لكن قواه خائرة بالكمال و كأنه على وشك الموت ! تنفسه ثقيل للغاية و الجرح الذي على صدره لا يزال ينزف ! حول نظره إلى الطريق الذي أمامه الذي بالكاد يراه بسبب نظره المشوش و انخفاضه عن مستواه ! حينما سمع صوت خطوات احدهم قال بصوت بالكاد يسمع : اللعنة عليك !
قام بالدوس على أطراف أصابعه التي يتشبث بها على أطراف المنحدر ! أفلت إحدى يديه و لم يلبث إلى أن أفلت الأخرى أما الذي بقي منتصباً على قدميه معافى إلا من بعض الخدوش نظر إلى أسفل و قال بملل : لا زلت حياً إذن ؟! يبدو أنك ستبقى تقاتل حتى الموت ! -
[ مملكة أكوا : إحدى الغابات ] العرق الذي يتصبب من وجهه ذا البشرة البيضاء و شعره البني المبعثر ! بسبب أنه يتمرن منذ أربع ساعات ليعلو في نظر والده كونه وريثه ! التفت بعينيه السوداء إلى الوراء حينما سمع صوت معلمه كبير السن و هو يقول : روبين ! لا بأس بقليل من الاستراحة فأنت تتقدم سريعاً و قليل من الراحة لن يضر !
- و لكن سينسي ! يجب علي أن أتدرب ! أنا الوريث الشرعي لعائلة كيلاس ! اقترب منه معلمه و وضع يديه على كتفه ! أدرك أن نظرة معلمه تقول له أن لا مجال للاعتراض ! أنزل سيفه أرضاً و ذهب مع معلمه الذي قدم له الشاي !
-
جسدها يتهاوى ناحية القاع دون سابق إنذار ! كل ما تذكره هو كونها في حقل أزهار السوسن الذي ملأته الدماء لسبب تجهله ! تسمع أصوات ! صرخات أشخاص لا تعرف هويتهم ! يبكون , يتوسلون .. للحياة , للنجاة ! لمغفرة الذنوب ! و الأعمال ! أهو هذا ما يصرخون لأجله ؟! هي لا تدري ! صوت بداخلها أخبرها ذالك ! التفتت حولها بخوف أين هي ؟! من هي ؟! هي لا تذكر شيئاً ! تشعر بالضياع ! بالوحدة ! بالفراغ ! صرخت لعل أحداً يستجيب أو يبالي ! فكلٌ منهم لديه ما يشغله ! التفتت حينما رأت امرأة ثلاثينية وراءها قد خضبتها الدماء من الجروح التي على جسمها قالت بوهن : لا عليكِ ! ستكونين بخير ! - أين أنا ؟!
قالتها برعب خائفة ! أملة أن تعطى إجابة تريحها قليلاً و لكن إجابة المرأة زادت الطين بله ! حينما ردت بصوت معدم من الحياة : في جحيم حياتك ! جميعنا تعذب بسببك ! نتألم لأجلك لأجل سعادتك ! انفعلت بقوة و قالت : لماذا ؟! أنا لم أطلب ذالك ! أنا لا أريد أن يتألم أحد بسببي ! عيشوا حياتكم و اسعدوا بها ! لا تقاموا !
- نحن سنبقى معك ! سنبقى نقاوم ! - إلى متى ؟!
- حتى الموت ! تراجعت للخلف بخوف و جزع , أمجنونةٌ هي هذه التي أمامها ؟! أم هي ممن جن جنونهم فجاءه ؟! هربت سريعاً باحثة عن أمل باهت للنجاة ! لكن مما ؟! و إلى أين ؟! لا مكان لا مجال ! فأينما تذهب لا تقابل سوى طريق مسدود ! و كأنها في سرداب مغلق ! تعبت من الجري ! منذ زمنٍ لا تعرفه ! وصلت في النهاية إلى طريق صحراوي ! ملئ بالخوازيق ! و الجثث المشوهه المترامية في كل مكان ! مشت بينهم بخوف ! و هي تتعثر و تنهض مجدداً بملامح وجه فارغة من الحياة ! ما الذي حدث لها ! نظرت أمامها لتجد فتاة تشبهها تنظر لها بابتسامة مرحة لا مبالية بالواقع ! سألت بجمود : من أنتِ ؟!
أجابتها بمرح خالف معنى الكلمات التي قالتها : أنا دجى في النور ! و ظلامٌ في الدجى ! أنا جنديةٌ في الجيش و قائدة جيش الأعداء ! أنا من البحرية و قبطانه على سفينة قرصان ! أنا زمهرير الشتاء و حر الصيف في آن ! أنا الحياة و الموت ! النجاة و الغرق في قعر الهاوية السوداء ! أنا النقيض الذي يجلس بالمنتصف بطرف محايد ! - لماذا تشبهينني ؟!
- لا لسبب يقنع العقلاء ! أنا فحسب أحب انتحال الشخصيات ! - أين أنا ؟!
- و ما أدراني ! - من أنا ؟!
- اسألي نفسك و ستعرفين الجواب ! اختفت تماماً بعد جملتها تلك ! و ابتسامتها الطفولية لم تتغير حتى الاضمحلال و الزوال ! و فجاءة وجدت نفسها تسقط نحو القاع و الفتاة التي تشبهها خلفها تحلق في الهواء ! ابتسمت و همست لها ببضعة كلمات : احذري قد تموتين اليوم !
وصل جسدها إلى أرض صلبة كانت أضلاعها ستتحطم في الوضع الطبيعي ! لكنها لم تتألم رغم سيلان الدماء من جسدها التي باتت لا تشعر به ! و استيقظت اثر ذلك من كابوسها المعتاد ! فكل مرة ترى أمور مشابه لكن تختلف نهايتها ! تنبؤها بأمور ستحدث ! قالت بنفسها بتفكير : سأسقط ؟! قد أموت اليوم ؟! ما الذي قد يحدث ؟! دخلاء ؟! خونة ؟! أم .. انتحار ؟! توقف تفكيرها عند آخر الكلمات ! انتحار ؟! لماذا ستفعل ذالك ؟! ليست بهذا اليأس ! نظرت حولها في الغرفة التي لم تبان ملامحها بسبب خفوت الأضواء أو انعدامها على نحو أصح ! تنهدت و هي تضع يدها على جذها الأيسر حيث قلبها لم يتوقف عن الخفقان بقوة ! تباً لها ترى أمور أشنع من هذا و لا تزال لم تعتد الأمر ! تستيقظ دائماً مرعوبة ! أعادت رأسها لوسادتها و أغمضت عينيها في أمل ألا ترى من تلك الكوابيس مجدداً ! حتى غطت في الأحلام ! أحلام فارغة لا يملؤها سوى السواد !
-
[ عالم محايد ! مملكة الفوضى و الدمار ! ] اسمٌ على مسمى هكذا يقال ! فهي مملكة مليئة بالفوضى و الدمار ! الحزن و المآسي ! هي مملكة لا يقطنها بني البشر ! مخلوقات تشبههم لا يطلق عليها مسمى ملائكة أو شياطين ! هذه المخلوقات تحب العيش بهذه الأجواء و الاستمتاع ! بل تشعر بالغرابة إن لم يكن الأمر كذلك ! و في أحد الشوارع التي ما عاد بها سكان فقد ماتوا جميعاً على يد الواقف منتصف الأطراف يلعب برؤؤس ضحاياه ! رماهم على الحائط ليتفتتوا من قوة رميته ! قال بخبث مطلق : لم يبق الكثير .. لم يبق !
صمت قليلاً و أكمل : انتظروا يوم عودتي ! فأنا سأحيل ذلك اليوم جحيماً على أرض الأحياء ! ضحك بخبث ! فهو لا ينوي خيراً !
-
[ آيريس : قصر أحد العوائل النبيلة ! ]
صرخ مجدداً للمرة المئة أو أكثر ! و هو يتخبط في جدران غرفته المطلية بأبهى الألوان ! تصيبه هذه الحالة دائماً في ليالي الشتاء ! الشتاء خصوصاً لا يطيقه إنه يخاف الأمطار و الثلوج على حدٍ سواء ! و صوت تضارب غصون الأشجار على النوافذ بفعل الرياح ! فلا تعيد له هذه الأشياء سوى مجموعة مريعة من الذكريات ! جلس أرضاً و اتكأ على الحائط و هو يقول : أنا سأبقى بالانتظار سيبقى لدي ذالك الأمل الذي لا مجال له من الصحة على أن تتبدل الأحوال ! حتى الموت ! -
[ مكان مجهول ]
جثت على قدميها بصدمة ! كيف حدث هذا ؟! منذ ثوانٍ فحسب كان جسدها يضمحل و الآن ها هو قد عاد كما لو أنها ولدت من جديد ! التفتت حولها لتجد أنها بنفس المكان تجلس في الوسط ! و شعرها إلى لونه الطبيعي قد عاد ! كان أبيضاً منذ ساعات و الآن كيف عاد للونه الطبيعي للاسوداد مجدداً ؟! لا يوجد ما يمكنه فعل ذالك ! بل حتى جناحيها لا زالا بمكانهما يرفرفان بخفوت ! كي لا ترتفع عن الأرض ! التفتت أماماً إذ سمعت صوتاً يناديها و يقول : بإمكاني تحريرك ! و إعطائك الفرصة السانحة للانتقام ! و أن أعيدك لعهد قوتك كما كنت منذ أكثر من عقدين من الزمان ! نظرت له و تقدمت له دون وعي أو إدراك ! غلبت رغبتها بالانتقام و استرداد القوة ! قدرتها العقلية فلم تعد من الواعين ! أمسكت بيده التي مددها سلفاً و قالت بطلب : فالتعطين القوة , و ليبقى ذلك معي إلى الآبدين !
ابتسم و رد : بالتأكيد ! -
استيقظت من نومها اثر حلم مزعج آخر أقل بؤساً من ذاك ! نظرت للساعة التي بجانبها لتجد أنها لا تزال السادسة , تثاءبت و نهضت من السرير ! غسلت وجهها و قامت بفتح الستائر لتتخل أشعة الشمس الغرفة ! و تظهر تلك النائمة الانزعاج ! لا تنكر أنها سعيدة بفكرة إزعاج تلك الغبية ! لو كانت تستطيع لأحدثت الصخب و حطمت الأثاث و رمت أغراضها في مكان لا يصله أياً من المخلوقات ! لكن هذا سيسبب لها المشكلات , تنهدت و أخذت زيها المدرسي الذي استلمته البارحة بعد دخولها لغرفتها ببضعة ساعات ! مع ورقة فيها المكان الذي سيعلن فيه النتائج ! تذكرت هذا و هي ترتدي قميصها الطويل الذي يصل إلى ما قبل الركبة كي ترتدي فوقه درع ثقيل بعض الشئ لكنه أخف كثيراً مما ارتدته يوم أمس ! أخرجت بعدها أحد الكتب من حقيبتها ! و بدأت بقراءته , ليست محبة للقراءة بالفعل لكن لا مانع لها من فعل ذالك ! مضى الوقت سريعاً و هي تقرأ إحدى الروايات التي قرأتها مسبقاً و أعدت قراءتها مجدداً ! ما أوقفها عن القراءة هو صوت التي استيقظت تواً و هي تصرخ : أي نوع من الأشخاص أنتِ ؟! تستيقظين باكراً للقراءة ؟! أتحاولين إدعاء المثالية يا هذه ؟! أجابت عليها بهدوء : حتى لحظة استيقاظك تصرخين ! ما بك , هل تعانين من مرض نفسي مثلاً ؟!
أصدرت صوتاً ينم عن الانزعاج , نهضت من مكانها داخلة الحمام بعد صفعها الباب بقوة , معبرةً عن الغضب الشديد الذي بداخلها ! لا تزال ألين تذكر لقاؤهما ليلة أمس و صدمت كليتهما بمعرفة أن واحدة من أدنى الورى ستكون رفيقتها ! تنهدت مغلقةً كتابها خارجة لذلك العنوان , لا بأس بالحضور أبكر قليلاً , ما إن وصلت للمكان حتى وجدته ملئ بغيرها ! كل هؤلاء حضروا ليروا نتيجتهم , جلست على أحد المقاعد نصف ساعة هي ما مضت حتى يكتمل العدد , أتى أحد العاملين هناك و قام بإلصاق ورقة كبيرة على الحائط , عرف الجميع أن لحظة الحقيقة قد حانت ! تزاحموا جميعاً في تلك الزاوية و هي حاولت العبور بينهم و بعد أن نجحت وجدت اسمها أعلى القائمة , و بجانبه الرتبة b 4 عم التساؤل محياها أهو رقم الفصل ؟ أم يرمز لشئ آخر ؟! سمعت صوت يقول خجول من خلفها : المعذرة .. التفتت لتجد برتقالية الشعر وراءها , من هذه ؟ سألتها إن كانت تريد شيئاً ! لكنها قالت : يبدو أن ماري سان لم تشرح لكي معنى الأرقام التي تكون بجانب اسم الفصل !
- و كيف عرفت أنني لم أفهم معنى تلك الأرقام ؟! - نظرتك قالت ذلك .. على أية حال تندرج جميع الفصول إلى مراحل و المرحلة الرابعة هي أعلاها ! يبدو أنكِ مميزة للغاية لتدخلي فصل كهذا رغم كونكِ مبتدئة !
أومأت ألين برأسها و قامت بشكرها , التفتت ذاهبة إلى فصلها فبحسب ما قيل لها البارحة أنها ليست بحاجة لجلب شئ معها للفصل ! تتساءل عن أسلوب التدريس ؟! دخلت الفصل لتجد أنه مثل الفصول العادية التي كانت تراها في الكتب فهي لم تسنح لها الفرصة لدخول المدارس بل تعلمت من بعض الأشخاص الذين التقت فيهم ! وقفت عند المدخل تنظر لأي مقعد فارغ وجدت واحداً في نهاية الصف يقف على قرابةٍ منه شابٌ بمثل عمرها تقريباً , ذهبت هناك و أردفت : هل هنالك أحد يجلس على هذا الكرسي ؟! التفت لها راداً : لا ! تفضلي بالجلوس ! جلست على مقعدها على الرغم من أـن بعض الأنظار لا تزال عليها و هم يتحدثون عن هارييت ! و ما حصل أمس , يال الإزعاج ! دقائق انصرمت حتى دخلت فيها الآنسة التي رأتها أمس ! يبدو أنها مدرستهم , جلس الجميع في مقاعدهم , ابتسمت المعلمة و قالت و هي تقف وراء طاولتها : جميعاً .. أود التعريف بنفسي لمن لا يعرفني ! اسمي إيما سأكون مدرستكم و المشرفة على صفكم ! حسناً إذن لنبدأ الدرس لكن قبل هذا يجب عليكم أن تعلموا أنني لن أتهاون و لا يوجد دروس للمستجدين ! يشارككم في الفصل أشخاص ذوي قوة مختلفة ! يجب عليكم إيقاظ قوتكم بأنفسكم حتى تستطيعوا التعايش و الوصول إلى أعلى الدرجات و .. قد تفقدون حياتكم ! فهنا يجب عليكم القتال حتى الموت !
لم يبدِ أحد أي ردة فعل و الآن فهمت ألين معنى جملة قد تفقدين حياتك ! فرقعت المعلمة بأصابعها لينتقلوا إلى داخل بعد مقسم لقسمين الأول ملئ بالحياة و الآخر صحراوي ملئ بالدماء ! هذا تفسير الشق الأول من حلمها ! أكملت إيما كلامها : حسناً انتشروا و افعلوا ما تريدون ! يجب عليكم البقاء أحياء حتى ساعة كاملة ! لا بأس بالتعاون محاولة قتل بعضكم ! أو حتى محاولة قتلي ! –هذا إن استطعتم- هيا ! تفرقوا جميعاً و هي اختارت الطريق المليء بالحياة لأنها تشعر أنه سيؤثر عليها نفسياً –إن صدقت أحلامها- لم تخطأ فهناك بدأت ذكرياتها السيئة بالتجسد ترى أشخاص تحبهم يموتون ترى نفسها سبب كل هذا البلاء في العالم ! لا تنكر هي مرعوبة للغاية الجميع يتهمها أنها السبب ! و هاقد فسر الشق الثاني من الحلم ! بالكاد استطاعت تمالك نفسها من الجثو على قدميها و الشروع بالبكاء و الصراخ ! فجاءه وصلت إلى صحراء ملأتها الدماء كما في الحلم تماماً , لكن كيف ؟! الصحراء في الجانب الثاني ! أهو وهم ! هي رأت عجب العجاب هناك من أشخاص يصرخون و يتوسلون للنجاة ! التفتت لترى أنها هي من تفعل ذلك ! جثت على قدميها بصدمة ! لا محال ما هذا ؟! اقتربت منها شبيهتها و قالت : الوداع !
و فجاءه وجدت نفسها تتهاوى ناحية القاع ! و صوت بداخلها يقول لها : ألم اقل لكي إن هذا سيحدث ؟! كم أنتِ بلهاء ! و هي تستمر بالنزول ناحية الأسفل ! أهي النهاية ؟!
BRB